عندما يَقتلُ نظام ٌنصف مليون مواطن من شعبه، ويعتقل ويُغيب قسرياً عدداً مماثلاً، ويُهجر نصف الشعب، ويتم استبعاده من الجامعة العربية استنكاراً لجرائمه بحق شعبه ويكافئ بدعوته الى قمة يحضرها زعماءٌ عرب يقولون انهم يمثلون شعوبهم، اليس ذلك اعلاناً بالانتصار الرسمي لهؤلاء على شعوبهم ،واستهانة بإرادة الشعوب نحو الحرية ، وتأييداً للأنظمة الديكتاتورية في وطننا العربي؟.
فعلى مدى اثنى عشر عاماً مارس نظام الاسد القتل بحق شعب سورية مستخدماً كافة انواع الاسلحة حتى المحرمة دولياً بشهادة المنظمات الدولية المختصة ،ولم يلقَ ذلك سوى تنديداً من المجتمع الدولي، ومقاطعة ديبلوماسية لم ترقَ الى اجباره بالاعتراف بحق الشعب في ان يكون له حكومة يختارها بملء ارادته وفق ألية تضمن التداول السلمي للسلطة.
هؤلاء القابعون على صدور شعوبهم اجتمعوا في جدة، وبرروا عودة القاتل الى مجلسهم لتسهيل عملية حل الأزمة السورية حسب ادعائهم، وهم يعلمون ان عودته لجامعتهم حلٌ لأزمته، ومباركة له باستمرار ارتكاب جرائمه بحق شعب دفع ومازال الكثير التضحيات، دون ان يرى مساندة حقيقية من اخوته العرب ومن المجتمع الدولي، الذي هزته شائعة امتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل،وجَيَّش الجيوش لإسقاط نظامه، ولم تهزه دماء نصف مليون قتيل سوري، قُتل عشرات الألاف منهم باستخدام أسلحة دمار شامل .
ان استقبال الأسد في قمة جدة والترحيب الذي لاقاه ،وصمت المجتمع الدولي الذي يدعي رفض التطبيع معه، ويتوعد المطبعين بعقوبات لم نر منها سوى جعجعة، تدل دون ادنى شك على ان كل مايقوله هؤلاء عن حقوق الإنسان،وحق الشعوب بالعيش بحرية ليس الا شعارات للمتاجرة بها أمام العالم، وأن الطغاة محميون طالماً يحققون مصالح أصحاب الشعارات ولو أبادوا شعوبهم.
لقد كانت قمة جدة أقصر قمة عقدت في تاريخ القمم العربية، وانتهت بعد ساعات من انعقادها ببيان ختامي لايعني شيئاً لأمة العرب، والمتتبع لسير انعقادها يدرك تماماً ان الهدف الاساسي لها الترحيب بعودة القاتل الى حظيرة الأنظمة العربية، دون ان ننسى ونبارك مواقف بعض القادة العرب الذين كان لهم موقف معارض من هذه العودة.
ان حضور الأسد في القمة والقائه كلمة اعطى فيها دروساً توجيهية للجامعة العربية وقادتها يعني دون ادنى شك انها قمة انتصار الطغاة على الشعوب.
المصدر: كل العرب