نقل نصف الجيش إلى جبهة لبنان وتحدى واشنطن بعدم مغادرة القطاع ومتخصص يطالبه بـ”الاختفاء التام”
صعد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، حدة الخلافات مع الولايات المتحدة على أكثر من جبهة، بعدما عرقل تنفيذ صفقة أسرى كانت تشمل ستة من حاملي الجنسية الأميركية وتسعة من حاملي جنسيات أخرى، ووضع عقبات أمام صفقة جديدة تشمل النساء والأسرى.
وبينما دعت الولايات المتحدة إلى عدم الدخول إلى حرب مع لبنان وتوسيع حرب غزة إلى حرب إقليمية تشارك فيها إيران، كثف نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، تهديداتهما تجاه بيروت وجرى نقل 50 في المئة من القوات العسكرية إلى الجبهة الشمالية، في وقت اعتبرت جهات عسكرية وأمنية في إسرائيل أن خطابي الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله يؤكدان أن الحزب لا يريد الدخول في حرب.
أما المطلب الأميركي، بضرورة سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة في اليوم الذي يلي حرب إسرائيل و”حماس”، خرج نتنياهو في تصريحات مناقضة معلناً إعادة السيطرة الأمنية لتل أبيب على القطاع وعدم تولي السلطة السيطرة هناك، وهو أمر استدعى الولايات المتحدة إلى توجيه طلب لتوضيح هذا الموقف.
وسط هذه الأجواء، يصل مسؤول الشرق الأوسط في البيت الأبيض بريت ماكغورك إلى إسرائيل، بعد غد الثلاثاء، ليناقش مع نتنياهو وغالانت ومسؤولين كبار آخرين الحرب في غزة والمفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق محتمل يطلق بموجبه سراح عشرات النساء والأطفال.
ووصلت المفاوضات بالفعل إلى مرحلة متقدمة، وفق الإسرائيليين، وبموجبها سيفرج عن 80 أسيراً لدى “حماس من الأطفال والنساء مقابل الإفراج عن النساء والأطفال الأسرى الأمنيين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
التحدي المستقبلي
في مؤتمر صحافي عقده نتنياهو وغالانت وعضو الكابينت الحربي، بيني غانتس، ليلة أمس السبت، لفت رئيس الحكومة ووزير دفاعه الأنظار إلى الجبهة الشمالية وملف الأسرى وسط معلومات حول صعوبة وخطورة المعارك في غزة وسقوط سبعة جنود إسرائيليين، في الأقل.
نتنياهو هدد لبنان و”حزب الله”، واعتبر أن الهدف الآني لإسرائيل هو عدم السماح بتكرار سيناريو السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عند الحدود الشمالية والعمل على القضاء على قوات الرضوان، وهو هدف لم يضعه “بيبي” منذ بدء الحرب، ويأتي بما يتناقض مع المطلب الأميركي بتخفيف اشتعال النيران تجاه لبنان خشية الدخول إلى حرب إقليمية تشارك فيها إيران.
ويدعم نتنياهو في هذا الموقف داخل الكابينت الحربي، يوآف غالانت، الذي كرر تهديداته للبنان وتحويل بيروت إلى غزة جديدة، قائلاً “سنعرف كيف نفعل في بيروت ما فعلناه ونفعله في غزة، وإذا ارتكب حزب الله خطأ فسيدفع اللبنانيون الثمن”.
وعندما سأله صحافي حول الخطأ الذي إن ارتكبه “حزب الله” سيصل الجيش الإسرائيلي إلى بيروت، في وقت يؤكد الإسرائيليون أنفسهم أن الحزب اللبناني لا يريد الحرب، حاول غالانت التنصل من الرد واكتفى بالقول “عندما تجدنا في قلب بيروت، اعلم أنه ارتكب خطأ”.
وفي سياق حديثه، قال إن “قواتنا مستعدة للمهمة. القوة البشرية كبيرة ويتطلب الأمر جهداً كبيراً. كل يوم يتكبد حزب الله خسائر فادحة. وعلى اللبنانيين أن يعلموا أن نصر الله إذا أخطأ فإن مصير بيروت سيكون مثل مصير غزة”.
صفقة تتطلب وقتاً
وفي وقت كان يتحدث الإسرائيليون عن إمكانية تنفيذ صفقة أسرى حتى مطلع الأسبوع، كشفت جهات عن عرقلتها من قبل الإسرائيليين لوضعهم عديداً من الشروط بمضمونها وكيفية تنفيذها، وفي مركز المطلب الإسرائيلي عدم اقتصار أي صفقة على حملة الجنسيات الأجنبية وضمان عودة، أولاً، النساء والأطفال والمسنين، كما طلب نتنياهو عدم تنفيذها بعد الإعلان عن وقف لإطلاق لنار لأيام عدة، إنما يكون وقف إطلاق النار في الوقت الذي يفرج فيه عن الأسرى ثم تستأنف تل أبيب عملياتها حتى لا يتاح لـ”حماس” تجديد حاجاتها وتنظيمها للمعارك.
نتنياهو من جهته رفض الحديث عما تشمله المفاوضات حول الأسرى قائلاً “نرتكب خطأ جوهرياً واحداً، الحديث هنا عن شروط إطلاق سراح المختطفين، هذا خطأ فادح. إذا تحدثنا هنا فسنكشف الأوراق. نحن لا ولن نفعل ذلك. سنفعل ما هو ضروري لإعادتهم بالعقل والتصميم، والعقل يقول لا تتحدثوا عن ذلك هنا، وما يمكن تأكيده أنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار دون إطلاق سراح المختطفين”.
من جهة أخرى، قال مسؤول سياسي مطلع على تفاصيل الصفقة، “لا توجد ملخصات ولا صفقة مغلقة، هناك مفاوضات حول القضية منذ أيام طويلة، ولا تزال مستمرة”. وأضاف المصدر “في إسرائيل يحاولون استنفاد كل فرصة لتحرير المختطفين”.
وكان اجتماع ثلاثي بين رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز، ورئيس الموساد ديفيد برنياع ورئيس الحكومة القطرية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني عقد في الدوحة، بهدف التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الأسرى ووقف موقت لإطلاق النار في قطاع غزة”.
وقال المسؤول الإسرائيلي إنه “لا يوجد حتى الآن أي اقتراح ملموس على الطاولة كما أن الحديث لا يجري عن أيام قليلة”، كما أكد الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، دانيال هجري، أن بلورة الصفقة هي عملية معقدة وتستغرق وقتاً.
من جهتها، تطالب إسرائيل بضمانات مقابل صفقة أسرى مع “حماس” ويتضمن مطلبها تنفيذ صفقة تدريجية، أي إطلاق الأسرى على دفعات تتزامن مع الأيام التي سيوقف خلالها إطلاق النار، والتبرير لهذا المطلب هو منع وضع تحصل فيه الحركة الفلسطينية على بضعة أيام من الهدنة، وتتراجع في اللحظة الأخيرة، كما يخشى الإسرائيليون من استغلال وقف إطلاق النار.
لا مكان للسلطة الفلسطينية
خلافاً لتصريحاته السابقة ولمطلب الولايات المتحدة بضرورة عدم وجود إسرائيلي في غزة في الوقت الذي يلي الحرب الدائرة وتسليم زمام الأمور للسلطة الفلسطينية بعد “حماس”، أدخل بنيامين نتنياهو تل أبيب في خلافات جديدة مع واشنطن، بعد الخلاف حول الأسرى، وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي أن بلاده ستضمن سيطرتها الأمنية في غزة ولن تسمح للسلطة الفلسطينية بتسلم زمام الأمور.
وفي أعقاب هذه التصريحات، ووفق ما نشرت القناة الإسرائيلية السابعة، اتصل صباح اليوم الأحد، مسؤولون في الإدارة الأميركية وطالبوا بتوضيحات في شأن تصريح نتنياهو حول مواصلة سيطرة تل أبيب على الأمن في قطاع غزة بعد الحرب. وبحسب القناة الإسرائيلية تحاول الإدارة فهم معنى السيطرة الأمنية وكيف ستؤثر في السلوك بغزة في اليوم التالي.
يشار إلى أن نتنياهو أعلن أن اليوم التالي للحرب “لن يكون إلا بعد القضاء على حماس. بعدها ستكون غزة منزوعة السلاح ولن يكون هناك أي تهديد لدولة إسرائيل وسيواصل الجيش السيطرة على الأمن في قطاع غزة لمنع خروج الإرهاب منه”، وفق نتنياهو الذي حاول تبرير موقفه هذا بالقول “أثبت يوم السابع من أكتوبر أنه حيثما لا توجد سيطرة أمنية إسرائيلية، يعود الإرهاب ويستقر ويضربنا. وهذا ما ثبت أيضاً في الضفة الغربية، ولذلك لن أوافق على التنازل عن السيطرة الأمنية تحت أي ظرف من الظروف”.
وحول موقفه الرافض لوجود السلطة الفلسطينية قال نتنياهو “لن تكون هناك سلطة فلسطينية تعلم أبناءها كراهية إسرائيل أو قتل الإسرائيليين. لا يمكن أن تكون هناك سلطة تدفع المال لعائلات القتلة. لن تكون هناك سلطة لم يدن رئيسها المجزرة بعد، ولكن في كل الأحوال سيخضع قطاع غزة لسيطرتنا الأمنية، وأنا أصر على ذلك ولا أنوي التنازل”.
حديث نتنياهو هذا أثار ردود فعل إسرائيلية رافضة ومحذرة من تداعيات تدهور العلاقة مع واشنطن، واعتبر المتخصص في شؤون العلاقات الإسرائيلية – الفلسطينية شمعون شيفر، السيطرة الأمنية على القطاع بمثابة الغوص من جديد في وحل غزة، ودعا أصحاب القرار للسعي إلى حل بعد الحرب يضمن عودة الإسرائيليين إلى بيوتهم في الشمال وفي الجنوب، كما دعا نتنياهو إلى الاختفاء عن نظر الناس.
وقال شيفر، “مطلوب من أصحاب القرار السعي إلى حل يضمن عودة الإسرائيليين إلى بيوتهم في الشمال وفي الجنوب، ليس حزاماً أمنياً، وليس احتواء لاستمرار التسلح والتهديد من جانب حزب الله ومن جانب أولئك الذين سيحلون محل حماس، لكن قبل أن نصل إلى اليوم التالي، مسموح أن نطالب نتنياهو، المسؤول بشكل حصري عن المصيبة التي شهدناها ولن تجديه هو وعصبته بيانات السم التي ينشرونها في الشبكات الاجتماعية، أن يختفي عن عيون الجمهور، اليوم، وليس في اليوم التالي. إذا لم يفعل هذا، فإن صور الوحدة اليوم ستستبدل بصور ثورة شعبية لم يسبق أن شهدناها. على نتنياهو أن يرحل وأن يضم إليه كل جوقة حكومته اليمينية”.
وفي سياق حديث تطرق شيفر إلى سفير إسرائيل في الأمم المتحدة، جلعاد أردان قائلاً “أما أردان فلن نغفر له لاستخدامه الشارة الصفراء التي ألصقها على صدره في مجلس الأمن للأمم المتحدة. لقد فكرت بوالدي سارة ومردخاي اللذين سارا إلى معسكرات الإبادة مع الشارة الصفراء. وهو لا يزال يحلم بأن يحل محل نتنياهو. هو أيضاً يجب أن يرحل”.
المصدر: اندبندنت عربية
رئيس الوزراء الصه يوني يمارس لذة الانتصار المبكر ويضع الشروط التي تنجيه من أي مسائلة مستقبلية ويتحدى كل التحذيرات للانغماس بأوحال غزة وتنفيذ صفقات تبادل لمحتجزين حاملي جنسيات مزدوجة والقبول بسلطة رام الله بغزة بعد اندحار “حماس” إنها أحلام الانتصار ونحن باليوم الـ 39 للحرب ولم يتحقق سوى التدمير والقتل والتهجير وبدون سيطرة .