بدأت الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن بالتعاطي مؤخراً مع القضية السورية، بعد أن غابت عن التصريحات والتناول خلال الحملة الانتخابية والفترة التي تلت تنصيب الرئيس.
وحضر الملف السوري في تصريحات لوزير الخارجية ومن ثم مسؤولين عسكريين من البنتاغون والمنخرطين بجهود التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، الذين أكدوا استمرار دعم “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) شرق البلاد، بالإضافة لمحاربة بقايا تنظيم “داعش”، الذي أخذ بمعاودة الظهور في البادية السورية والشرق من جديد.
لكن الأبرز هو لجوء الإدارة الأميركية قبل يومين إلى تعيين إيمي كوترونا ممثلةً خاصة للإدارة الأميركية بالإنابة إلى سورية، بعد تعيينها كذلك في منصب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون بلاد الشام في مكتب الشرق الأدنى بالخارجية الأميركية.
ويأتي تعيين كوترونا مبعوثة خاصة إلى سورية، ليزيل التكهنات حول ما إذا كانت الإدارة الجديدة ستعين خلفاً للمبعوث السابق جويل ريبرون، أو ستكتفي بمسؤول في البيت الأبيض لإدارة الملف السوري من واشنطن، بعد أن ظل المنصب شاغراً لحوالي شهر تقريباً بعد تنصيب بايدن، ومغادرة ريبرون منصبه.
وتشير المعلومات إلى أن اليوم الأول من مباشرة المبعوثة الأميركية الجديدة عملها، كان نشطاً بتواصلها مع أطراف معنية بالأزمة السورية، سواء منظمات أو مسؤولين في المعارضة السورية، وحتى المسؤولين عن الملف السوري في بلدان غربية.
وعلم “العربي الجديد” أنّ اليوم الأول لعمل كوترونا شهد اتصالين مع المعارضة السورية، الأول مع رئاسة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، والحديث إلى رئيسه نصر الحريري، والثاني مع “هيئة التفاوض” السورية المعارضة، للنقاش مع رئيس الهيئة أنس العبدة.
لكن، ورغم تأكيد مصادر “العربي الجديد” أن الاتصال بين كوترونا والحريري تم بين أول من أمس الخميس وأمس الجمعة، إلا أنّ الموظف في مكتب رئاسة الائتلاف ضياء الحسيني نفى، على لسان رئيس الائتلاف، تلقي أي اتصال بالحريري من المبعوثة الأميركية، بيد أن أنس العبدة رئيس “هيئة التفاوض” كشف لـ”العربي الجديد” أنه عقد اجتماعاً مع كوترونا وليس اتصالاً وحسب.
الاجتماع الذي جرى عبر اتصال الفيديو حضره إلى جانبه الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن وفد المعارضة هادي البحرة، في حين كان إلى جانب المبعوثة الأميركية الفريق الخاص بملف سورية في الخارجية الأميركية.
وخصّ العبدة “العربي الجديد” بتفاصيل الاجتماع مع كوترونا الذي جرى مساء الخميس الماضي بتوقيت إسطنبول، صباحاً بتوقيت واشنطن، مشيراً إلى أنه مع البحرة شددا خلال اللقاء على أربع نقاط رئيسية، ينبغي أن تكون على رأس قائمة المجتمع الدولي عموماً.
وبحسب العبدة، فإنّ “ملف المعتقلين السوريين وضرورة إطلاق سراحهم دون شرط أو مساومة سياسية، وملف المحاسبة والمساءلة لما له من أهمية في الحفاظ على حق السوريين ومحاسبة المجرمين الذين توغلوا في دماء الأبرياء، إضافة إلى ملف العملية السياسية وضرورة بذل كل الجهود الممكنة من أجل تفعيل كافة سلال القرار (2254)، بما فيها سلة الحكم الانتقالي واللجنة الدستورية، وملف عدم شرعية الانتخابات التي يُصرّ النظام وحلفاؤه على إجرائها، وأكدنا أنه ينبغي أن يكون هناك موقف دولي موحد بعدم شرعيتها”، كما قال.
وحول القراءة، من خلال الاجتماع، إلى أين ينصب اهتمام المبعوثة الأميركية الجديدة، وإذا ما كانت تطرقت لـ”قانون قيصر”، أشار العبدة إلى أن كوترونا “أكدت لنا أنّ السياسية الأميركية حيال سورية ستبقى كما هي ولن يحصل فيها تغيير، كما أن “قانون قيصر” مستمر، لأنه قانون يحظى بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي في واشنطن”.
وأضاف: “أكدنا خلال اللقاء أهمية استمرار العقوبات، وإقرار حزمة عقوبات جديدة قريباً تستهدف رموز النظام والداعمين له، لأن هذه العقوبات باتت تشكل كابوساً عند النظام وحلفائه الذين يحاولون بكل السبل التلاعب عليها”.
وكانت في جعبة المبعوث السابق جويل ريبرون الكثير من المشاريع التي ينوي تنفيذها في الملف السوري قبل انتهاء مهمته، وسأل “العربي الجديد” العبدة عما إذا كانت كوترونا ستواصل العمل عليها، وإذا ما كان يعتقد أنّ أداءها سيكون مشابهاً لأداء ريبرون الأكثر فعالية من غيره من المبعوثين بالضغط على النظام، وذلك من خلال استشفاف طريقة تعاطيها مع الهيئة باجتماعها الأول.
ولفت العبدة إلى أن “مشاريع وسياسات واشنطن نابعة من المؤسسات وليست خاصة بشخص معين، وما كان يقوم به ريبورن هو تنفيذ للسياسة الأميركية بشكل عام، لذلك فإن انتهاء مهمة ريبورن لا يعني انتهاء النهج الأميركي تجاه سورية، لذلك لا نظن أن يكون هناك تغيير جوهري في السياسة الأميركية تجاه سورية”.
وحول اللجنة الدستورية، أكد العبدة أنّ الاجتماع مع كوترونا ركّز على أن “اللجنة الدستورية كما نراها هي أحد مسارات القرار (2254)، وهذا المسار وحده لا يكفي للتقدم في الحل السياسي السوري”.
وأوضح العبدة أنّ “هناك ضرورة لتفعيل بقية السلال في القرار الأممي، بالإضافة إلى إيجاد آلية فعالة وعملياتية لتطبيق هذا القرار، هذا فضلاً عن وضع منهجية واضحة وفعّالة ومحددة الزمن لعمل اللجنة الدستورية، بحيث نضمن عدم إضاعة وقت أهلنا في المخيمات وفي الداخل السوري وكل بلدان اللجوء”.
وأشار إلى أنه والبحرة شددا خلال الاجتماع على أن “السوريين اليوم بأمسّ الحاجة لحلّ سريع يُلبي تطلعاتهم ويحقق لهم العدالة والحرية والديمقراطية”.
وأشار رئيس “هيئة التفاوض” إلى أن التعاطي من قبل المبعوثة الجديدة مع النقاط والقضايا التي تم طرحها في الاجتماع كان إيجابياً، وأنها وعدت بالعمل على تفعيل خطوط الاتصال الدائم مع المعارضة في الفترة المقبلة.
المصدر: العربي الجديد