رئيس المجلس النيابي نبيه بري يسابق الزمن لجلسة انتخابية في يونيو وسط تفاؤل “الثنائي الشيعي” بحظوظ فرنجية.
مؤشرات متدافعة حملتها الأيام الماضية تحمل نبرة ثقة عن اقتراب قوى المعارضة اللبنانية من التوافق على مرشح رئاسي واحد، مستمدة وقودها من زيارة مرشح “حزب الله” و”حركة أمل” رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية إلى السفارة السعودية لدى بيروت، وحديث آخر عن زيارة جديدة للموفد القطري إلى لبنان، لكن حتى الآن لا يمكن الجزم بأن معركة الرئاسة قد انتهت أو حسمت.
فالمعارضة اللبنانية تشترط أن يتخلى “الثنائي الشيعي” عن مرشحه (فرنجية) قبل أن تطرح اسمها البديل عن النائب ميشال معوض، ملوحة بورقة تعطيل الجلسة البرلمانية المزمعة لانتخاب الرئيس، أما الثنائي المذكور فلم يسقط بعد ورقة فرنجية ولا يزال يخوض معركته بشراسة، وفقاً لمصادر مقربة منه.
وأكدت مصادر لبنانية لـ”اندبندنت عربية” أن “الثنائي الشيعي” مقتنع بأن تطورات المنطقة والتقاربات العربية – العربية والإقليمية – العربية ستصب في مصلحته وسترجح كفته الرئاسية، كما يتكل على استحالة التوافق بين الكتلتين المسيحيتين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” المعترضتين على فرنجية.
إعلان بري – نصر الله
ومع لعبة العض على الأصابع بين القوى اللبنانية المختلفة، خرج رئيس مجلس النواب نبيه بري معلناً الأربعاء ضرورة “إنجاز انتخابات رئاسة الجمهورية كحد أقصى في 15 يونيو (حزيران) المقبل”، وما تلاها من دعوة مماثلة للأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله بقوله “نحن لا نفرض مرشحاً على أحد وليرشح كل طرف أي اسم يريد ولنذهب إلى المجلس لانتخاب رئيس”.
تصريحات بري – نصر الله توضح أن “الثنائي الشيعي” حسم أمره بالذهاب إلى جلسة برلمانية مزمعة الشهر المقبل، وفي جعبة كل منهما مرشح محسوم أمره حتى الآن وهو سليمان فرنجية، على أن تكون القاعدة من يسبق الثاني من الفريقين يفوز. ليبقى السؤال هل أمَّن “حزب الله” أكثرية لمرشحه أم أن المقصود إحراج المعارضة ورمي التعطيل عليها لتحويل الضغط الدولي من هذه الجهة إلى تلك، خصوصاً أن عصا العقوبات الدولية والأوروبية عادت لترفع مجدداً في وجه المعطلين؟
نصاب الانتخاب
على رغم تسويق الفريق الداعم لفرنجية أن الأزمة الرئاسية تخطت الفيتو الدولي والعربي، فإن الثابت أنها لا تزال عالقة عند استحالة تأمين أي من الفريقين النصف زائداً واحداً للفوز، أي 65 صوتاً، ونصاب الثلثين لعقد الجلسة أي 86 نائباً.
ولا تزال العقدة الأساس قائمة بالاعتراض المسيحي الجامع على فرنجية، وحاجة الثنائي إلى أصوات “تكتل لبنان القوي” وإقناع “التيار الوطني الحر” بتأمين أكثرية النصاب، خصوصاً أن قوى المعارضة تؤكد امتلاكها العدد الكافي لتعطيل نصاب جلسة “معلبة” أي 43 نائباً.
وعلى رغم أن نواب الحزب “التقدمي الاشتراكي” وكتلة “الاعتدال”، ذات الأغلبية السنية، وهم من المعارضين حتى الآن لانتخاب فرنجية، لن يشاركوا مع “القوات اللبنانية” و”الكتائب” و”حركة التجدد” وبعض النواب المستقلين وعدد من التغييريين في تعطيل النصاب، فإنهم سيحضرون الجلسة من دون انتخابه.
وقال عضو كتلة الاعتدال النائب سجيع عطية إن رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدعو إلى جلسة في أواخر مايو (أيار) أي خلال أسبوعين، موضحاً أن النواب الثمانية في كتلة الاعتدال لم يحسموا بعد قرارهم بانتظار معرفة الاسم الذي ستتفق عليه المعارضة.
في المقابل أوضح عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم في تصريح خاص أن موعد الجلسة لا يزال مرتبطاً بتقدم الاتصالات بين الكتل النيابية لتكون منتجة وتنتهي بانتخاب رئيس للجمهورية، وبما يؤكد أن الداعمين لفرنجية لم يؤمنوا بعد الـ86 نائباً لعقد الجلسة، لافتاً النظر إلى أن بري لن يحدد جلسة تكون كسابقاتها من دون أفق، ما لم تتوفر كل المعطيات التي ستسهم في نجاحها، كحصول تفاهم على اسم توافقي أو إعلان الفرقاء عن مرشحهم الجديد.
بروباغندا “حزب الله”
يشكك عضو تكتل الجمهورية القوية النائب غسان حاصباني في قدرة قوى 8 آذار (حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر) على تأمين الأكثرية العددية لفوز فرنجية، قائلاً “أتحداهم أن يؤمنوا 65 صوتاً له”.
ويذهب النائب القواتي إلى أبعد من ذلك بالحديث عن أن المعارضة “متفقة على رفض مرشح “حزب الله” ولن تتراجع عن ذلك”، معتبراً أن الفريق الداعم لفرنجية يحاول ترجمة كل التحركات الدولية والعربية، بأنها دعم لمرشحه.
ويرى حاصباني أن الدول “اللقاء الخماسي” التي اجتمعت في باريس باتت تتخذ جميعها الموقف نفسه الداعي إلى عدم التدخل بالأسماء، ومن بينها فرنسا التي تراجعت عن اندفاعتها باتجاه فرنجية.
ولا تزال الاتصالات مستمرة داخل المعارضة التي تلتقي على رفض مرشح “حزب الله” وكذلك على رفض جلسة معلبة يمكن أن تشكل التفافاً على الدستور، وهو ما أعلنه النائب التغييري ملحم خلف، ويستشهد به الآن النائب القواتي.
وبات للمعارضة اللبنانية حالياً اسمان – يقول حاصباني – فيما يجرى العمل للاتفاق على واحد منهما للدخول به إلى جلسة الانتخاب البرلمانية المقبلة، جازماً بأن ذلك سيحدث قبل الجلسة المقبلة، وأن مرشحهم، الذي يرفض الكشف عن اسمه، لديه أصوات أكثر من فرنجية.
عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب حاصباني تعهد بتعطيل أي جلسة “معلبة” مسبقاً، حتى لو كان بري يعمل على رمي تهمة التعطيل على المعارضة لتحويل الضغط الدولي من هذه الجهة إلى تلك، مؤكداً أنه من الآن حتى تحديد جلسة البرلمان اللبناني ستكون المعارضة جاهزة لكل الاحتمالات.
ولم ينف إمكانية التوصل إلى تقاطع على اسم واحد مع “التيار الوطني الحر” الذي يتواصل مع كل قوى المعارضة، لكنه يستبعد في الوقت نفسه حدوث مثل هذا التفاهم بحكم مقاربة الأمور بين “الوطني الحر” و”حزب الله”، وإن كان هناك خلاف على اسم فرنجية بينهما.
استمالة باسيل
ببساطة يحتاج “حزب الله” إلى “التيار الوطني الحر” لتوفير دعم مسيحي وازن لمرشحه فرنجية، ولتأمين نصاب الأكثرية المطلوب لعقد الجلسة، لكن تردد أن مسؤول “وحدة الارتباط والتنسيق” في الحزب وفيق صفا سيزور الأسبوع المقبل النائب جبران باسيل، ليصبح السؤال الآن “هل يسقط التيار البرتقالي الفيتو عن فرنجية”؟
يؤكد عضو تكتل “لبنان القوي” النائب غسان عطا الله أن احتمال الذهاب إلى خيار فرنجية “صفر”، غير أنه لا ينفي وجود محاولات بكل الطرق منها داخلية وخارجية، وعرضت عليهم مغريات كثيرة ليغيروا موقفهم “لكن حتى الساعة الجواب كان لا قاطعة”.
في حسابات الربح والخسارة، يقول عطا الله في تصريح خاص، “قد يكون ربحنا أكبر إذا مشينا بفرنجية، لكننا نضع مصلحة البلد قبل مصلحتنا الشخصية، وعرض علينا كل شيء واقترحوا أن نحكم البلد في السنوات الست من عهد فرنجية ولم نقبل”.
وأضاف “العمل مستمر للتوصل إلى تقاطع على اسم واحد بين الخصمين اللدودين (القوات اللبنانية) و(التيار الوطني الحر)، لكن عندما تسأل (القوات) عن سبب عدم القدرة على الاتفاق بين المعارضة و”الوطني الحر” على رغم رفض الأخير لفرنجية، يكون الجواب بأن باسيل لن يقبل بمرشح حزب الله لكنه لا يريد أيضاً رئيساً لا يقبل به حليفه وهنا المشكلة”.
ويرد النائب المقرب من باسيل على ذلك بطرح سؤال “هل المعارضة قادرة على أن تأتي بمرشح تحدي؟ وهل مرشحها النائب السابق صلاح حنين يمكن أن يشكل القوة الضاربة لإنقاذ البلد ومواجهة حزب الله؟”،
يجيب عطا الله عن سؤاليه بقوله “لا اسم لدينا ولن ندعم فرنجية لكننا في المقابل لا نريد أخذ البلد إلى تفجير، فالمطلوب رئيس قادر على أن يحاور الخارج ولا يكون مرفوضاً من الدول العربية والإقليمية ويكون مقبولاً من الثنائي الشيعي ولا يمكنه أن يرفضه”.
وتابع “قلنا لا مشكلة بجهاد أزعور، ولا مشكلة بزياد بارود، ولدينا اسمان آخران لن نكشف عنهما تجنباً لحرقهما، فلنذهب بسلة من الأسماء يمكن للفريق الآخر أن يختار من بينها اسماً لا يستفزه”.
حتى الآن لم يسقط “التيار الوطني الحر” خيار تعطيل جلسة برلمانية قد توصل فرنجية إلى قصر بعبدا، لكن عطا الله ينهي الحديث بالقول إن “المهم ألا نذهب إلى معركة خاسرة في المجلس النيابي، صحيح أن الفريق الآخر مربك خصوصاً بعد الكلام عن احتمال تقارب القوتين المسيحيتين على اسم واحد، لكن احتمال تمرير مرشحهم وارد بقوة إذا لم يتفق الفريق المعارض على مرشح واحد”.
المصدر: اندبندنت عربية