يُخيّم التوتر على المنطقة، وسط أحداث متسارعة، كان آخرها إرسال غواصة نووية أميركية وغواصة إسرائيلية إلى مياه الخليج، وذلك بعد يوم من هجوم استهدف السفارة الأميركية في بغداد، وأحدث سجالاً أميركياً-إيرانياً أعقبته تهديدات إسرائيلية لطهران.
ويأتي كل هذا قبل أيام من الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة “الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس في بغداد في 3 كانون الثاني (يناير) الماضي، وبعد اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة على مشارف طهران في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
الغواصة الأميركية
وعبرت اليوم غواصة الصواريخ الموجهة “يو إس إس جورجيا” (SSGN 729) التي تعمل بالطاقة النووية من فئة “أوهايو” مع طرادات الصواريخ الموجهة “يو إس إس بورت رويال” (سي جي 73) و”يو إس إس فلبين سي” (سي جي 58)، مضيق هرمز ودخلت الخليج العربي، حسبما أعلنت القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية.
وأفادت القيادة المركزية أن وجود جورجيا في منطقة عمليات الأسطول الخامس للولايات المتحدة (AOO)، يوضح قدرة البحرية الأميركية على الإبحار والعمل حيثما يسمح القانون الدولي بذلك.
وأشارت إلى أن “القوات البحرية المشتركة تتمتع بقوة مناورة مرنة بطبيعتها، قادرة على دعم العمليات الروتينية وعمليات الطوارئ”، معتبرة أن وجود جورجيا في مضيق هرمز يؤكد التزام الولايات المتحدة بالشركاء الإقليميين والأمن البحري مع مجموعة كاملة من القدرات للبقاء على استعداد للدفاع ضد أي تهديد في أي وقت”.
وبحسب القيادة المركزية الأميركية، فإن SSGN تعد واحدة من أكثر المنصات تنوعاً في الأسطول، وهي مجهزة بقدرات اتصالات فائقة وقدرة على حمل ما يصل إلى 154 صاروخ كروز للهجوم الأرضي من طراز Tomahawk. يمكن أيضاً تكوين النظام الأساسي لاستضافة ما يصل إلى 66 من قوات العمليات الخاصة.
الغواصة الإسرائيلية
وتوجهت غواصة تابعة للبحرية الإسرائيلية، إلى مياه الخليج العربي، بحسب ما ذكرت القناة العامة الإسرائيلية “كان 11″، مساء اليوم الإثنين، في خطوة وُصفت بأنها “رسالة إلى إيران”.
وذكرت القناة الإسرائيلية أن الغواصة عبرت قناة السويس علانية وفوق سطح الماء، أمس، بموافقة رسمية مصرية، وفي خضم تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران.
وكانت طهران حذرت في وقت سابق، الولايات المتحدة، من “إثارة توتر” في الفترة المقبلة، بعد اتهام واشنطن لمجموعات “مدعومة من إيران” بالضلوع في استهداف سفارتها في بغداد أمس، في هجوم صاروخي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه.
وانفجرت الصواريخ التي أطلقت دفعة واحدة قرب السفارة الأميركية، مع تسجيل صد نظام الدفاع الصاروخي “سي-رام” الخاص بالسفارة الأميركية لعدد من هذه الصواريخ وإسقاطها قبل وصولها الى أهدافها.
وهذا الهجوم هو الثالث على منشآت عسكرية ودبلوماسية أميركية منذ أن وضعت هدنة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، للحد من الهجمات الصاروخية على منشآت أجنبية في أنحاء العراق.
ويتوقع مسؤولون عراقيون وغربيون توترات قبل أسابيع من نهاية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي انتهج سياسة الضغط الأقصى والعقوبات الاقتصادية على إيران. ولم يستبعدوا عملاً عسكرياً من قبل إدارة ترامب يستهدف المصالح الإيرانية في العراق، أو تصعيداً محتملاً من قبل الجماعات المدعومة من طهران.
واشنطن وتل أبيب
واتهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الميليشيات المدعومة من إيران بتنفيذ هجمات بغداد.
وقال بومبيو في تغريدة على حسابه على تويتر: “مرة جديدة تهاجم الميليشيات المدعومة من إيران بشكل صارخ ومتهور مناطق في بغداد، ما أدى إلى إصابة مدنيين عراقيين”.
وأكد قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط “سانتكوم” الجنرال فرانك ماكينزي أن بلاده “مستعدة للرد” في حال هاجمتها إيران.
وقال ماكينزي لعدد من الصحافيين: “نحن مستعدون للدفاع عن أنفسنا والدفاع عن أصدقائنا وحلفائنا في المنطقة، ونحن مستعدون للرد إن اقتضى الأمر”.
وأشار قائد “سانتكوم” إلى أنه زار بغداد حيث التقى قائد قوات التحالف الدولي الجنرال الأميركي بول كالفيرت، ورئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول ركن عبد الأمير يار الله.
ورغم مواصلة الجيش الأميركي خفض عديد قواته في العراق وأفغانستان بتوجيه من ترامب، لتصل إلى 2500 عنصر في كل من البلدين بحلول 15 كانون الثاني (يناير) المقبل، عززت وزارة الدفاع وضعيتها في محيط العراق لردع إيران عن مهاجمة قواتها.
وتتواجد حاملة الطائرات “يو إس إس نيميتز” في مياه الخليج منذ نهاية تشرين الثاني (نوفمبر)، كما حلقت قاذفتان أميركيتان من طراز “بي 52” في المنطقة مؤخراً، في استعراض للقوة موجه إلى إيران وحلفائها.
وأعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال أفيق كوخافي اليوم، “تمكن الجيش الإسرائيلي في العام الماضي من منع عمليات اختراق في الجنوب والشمال”.
واكد كوخافي أن “جيش الدفاع سيهاجم بقوة كل من كان شريكاً، بشكل جزئي أو كامل، قريب كان أو بعيد، بأي عمل ضد دولة إسرائيل أو ضد أهداف إسرائيلية”، مضيفاً: “أقول الأشياء ببساطة وأصف لأعدائنا الوضع، مستوى رد الفعل وجميع الخطط باتت جاهزة ومُهيأ لها”.
الكاظمي يُندّد
وأعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اليوم، أن “قصف المنطقة الخضراء أمس عمل إرهابي جبان”.
وأشار الكاظمي إلى أن الصواريخ سقطت على عراقيين وأصابتهم، قائلاً: “لن نقبل بأي اعتداء على البعثات الدبلوماسية، واعتقلنا مجموعة من المشتبه فيهم، وأوقفنا مسؤولين عن قواطع أمنية وأدخلناهم السجن بعد القصف الأخير”.
وتحلّ الذكرى السنوية لاغتيال سليماني في الثالث من كانون الثاني (يناير) المقبل، فيما يتولى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مهامه رسمياً خلفا لترامب، في 20 من الشهر ذاته.
وشهدت العلاقات المقطوعة منذ نحو أربعة عقود بين طهران وواشنطن، زيادة في التوتر خلال عهد ترامب، لا سيما على خلفية انسحابه الأحادي عام 2018، من الاتفاق النووي الذي تمّ التوصل إليه عام 2015، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران، فضلاً عن اغتيال سليماني.
وردّت إيران بعد أيام من اغتيال سليماني، باستهداف صاروخي لقاعدتين عسكريتين في العراق يتواجد فيهما جنود أميركيون، لم يسفر إلا عن أضرار مادية، وتسجيل حالات ارتجاج في رؤوس الجنود الأميركيين.
واستُهدفت السفارة الأميركية في بغداد، وغيرها من المواقع العسكرية والدبلوماسية الأجنبية في العراق، بعشرات الصواريخ والعبوات الناسفة منذ خريف العام 2019. وحمّل مسؤولون غربيون وعراقيون مسؤولية هذه الهجمات، لمجموعات مقرّبة من إيران.
المصدر: النهار العربي