مرّت مناسبة الانتخابات الأميركية وهو حدث مهم ومؤثر عالمياً بلا شك، وهناك دول وحكومات وأنظمة تتابعها بعناية فائقة بحكم تأثير السياسات الأميركية على مصالحها وربما على وجودها، لكن المبالغة الحاصلة في المتابعة لدى الدول الضعيفة والكيانات والأشخاص الذين ينتمون إلى عالم السياسية تفوق المنطق، والمراهنة الكبيرة على السياسة الأميركية التي يأملون أن تلعب دوراً في قضاياهم.!
وأن توقف الصراعات في الشرق الأوسط لاسيما إيقاف نزيف الشعوب المضطهدة التي تسعى للتحرر والخلاص باتجاه الحرية والديمقراطية وهي شعارات كانت تزعم كثير من الدول تأييدها لهذه الشعارات، لكنها كانت انتقائية ومصلحية في التأييد والتطبيق لاسيما في الشرق الأوسط، الذي تُرك لتغول دول مجرمة تفتك بهذه الشعوب وتعبث بمصيرها وأبرزهم روسيا وإيران وأبرز قضية دامية هي القضية السورية التي لم تأخذ من الولايات المتحدة الأميركية إلا خطوط أوباما الحمراء ثم إيقاف دعم المعارضة والشعوب التي تنادي بالتحرر زمن ترامب، عشر سنوات وتوالى على دفة الرئاسة الأميركية حزبين ورئيسين وخرجا من الحكم ولايزال مجرم الكيماوي بشار الأسد يلهو ويعبث وقد أمن العقوبة الحازمة المباشرة، لاسيما عقب تهديد استعماله الكيماوي في 2013م.
ولم يجنِ السوريون من السنوات العشر سوى قانون قيصر الذي جاء بعد تسع سنوات من الدموية التي يمارسها الأسد وحلفاؤه.
لكن لننظر في الحقيقة كم الفارق كبير بين كيانات لا يساورها القلق بما آلت إليه نتائج الانتخابات الأميركية وفي مقدمتها إسرائيل “الكيان الصهيوني” ثم عدد من الدول التي دوماً تعول على قوة بنائها الداخلي ونفوذها وعلاقاتها، فهي تعول على عوامل القوة الذاتية ، وكيانات اتضح لها من خلال التجربة فشل الرهان على تغيير السياسات الأميركية تجاهها، لاسيما دول وكيانات تخشى كل صيحة عليها، وماتزال تنتظر دون عمل ماذا ستحمل الرياح الأميركية.؟
بكل تأكيد نأمل أن تحمل خيراً لاسيما أن الولايات المتحدة قدمت نفسها كصديق للشعب السوري.
لكن ثمة دروس من وراء تلك المقارنة، ينبغي أن نضعها في حسباننا سواء كنا أشخاص أو حركات تحرر أو دول ناهضة، بأن يركزوا جهودهم وبرامجهم على بناء عناصر القوة الذاتية، وتحصين القضايا الوطنية التي يدافعون عنها، والاستعداد الدائم لأي فرصة سياسية تسنح، لأن التعويل دون ذلك على رياح الانتخابات الأميركية من موقع الضعف كمن يحرث في البحر. ومن لا يملك أشرعة لن يستطيع أن يستفيد من الرياح إذا هبّت لصالحه.
كلنا يأمل مواقف قوية من الأصدقاء لكن ينبغي أن نتسلح بمواطن القوة ونتقن الاستفادة من دورة التاريخ وحركته المستمرة.