رسالة حب الى سورية

أمينة نور

يا عشيقة الشهداء، يا ابنة التاريخ التي حملت في قلبها وجع الزمن وزهو الصمود

أيتها الأرض التي غسلت جراحها بدماء الأبطال، ونسجت من أرواحهم رايات لا تنحني.

في شوارعك صوت الحياة يمتزج بأنين الحنين، وفي سمائك تحلق أرواح الشهداء كحمام السلام، تهمس: “نحن هنا لا ولم نغب”!

سوريا .. يا مهد الحضارات، كم شهدتِ من مآسي وكم نهضتِ كطائر الفينيق، تحترقين لتبعثي من رمادك أقوى

دمشقك عتيقةٌ كالحكمة، وحلبك شاهدةٌ على الصبر، وحمصك تنبضُ بحكايا البطولة، ودير الزورِ تغزلُ جدائل العزّ على نهر الفرات!

أيا سوريا، كم عشقك الشهداء .. لم تكن أرضك ترابًا فقط، بل وعدًا وموطنًا، حضنًا دافئًا رغم البرد، وذاكرةً لا تنسى؛

وحين ودّعوك لم يكونوا يرحلون، بل تسللوا في جذور زيتونك، في أهازيج الفلاحين، وفي نظرة الطفل الذي يُقسم أن الوطن أغلى من الحياة.

سوريا .. يا قلبًا تعلّم الحب وسط الرماد، ويا وجهًا غسلته الدموع حتى صار أكثر نقاءً!

سلامٌ عليكِ .. سلامٌ على صبركِ وعزيمتكِ، وسلامٌ على العشاق الذين احتضنوا ترابكِ ليرسموا بدمهم نشيدَ الخلود.

سوريا .. يا قصيدةً لم تكتمل، يا نبضًا في قلب الشرق لا يخفتُ مهما اشتدّ الألم.

أيتها الحكاية التي تُروى على ألسنة الريح، ويرددها صدى الجبال، وتحتفظ بها ذاكرة الياسمين!

في أزقتك القديمة، يمشي التاريخ حافي القدمين، يُنصت لحكايات الجدات عن أرضٍ ما خذلت عشاقها يومًا.

يا عشيقة الشهداء؛ كم من روحٍ صعدت إلى السماء وهي تهمس باسمك، وكم من قلبٍ سكن التراب وهو يحضنك حبًا وإيمانًا.

دماؤهم ليست ندبةً في جسدك، بل وشاحٌ من كرامةٍ تتزينين به أمام الزمن!

هنا، حيث الصَّبر صَار طقسًا يوميًا، وحيث الأمل يشقّ طريقه كنبعٍ من بين صخور الخيبات!

سوريا .. يا أنشودة الحزن النبيل، ويا غيمةً ماطرت عزًا في صحراء الانكسار.

كم عانقكِ الفقد، وكم قاومتِ وحدكِ حين غاب الجميع!

لكنكِ، كأمٍّ جريحة، تفتحين ذراعيكِ للحياة، تزرعين الحنطة رغم الجراح، وتهمسين: “غدًا سيكون لنا ما نستحق من سلام”.

أيتها الأرض التي أحبها الشهداء حتى الموت، بل أحبّوها بالموت؛

سلامًا عليكِ، وعلى من سقطوا ليبقوا فيك… وعلى كل قلبٍ ما زال ينبت في حضنك حبًا لا يُفنى!

لكن ستعود سوريا، وترفع رايتها من جديد، عاليةً كجبالها، شامخةً كقلوب أهلها. ستعود، حين يزهر الصبر في الحقول، وحين تغسل الأمطار جراح الأيام. ستعود، لأن الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء لا تعرف الهزيمة، ولأن السماء التي احتضنت أرواحهم ستظل تُنشد للحرية!

سيأتي ذلك اليوم، حين يُرفرف العلمُ من جديد فوق مآذن دمشق وقباب حلب وسهول حوران؛ يومها ستبتسم الأمهات، ويضحك الأطفال، وسيكتب التاريخ في دفاتره: “هنا، في سوريا انتصرت الحياة”.

تعليق واحد

  1. رسالة جميلة ومعبرة عن الحب للوطن سورية [سوريا .. يا أنشودة الحزن النبيل، ويا غيمةً ماطرت عزًا في صحراء الانكسار. …سوريا .. يا قلبًا تعلّم الحب وسط الرماد، ويا وجهًا غسلته الدموع حتى صار أكثر نقاءً!..].

زر الذهاب إلى الأعلى