شهداؤنا رمز كرامتنا وعزتنا وعنوان فرحتنا بمضي سنة على انتصار ثورتنا السورية

عبد المجيد عرفة

انتصرنا واسقطنا النظام البائد الظالم قبل عام من الآن وفي هذه الأيام نعيش فرحة انتصارنا، وقرارنا دولة وشعبا أن نبادر في اعادة بناء الدولة على كل المستويات. هكذا عاد الشعب السوري يمسك زمام أموره ويبني بلده ويحتفل ويعبر عن مشاعره في أرجاء سورية. راضيا عن الانجازات التي حصلت داخليا وخارجيا. و ساعيا لتحقيق المزيد والمزيد فمازلنا في اول الطريق .
لقد عشنا فساد وظلم امتد لنصف قرن وتتوج بالقتل والاعتقال والتهجير والتدمير بعد ثورتنا نحن السوريين في ربيع سورية عام ٢٠١١م…
ليس رقما صغيرا قولنا أن أكثر من مليون شهيد روت دماؤهم أرض الوطن، ولا مثلهم مصابين ومعاقين ، ولا عشرات آلاف الأسر الميتمة الاب والام او الاثنين معا.
ليس سهلا أن نقول أكثر من نصف الشعب السوري أصبح بلا منزل وفي بلادنا مشاعرنا: أن منزلنا مركز عزتنا وكرامتنا. وان الكثيرين عادوا لمنازل منهارة غير قابلة للسكن.
أما لقمة العيش فقد اصبحت عزيزة وعصيّة على الكثيرين من أهلنا القابضين على الجمر داخل بلداتهم ومدنهم في سورية، واهلنا الذين نزحوا داخل سورية سواء في بيوت استأجروها بما جمعوه بحياتهم لليوم الاسود، او اغلبهم ممن سكن الخيام لأكثر من عقد وعاش حياة مضنية، وانعكس على اغلب أسرنا تلك بنقص في كل الاحتياجات واهمها انه نشأ جيل من السوريين خارج التعليم. وهذا اسوأ ما في هذا الحال.
أما اللاجئون خارج سورية فحال اغلبهم اسوأ ، سواء في المخيمات حيث زرعوا فيها بعشوائية مع فقدان الحد الأدنى للعيش الكريم في لبنان والأردن والعراق وتركيا. والبعض كان حاله أفضل خارج المخيمات فاستطاع أن يبدأ حياة جديدة متعثرة اغلب الاحيان وان يؤمن لقمة عيش عائلته وان يعمل ويسد بعض احتياجاته.
نعم ان ذلك يشمل تسعين بالمئة من السوريين الذين مازالوا تحت خط الفقر للآن.
أما من استطاع أن ينقل ماله ويستر نفسه وأنشأ أعماله الاقتصادية والتجارية فهم القلّة الذين أعادوا ترميم حياتهم وأعمالهم وبدأوا رحلة العمل والانتاج واثبتوا ان السوريين حيث يكونون يعملون ويبدعون ويستطيعون اجتراح المستحيل في كل شيء. العلم والعمل والإبداع وكل شيء.
الحمد لله رب العالمين.
لم نكن نأمل أن نعود يوما الى بلداتنا ومدننا وقرانا لولا أن سقط النظام الظالم المجرم .
عدنا لنرى ذواتنا التي كنّا قد زرعناها في عمق بلداتنا. بيوتنا المنكوبة المهدمة أو المسروقة وأقلها ضررا المهملة. عدنا لنرى ارضنا وقد تحولت الى تربة قاحلة ماتت أشجارها باكية على أصحابها الذين هربوا بأرواحهم خارج البلاد.
عدنا لنرى ماتبقى من اهلنا ومن جيراننا واهل بلدتنا الذين نعرفهم ويعرفونا منذ عقود في حياتنا المشتركة. عدنا نتفقد بعضنا وتتحول الارقام من الشهداء والمفقودين واليتامى والمنكوبين الى وقائع عينية تفقأ العين وتدمي القلب وتوجع الضمير.
في بلدتنا خرج ابناؤنا ثوار بالمظاهرات السلمية اولا ثم أصبحوا مع الثوار المسلحين بعدما قرر النظام المجرم البائد أن يقتل شعبنا وثورتنا. لم يتحصنوا في البلدة بل غادروها الى التلال المجاورة وخاضوا معارك مع النظام ووصلوا إلى الجنوب السوري و من ثم التحقوا بالثوار بالشمال السوري في السنوات الاخيرة مع بقية الثوار المرحلين من أنحاء سورية : الغوطة وداريا والمعضمية واغلب بلدات سورية ومدنها. ومن هناك أعدوا العدة وخاضوا معركة التحرير التي تكللت بالنصر قبل سنة.
حضرنا لبلدتنا في الصيف الماضي كانت لحظة فارقة لنا ولكل اهل بلدتنا الذين التقينا بهم كنا عطشى لنتعانق ونبكي ونحمد الله انه ساعدنا بالقضاء على حكم الطغيان البائد. كنّا نلتقي ونتحدث ونتبادل ما عشناه و عانيناه وتألمنا منه وتأملناه لنا كلنا نحن السوريين.
غطت لحظة الانتصار على كل ما عداها. لقد كان شعور الامتنان للثوار الذين حرروا بلادنا فوق الوصف. انهم اخوتنا وابنائنا الذين نعرفهم صغارا وكبارا وهاهم يعودون محررين لنا. ما اسعده من شعور وما أعظمهم من اخوة وابناء.
في احتفال هذا العام كان الاعتزاز الأكبر لدى كل المحتفلين بالشهداء الذين قدموا أرواحهم في طريق تحرير سورية.
اكتشفت ان بلدتنا قدمت اكثر من الف شهيد وان هؤلاء الشهداء محددين ومعروفين. الأهم ان الشهداء الذين استشهدوا في معارك الثوار منذ سنوات الى لحظة التحرير كنا نراهم مشاعل النور والحرية الذين أعادوا لنا كرامتنا وحريتنا.
كانت غصتنا كبيرة عند الشهداء الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم وسجنهم بعضهم عرفنا مصيرهم والبعض الآخر لم يعرف مصيره حتى الآن.
أسر كاملة كانت تعيش في بيوتها آمنة، يداهم بيوتها جيش النظام وشبيحته ويأخذوهم، البعض يعرف مصيره قتل واعتقال وتنكيل والبعض لا يعرف.
تلك الأسرة المؤلفة من أب وأم وبناته الثلاثة. آثر الاب أن ينحني حتى تمر محنة ظلم النظام. صمت واستكان وجلس في بيته ليأتي الفرج. لم يأتي الفرج بل مجرمي القتل عند النظام واخذوهم جميعهم وللآن لم يعرف مصيرهم. وتلك الاسرة ام واب واربعة شباب. التقيت بالاب فقط، لقد اعتقل النظام اولاده الاربعة ولم يكونوا مع الثوار. كانوا يمارسون حياتهم العادية. قتلوا جميعا وعرف مصيرهم لاحقا. ماتت امهم كمدا عليهم ووالدهم يحسبهم شهداء عند الله. وقريبتي التي استشهد أولادها الثلاثة بين مقاتل مع الثوار واثنان انشقا عن الجيش والتحقوا بالثورة واستشهدوا جميعا، وغيرهم كثير كثير.
نعم كانت فرحة النصر بإسقاط النظام المجرم البائد مقرونة بتجهيز كل أهل البلدة للوحات صور شهدائنا الذين كانوا من أسباب هذا التحرير الرائع الذي عشناه في اليومين السابقين في كل مدينة وبلدة سورية وكأنها عيد للشهداء الذين استشهدوا لكي نعيش حياتنا الآن متأملين أن نعيش حياة حرة كريمة محققين العدالة والديمقراطية والحياة الأفضل.
لا ينتهي الحديث إلا أن نذكر احتفالات شعبنا في كل المدن ونذكر احتفالاتنا في قصر المؤتمرات رئيسنا احمد الشرع نعم رئيسنا في لباسه العسكري ونحن نطل على حصاد سنة من عمرنا عشناها احرارا. سنة عملت دولتنا الجديدة دولة الثورة السورية لتقدم جردة واضحة المعالم في كل الملفات الداخلية والخارجية في متابعات دولتنا السورية.
تصفير المشاكل مع الدول الخارجية. تحييد ايران. إعادة تدوير العلاقة مع روسيا للحفاظ على مصالحنا كدولة سورية. فتح العلاقات والأبواب مع حلفاء ثورتنا ودولتنا تركيا وقطر. وتوسع علاقاتنا الخليجية مع الخليج العربي وخاصة العربية السعودية الحليف القوي الواعد. فتحنا الباب مع امريكا واوروبا وكل دول العالم المؤثر والقوي. ونحن على موعد مع رفع قانون قيصر عن سورية الذي تحول الى قيد على حركتنا لبناء حياتنا الافضل.
أما غصّة اسرائيل العدو وافعالها التخريبية والاستعمارية فهي حديث آخر.
لقد كان حصاد سنة من انتصار ثورتنا وعمل دولتنا يستحق الشكر والتقدير.
موعودين بالحرية ومزيد منها والكرامة والعدالة والديمقراطية والحياة الأفضل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى