
كنت دائمًا مع ما يذهب إليه الحديث النبوي “كما تكونوا يُولَّى عليكم”، وهو المعنى نفسه الذي ذهب إليه المفكر ياسين الحافظ الذي أكد أن البنية الفوقية (السلطة) هي نتاج البنية المجتمعية، وكذلك هو المعنى نفسه الذي أشار إليه المفكران الإسلاميان مالك بن نبي وجودت سعيد، عندما تحدثا عن أن مجتمعاتنا لديها “القابلية للاستعمار”، وعلى الوزن نفسه “القابلية للاستبداد”، أي أن البنية المجتمعية لديها الاستعداد لأن تُستعمر أو لأن تُحكم بالاستبداد.
هذا يعني أن الثقافة الاستبدادية في المجتمع قادرة دائمًا على إنتاج ظواهر استبدادية جديدة بأشكال مختلفة على مستوى السلطة، ما يعني أننا لسنا بريئين من الاستبداد الذي يحكمنا، وأننا كنا دائمًا شركاء في إنتاجه وتحكّمه فينا بدرجات متفاوتة.
لكنني كنت في الوقت نفسه مع فكرة موازية تتلخَّص بأنه “كما يُولَّى عليكم تكونوا”، أي أن السلطة نفسها بإمكانها إعادة تشكيل المجتمع وثقافته ووعيه وفق ما تريد وتهوى.
فقد نقل إلينا رأس السلطة السابقة مثلًا عددًا من الأمراض التي استفحلت في المجتمع السوري، واستطاعت أن تشكل وعيه وثقافته وطرائق تعبير القطاع الأوسع من السوريين.
على سبيل المثال، كان رأس السلطة السابقة مغرمًا بعدد من الأمور في أي حديث أو حوار يخوضه:
1- تسفيه الآخرين وإهانتهم، مثل حديثه عن الرؤساء والملوك العرب بأنهم أنصاف رجال، وتشبيهه السوريين الثائرين بالجراثيم، وكثير غير ذلك.
2- الغرور إلى حدود مثيرة للغثيان، ففي أي حديث يتصنَّع ليخبرنا بطريقة أو أخرى: انظروا كم أنا “فهيم وذكي” وأنتم “حمقى وأغبياء”، فضلًا عن الغيرة من وجود آخرين قد يكون لديهم قدر لا بأس به من الفهم والمعرفة، والرغبة في تحطيمهم.
3- هذا الغرور يجره إلى مزيد من الفذلكة والتذاكي والتشاطر فيدخل في ميدان لعبة الكلمات ويُعرِّف المعرَّف أصلًا.
يمكننا أن نستكشف الصفات السابقة نفسها في أحاديث وحوارات كثير من السوريين، فهل كُتب علينا أن نكون على دين ملوكنا؟!
قليل من الإنصات والتفكير والتواضع في أحاديثنا وحواراتنا وردودنا ينعش قلب المؤمن.
المصدر: صفحة حازم نهار
الحديث النبوي “كما تكونوا يُولَّى عليكم”، والمفكر ياسين الحافظ بأن البنية الفوقية (السلطة) هي نتاج البنية المجتمعية، والمفكران الإسلاميان مالك بن نبي وجودت سعيد أشارا بأن مجتمعاتنا لديها “القابلية للاستعمار”، وعلى “الاستبداد”، لأن الثقافة الاستبدادية بالمجتمع قادرة لإنتاج ظواهر استبدادية، فهل شعبنا بسورية يستطيع القضاء على هذه الثقافة ويتحرر منها؟.