ألمح وزير الدفاع إلى استعداده لترك منصبه في حال تم التوصل إلى حكومة وحدة وطنية من دون سموتريتش وبن غفير.
بعد فشله في إقناع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بتجميد أو تأجيل تنفيذ التشريعات التي تتعلق بـ”التعديلات القضائية” في الكنيست لخطورة تداعياتها، اتجه وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية تضمن عدم استمرار تدهور الوضع الذي تشهده إسرائيل وبات يقترب من الدخول بحرب أهلية خطرة، سيكون من الصعب السيطرة عليها، وفق ما أكد مسؤولون سياسيون وأمنيون إسرائيليون.
استطلاعات الرأي الأخيرة التي تشير إلى فروقات بسيطة بين شعبية نتنياهو ومنافسه وزير الأمن السابق بيني غانتس جعلت الأخير عنواناً لحل المأزق الذي تعيشه إسرائيل من خلال قبوله الدخول إلى الحكومة إلى جانب نتنياهو من دون الوزيرين المتطرفين، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير.
وسبق وألمح غانتس إلى استعداده لتقديم تنازلات للحفاظ على وحدة إسرائيل، مبدياً قبوله بالدخول في حكومة وحدة وطنية، وتصاعدت الأصوات الداعية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، لا سيما أيضاً في ظل التحذيرات المستمرة والمقلقة من وضعية الجيش الإسرائيلي بعد اتساع عدد رافضي الخدمة.
وجاءت جهود غالانت لمواجهة خطر تدهور الأوضاع في إسرائيل بعدما حمّلته أكثر من جهة مسؤولية ما يحصل داخل الجيش كوزير للدفاع، أسوة برئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي، فدفع بفكرة تشيكل حكومة وحدة وطنية بمشاركة بيني غانتس ويائير لبيد ومن دون سموتريتش وبن غفير، في وقت خرج وزير الزراعة آفي ديختر بحملة تحريض غير مسبوقة من قبل شخصية سياسية قيادية في حزب الليكود الحاكم ضد وزيري المالية والأمن الوطني، فقال إنهما “غوغائيان يهددان الدولة بتشريعات متطرفة”.
وضعونا على برج “بيزا” المائل
وضمن تلخيصه للقاء الذي جمعه بقائد القيادة العامة للجيش الأميركي الجنرال مايكل كوريلا، وتطرقا فيه إلى الوضع الأمني في إسرائيل والمنطقة، أعرب غالانت عن قلقه من خطورة الوضع الذي تشهده إسرائيل لجهة الاحتجاجات والفوضى وتداعيات خطة الإصلاح القضائي.
ووفق ما نقل مقربون منه، همس غالانت في أذن ضيفه الأميركي محرضاً على أحزاب الائتلاف الحكومي وسياستهم اليمينية المتطرفة، موضحاً أن إسرائيل كلها متجهة نحو اليمين حتى أحزاب المركز، وقال “هناك أشخاص يعتقدون بأنهم يتسلقون برج إيفل، لكنهم في الحقيقة وضعونا جميعاً على برج بيزا المائل”.
وألمح غالانت إلى استعداده لترك منصبه كوزير للدفاع في حال تم التوصل إلى حكومة وحدة وطنية من دون سموتريتش وبن غفير، وأضاف أن “الوضع الذي تشهده إسرائيل من مختلف النواحي، الأمنية والصحية والقضائية والعلاقات مع الإدارة الأميركية وحملة الاحتجاجات المستمرة والمتزايدة، يتطلب وبأسرع وقت ممكن تشكيل حكومة وحدة وطنية”.
وكان غالانت أوضح أمام وزير القضاء ياريف ليفين أن المشكلة الكبرى هي “ما وصلنا إليه بسبب خطة الإصلاح القضائي. لقد وصلنا إلى وضع خطر وغير مسبوق في وقت نحن بحاجة إلى مواجهة إيران والوضع الاقتصادي والتهديدات الأمنية”.
واعتبر الوزير غالانت المصادقة على قانون “إلغاء حجة المعقولية” خطوة في غاية الخطورة وضعت إسرائيل عند مفترق طرق خطر.
وخلال طرحه اقتراح حكومة وحدة وطنية، شن غالانت هجومه على ضباط سلاح الجو والطيارين الذين أعلنوا وقف خدمتهم العسكرية وحذرهم من تداعيات قراراتهم، قائلاً “قراركم يشكل تهديداً لاستعداد الجيش وجاهزيته لمواجهة أي خطر”.
من جهته تحدث الوزير آفي ديختر بغضب وعصبية حول الوضع الذي آلت إليه إسرائيل وحمّل طرفي النزاع المسؤولية، من جهة اليمين الداعم لخطة الإصلاح القضائي، ومن جهة أخرى قادة حملة الاحتجاج، واعتبر الطرفين “غوغائيين يقودان إسرائيل إلى الهاوية. إنهما يريدان تفجير الأوضاع وعلى العقلاء من الجانبين مواجهة هذا التحدي”.
“لا شرعية لبقاء نتنياهو”
وشكل اقتراح غالانت المدعوم من عدد من نواب حزب “الليكود” في الكنيست، بارقة أمل لكثيرين ممن يعارضون خطة الإصلاح القضائي ويتخوفون من دخول إسرائيل في حرب أهلية حقيقية، لكن جهات عدة تجد في أي اتفاق يبقي نتنياهو في الحكومة، اتفاقاً غير شرعي بسبب لوائح الاتهام الموجهة ضده، كما أن هناك من يحمّله مسؤولية الوضع الذي تعيشه إسرائيل اليوم.
الخبيرة في الشؤون الحزبية كارولينا ليندسمان ترى أنه “لا يمكن إنقاذ إسرائيل من وضعها طالما نتنياهو يجلس في سدة الحكم”، مضيفة “إذا كانت هناك طريقة للنجاة من القوة الجارفة التي تجذب نحو حرب أهلية، فهي فقط طريقة تكتل العلمانيين والحريديين، الشرقيين والأشكناز، ضد المجموعة التي تقف خلف خطة التشريعات، لكن المشكلة هي أنه لن يكون بالإمكان إعادة الانتظام من جديد أو محاولة إنقاذ إسرائيل منهم طالما أن نتنياهو لا يحرر إسرائيل من قبضته المسممة”.
وتعتقد ليندسمان بأنه لا توجد صلة مباشرة بين “خطة الإصلاح القضائي” ومحاكمة نتنياهو “عدا تعميق ضعضعة الثقة بالمحكمة وفرض الخوف على القضاة. ولكن من أجل ذلك لا نحتاج إلى إصلاح. نتنياهو بحاجة فقط إلى ذريعة المعقولية من أجل موضوع التعيينات السياسية التي تضمن مصالحه الشخصية وتدعمها”.
وتقول ليندسمان إن “دافع هذه المجموعة، وهي ذاتها التي تؤيد الضم والأبرتهايد وتفوق اليهود، هو أنهم ببساطة لا يريدون الديمقراطية. هم القوة المحركة التي تقف خلف الإصلاح وتفكيك المجتمع الإسرائيلي. لا يمكن إشباع رغباتهم بطرق أخرى تختلف عن تغيير النظام لأنه بالنسبة إليهم هذه هي الوسيلة والهدف. معهم لا يمكن التوافق على أي شيء”.
ويتوقع عقد اجتماعات خلال اليومين المقبلين لمناقشة إمكان تشكيل حكومة وحدة وطنية بأمل التوصل إلى تفاهمات قبل اجتماعي المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) ولجنة الخارجية والأمن في الكنيست الأربعاء المقبل لبحث تداعيات استمرارية الوضع الحالي، خصوصاً زيادة العصيان داخل صفوف الجيش.
المصدر: اندبندنت عربية