من المفترض أن ينتهي العمل بقرار حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن الدولي قبل ثلاثة عشر عاماً على الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الثامن عشر من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. في هذا السياق، وفي شرط وضعته إيران للتوقيع على الاتفاق النووي مع الدول الكبرى بإلغاء حظر الأسلحة المفروض عليها دولياً، وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على القرار الرقم (٢٢٣١) بعد مفاوضات بين مجموعة الدول (٥+١) إضافةً إلى إيران، في مدينة لوزان السويسرية عام ٢٠١٥، والذي نص على إنهاء حظر الأسلحة على إيران في مدة أقصاها خمس سنوات. جاء القرار في اثني عشر بنداً تمهيدياً، وثلاثين بنداً تنفيذياً إضافة إلى ملحقين: نص الأول على خطة العمل المشتركة الشاملة (CJAP)، فيما كان الثاني عبارة عن بيان منفصل.
الولايات المتحدة الأميركية بدورها، وتحت إدارة الرئيس الحالي ترامب، ترى أن رفع حظر الأسلحة المفروض على طهران في ضوء سلوكها المخرب في الإقليم من شأنه أن يزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة برمّتها، وقد يدفع بدولها إلى سباق للتسلح. وعليه، كان قد أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، يوم الأربعاء الماضي، أن بلاده ستتقدم بمشروع قرار إلى مجلس الأمن لتمديد حظر الأسلحة على إيران، بالرغم من معارضة الصين وروسيا، لكن مع وجود رغبة أوروبية لتمديد قصير الأجل لحظر الأسلحة على إيران للمحافظة على الاتفاق النووي.
موقف دول الخليج العربي المتضررة من السلوك الإيراني:
تعد رسالة الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، الذي بعثها إلى مجلس الأمن الدولي للمطالبة بتمديد حظر الأسلحة على إيران، أحدث المواقف الدولية التي تدعم الجهود الأميركية الهادفة إلى تمديد الحظر على بيع الأسلحة لطهران. حيث قال نايف الحجرف، الأمين العام للمجلس، إنه في ظل استمرار إيران في نشر الأسلحة في المنطقة، وعدم التزامها بقرار مجلس الأمن الرقم ٢٢٣١ بالامتناع والكف عن التدخل المسلح في دول الجوار…، فإنه من غير الملائم رفع القيود عن توريد الأسلحة من إيران واليها.
ما هي الأسلحة المحظورة على إيران:
ويشمل الحظر الذي فرضه مجلس الأمن على إيران عام ٢٠٠٧، شراء وبيع كل الأسلحة التقليدية من إيران واليها. وتأتي الدبابات الحربية، والمركبات القتالية، والمدرعات، والمدافع الثقيلة، والطائرات العسكرية والمقاتلة والعمودية والهجومية، والسفن الحربية، والصواريخ (كروز وباليستي)، وأنظمة الصواريخ، وقاذفات الصواريخ، والغواصات وغيرها، في قائمة الأسلحة المحظورة على نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
اتهام الولايات المتحدة لإيران بتسليح ميليشيات مسلحة في المنطقة:
وتتهم الولايات المتحدة في مشروع قرارها الذي ستقدمه لمجلس الأمن، النظام الإيراني بإرسال السلاح للميليشيات المسلحة (الشيعية) في العراق وسورية ولبنان واليمن. ويستند هذا المشروع الى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، والذي جاء فيه أن لإيران دوراً في الهجوم الذي طال المنشآت النفطية والمطارات في المملكة العربية السعودية، كما كان لها دور في الهجوم الذي استهدف عدداً من ناقلات النفط في مضيق باب السلام (هرمز). مشروع القرار الأميركي المزمع تقديمه يؤكد أيضاً أن الهجوم الذي طال المنشآت النفطية والخدمية كان انتهاكاً صارخاً لأراضي المملكة العربية السعودية.
وضع النظام الإيراني تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة: هدف الولايات المتحدة من مشروع القرار
يهدف مشروع القرار الأميركي أن يضع إيران تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، من خلال التشديد على أن السلوك الإيراني يهدد السلام والأمن الدوليين. حيث ينص مشروع القرار على أن الأنشطة الإيرانية في تسليح الميليشيات الشيعية تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، والتي قامت هي نفسها بالهجوم على السفارة الأميركية في بغداد، وتهديد المصالح الأميركية في كردستان العراق. وتضمن هذا المشروع أيضاً، قرارات عدة تهدف الولايات المتحدة من خلالها إلى منع جميع دول الأعضاء من بيع أو توريد الأسلحة من وإيران واليها، وأن هذا المشروع يدعو إلى تمديد الحظر لفترة غير محددة.
ويدعو مشروع القرار الأميركي الدول الأعضاء إلى تفتيش جميع شحنات الطائرات والسفن القادمة أو المتجهة من إيران واليها، وأن تقوم هذه الدول بمصادرة أي سفينة إذا ما كانت ضالعة في أنشطة محظورة دولياً، وكذلك تجميد الأموال والأصول التي تدعم الأنشطة الإيرانية المحظورة.
الرفض إيراني:
رفضت طهران عبر المتحدث باسم خارجيتها، عباس موسوي، مطالبة مجلس التعاون الخليجي بتمديد حظر الأسلحة التقليدية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ووصف موسوي رسالة الأمين العام للمجلس، نايف الحجرف، بـ”غير الواقعية”. كما حذر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في وقت سابق، مجلس الأمن الدولي من الموافقة على مشروع قرار الولايات المتحدة بتمديد حظر الأسلحة على بلاده، محذراً (الغرب) من أنهم يعرفون جيداً ما هي العواقب الوخيمة التي تنتظرهم إذا ما أقدموا على مثل هذا الخطأ.
المجلس وإمكانية تمرير قرار الحظر:
يتشكل مجلس الأمن حالياً من بلجيكا، جمهورية الدومينيكان، إستونيا، ألمانيا، إندونيسيا، النيجر، سانت فنست وجزر غرينادين، جنوب أفريقيا، تونس وفيتنام، إضافة إلى الدول الخمس الدائمة العضوية. ويحتاج مشروع قرار الحظر هذا من أجل تمريره موافقة تسع دول أعضاء من أصل خمسة عشر عضوًا، شريطة أن لا تصوّت أي من الدول الدائمة العضوية ضد المشروع (حق النقض – الفيتو).
ونظراً لتركيبة المجلس، وبالنظر إلى ما قاله وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب، ستعمل على ضمان تمديد حظر السلاح على إيران، وبأنه واثق من نجاح الجهود المبذولة في هذا الشأن، وقد تحصل الولايات المتحدة على موافقة تسعة أعضاء وهي من شأنها تمرير مشروع القرار، إلا أنه دون أدنى شك، ستقوم كل من روسيا والصين باستخدام حق النقض (الفيتو) لمنع تمرير هذا المشروع.
البدائل الأميركية
تعتقد الولايات المتحدة أن لديها الخطة البديلة لتفعيل كل العقوبات ضد إيران إذا ما لم تستطع تمرير مشروع قرار حظر الأسلحة على إيران في مجلس الأمن، وذلك من خلال تفعيل “آلية الزناد”. وآلية الزناد هي آلية لحل النزاعات في مجلس الأمن الدولي، وتنص على أنه إذا ما لم تف إيران بالتزاماتها النووية، يمكن للأطراف الأخرى المشاركة في الاتفاق النووي إعادة القضية إلى مجلس الأمن لاستئناف العقوبات ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
الاتحاد الأوروبي واحتمالية موت الاتفاق النووي
من الواضح أن الإدارة الأميركية مصممة على الذهاب إلى أبعد بكثير من حظر الأسلحة على النظام الإيراني. حتى أنها قد تفكر جدياً بإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية في طهران إذا ما أعيد انتخاب دونالد ترامب لولاية ثانية. وهذا ما تتخوف منه أوروبا. ولهذا يدفع الأوروبيون بموضوع تمديد قصير الأمد للحظر في مسعى للمحافظة على الاتفاق النووي. حيث حذر سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، من أنه إذا ما تم تمديد حظر الأسلحة على بلاده، فإن الاتفاق النووي سيموت إلى الأبد.
المصدر: النهار العربي