حكومة النظام السوري تطلب الزكاة وتستجدي التبرعات لإعانة الموظفين

سامي جمعة

تروج صفحات مؤيدة للنظام السوري على وسائل التواصل الاجتماعي أخيرا، لمبادرات مغتربين يتبرعون بالمال بغية مساعدة السوريين في الداخل، ولكنّ الغريب في الأمر أن هذه الصفحات تركز على توجيه المساعدات لموظفي القطاع العام ومؤسسات الدولة، وهو ما اعتبره البعض إقرارا من النظام على عجزه عن تأمين الحد الأدنى من المعيشة للمواطنين.

لعل الحالة الاقتصادية التي وصلت بالمواطن السوري تستحضر المثل الشعبي “اتسع الفتق على الراتق”، ففي حين تصنّف الأمم المتحدة سوريا واحدة من الدول التي تعاني أزمة غذائية، وإنّ هناك ملايين السوريين يعانون الجوع ويعيشون تحت خط الفقر، جاءت دراسة محلية أجراها أستاذ كلية الاقتصاد في جامعة دمشق سامر مصطفى، تؤكد أنّ كلفة وجبة الإفطار لعائلة مكونة من 5 أشخاص هي في الحد الأدنى بين 200 حتى 300 ألف ليرة سورية.

كما أكدت تقديرات أستاذ كلية الاقتصاد في جامعة دمشق محمد كوسا كلفة وجبة إفطار لخمسة أشخاص حالياً بالحد الأدنى 150 ألف ليرة سورية، بالقياس لمعدلات الزيادة على أسعار مكوناتها منذ بداية العام 2023 وحتى الشهر الماضي.

وبحسبة بسيطة يتبين أن كلفة وجبة الإفطار لعائلة مكونة من 5 أشخاص على مدار شهر كامل هي 4,500,000 ليرة سورية، في حين يصل الحد الأدنى الرسمي للأجور إلى 279 ألف ليرة سورية، وذلك لا يغطي سوى 5 % من كلفة إفطار العائلة المكونة من 5 أشخاص على مدار شهر.

تبرعات برعاية “رسمية”

في منشور على صفحة “أخبار الاقتصاد السوري” التي تشرف عليها وزارة الصناعة في حكومة النظام، أشادت الصفحة بـ”مغترب سوري” تبرع بأكثر من 500 مليون ليرة للموظفين في مدينة دير عطية بريف دمشق.

واللافت بالموضوع أن التبرعات عادة توزع على كل فئات المجتمع لكن الأولوية اليوم في توزيع الصدقات والمساعدات التي تصل إلى الجمعيات الخيرية، أصبحت للموظفين في القطاع العام وكذلك للعسكريين وللشرطة.

وهذا ما أكده لموقع تلفزيون سوريا أبو أحمد (طلب عدم ذكر اسمه كاملا)، وهو موظف في جمعية ركن الدين الخيرية بدمشق: “وصلتنا توجيهات من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بجعل الأولوية في جداول المستحقين لمساعدات جمعيتنا لكل العاملين والموظفين والمعلمين في ركن الدين وابن النفيس ومساكن برزة، ونفس التوجيه تعمل به كل الجمعيات منذ مطلع العام الحالي”.

وأضاف أبو أحمد أن “الوزارة باتت تشرف من خلال موظف منتدب للجمعية لمتابعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعداد قوائم اسمية بالعاملين الموظفين في كل قطاع تنشط فيه المجمعية”.

ولفت أبو أحمد إلى أن مجلس مدينة دير عطية أرسى مناقصات لرجل الأعمال (عبد المجيد عبد السلام)، على حساب بقية المنافسين، والذي يعتبر من أكبر الداعمين لموظفي القطاع العام في دير عطية ومناطق أخرى في سوريا.

وتتضمن المناقصات التي حصل عليها عبد السلام إعادة إنشاء طرق وبنية تحتية في دير عطية حيث إنه يمتلك شركة مقاولات وإنشاءات.

ومن الآثار الكارثية لهذا النوع من “الرشوة” الخفية -وفقا لأبو أحمد- أنها دفعت الشركات الصغيرة التي توقفت لسنوات عن العمل وحاولت العودة من جديد إلى إعلان إفلاسها وعودة أصحابها إلى الدول التي لجؤوا إليها قبل سنوات.

الصدقة لدعم اقتصاد النظام السوري

في كل مناسبة، يجدد وزير الأوقاف في حكومة النظام، محمد عبد الستار السيد، دعوته لرجال الأعمال وأعضاء غرفتي تجارة وصناعة دمشق، بدعم الاقتصاد المنهار تحت مسمى “الصدقة المؤكدة”، على حد وصفه.

ومطلع شهر رمضان الماضي اجتمع الوزير مع رئيس غرفة تجارة دمشق محمد أبو الهدى اللحام، بحضور أعضاء من غرفة تجارة دمشق وحثهم على “بذل المزيد من العطاء لمساندة موظفي الدولة الذين يجاهدون لبقاء المؤسسات تعمل وتقدم خدماتها في ظل الحصار المطبق على الدولة”.

وقال أحد التجار (طلب عدم ذكر هويته) ممن حضروا الاجتماع في تصريح خاص لموقع تلفزيون سوريا: “للمرة الأولى نسمع هذا الخطاب من النظام وكأنه يقول لنا موظفو الدولة باتوا أيتاما ونحن مسؤولون عنهم لأن المرتبات والأجور لا تسد احتياجاتهم”.

وأضاف المصدر: “نحن بالتأكيد نشعر بألم ومرارة كل رب أسرة لا يمكنه تأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة لأسرته، ولكن من واجب جميع الميسوريين تقديم الدعم لكل محتاج وكل بحسب مقدرته من دون التمييز بين موظف دولة وغيره، بل من باب أولى أن يتم مساعدة كل محتاج دون أي اعتبار”.

وختم المصدر كلامه بالقول: “ينبغي على وزير الأوقاف وغيره أن يسألوا أنفسهم كيف لشخص مثل وسيم الأسد أن يستعرض سيارته الجديدة “ميرسيدس مايباخ اس كلاس” والتي يبلغ ثمنها أكثر من 350 ألف دولار لتضاف إلى أسطول سياراته التي جناها من عائدات تجارة المخدرات بالشراكة مع وكيل حزب الله نوح زعيتر، لكن بالتأكيد لا أحد يجرؤ على الحديث بهذه الموضوعات وتكتفي السلطات بتشليح التجار ما تبقى لديهم من ممتلكات”.

حملات تبرع لأقرباء “الأسد”

الجدير بالذكر أن علي مخلوف ابن رامي مخلوف رجل الأعمال السوري وابن خال رئيس النظام بشار الأسد، أطلق مؤخرا حملة تبرعات على مواقع التواصل الاجتماعي، أثارت جدلاً بين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكتب مخلوف عبر حسابه في إنستغرام تحت عنوان (لا تترك أخاك السوري جوعانا)، “تواصلنا في الآونة الأخيرة مع عدد من المشاهير العرب الذين لديهم عدد كبير من المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي ليتم بالتعاون معهم الإعلان عن حملة تبرعات للمساهمة في إنقاذ الشعب السوري الجائع بالأخص في هذا الشهر الرمضاني المبارك”.

وقال إنه “تم اختيار مجموعة من الشخصيات العربية وبالأخص من الإمارات والسعودية والكويت ومجموعة من السوريين والدول العربية الأخرى”.

وأضاف أن “هذه الحملة في ظل ظروف اقتصادية مزرية تجاوزت خط الفقر ووصلت إلى جوع يهدد وجود السوريين، وكوننا لسنا قادرين على مساعدة من في الداخل السوري بسبب الظروف التي نمر بها فأوجدنا هذه الطريقة للمساعدة وإشراك أكبر عدد ممكن من المساهمين”.

وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد قد أصدر، في 5 من شباط الماضي، مرسومين تشريعيين ينصان على زيادة الرواتب والأجور لكل من العاملين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين في القطاعين العام والخاص، بنسبة 50%، تزامناً مع رفع أسعار الخبز بنسبة 100% والمحروقات بنسب متفاوتة.

وأفادت دراسة أعدتها صحيفة “قاسيون” المحلية، بأنّ الحد الأدنى الجديد للأجور لا يغطي سوى 2.3% من متوسط كلفة المعيشة للأسرة السورية.

المصدر: موقع تلفزيون سوريا

تعليق واحد

  1. بعد فرض الأتاوات على التجار والصناعيين من قبل نظام طاغية الشام، بدأت بإستجداء المهاجرين السوريين للزكاء والصدقات، نظام قدم ثروات الوطن للمحتلين الروسي وملالي طهران لحمايته وكذلك تحت تصرف حاشيته لحمايته أيضاً، نظام طاغية مستبد ملك الكوبتاجون وزعيم الإرهابيين.

زر الذهاب إلى الأعلى