مباحثات عراقية إيرانية مكثّفة: تطورات المنطقة واحتمالات اتساع الحرب

صابر غل عنبري صفاء الكبيسي محمد عماد

يجري مسؤولون عراقيون وإيرانيون مباحثات مكثفة في بغداد وطهران بشأن احتمالات اتساع دائرة الحرب في المنطقة، وإمكانية الهجوم الإيراني على إسرائيل وتبعات ذلك، واستخدام الأجواء العراقية، وسط بحث عن حلول لتطورات الأوضاع في المنطقة، واستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان. والتقى مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي في طهران وزير الخارجية عباس عراقجي وقائد فيلق القدس إسماعيل قاآني، والأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان. وكان الأعرجي قد وصل، أمس الأحد، إلى طهران على رأس وفد أمني لبحث قضايا أمنية مع المسؤولين الإيرانيين. وبحث الطرفان آخر التطورات المرتبطة بالحرب على غزة ولبنان، مؤكدين تضافر الجهود بين الدول الإسلامية لوقف الجرائم الإسرائيلية، وإرسال المساعدات إلى غزة ولبنان.

وبحسب بيان الخارجية الإيرانية، فإنّ عراقجي أشار في اللقاء مع عراقجي إلى “علاقات جيدة للغاية واستراتيجية وممتازة” بين طهران وبغداد على جميع الأصعدة، مؤكداً أهمية التعاون الأمني بينهما، ومضيفاً أن ذلك سيؤدي أيضاً إلى تطوير العلاقات، خاصة في المجال الاقتصادي. وشدد وزير خارجية إيران على أن بلاده “ترى أمن العراق أمنها”، معرباً عن أمله في تنفيذ الاتفاقية الأمنية بين البلدين المبرمة خلال مارس/ آذار 2023، وتحقيق الأمن المستدام على المناطق الحدودية. كما قدّم الأعرجي تقريراً عن التقدم الذي تحقق في تنفيذ الاتفاقية الأمنية، مؤكداً “عزيمة العراق لتنفيذها بالكامل”، مشيراً إلى أن “العراق أيضاً يعتبر أن أمن إيران أمنه، وأنه سيتصدى لأي إجراء ضد إيران انطلاقاً من العراق”.

من جهته، قال الأعرجي في منشور له على منصة إكس: “عقدنا اجتماعاً رسمياً مع وزير الخارجية الإيراني في طهران، لبحث آخر التطورات في الشرق الأوسط والمنطقة، وأكدنا ضرورة استمرار التعاون المشترك لتحقيق أمن شامل ومستدام لحدود البلدين، وأهمية التعاون بين دول المنطقة وتجنيبها مخاطر اتساع رقعة الصراع والضغط لإيقاف الحرب في غزة ولبنان”، كما قال في منشور آخر إنه شدد خلال اجتماعه مع قاآني على ضرورة عدم اتساع رقعة الصراع في المنطقة، وأهمية تعاون المجتمع الدولي، لتجنيب المنطقة والعالم مخاطر الحروب وويلاتها.

وتأتي زيارة الأعرجي إلى طهران فيما تساور الحكومة العراقية مخاوف من تحول الأراضي العراقية إلى ساحة صراع وحرب على خلفية مشاركة قوى حليفة لإيران في هجمات شبه يومية على إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وفي السياق، تحدثت تقارير إسرائيلية وأميركية أخيراً عن أن الاحتلال قد يوجه ضربات إلى داخل العراق.

من جهته، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، عامر الفايز، لـ”العربي الجديد”، إن “زيارة مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي إلى طهران واجتماعاته هناك لها أهمية كبيرة في ظل التوتر الخطير والكبير في المنطقة”. وبيّن الفايز أن “العراق موقفه ثابت ومعلن برفض استخدام أراضيه أو سمائه منطلقاً لأي اعتداء على إيران أو أي من دول الجوار والمنطقة.. زيارة الأعرجي ستؤكد ذلك، وتركز على موقف العراق للذهاب نحو التهدئة ومنع اتساع دائرة الحرب، حتى لا يكون العراق جزءاً من تلك الحرب بصورة مباشرة أو غير مباشرة”.

إلى ذلك، أكد مسؤول في الحكومة العراقية أن “الزيارة تركز على تطورات المنطقة مع المسؤولين الإيرانيين، واحتمالات اتساع دائرة الحرب”، مبيناً لـ”العربي الجديد”، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن “العراق يرفض استخدام أراضيه منطلقاً للهجوم، وهو ما جرى إبلاغ الإيرانيين والأميركيين به على حد سواء”. وأضاف أن “ملف الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن سيكون من بين المباحثات المشتركة بين الجانبين، خاصة أن العراق أوفى بجميع التزاماته تجاه إيران، لا سيما ضبط الحدود المشتركة وإبعاد المعارضة الإيرانية بإقليم كردستان عن الحدود”.

وتأتي زيارة الأعرجي إلى طهران بعد يوم واحد فقط من لقائه في بغداد الملحق العسكري الإيراني العميد مجيد قلي بور، حيث جرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز أمن واستقرار البلدين، وتنفيذ مذكرات التفاهم الخاصة بضبط الحدود، فضلاً عن استمرار التعاون بين العراق وإيران في مكافحة الإرهاب والتهريب. وأكد الأعرجي في اللقاء “الموقف العراقي الرافض بشدة لاستخدام الأجواء العراقية للاعتداء على إيران أو أي دولة من دول المنطقة”، بحسب وكالة الأنباء العراقية.

يجري ذلك في وقت تتصاعد فيه حدة القلق من إمكانية اتساع الحرب في المنطقة، بعد تأكيدات نشرتها الصحافة الأميركية والعبرية، وتهديدات إسرائيلية بضرب العراق في حال جرى استخدام أراضيه لأي هجمات باتجاه الأراضي المحتلة. وقد أكد هذه المعلومات عدد من مستشاري رئيس الحكومة العراقية، فضلاً عن أعضاء في مجلس النواب.

إلى ذلك، وفي أعقاب الهجوم الإسرائيلي على إيران في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلنت هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية العامة، في بيان، أن المقاتلات الإسرائيلية استخدمت “الأجواء العراقية التي هي تحت تصرف الجيش الأميركي” في الهجمات التي شنتها على إيران، مشيرة إلى أنها أطلقت من مسافة 100 كيلومتر من الحدود الإيرانية عدداً من صواريخ جو ـ أرض تحمل رؤوساً حربية خفيفة باتجاه بعض الرادارات الحدودية في محافظتي إيلام وخوزستان، فضلاً عن ضواحي طهران.

وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قد أكد، في وقت سابق، حصول العراق على تعهدات إيرانية بعدم استخدام أراضيه للهجوم على إسرائيل في حال جرى ذلك، إلا أنه عبّر عن مخاوفه من اندلاع حرب شاملة ومحاولات دفع العراق إليها. كما أكدت جماعة “كتائب حزب الله العراقية”، وهي من بين أبرز فصائل المقاومة الإسلامية في العراق المرتبطة بإيران، أن “إيران لن تستخدم الأراضي العراقية للرد على إسرائيل”.

وشهدت العاصمة بغداد، الأسبوع الفائت، سلسلة من الاجتماعات السياسية والحكومية مع قيادات عسكرية وأمنية ركزت على مسألة التطورات بالمنطقة، وأهمية تجنيب العراق أي حرب أو عدوان إسرائيلي. يأتي ذلك بعد يوم واحد من إعلان مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تلقي الأخير مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قال إنها بحثت مجمل الأوضاع في المنطقة. وقد عقد المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي، الأربعاء، اجتماعاً ترأسه السوداني، بحضور وزراء الأمن والدفاع والأمن القومي ورئيس أركان الجيش وجهاز الأمن الوطني وقيادات عسكرية مختلفة، واستمر عدة ساعات.

بزشكيان: إيران لا تسعى إلى الحرب

إلى ذلك، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اليوم الاثنين، أن بلاده لا تسعى للحرب، قائلاً إن حكومته منذ بدء عملها في أغسطس/ آب الماضي تمارس الدبلوماسية “في نطاق واسع من المنطقة إلى بقية نقاط العالم”. وأفاد موقع الرئاسة الإيرانية بأن بزشكيان أدلى بهذه التصريحات، مساء الأحد، في لقاء مع اقتصاديين إيرانيين، دافع فيه عن سجله وحكومته، قائلاً إنه ووزير خارجيته عباس عراقجي قد أجريا لقاءات كثيرة مع مسؤولين في دول أخرى و”نتائجها واضحة”.

وفي السياق، أكد أن الهجوم الأخير لدولة الاحتلال الإسرائيلي على إيران في 26 أكتوبر الماضي “نددت به الدول العربية في المنطقة بشكل موحد، وكذلك تخيّم أجواء إيجابية اليوم على علاقاتنا وتعاوننا في المنطقة”. وأضاف بزشكيان أنه سواء خلال حملته الانتخابية أو منذ فوزه بالرئاسة خلال يوليو/ تموز الماضي “لطالما أكدت أننا لا نسعى إلى المواجهة والحرب، ونركز على تنمية البلاد، لكن الكيان الصهيوني منذ بداية عملي الرسمي، من خلال اغتيال الشهيد إسماعيل هنية (رئيس المكتب السياسي لحماس)، قد أحدث خللاً في برامجنا”.

المصدر: العربي الجديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى