لم يكن خبر رحيل أخي ورفيق السلاح سلطان هاشم، في زنزانة أسره مفاجئا لي. فالحقد الفارسي لملالي طهران المقرون بحقد المحتل الامريكي، حكم عليه ان لا يغادر سجنه حيا. فهذا الحقد الدفين لا يخفيه هؤلاء الاشرار في المنطقة الغبراء على كل جندي وضابط قاتلهم في حرب ضروس ضد اطماعهم التوسعية والهيمنة على العراق. فلا عجب ان يكون حقدهم على سلطان هاشم مضاعفا وهو القائد المرموق لهؤلاء الابطال. لقد كان الفريق الركن ووزير الدفاع العراقي سلطان هاشم من خيرة ضباط الجيش العراقي وقد ابلى بلاء حسنا في مسيرة حياته العسكرية، منذ تخرجه من الكلية العسكرية وحتى وصوله الى منصب وزير الدفاع. مثلما ابلى بلاء حسنا اثناء محاكمته من قبل المحتل وعملائه فهو لم يهتز له جفن حين تلي عليه حكم الاعدام مثلما كان شجاعا في دفاعه عن نفسه وعن العراق اثناء المحاكمة. وفي سجنه طيلة سبعة عشر عاما كان صابرا محتسبا وشامخا مرفوع الراس امام سجانيه العملاء. كان سلطان هاشم بعثيا مؤمنا بمبادئ حزبه وظل وفيا لها وهذا ليس غريبا عليه فالوفاء والاخلاص جزء لا يتجزا من شخصيته العامة. لقد كان الاخلاص والوفاء القاسم المشترك في حياتة المدنية والعسكرية. اما شجاعته فقد ترجمتها ارفع اوسمة الوطن وانواطه.
هذه الاوسمة التي استحقها الراحل سلطان هاشم في الحرب ضد ايران الفارسية قد لخصت بطولاته في هذه الحرب. وفي هذا الصدد ذكر ضابط شجاع من جيله وهو صبحي ناظم توفيق واحدة من بطولاته حيث ورد في مقالة له يرثي فيها رفيق السلاح سلطان هاشم بقوله: ” فمعارك “كيلان غرب” كانت أولى المحطات التي لَـمَع فيها نجم “المقدم الركن سلطان هاشم” لجدارته في قيادة معركة دفاعية شبه مثالية أزاء هجوم إيراني شرس شُنَّ مع فجر يوم (6/ك2/ 1981) الذكرى/60 لتأسيس جيشنا، فأًنيطت إليه قيادة لواء مُبكّراً وهو بتلك الرتبة، ولم تنقض سوى سنتين (على ما أتذكر) حتى تبوّأ منصب قائد فرقة مشاة لعدة سنوات قبل أن يصدر مرسوم جمهوري لاحق في أوائل (1986) ليكون قائداً للفيلق السادس في أول تشكيله بالقرب من بلدة “قلعة علي صالح” مسؤولاً عن منطقة غريبة على خبراته المتراكمة منذ أواسط الستينيات، حيث كانت الجبهة المخصصة للفيلق ملأى بالأهوار والمستنقعات المتلاصقة والكثبان الرملية الخالية حتى من مجرد تلال أو هضاب بسيطة في محافظة “ميسان/العمارة”، والتي تختلف بواقع (180) درجة عن جغرافية المناطق الجبلية… ولكنه إستطاع بهمّته وغيرته وحرصه أن يُضَبِّط الأمور ويتعرّف عن كثب على قواطع مسؤولياته بإستطلاعات نهارية وزيارات ليلية لمواضع الأفواج الأمامية القصوى في غضون أسابيع ومحدودية ساعات النوم والراحة”.
نم قرير العين يا سلطان، فليس رفيقك في السلاح صبحي ناظم توفيق فحسب، بل كل ضباط الجيش العراقي ورفاق حزبك وعموم العراقيين سيجعلون شخصيتك وخصالك الحميدة ووطنيتك الراسخة واخلاقك العالية وصفاتك القيادية وخبرتك العسكرية نموذجا يقتدى به. واكثر من هذا وذاك سيظل اصدقاؤك ومحبوك ينحنون امام إخلاصك لجيشك الباسل وللعراق وللامة العربية التي شاركت في الدفاع عنها ولن ينسى احد منهم تمسكك الشديد بمبادئك الوطنية واستعدادك الدائم للتضحية بحياتك في كل القضايا التي كانت توكل اليك، وهي في اغلبها كانت محفوفة بالمخاطر.
مثلك يا سلطان عابر للموت. لكنك ستبقى حيا في ذاكرتنا وستبقى معنا ومع العراق والعراقيين علامة مضيئة وقامة شامخة. أجل يا ابا احمد لن ننساك وسنظل اوفياء لذكراك.
رحم الله سلطان هاشم برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته بصحبة الذين استشهدوا وانضموا الى قافلة شهداء العراق والامة قبله، الذين سقطوا في معركة تحرير العراق، وألهمنا جميعا الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.
371 2 دقائق