
فوجئ البعض بما صرّح به رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو قبل أيام عن دعمه للصهيونية، عندما قال خلال مشاركته في المنتدى الوطني لمكافحة معاداة السامية في أوتاوا، إنه “لا ينبغي لأحد في كندا أن يخاف من وصف نفسه بالصهيوني… أنا صهيوني”. وصوَّر ترودو الصهيونية على أنها تعني الإيمان “بحق الشعب اليهودي، مثل جميع الناس، في تحديد مستقبلهم”.
لا يُفهم في الحقيقة سبب هذا التفاجؤ من هذه التصريحات. ربما يكون بسبب ابتعاد كندا، إعلامياً فقط، عن دعمها للحلف الدولي المساند لإسرائيل، أو ربما بسبب عدم خوض مسؤولين كنديين سابقين في تصريحات من هذا النوع.
لا يمكن لنا اليوم، بعد الدمار العظيم الذي لحق غزة بفعل دعم غربي واسع لإسرائيل وصكّ على بياض مُنِح لها من أغلب قوى العالم، أن نفاجأ من هذا النوع من التصريحات، ومن تَسَابق رؤساء دول كثيرة من العالم في إعلان صهيونيتهم وعنصريتهم.
سبق ذلك تصريحات للرئيس الأميركي السابق جو بايدن، الذي قال إنه “ليس عليك أن تكون يهودياً لتكون صهيونياً، وأنا صهيوني”. وقال في تصريحه أيضاً: “سنواصل مساعدة إسرائيل حتى تتخلص من حماس”. ولكنه رحل وما تزال حماس شوكة في حلق أمثاله. أما خلَفه الرئيس الحالي دونالد ترامب فلا يفوّت فرصة لإعلان دعمه اللامحدود للكيان الصهيوني. وحتى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، المطرود من البيت الأبيض، لم يخفِ دعمه لإسرائيل وللنظام الدموي الذي يسيّرها.
يتسابقون لإعلان دعمهم لإسرائيل ولقتل الشعب الفلسطيني، يدعمون الكيان الغاصب بالأموال والأسلحة، فضلاً عن الدعم الإعلامي والقانوني، ثم يأتون للتشدق بالحديث عن حقوق الإنسان وعن الحرية والديمقراطية والعدالة والقانون الدولي. ومن المفاجآت، ما كُشف نهاية الأسبوع، حيث أعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة، السبت، أنها تدعم خطة لإعادة إعمار غزة تبنّتها الدول العربية الأسبوع الماضي، وحثت “جميع الأطراف على البناء على مزايا الخطة كنقطة بداية”. أشار بيان مشترك لوزراء خارجية الدول الأربع إلى أن “الخطة تظهر مساراً واقعياً لإعادة إعمار غزة وتعد- إذا تم تنفيذها- بتحسين سريع ومستدام للظروف المعيشية الكارثية للفلسطينيين الذين يعيشون في غزة”، مضيفاً أن “حماس يجب ألا تشارك في حكم غزة”.
علينا أن نتثبت ونراجع أنفسنا ومعلوماتنا، أليست هذه الدول بالذات من كانت أوّل من دعم الهجوم الهمجي الإسرائيلي على غزة، الذي قتل وهجّر وجوّع ملايين الفلسطينيين، أهؤلاء من يتحدث اليوم عن إعمار غزة وإمكانية الحياة فيها؟ أليس من المعقول أن يشعر الإنسان بكل ريبة وتوجس من أي نيّات حسنة يعلنها هؤلاء، فكيف يمكننا اليوم أن نثق في قتلة أطفالنا أمس؟
المصدر: العربي الجديد