تلميحات إسرائيلية بضوء أخضر مصري للتقدّم نحو رفح.. وتحفّظ أمريكي معلن من احتلالها

وديع عواودة

بعد أقوال وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، ، بأن جيش الاحتلال يشارف على حسم المعركة في خان يونس، وتعهد التقدم للمعقل الأخير- رفح- سارعت الخارجية الأمريكية للتحذير من مغبة ذلك، وسط تلميح إسرائيلي بأن مصر لم تعد تعارض ذلك.

في المؤتمر الصحفي كرر غالانت تهديدات وشعارات أطلقها قبل شهرين وأكثر، فقال مجدّداً إن قوات الاحتلال توشك على حسم “حماس”، احتلال خان يونس، والتقدّم نحو رفح بعد أسبوع، أسبوعين، زاعماً أنها توشك على إلقاء القبض على السنوار “الهارب والفاقد للاتصال مع العالم الخارجي بسبب تحركه الدائم”.

وحينما سُئل من قبل مراسلة الشؤون العسكرية في الإذاعة العبرية العامة كرميلا ميناشيه عن موقف مصر من “التقدم الوشيك نحو رفح والمنطقة الحدودية مع سيناء”، ألمحَ غالانت لوجود تفاهم مع مصر حول ذلك، وقال: “نحن نتقدّم لرفح”.

من جانبه، قال الناطق بلسان الخارجية الأمريكية إن واشنطن تتحفّظ من تصريح غالانت، وتحذّر منها، كون رفح قنال مواصلات، وقنال مساعدات حيوياً، ويجب أن يؤخذ ذلك بالحسبان، وكذلك حماية المدنيين، حيث هناك مليون لاجئ متكدّسين. وتابع: “كل عملية عسكرية يجب أن تأخذ ذلك بالحسبان”.

وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قد سبق غالانت بساعات في تصريحات تتناقض لحدّ معين مع أقوال وزير الأمن، قال فيها، تزامناً مع مداولات صفقة جديدة، إن إسرائيل ستقتل قادة “حماس” خلال شهور، وليس سنوات”، وهذا يبعث على السؤال: إذا كانت قوات الاحتلال قريبة جداً من حسم المعركة في خان يونس، والتقدّم لاحتلال رفح، فلماذا تستغرق قتل القيادات شهوراً!

مثلما تعكس تصريحات نتنياهو حقيقة موقفه من استعادة المحتجزين الذين يعتبرهم من الأهداف الثلاثة العليا المعلنة للحرب. إذا كانت النية فعلاً استعادة المحتجزين ضمن صفقة، فكيف يستوي ذلك مع إطلاق التهديدات بقتل قادة “حماس” وهم يملكون القرار الآن حول مصير هؤلاء المحتجزين؟ وأي رسالة يبعث لهم حينما يقول لهم فلنتوصل لصفقة وبعدها فوراً سأقوم بقتلكم؟

تمهيد الشارع الإسرائيلي

من جهته، يقرأ وزير الأمن السابق موشيه ياعلون، المناوئ لحكومة الاحتلال الحالية تصريحات نتنياهو على أنها محاولة لتهيئة الشارع الإسرائيلي بأنه تنازل عن المحتجزين، وبالنسبة له هم “كبش فداء”.

في حديث للإذاعة العبرية العامة، حَمَلَ ياعلون بشدّة على نتنياهو وحكومته، وقال إنه يمهّد ويعدّ الشارع الإسرائيلي للحقيقة السوداء، بأنه تنازل عن المخطوفين في غزة.

ورداً على سؤال “هل نستعيد المخطوفين بكل ثمن” قال ياعلون: “علينا استعادة المخطوفين، ولدينا وقت طويل للعودة للقتال، واستكمال المهمة”.

وأجاب ياعلون عن سؤال حول رفح بأنه إذا كانت هناك حاجة عسكرية عملياتية فعلاً، يمكن إيجاد حلول، كإخلاء قسم من اللاجئين.

يشار إلى أن تسريبات إسرائيلية، بثّتها الإذاعة العبرية العامة اليوم، تشير لوجود مخطط إسرائيلي بنقل قسم من اللاجئين في رفح لشمال القطاع خاصة النساء والأطفال والشيوخ.

ويرى ياعلون أن تصريحات غالانت، أمس، حول احتمال إنهاء القتال في خان يونس، بعد نحو الأسبوع، والتقدّم بعد ذلك نحو رفح، تستبطن رسالة للمستوى السياسي الإسرائيلي، وربما للإسرائيليين، بضرورة البحث في اليوم التالي.

وتابع: “الجيش موجود في قلب القطاع، منذ أربعة شهور، مقابل ما يشبه حرب عصابات طويلة، ولم يتم ترسيم ملامح اليوم التالي، وسط رفضٍ لصفقة واسعة تشمل تطبيعاً مع السعودية، وتسوية للقضية الفلسطينية، وهذه فضيحة. عندما يتحدث غالانت عن التقدم الوشيك نحو رفح هو يقول إننا نقترب من تفكيك هياكل قوات “حماس”، فماذا بعد؟ متى نحدّد اليوم التالي؟”.

على خلفية كل ذلك، وجّهَ ياعلون انتقادات صريحة، للمرة الأولى، لغانتس وآيزنكوت، وقال إنهما يشكّلان ورقةَ تين لحكومة غيبية غريبة الأطوار، فحتى الآن لم يتخذ الكابنيت قراراً حول خط النهاية، وهذه فضيحة”.

ثلاث مشاكل في رفح

من جهته، يتكاتب المحاضر في الشؤون الفلسطينية في جامعة تل أبيب الجنرال في الاحتياط دكتور ميخائيل ميليشتاين مع انتقادات ياعلون وتحفظاته، ويقول إن غالانت، بحديثه عن حسم المعركة في خان يونس، يقدّم صورةً مغايرة عما هو موجود في الجانب الفلسطيني.

في حديثه اليومي مع الإذاعة العبرية العامة، قال ميليشتاين، صباح اليوم، إنه من غير المستبعد أن السنوار يرى صورة مختلفة وهو يرى عودة “حماس” لشمال القطاع.

ورداً على سؤال حول رفح، وحقيقة موقف مصر، وتلميحات غالانت حولها، قال ميليشتاين: “تنطوي رفح على تغيير إستراتيجي في هذه الحرب،

ولكن المشكلة الكبرى ليست فقط العدد الكبير جداً من اللاجئين المتكدّسين في رفح، بل مصر، وعلينا فعل كل شيء من أجل إقناعها بمنحنا ضوءاً أخضر سريعاً للتقدم نحو رفح.

والمشكلة الثالثة أننا لا نستطيع فعل ما فعلناه في الشمال في رفح، ففيها، وفي محور فيلادلفيا الحدودي مع سيناء، علينا البقاء، وإلا ماذا فعلنا، فهذا قنال تهريب سلاح وعتاد لـ حماس؟”.

قطر ليست وسيطاً محايداً

وبشأن الصفقة، قال ميليشتاين إنها “عالقة لأكثر من سبب، ومنها حقيقة كون قطر جزءاً من المشكلة، لا من الحل، فهي تدير المفاوضات كطرف معني لصالح حماس”.

ويضيف: “عندما نتحدث معهم عن تدمير حماس يرفضون الفكرة بالمطلق. قطر وحماس لهما مصالح متطابقة”.

ولكن هذا يسهل على المفاوضات كونها قادرة على تمثيل حماس؟

“هذا صحيح  للوهلة الأولى فقط، فقطر تمثّل “حماس”، ولكنها طرفٌ معنيّ، ترفض جلاء قادتها مثلاً. وبشأن مصر، هناك مؤشرات معينة على تغيّر في موقفها من تقدّمنا نحو رفح، لكنه مرتبط بتصورها لليوم التالي، فالمصريون معنيون بعودة السلطة الفلسطينية للقطاع، بخلاف قطر”.

“حماس” لم تحسم

وفي ظل تصريحات غالانت العالية، تتزايد الانتقادات غير الرسمية في إسرائيل عن انتظار دولة بكاملها لما سيقوله السنوار، وبعد أربعة شهور من حرب مدمرة على غزة، وهذا ما ينعكس في عنوان صحيفة “معاريف”: “دولة في حالة انتظار”.

وفيما ذهبت صحيفة “يديعوت أحرونوت” للقول إن “حماس” لم ترد بعد على الصفقة المقترحة، والوسطاء يواصلون تقليص الفجوات في المواقف، توضح “هآرتس” أن الفجوات في الطريق لصفقة ما زالت كبيرة، وإسرائيل و”حماس” لا تسارعان.

ويرى محللها العسكري عاموس هارئيل أن “التفاؤل بتحقيق صفقة جديدة كان مبكراً ومبالغاً به، وأن التسريبات القادمة من جهة “حماس” اليوم غير مشجعة: ما زالت تشترط انسحاباً كاملاً من القطاع، ومن غير الواضح بعد إنْ كان شرطاً مطلقاً، أم المطلوب انسحاب تدريجي خلال تطبيق الصفقة”.

ويضيف: “في المقابل؛ هناك احتمال آخر: هناك فرصة للوسطاء للعمل من أجل صفقة في ظلّ تقدّم القوات في خان يونس. بعد توغّل بطيء وحذر هناك مؤشرات على تغيير معين في حراك الجيش”.

هارئيل، المقرّب من قيادة المؤسسة الأمنية، يضمّن مقاله رسالة منها حول رغبتها بالبحث عن مخرج: “حالياً حماس تخسر عدداً كبيراً من مقاتليها في شمال القطاع، حيث تحاول إعادة بناء منظوماتها، لكن، ورغم استمرار الضغط العسكري، قادة الجيش يؤكدون أنه لن تكون هناك مشكلة في وقف قواته حتى لزمن طويل نسبياً، وفيه يمكن استغلال الهدنة لإعادة ترتيب صفوفه من أجل احتمال تجديد القتال. مع ذلك هنا يكمن خلل ذهني معين. حماس لم تحسم في القطاع، ومحاولاتها إعادة سيطرتها في الشمال تدلّل على ذلك”.

 

المصدر: “القدس العربي”

تعليق واحد

  1. الكيان الصhيوني بحربه القذرة على غزة وتجاوزه لقرار محكمة العدل الدولية ولكافة المواثيق الأممية وموقف الرأي العام الدولي وخلاف لما هو على الأرض يعتبر بأنه أنهي تمشيط القطاع وتبقى فقط رفح ، وإنه بصدد التقدم للمعقل الأخير- رفح- لتسارع الخارجية الأمريكية للتحذير من مغبة ذلك، وسط تلميح إSرائيلي بأن مصر لم تعد تعارض ذلك ، إنه العهر السياسي بإمتياز .

زر الذهاب إلى الأعلى