واصلت اللجنة الدستورية السورية اجتماعات الجولة الخامسة من أعمالها في جنيف، وسط جدل داخل وفد المعارضة حول جدوى متابعة الحضور بعد أداء وفد النظام في اليوم الأول من الجولة التي بدأت الاثنين.
وعلمت “المدن” من مصادر موثوقة أن أحد أعضاء وفد المعارضة رفض حضور الجلسة الصباحية الثلاثاء، وأبلغ رئيس الوفد هادي البحرة نيته الانسحاب من اللجنة طالباً من بقية الأعضاء التشاور حول موقف موحد لمواجهة استمرار وفد النظام بالمراوغة وتضييع الوقت.
وكان وفد النظام قد طالب في الجلسة الافتتاحية للجولة بتخصيصها لمناقشة الموقف من وجود القوات الأجنبية “غير المدعوة من الحكومة الشرعية على الأراضي السورية، وضرورة المطالبة برحيلها باعتبارها قوات احتلال” وأن يُصدر وفد المعارضة موقفاً صريحاً برفض أي مشاريع انفصالية. وفي هذا الصدد طرح بعض أعضاء هذا الوفد مناقشة طبيعة اتفاقية أضنة بين سوريا وتركيا، الأمر الذي استدعى احتجاج أعضاء من وفد المعارضة الذين اعتبروا أن هذه النقاط خارجة عن جدول أعمال الجولة.
وقدّم وفد المعارضة مداخلات في موضوعات تتعلق بالمضامين الدستورية التي نصّ عليها جدول الأعمال المتفق على مناقشته في الجولة الرابعة، مثل سيادة القانون والحق في تنظيم النقابات والمنظمات المدنية واستقلالها، الأمر الذي قابله وفد النظام بالمطالبة بالاتفاق على تعريفات لكل مصطلح، ما أثار جدلاً جديداً تدخل على إثره المبعوث الدولي غير بيدرسن باقتراح جدول أعمال رفضه وفد النظام أيضاً، بعدما رفض قبل ذلك الجدول المقترح من قبل وفد المعارضة.
وفي الوقت الذي رأى فيه الكثيرون أن وفد النظام يتصرف كما هو متوقع، من حيث المماطلة ورفض الدخول في نقاشات حول المضامين الدستورية، والعمل على إبقاء المفاوضات في إطار المبادئ العامة، وإفشال أي توافق حولها، من أجل إتاحة الفرصة لتنظيم الانتخابات الرئاسية القادمة التي ينوي النظام إجراءها في حزيران/يونيو 2021، فقد رفض أحد أعضاء وفد المعارضة حضور جلسات الثلاثاء، احتجاجاً على أداء الطرف الآخر وعدم التعامل بشكل حازم معه من قبل المبعوث الدولي إلى سوريا وفريقه.
وفي حال استمرار هذا العضو بموقفه من اجتماعات الجولة الخامسة التي من المقرر أن تنتهي في 29 كانون الثاني/يناير، سيكون العضو الثاني في الوفد الذي يتغيّب عن الحضور، بعد أن قدّم جمال سليمان، ممثل منصة القاهرة في وفد المعارضة، اعتذاره المسبق بعد الخلافات التي تفجرت داخل هيئة التفاوض بين قوى المعارضة التي تتكون منها الهيئة.
ويُطالب الكثيرون وفد المعارضة بالانسحاب من مسار اللجنة الدستورية الذي يرون أنه بلا جدوى وأن المستفيد الوحيد منه هو النظام، بينما يعتبر وفد المعارضة أن الانسحاب هو ما يسعى إليه النظام لافشال عمل اللجنة، حيث ستظهر المعارضة كمن تعرقل الحل السياسي، رغم القناعة بأن هذا المسار لن يحقق أي نتيجة ما لم يحصل ضغط جدي عليه.
وبينما قدّم أعضاء في وفدي المعارضة والمجتمع المدني تفاصيل موجزة لمجريات جلسات الاثنين، فقد شهدت جلسات الثلاثاء تكتماً شديداً، فيما نفت مصادر من الجانبين ل”المدن”، أن يكون وفد النظام قد أكد في هذه الجلسات أنه “لن يكون هناك أي تعديل دستوري قبل أن تستعيد الدولة سيطرتها الكاملة على جميع الأراضي السورية”.
وكان الرئيس المشارك للجنة الدستورية عن هيئة التفاوض السورية هادي البحرة، قد أكد أنّ “الأهمية الفعلية لهذه الدورة تكمن في أنها ستظهر بشكل واضح للمجتمع الدولي مواقف الأطراف كافة تجاه العملية الدستورية ككل، ومن يعيق أعمالها ويضع العثرات في طريقها ليمنعها من ممارسة ولايتها وإنجاز مهمتها، في أسرع وقت ممكن”.
وأوضح أنّه “لا يمكن لأي عملية تفاوضية أن تنجح دون وجود طرفين راغبين في التوصل إلى حل يؤدي للتنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم 2254″، مشدداً على أنّه “لا يمكن الاستمرار بأعمال اللجنة إن لم تبدأ بممارسة اختصاصاتها، وتحرز نتائج ملموسة خلال فترة قصيرة”.
المصدر: المدن