إسرائيل تستعد لسيناريوهات الضربة الإيرانية المرتقبة تجهيز ملجأ تحت الأرض لنتنياهو وقيادة إدارة الحرب

أمال شحادة

إسرائيل تبحث رداً مباشراً على إيران ولبنان وإن أدى إلى حرب إقليمية وتتزود بالفحم والديزل حال استهداف آبار الغاز.

يسعى قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي مايكل كوريلا من خلال لقاءاته مع المسؤولين الإسرائيليين إلى منع تل أبيب من توجيه ضربة استباقية أو رد واسع على الهجوم المتوقع من إيران ولبنان.

وخلال لقاءاته مع وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غلانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي أبلغ الإسرائيليون كوريلا أنه لن يكون أمام تل أبيب، في حال تعرضت لهجوم واسع ويلحق أضراراً كبيرة ويستهدف مدنيين، إلا بالرد المباشر سواء جاءت الضربة من إيران أو لبنان.

كما بحث الإسرائيليون توجيه ضربة استباقية تمنع رداً واسعاً تتوقع تل أبيب أن يأتيها من خمس جبهات، أما بالنسبة للتنسيق حول تجنيد دول التحالف، الذي تم تشكيله قبل الهجوم الإيراني على إسرائيل في أبريل (نيسان) الماضي، فقد أبقى كوريلا الإسرائيليين في حال من القلق وعدم اليقين أعقاب توقع عدم نجاح الجهود الأميركية في تجنيد دول المنطقة ضمن هذا التحالف.

واعتبر الإسرائيليون زيارة وزير الخارجية الأردني إلى طهران نادرة واستثنائية ولا تطمئن في ضمان دعم الأردن للتصدي للصواريخ والمسيرات قبل وصولها إلى إسرائيل.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين مطلعين على التواصل مع دول التحالف، أن مصر رفضت بشكل قاطع أن تكون جزءاً من التحالف الإقليمي. وبحسب صحيفة “معاريف” فإنه على خلفية التوتر المتصاعد في منطقة الشرق الأوسط، “تتخذ مصر موقفاً حذراً ومتوازناً، مع توضيح نواياها لإسرائيل وإيران وقد بعثت القاهرة رسائل دبلوماسية للجانبين، أعلنت فيها قرارها بعدم المشاركة في التصعيد الأخير الذي تطور عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية حفاظا على المصالح والسيادة المصرية.

 في الوقت نفسه، أوضحت السلطات المصرية لتل أبيب، خلال زيارة وفد أمني إسرائيلي للقاهرة أنها لن تكون جزءاً من محور عسكري يهدف إلى صد هجوم محتمل ضدها.

وفي جلسة خاصة بين كوريلا ورئيس الأركان هرتسي هليفي تم التنسيق حول سبل التواصل والتعاون بين الوحدات من كلا الجيشين التي ستقوم بالتنسيق والتواصل من مركز المعلومات إلى وحدات تفعيل المنظومات للتصدي للمسيرات والصواريخ قبل وصولها إلى إسرائيل.

وبحسب المحلل العسكري للقناة “12” نير دفوري، فإن مركز المعلومات بدا يحضر من قطر لإدارة منظومة الدفاع الإقليمية للتصدي للهجوم على إسرائيل.

وقال دفوري “ما يحدث الآن خلف الكواليس بعيداً من المناقشات التي يجريها وزير الأمن وقيادة الجيش حول شكل الرد الإسرائيلي على أي هجوم هو محاولة تشكيل تحالف إقليمي”.

ونشر دفوري صورة قال إنها لمركز العمليات الجوية التابعة للجيش الأميركي في قطر، وأضاف “من هنا سيعمل التحالف على حماية إسرائيل تحت المظلة الأميركية مع جميع الدول الشريكة حيث سيتم التنسيق ما بين رصد الصواريخ والمسيرات ومن ثم اعتراضها”.

وأشار دفوري إلى أن إسرائيل وضعت على الطاولة جميع سيناريوهات الردود المتوقعة وكيفية الرد عليها بهجوم إسرائيلي، وبحسبه فإن الإمكانية بضربة استباقية تجاه لبنان وجهات أخرى ما زالت مطروحة للنقاش.

وبينما أبدى بعض الإسرائيليين ارتياحا لتصريحات إيران بعدم رغبتها في الحرب إلا أن رئيس الحكومة وقيادة الأجهزة الأمنية يواصلون اجتماعات على مدار الساعة للتشاور في كيفية ضمان استعداد إسرائيل من جميع النواحي للسيناريوهات العديدة والتي وصفها البعض بالمتطرفة التي ستختارها إيران.

وضمن السيناريوهات التي نقلت عن مسؤولين ويتوقعون أن تكون الأقرب إلى التنفيذ هو هجوم إيراني ولبنان من طرفي الحدود ينضم اليهما الحوثيون من أكثر من جبهة.

وبحسب توقعات واستعداد إسرائيل سينفذ الهجوم بإطلاق كميات كبيرة من الطائرات والمسيرات باتجاه تل أبيب في المركز وتصل إلى الخضيرة حيث شبكة الكهرباء المركزية في إسرائيل، وجنوبا باتجاه ايلات وكذلك مفاعل ديمونة النووي. أما شمالا فتوقعات إسرائيل إطلاق عشرات الطائرات المسيرة والصواريخ باتجاه معظم بلدات الحدود ثم عكا وطبريا وحيفا، بالتركيز على خليج حيفا ومخازن الأسلحة والميناء ثم استهداف منطقة وجبال الكرمل في المدينة، وتخشى إسرائيل أن يؤدي استهداف الكرمل إلى حرائق في منطقة واسعة سيكون من الصعب السيطرة عليها.

أما الخطر الذي لا يقل قلقا عن خليج حيفا فهو استهداف آبار الغاز وإزاء هذا السيناريو أجرى وزير الطاقة والبنى التحتية ايلي كوهين جلسات مع مسؤولين في شركة الكهرباء وقادة الجبهة الداخلية والشرطة للتنسيق في سبل استمرار توفير الكهرباء والوقود في حال ضربات لبنى تحتية بينها آبار الغاز.

وفي أعقاب المشاورات المتعددة بدأت إسرائيل بتخزين الفحم ووقود الديزل كوسيلة بديلة لاحتمال إغلاق آبار الغاز الإسرائيلية في حال الحرب. ونقل عن مسؤول شارك في الاجتماعات أن إسرائيل مستعدة أيضا لاحتمال استهداف آبار الغاز وشل عملها وتجهز مصادر بديلة عن استخراج الغاز من الآبار لاستخدامه خلال الحرب، كما بحث المجتمعون سبل مواجهة انهيار خطوط الاتصال وبالتالي وقف التنسيق والتواصل.

يأتي هذا البحث في أعقاب حديث المدير العالم لشركة نوغا لإدارة منظومة الكهرباء شاؤول غولدشتاين، أنه لا يمكن استبعاد أو تجاهل احتمال انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة قائلاً، “لا نعلم ماذا سيحدث وعلينا أن نكون مستعدين لجميع السيناريوهات والاحتمالات”.

ملجأ تحت الأرض 

“حرب الأعصاب”، هكذا وصف إسرائيليون ما تشهده إسرائيل بانتظار رد إيران وحزب الله وسط ضبابية النوعية والتوقيت. إسرائيل على قناعة بأن الهجوم المقبل من إيران لن يشبه هجوم أبريل الماضي، بحيث كان الوقت كافياً لإسرائيل ودول التحالف لكشف وتصدي الطائرات والصواريخ التي استغرق وصولها حوالى ثماني ساعات. وتوقعات إسرائيل أن تستخدم إيران في هذا الهجوم صواريخ باليستية وكروز وغيرها إضافة إلى مسيرات لا تتجاوز فترة وصولها 20 دقيقة، وهي توقعات زادت من قلق السكان وتوترهم.

إزاء هذه السيناريوهات خرج مسؤولون بينهم وزير الأمن ورئيس الأركان ومن الجبهة الداخلية لطمأنة السكان بأن إسرائيل مستعدة لكشف ومواجهة الصواريخ خلال هذه الفترة القصيرة.

وفيما التذمر من رؤساء البلديات والسكان للنقص الكبير في الملاجئ والأماكن الامنة، كشف أن جهاز المخابرات العام (الشاباك) أنجز بالتعاون مع جهات أخرى تحضير وتجهيز ملجأ القيادة تحت الأرض في القدس، الذي أقيم قبل سنوات استعدادا لاحتمال هجوم خطير بما في ذلك نووي من قبل إيران.

الملجأ كما ذكر في إسرائيل، سيوجد فيه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والهيئة التي ستتم بلورتها لإدارة الحرب من سياسيين وقيادة الجيش. وستوجد فيها وحدات من الجيش ضمن مهمة التنسيق والتواصل. الملجأ يتواصل عبر نفق مع مختلف الجهات ذات الشأن لإدارة الحرب ويتيح البقاء لفترة طويلة، وهو محصن ضد جميع أنواع الأسلحة المضادة”.

انتظار الهجوم يلحق أضراراً بالاقتصاد

 وبينما التنسيق الأميركي – الإسرائيلي لضمان مواجهة الهجوم واستعدادات الجيش، من جهة، والجبهة الداخلية وقلق السكان، من جهة أخرى، يجلس في تل أبيب مستثمرون لمراقبة الهجوم المتوقع. ويتوقع معظم الخبراء في السوق عدم اشتعال وتصعيد متعدد الجبهات في وقت شهد الشيكل تراجعاً كبيراً أمام العملات الأجنبية.

ونقلت صحيفة “ذي ماركر” الاقتصادية التابعة لصحيفة “هآرتس، عن مديري شركات استثمار في إسرائيل سبل استعدادهم لمختلف السيناريوهات. وأشار بعضهم إلى انخفاض السندات طويلة الأجل بسبب الخوف والتوتر المتصاعد منذ الأول من أمس الأحد ووصل إلى مستوى 4.8 في المئة.

ونقل عن مدير شركة “ليدر” للاستثمار، يونتان كاتس أن انتظار رد إيران و”حزب الله” يجعل شريحة واسعة من المستهلكين يلتزمون بيوتهم. وهو يقدر أن الضرر سيكون بالأساس في استهلاك الخدمات، مثلا، الاستجمام والمطاعم.

 المشكلة حسب قوله أنه “كلما كان الانتظار أطول فإن الضرر في النشاطات الواقعية والاستهلاك الشخصي، ونتيجة لذلك المدخولات من الضرائب، سيكون أكبر. هذا الضرر سيؤثر في مداخيل الدولة والعجز”.

وقال إنه بعد تصفية القائد بـ”قوة القدس” في حرس الثورة الإيراني حسن مهداوي، انتظرت إيران تقريبا أسبوعين إلى أن قامت بمهاجمة إسرائيل بالصواريخ والمسيرات، وربما هذه المرة يطول الانتظار.

 من جهة أخرى يقول كاتس إنه “إذا كان الانتظار قصيراً والهجوم كان قابلاً للاستيعاب، مثلما كان الأمر في هجوم أبريل الماضي فإن الإسرائيليين سيعوضون فترة البقاء في البيوت باستهلاك متزايد”.

وبرأيه ستكون بيانات الاستهلاك، على مستوى الربع أو السنة، أكثر إيجابية مما هي على مستوى الشهر، التي تتعرض للتذبذب بسبب الخوف الأمني. وأشار كاتس إلى أن توقف شركات الطيران الأجنبي من وإلى إسرائيل سيؤدي إلى بقاء المزيد من الإسرائيليين في البلاد وسيستهلكون داخل حدود تل أبيب، الأمر الذي سيسهم في زيادة دخل الدولة”.

من جهته يقول يوني بنينغ، من بنك مزراحي تفحوت، إن مستوى الأسعار الآن في بورصة تل أبيب يعكس توقع سيناريو متوسط أكثر خطورة. وفي مثل هذا السيناريو سيركز هجوم إيران و”حزب الله” على إلحاق الضرر في البنى التحتية وليس المدنيين.

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى