في الأرض الغريبة الباردة استقر جسد الدكتور يوسف سلامه لكن روحه ستبقي تطوف فوق وطنه فلسطين وسوريا.
هل كنا نتخيل يوما أننا سنكتفي برؤية أحبتنا عبر شاشات التلفونات دون آن نلمس جلدهم عندما نصافحهم، ولا أن نشم رائحتهم عندما نقبلهم. هل كنا نتخيل يوما أننا كي ندفن أحبتنا سنحتاج إلى تأشيرات دخول، على الأغلب لن نحصل عليها، وإذا حصلنا عليها سنركب الطائرات كي نجتمع ونرافقهم إلى مقابر غريبة بعيدا عن أرضنا ووطننا. ما هذا الظلم الذي يقتلع جذورك من وطنك الأول فلسطين ثم وطنك الثاني سوريا لتبدأ من جديد، لتصنع لك شبه حياة. حياة خالية من الأصوات التي ألفتها والأماكن التي تسكن حتى لعيوبها. ربما لا يصح أن نسميها حياة بل هي مجرد يوميات.
يوميات الدكتور يوسف في غربته تشهد على صلابة روحه التي لم تنكسر، وجذوة عطائه التي لم تنضب، بقي عقله الوقاد يناضل من أجل النور والمعرفة، من أجل الحرية والكرامة. الاحتلال والاستبداد كانا خصميه اللذان ناضل ضدهما بفكره وكلمته، ولم يستطيعا هزيمة قلبه ولا إطفاء عقله، لكن في خضم هذه المعركة لم يلتفت يوسف إلى الخصم الثالث الذي تسلل بغفلة منه ليضع نهاية لحياته.
لقد انتصر السرطان ورحلت يا دكتور يوسف بعد أن تركت أعظم الأثر في جامعة دمشق، حيث سيتذكرك طلابك وأصدقاؤك لأنك كنت من القامات التي أعطت لهذه الجامعة العريقة مكانتها وقيمتها، وكنت من العقول التي رفعت شأن الفكر والمعرفة. بعدها في منفاك لم تستسلم وبدأت من جديد لتترك أثرا عظيما في عالم الكتابة المتخصصة من خلال مجلة قلمون.
أما بالنسبة لنا كعائلة ونحن نودعك إلى مثواك الأخير في الأرض الغريبة الباردة، فإننا نشعر بالحزن والألم لأننا سنفتقدك كثيرا. سنفتقد لطفك وصبرك وصدقك ونبلك ورجاحة رأيك وسعة قلبك ورقي مشاعرك.
في الأرض الغريبة سنودع جسدك يا يوسف ونسأل الله أن يتغمدك برحمته، ولكن روحك ستبقي معنا، وذكراك سترافقنا في حلنا وترحالنا مهما خبأت لنا الأقدار، ومهما أبدت لنا الأيام ما كنا به جاهلين.
المصدر: صفحة جمال سليمان
رحيل الدكتور يوسف سلامه الفلسطيني السوري ، في دول اللجوء بعد صراع مع المرض ، رحل ولكن روحه ستبقي تطوف فوق وطنه فلسطين وسوريا.نسأل الله أن يتغمده برحمته