رفع “الحزب الجيد” المعارض في تركيا، دعوى قضائية لإلغاء منح الجنسية التركية للأجانب عموماً مقابل الإيداع المصرفي أو الاستثمار العقاري، وسحبها من لاجئين سوريين، سبق أن حصلوا عليها بطرق مختلفة، في خطوة تشي باستمرار تحميل السوريين وزر ارتفاع البطالة وغلاء الأسعار وتردي الواقع المعيشي.
وأعلن زعيم “الحزب الجيد”، موسافات درويش أوغلو، أمس الاثنين، أنه جرى التقدّم بدعوى قانونية أمام رئاسة المحكمة الإدارية في أنقرة ومجلس الدولة، بهدف إلغاء منح الجنسية التركية للسوريين والأجانب مقابل ودائع العملات الأجنبية وشراء العقارات، معتبراً أن منحها يعد “تهديداً للهوية الوطنية التركية”.
وأكد درويش أوغلو، أن الجمهورية التركية تواجه تحديات خطيرة تتعلق بالجنسية، مشيراً إلى أن الحزب يسعى لحماية مصالح الشعب التركي وفقاً للقانون، لأن منح الجنسية مقابل الاستثمار العقاري، برأيه، غير قانوني، وأن إحصاءات بيع العقارات للأجانب تشير إلى 309 آلاف وحدة سكنية خلال السنوات السبع الماضية، وأن نصف هذه المبيعات كان مقابل منح الجنسية. وهو أمر مخالف للدستور التركي، خاصة الجنسيات التي منحت عبر استثناء من قبل رئيس الدولة.
سوريون مهددون بسحب الجنسية التركية
وأشار المتحدث وفق مصادر إعلامية تركية، إلى أن دعوى أخرى ومستقلة، تم رفعها لسحب الجنسية الممنوحة للاجئين السوريين، لأنها “238 ألف جنسية” تتعارض مع قوانين الدولة التركية. وأضاف رئيس الحزب، أن القانون الذي صدر في عام 1927 تحت الرقم 1062، والذي لا يزال سارياً، يجعل من المستحيل منح الجنسية للسوريين عبر تملك العقارات بسبب المشكلات التاريخية بين تركيا وسورية وقضية لواء إسكندرون. كما أن المادة 25 من لائحة الحماية المؤقتة تنص على أن مدة الحماية المؤقتة للسوريين لا تمنحهم الحق في التقدم للحصول على الجنسية التركية.
وتابع: “لذا، تقدمنا بالدعوى لإلغاء 238 ألف جنسية مُنحت للاجئين السوريين بطرق غير قانونية”، مشيراً إلى أن الدعوى القانونية تستند إلى أدلة قوية، وأنه يتوقع أن تنتهي بإلغاء هذه الجنسيات، استناداً إلى مبدأ العدالة والقانون. كاشفاً أن الدعوى القضائية قدمت إلى رئاسة المحكمة الإدارية في أنقرة والدائرة العاشرة في مجلس الدولة، إلى جانب طلب تدخل طارئ في الدعوى التي رفعتها نقابة المحامين التركية أمام الدائرة العاشرة في مجلس الدولة لإلغاء التعديلات التي أُدخلت على لائحة تطبيق قانون الجنسية التركية.
من جهته، يرى عضو حزب العدالة والتنمية الحاكم، باكير أتاجان، أن السوريين لم يمنحوا أي جنسية بناء على شراء عقارات، كما جاء بادعاء “الحزب الجيد”، ولكن تم منح عدد “قليل جداً قياساً بعدد اللاجئين” جنسية استثنائية، وبذلك بعد صدور مرسوم رئاسي بتجنيس المقيمين بتركيا وفق ما تقتضيه مصلحة الدولة، وهذا معمول به بجميع دول العالم.
وحول عدم قانونية الجنسية لمن هم تحت قانون الحماية المؤقتة، يضيف أتاجان لـ”العربي الجديد”، أن هذا صحيح لو لم يكن من مرسوم رئاسي، كما أن قوانين الأمم المتحدة تجيز منح جنسية لعدد من اللاجئين إذا عاشوا لفترة على أراضي الدولة، وإن كانوا تحت الحماية المؤقتة، لافتاً إلى أن تركيا، وبعد المرسوم الرئاسي، هي التي تمنح الجنسية لبعض السوريين المميزين والمفيدين لتطلعاتها العلمية والاقتصادية، ولا يحق لأي سوري أن يذهب إلى أي دائرة حكومية ويتقدم بطلب الحصول على الجنسية “تركيا هي التي تختار وتطلب”.
في المقابل، يقول رئيس تجمع المحامين الأحرار، غزوان قرنفل، لـ”العربي الجديد”، إن الحزب لديه نقطة قوة خلال دعوته، وهي أنه “لا يفسح المجال لمن هو تحت الحماية أن يحصل على الجنسية التركية” وبالتالي قد تكون هذه المسألة إحدى الثغرات التي ينفذ منها القانونيون، ولكن قد تواجه هذه الثغرة نقطة ضعف تكمن بحق الدولة في منح الجنسية الاستثنائية لكل من تراه مفيداً ويقدم إضافة ومنفعة للدولة”.
ويلفت قرنفل إلى أنه بحال خسر “الحزب الجيد” الدعوى، لا يحق له أو لغيره إعادة المطالبة قانونياً، بسحب الجنسية من السوريين: “لا يجوز الادعاء مرتين، طالما تم الفصل بالنزاع، إنها قاعدة مستقرة بجميع قوانين العالم”، مؤكداً أن منح الجنسية على أساس استثمار عقاري لم يطاول السوريين ولم يحصل سوري على الجنسية من جراء الاستثمار العقاري.
شروط سحب الجنسية التركية
وحول شروط سحب الجنسية بالقانون التركي، يشير رئيس تجمع المحامين الأحرار، إلى أن القرار 5901 الصادر في مايو/ أيار من عام 2009 حدّد شروط سحبها ومنحها، سواء عبر العقارات أو الزواج أو الاستثنائية لحملة بطاقة الحماية المؤقتة، فسحبها يكون أولاً بحال تقديم معلومات أو وثائق مزوّرة أو إخفاء حقائق، العمل لمصلحة دولة أجنبية تتعارض مع مصالح تركيا، العمل في خدمة دولة معادية في أثناء الحرب، الخدمة العسكرية لدولة أجنبية من دون إذن، الجرائم الكبرى والأنشطة الإرهابية أو تمويلهم ماليا.
وفي حال تم سحب الجنسية خارج هذه المحددات، يحق للطرف المتضرر اللجوء إلى القضاء لاستردادها، وإن خسر الدعوى تصفّى ممتلكاته في تركيا خلال فترة معينة. وفي حالة عدم الامتثال، يمكن للدولة أن تتصرف في تلك الممتلكات ولا تصادر كما يشيع البعض ـ بل تودع العائدات في حساب مصرفي، بعد تصفية الملكية، باسم الشخص المعني.
ويختم قرنفل لـ”العربي الجديد” أن البت في دعوى “الحزب الجيد” يبقى بيد المحكمة وكيفية قراءتها للنص القانوني، ولكنها في جميع الأحوال ستؤثر على ملفات الجنسية المتوقفة وربما تفتح ملفات مهاجرين يحملون الجنسية التركية.
وتجمدت ملفات منح الجنسية للسوريين، منذ وصول الحكومة الجديدة لتركيا، في يونيو/ حزيران من العام الماضي، إذ تشير وزارة الداخلية التركية إلى أن أعداد السوريين الحاصلين على الجنسية خلال فترة تولي الوزير علي يرلي كايا منصب وزير الداخلية في حزيران/ يونيو 2023، لم تتجاوز 183 سورياً فقط. وبحسب أرقام وزارة الداخلية، تم منح 183 سورياً فقط الجنسية منذ عام ونصف العام، 82 من بين هؤلاء السوريين المجنّسين دون سن الرشد، لافتة إلى أن إجمالي عدد السوريين الحاصلين على الجنسية حتى الآن 238.768 شخصاً. وتفيد إحصائيات الداخلية التركية بوجود نحو 4.4 ملايين أجنبي في البلاد، منهم 3.1 ملايين مواطن سوري حاصلين على “الحماية المؤقتة”.
المصدر: العربي الجديد
ما يزال اللاجئ السوري بتركيا تحت رحمة السياسيين وصراعاتهم كونهم الورقة الأضعف التي يتم تحميلها كل عيوبهم وفشلهم، مطالبة “حزب الجيد” بسحب الجنسية التركية من السوريين المجنسين آخر الصرعات، علماً بأن شروط سحبها عديدة منها [ تقديم معلومات أو وثائق مزوّرة أو إخفاء حقائق، العمل لمصلحة دولة أجنبية تتعارض مع مصالح تركيا،…..] فهل سيكون الحكم القانون أم السياسة؟.