تشير تقارير إسرائيلية منذ يوم أمس الأحد، إلى وجود تقدّم في الاتصالات بشأن التوصّل إلى تسوية في لبنان، من دون وضوح يفسر المعلومات ومصادرها، في وقت يؤكد لبنان أنه لم يتلقَّ حتى الساعة أي أمر رسمي بشأن المفاوضات.
وتوجّه وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى واشنطن، حيث يلتقي عدداً من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، وكذلك الرئيس المنتخب دونالد ترامب لبحث قضايا منها ما يتعلّق بالتسوية والحرب. وأشارت هيئة البث الإسرائيلية “كان” أمس الأحد، إلى أن إسرائيل وافقت على مقترح طُرح قبل نحو عشرة أيام، من دون أن تشير إلى تفاصيل هذا المقترح.
وفي السياق، أشار وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إلى “بعض التقدم” في اتجاه التوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان. وقال رداً على سؤال حول آفاق مثل هذه الهدنة، “حصل بعض التقدم”، مضيفاً خلال مؤتمر صحافي في القدس، وفق “رويترز”، “نعمل على الموضوع مع الأميركيين”.
دور روسي في التسوية في لبنان
على خط التسوية، نقلت “كان” اليوم الاثنين، عن مسؤول روسي كبير في الكرملين، لم تسمّه، قوله إن روسيا مستعدة للمساعدة في التوصّل إلى تسوية بين لبنان وإسرائيل، من خلال لعب دور في اتفاقية التسوية بين الطرفين. وبحسب أقوال المسؤول الروسي، فإن “روسيا مستعدة للمساعدة ودعم كل ما يوقف قتل المدنيين ويمنع تدمير البنية التحتية المدنية”. وأفادت هيئة البث بأن روسيا ستشارك في اتفاقية التسوية، وأن دورها لن يكون بشأن ما يحدث داخل لبنان، ولكن أمام نظام بشار الأسد في سورية، من أجل منع مرور الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله.
من جهتها، تحدثت القناة 12 العبرية نقلاً عن مصادر وصفتها بالمطّلعة، من دون أن تسميها، عن وجود “تقدّم كبير” بشأن التوصّل إلى تسوية في لبنان. وأضافت أنه تمت صياغة عدة بنود بشأن التسوية، لكنها ليست نهائية، من دون ذكر الجهة التي صاغتها. ولفتت إلى أن القضية الأساسية في ما يخص إسرائيل، سعيها لتحصيل التزام واضح من قبل الولايات المتحدة، بشأن “حرية العمل” في لبنان بعد الاتفاق، بمعنى أنها تستطيع مهاجمة ما قد تعتبره انتهاكاً من قبل حزب الله، وتطمح لمنع تعاظم قوة حزب الله على الحدود مجدداً.
وأشارت إلى أن الهدف الرئيسي لإسرائيل من زيارة ديرمر إلى الولايات المتحدة، هو صياغة نص يتيح لإسرائيل مهاجمة لبنان في حال وقوع انتهاكات من وجهة نظرها، ولفتت إلى أن هناك إجماعاً إسرائيلياً أميركياً بأن العملية (العدوان على لبنان) في الشمال قد استكملت أهدافها، ويجب ترجمة ذلك إلى إنجاز سياسي في الوقت الراهن. ونقلت عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم إنه ليس من الصحيح أن يتاح لروسيا توسيع تأثيرها في لبنان، وأن لدى إسرائيل شريكاً استراتيجياً واحداً، هو الولايات المتحدة.
وتدرك أبيب، وفقاً للقناة، أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب يريد رؤية تسوية قبل تنصيبه في يناير/ كانون الثاني المقبل، وأن هذا يشكل دافعاً إضافياً لإسرائيل. وتساءلت القناة إن كانت إسرائيل ستكتفي باتفاق مع الولايات المتحدة فقط، بمعنى وقف لإطلاق النار من جانب واحد، من دون التوصّل إلى تفاهمات مع حزب الله أو إلى تسوية شاملة. ويدور الحديث عن جدول زمني يتناسب مع موعد تبادل السلطة في الولايات المتحدة، بحيث تبقى قوات جيش الاحتلال 60 يوماً في جنوب لبنان في القرى القريبة من الشريط الحدودي، فيما يتولى الجيش اللبناني في المرحلة التالية العمل بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.
وتكافئ الإدارة الأميركية روسيا على دورها، باستثناء شركات روسية تعمل في سورية من العقوبات الأميركية. ومن ضمن الحسابات الإسرائيلية التي تدفع دولة الاحتلال نحو التوصّل إلى تسوية، مخاوفها من قرار في مجلس الأمن، يُلزمها بوقف إطلاق النار في جميع الحالات.
وبحسب القناة العبرية نفسها، فإن رئيس هيئة الأركان وافق على توسيع العملية البرية في لبنان ما دام الأمر يستدعي ذلك. كما نقلت عن مصادر في الجيش قولها إنه من المبكّر حالياً إعادة سكان بلدات الشمال إلى منازلهم، وكذلك ليس صحيحاً في ما يخص إسرائيل المماطلة في الحرب حتى وصول الإدارة الأميركية الجديدة لإبرام صفقة برعايتها، وأنه من الأفضل المضي نحو تسوية إن كان ذلك ممكناً. أما في حال لم يُـوصَّل إلى تسوية، فإن جيش الاحتلال لديه خطة عملياتية لتوسيع العمليات البرية في لبنان والوصول إلى مناطق لم يصل إليها حتى اليوم.
لبنان لم يتلقَّ بعد أي مقترح رسمي للتسوية
على خط لبنان، تبدو الأجواء السياسية مناقضة لما يُشاع في الأوساط الإسرائيلية عن قرب التوصل إلى تسوية، إذ قالت أوساط مقرّبة من رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لـ”العربي الجديد”، “هناك تسريبات كثيرة عن مفاوضات تحصل واتصالات بهذا الشأن، لكن لم يصلنا بعد أي شيء رسمي”، مشيرة إلى أنه “من المبكر الحديث عن أجواء إيجابية، خصوصاً أن لا ثقة بالعدو أبداً، والتجربة الأخيرة دليل على ذلك، ونحن ننتظر الترجمة الميدانية. وذكّرت أوساط بري بأن “لبنان عبّر عن موقفه ولن يتراجع عن الثوابت، فهو متمسّك بوقف إطلاق النار فوراً وتنفيذ القرار 1701 بكافة مندرجاته، من دون أي تعديل”.
وفي السياق عينه، نفى مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف تلقي أي مقترح لوقف إطلاق النار، قائلاً: “نسمع الكثير من الكلام، وهناك اتصالات دولية، وحراك سياسي كبير بين طهران وواشنطن وموسكو، لكن حتى الآن لم يصل إلى لبنان أو إلينا أي شيء رسمي أو مقترحات محددة، ولا أتوقع أن يكون هناك شيء محدّد قريباً”.
وإذ أكد عفيف عجز الاحتلال الإسرائيلي عن التقدّم في الميدان، قال: “لن تكسبوا حربكم بالتفوق الجوي أبداً ولا بالتدمير وقتل المدنيين من النساء والأطفال، وطالما أنكم عاجزون عن التقدم البري والسيطرة الفعلية فلن تحققوا أهدافكم السياسية أبداً، ولن يعود سكان الشمال إلى الشمال أبداً. ومع المزيد من التصدع في جبهتكم الداخلية سيبدأ العد العكسي وستكون هناك نقطة تحول كبرى، وعندها ستتأكد يا هذا مجدداً صدق ما قاله سيدنا الأسمى أنّ إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت”، مشدداً على أنه “لدى المقاومين لا سيما في الخطوط الأمامية، من السلاح والعتاد والمؤن ما يكفي حرباً طويلة نستعد لها على كافة الأصعدة”.
وتطرّق عفيف في مؤتمر صحافي عقده اليوم الاثنين، إلى العلاقة مع الجيش اللبناني الذي يُتوقع أن يلعب دوراً كبيراً في حال حصول أي تسوية، فقال: “علاقتنا بالجيش الوطني اللبناني علاقة متينة وقوية، كانت كذلك وكذلك ستبقى، نحن من آمن بثلاثية الذهب والبطولة: جيش وشعب ومقاومة، نحن نفهم ونقدّر دور الجيش في حماية التراب الوطني والأمن الوطني”.
إلى ذلك، شدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من الرياض التي تستضيف اليوم قمة عربية إسلامية لبحث الحربين على غزة ولبنان، على أولوية وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان والتوصل إلى وقف إطلاق النار، طالباً “دعم موقف لبنان بوجوب وقف العدوان الإسرائيلي، والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة”.
المصدر: العربي الجديد