أحيا الآشوريون في سورية الاثنين، كما هي الحال في الأول من إبريل/ نيسان من كلّ عام، عيد أكيتو أو رأس السنة الآشورية البابلية الذي يُعَدّ أقدم أعياد البشرية الموثّقة. وهذا العيد الذي يحلّ بالتزامن مع الاعتدال الربيعي، يرمز إلى التجدّد والخصب والطبيعة والفرح. وتشير المراجع التاريخية إلى أنّ أصل عيد أكيتو يعود إلى احتفال مرتبط بالزراعة في فصل الربيع، عند الآشوريين والكلدان والسريان الذين ما زالوا يتمسّكون بتقاليد الحضارات القديمة؛ البابلية والسومرية والأكادية والكلدانية. يُذكر أنّ الشعوب القديمة في منطقة بلاد الرافدَين وسورية اعتادت الاحتفالات الخاصة بالزرع والحصاد وفقاً لدورة الحياة في الطبيعة.
بشير سعدي من الآشوريين المحتفلين اليوم بعيد أكيتو في سورية، يحكي لـ”العربي الجديد” عن العيد والاحتفالات التي ترافقه في ريف محافظة الحسكة شمال شرقي البلاد. ويوضح أنّ “شعبنا في الوطن والمهجر يحتفل بهذا العيد القومي”، مؤكداً أنّ ذلك يستمرّ “منذ آلاف السنين”. وبدأ ذلك قبل 6774 عاماً، الأمر الذي يدلّ بحسب سعدي على “تجذّر هذا الشعب في التاريخ… هذا الشعب الذي بنى الحضارة في سومر وأكاد وآشور وبابل وآرام”.
يضيف سعدي أنّ “شعبنا الباقي في الوطن وكذلك الموجود في المهجر يعدّ أكيتو عيداً للأمل والتجدد والخصوبة والمستقبل الأفضل بالعدل والمساواة للشعوب كلها”. ويشير كذلك إلى “وطن سوري قائم على أساس العدل وحقوق الإنسان والحقوق القومية للسريان وكلّ المكوّنات”. وفي مرحلة سابقة، عمد النظام السوري إلى حظر الاحتفال بعيد أكيتو، بحسب ما يقول سعدي الذي يشير إلى أنّ “شعبنا كان يحتفل بالعيد بعيداً عن أنظار الأمن”، لكنّ الأمر تغيّر في السنوات الأخيرة. ويرى أنّه “لا بدّ من أن يصير أكيتو عيداً وطنياً في سورية إلى جانب عيد النوروز”، وأملاً بـ”الخير في المستقبل لتحقيق الحرية والكرامة للسوريين”.
واليوم، مع مرور الزمن، وتلاشي الأساطير المرتبطة بالشعوب القديمة، لم يبقَ من طقوس عيد أكيتو أو رأس السنة الآشورية البابلية سوى تقليد الخروج إلى الطبيعة وتشارك الطعام بين المحتفلين وسط أجواء من الفرح.
وتقول سميرة عيسى من لجنة المرأة الآشورية لـ”العربي الجديد”: “نحن نحتفل بعيد رأس السنة الآشورية البابلية في قرية غرشيران هذا العام. وأنا بدأت تحضيرات لهذه المناسبة منذ يوم أمس”، لافتةً إلى أهمية اللباس الفولكلوري في هذه المناسبة، إذ إنّ “هذا اللباس هو من صلب هويتنا وحضارتنا”. كذلك شملت تحضيرات عيسى “الطعام والأغراض الضرورية لرحلة اليوم إلى الطبيعة”. وتتحدّث المرأة كذلك عن صيام عيد أكيتو يتطلّب طعاماً خاصاً، وتتمنّى أن تكون “السنة الجديدة مختلفة ويحمل العيد الفرح لبلدنا سورية”.
في سياق متصل، يفيد مدير مكتب العلاقات في المنظمة الآشورية غابرييل موشيه “العربي الجديد” بأنّ عدد السريان الآشوريين في منطقة شمال شرقي سورية يُقدَّر راهناً بنحو 45 ألف شخص، فيما يُقدَّر عددهم في عموم سورية بنحو 150 ألف شخص. ويبيّن أنّ “هذا العيد الذي نحتفل به اليوم يرمز إلى تجدّد الطبيعة مثلما يرمز إلى الخصب. وهو من أعرق الأعياد وأقدمها، ونحن نحتفل به هنا منذ ستينيات القرن الماضي، في ظلّ تضييق من النظام السوري. وعيدنا هذا يشير إلينا بوصفنا شعباً ويؤكد حقوقنا”.
من جهتها، تشارك ميلاد غورغيس في احتفالات اليوم بعيد أكيتو في سورية. تقول لـ”العربي الجديد”: “حضرنا للاحتفال بعيد رأس السنة الآشورية الذي يثبت استمرارية حضارتنا”. تضيف أنّ “الأعداد كثيرة في الاحتفال، وهي رسالة تفيد بوجودنا واستمراريتنا من خلال إحياء تراث الأجداد وثقافتهم. ومشاركة الشباب في هذا اليوم رسالة كذلك، وهي تؤكد لمن هم في خارج البلاد أنّ الحياة مستمرّة هنا”.
ويحتفل الأكاديون والعموريون والكلدان والسريان والآشوريون في سورية والعراق بعيد أكيتو منذ ما قبل الميلاد، وقد تمسكت الطوائف المسيحية المعنية به في سورية بالاحتفال بهذا العيد الذي يستمرّ لمدّة 12 يوماً، ابتداءً من رأس السنة الآشورية والبابلية في الأوّل من إبريل.
المصدر: العربي الجديد
كل عام وانتم بالف خير لرأس السنة الآشورية البابلية الذي تعَدّ أقدم أعياد البشرية الموثّقة “عيد أكيتو” تنوع أطياف الشعب السوري عامل ايجابي يحقق التنوع والتفاعل الحضاري وليس عامل تفرقة ، ويحتفل الأكاديون والعموريون والكلدان والسريان والآشوريون في سورية والعراق بعيد أكيتو منذ ما قبل الميلاد.