بدأ سكان شمال غزة في العودة إلى منازلهم، صباح اليوم الاثنين، بعد وقف العدوان الإسرائيلي على القطاع، فيما تبدو الأحياء مدمرة بالكامل، والحياة شبه معدومة في مناطق تعرضت لقصف وحشي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ووفق محقق الأمم المتحدة المستقل المعني بالحق في السكن الملائم بالاكريشنان راجاغوبال، فإنّ غزة تعرّضت لـ”وابل غير مسبوق من الدمار” منذ أن شنت إسرائيل حربها على القطاع المحاصر في 7 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي.
وأضاف راجاغوبال، للصحافيين، في آخر تصريح له الجمعة، أنّ “وحشية” الدمار في غزّة لم تظهر في الصراعات في سورية وأوكرانيا. وتابع أنه بحلول يناير/ كانون الثاني 2024، كان قد دُمّر ما يراوح بين 60% و70% من جميع المنازل في غزة؛ وفي شمال غزة، كانت النسبة 82% من المنازل. وأضاف أنّ “الأمر أسوأ بكثير الآن”، خصوصاً في الشمال الذي تقترب فيه نسبة التدمير من مستوى 100%. ولم تعلّق بعثة إسرائيل لدى الأمم المتحدة على تصريحات مقرر المنظمة الأممية.
وقال راجاغوبال إنّ تقريراً صدر في الآونة الأخيرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قدّر أنه، في شهر مايو/أيار، كان هناك أكثر من 39 مليون طن من الحطام في غزة، وأضاف أنّ الركام مختلط بذخائر غير منفجرة ونفايات سامة والأسبستوس من المباني المنهارة ومواد أخرى. وأضاف أنّ “تلوث المياه الجوفية وتلوث التربة وصل إلى وضع كارثي للغاية لدرجة أننا لا نعرف ما إذا كان من الممكن علاجهما في الوقت المناسب حتى يتمكن الناس من العودة على الأقل خلال هذا الجيل”.
ورداً على سؤال عن الوقت الذي ستستغرقه عملية إعادة بناء غزة، قال إنه تجب أولاً إزالة الأنقاض، وثانياً يجب أن يكون هناك تمويل، ثم “هناك مشكلة كبيرة أخرى، حيث لا تمكن إعادة الإعمار إلا إذا انتهى الاحتلال”.
الدمار في غزة ضخم
وأكد أنّ هذا الوضع يرجع إلى أنّ إسرائيل تفرض قيوداً على مواد ومعدات البناء التي تدعي أن لها استخدامات مزدوجة. وقال راجاجوبال إنه بعد حرب عام 2014 في غزة، كان يُبنى أقل من ألف منزل في كل عام. وأضاف أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قدر أنه جرى تدمير 80 ألف منزل في الحرب الحالية، لذلك ستستغرق عملية إعادة الإعمار 80 عاماً إذا استمر الاحتلال. فخلال الحرب العالمية الثانية، بلغ الدمار نحو 59% في دريسدن ونحو 61% في كولونيا، بينما تجاوزت نسبة الدمار في بعض مناطق قطاع غزة 70% لتقارب نسب دمار مدينة هامبورغ التي بلغت 75%.
وبحسب ما كشفت صحيفة “فاينانشال تايمز” في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فإن الدمار في شمال غزة يقارب الدمار الذي لحق بمدنٍ ألمانية قصفها الحلفاء بين عامي 1943 و1945.
من جهته، قال رئيس مجلس الإدارة في الهيئة الدولية العربية للإعمار في فلسطين زهير العمري إن “عملية إعادة إعمار قطاع غزة ستستغرق عشر سنوات بفعل الدمار الكبير الذي أحدثه الجيش الإسرائيلي”، مؤكداً أن رفع الأنقاض سيستغرق عدة سنوات قبل البدء في الإعمار. ويبقى حلم الغزيين هو انتهاء الحرب والعودة إلى الديار.
تدمير الاقتصاد
وقالت منظمة العمل الدولية على موقعها الإلكتروني، الأسبوع الماضي، إنّ عاماً من الحرب في غزة سبّب دماراً غير مسبوق وواسع النطاق لسوق العمل وللاقتصاد عامة في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة. وأشارت إلى أنّ معدل البطالة ارتفع في غزة والضفة الغربية إلى ما معدله 51.1% خلال الأشهر الـ12 الماضية، وفقاً لتقرير “عام من الحرب في غزّة: التأثيرات على فرص العمل وسبل العيش في الضفة الغربية وقطاع غزة”، وهي النشرة الخامسة في سلسلة من النشرات الصادرة عن منظمة العمل الدولية والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وقد سجل معدل البطالة في الضفة الغربية 34.9% في الفترة الممتدة بين أوائل أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى نهاية سبتمبر/ أيلول 2024، فيما وصل في غزة إلى نسبة مذهلة بلغت 79.7%.
وبدعم أميركي، شنت إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 حرب إبادة جماعية على غزة، خلّفت أكثر من 142 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على عشرة آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم. وواصلت تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
من جهته، قال الخبير والمحلل الاقتصادي الفلسطيني ماهر الطباع لوكالة الأناضول: “الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أسفرت عن تدمير بالغ في البنية الاقتصادية المحلية”. وتوقع الطباع أن أكثر من 80% من المنشآت الاقتصادية تعرضت لتدمير جزئي أو كلي نتيجة للآثار السلبية للحرب. وحسب وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطينية، فإن 50 ألف منشأة صناعية وتجارية كانت تنتشر في قطاع غزة حتى نهاية عام 2022.
وبحسب البنك الدولي، فُقد نحو نصف مليون وظيفة من السوق الفلسطينية منذ أكتوبر 2023، بما في ذلك ما يقدر بنحو 200 ألف وظيفة في غزة، و144 ألف وظيفة في الضفة الغربية، و148 ألف وظيفة عبر الحدود من الضفة الغربية إلى سوق العمل الإسرائيلية. وفي 19 يناير الجاري، بدأ سريان وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، ويستمر في مرحلته الأولى 42 يوما، يجرى خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية، ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.
المصدر: العربي الجديد
الحرب المتوحشة القذرة التي شنتها قوات الإحتلال الصهيوني على غزة أسفرت عن تدمير البنية الاقتصادية المحلية لأكثر من 80% من تدمير جزئي أو كلي، رغم ذلك شعبنا عاد الى شوال القطاع لأنها أرضه متشبث به.