هل خطر ببالك أن تسأل ماذا تعني كلمة “دولار”؟ العملة الأشهر في العالم، حتى أن دراسة وصفتها بـ “اللغة المشتركة” في اقتصاد العالم.
وقد يكون السؤال الأهم: كيف يتحكم الدولار باقتصاد العالم؟
بالطبع، إن اتفاق السعودية مع الولايات المتحدة على تسعير وبيع النفط بالدولار الأميركي، والذي خلق مصطلح “البترودولار” في سبعينيات القرن الماضي، كان عاملا أسهم في قوة هذه العملة. لكنه ليس الوحيد.
لو رجعنا إلى الوراء قليلا، فإن الرئيس الأميركي، ريتشارد نيكسون، سئم من تبعات ربط الدولار بالذهب، فأوقع طلاقا بين العملة الأميركية والذهب عام 1971. ولهذا الطلاق أهمية في لغة المال.
وحول العالم، هناك 65 دولة تربط عملاتها المحلية بالدولار الأميركي، منها البحرين، والسعودية، والإمارات، والأردن، وقطر، وعُمان.
بالعودة إلى أول سؤال، معنى كلمة “دولار”، فهي النسخة الإنكليزية من كلمة “تالر” الألمانية، والقصة بدأت من بلدة “ياخيموف” في منطقة “بوهيميا”، والتي تعرف حاليا باسم التشيك.
حقائق مثيرة عن الدولار الأميركي، تشرح سر قوة هذه العملة التي يتوقع أن تبقى مهيمنة على اقتصاد العالم، و”لغة مشتركة”، لا يمكن للدول أن تتفاهم ماليا من دونها.
الدولار والنظام المالي العالمي
رغم وجود نحو 180 عملة حول العالم، فإن عددا محدودا منها يتم استخدامه على نطاق واسع في التعاملات الدولية، التي يتربع على عرشها الدولار الأميركي، وبدرجة أقل عملات أخرى مثل اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني، وفق بيانات دولية.
ويهيمن الدولار “على النظام المالي العالمي والتجارة العالمية”، فيما يرجح استمرار احتفاظه بـ”الهيمنة كعملة للاحتياطي” الأجنبي في الدول المختلفة حول العالم، بحسب بيانات نشرتها دراسة لصندوق النقد الدولي.
ولم تؤثر التحولات الهيكلية التي شهدها “النظام النقدي الدولي” طيلة العقود الماضية على “هيمنة الدولار الأميركي”، فيما تشير وزارة الخزانة الأميركية إلى أن حصة الدولار من “الاحتياطيات لا تزال نفسها منذ ثلاثة عقود.. وبقيت أعلى من 50 في المئة” من مجمل الاحتياطيات الأجنبية حول العالم.
تعود جذور هيمنة الدولار الأميركي على النظام المالي العالمي إلى اتفاقية “بريتون وودز” عام 1944، والتي تبعها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية نشأة “البنك الدولي” و”صندوق النقد الدولي”.
ولدت هذه المؤسسات في يوليو 1944 في مدينة بريتون وودز بولاية نيوهامشير في الولايات المتحدة بمبادرة من 44 بلدا لتجنب أزمة شبيهة بتلك التي حدثت في 1929، وكلف صندوق النقد الدولي حينذاك بمهمة ضمان الاستقرار المالي العالمي، بينما على البنك الدولي العمل من أجل إعادة الإعمار والتنمية قبل أن يتكرس لخفض الفقر.
اتفاقية “بريتون وودز”، جاءت لتنظيم التجارة العالمية وتحقيق نوع من الاستقرار المالي الدولي، ونصت حينها على “اعتماد الدولار الأميركي” كعملة رئيسية لتحديد أسعار عملات الدول الأخرى، وكان الدولار حينها مرتبطا بالذهب عند سعر 35 دولارا للأونصة.
وأصبحت العديد من الدول تقوم بتثبيت سعر صرف عملتها مقابل الدولار، بحسب تقرير نشره موقع “أن بي أر”.
ووفق وزارة الخزانة الأميركية مع انهيار نظام بريتون وودز مطلع السبعينيات، وصعود القوى الاقتصادية الأخرى، كانت هناك تنبؤات بزوال هيمنة الدولار، ولكنها لم تتحقق.
في الستينيات من القرن الماضي، بدأت الولايات المتحدة تواجه عجزا ونفادا في احتياطاتها من الذهب، الأمر الذي يعني أن حفاظها على وعدها بربط الدولار بالذهب أصبح صعبا، وهو ما دفع الرئيس الأميركي الأسبق، ريتشارد نيكسون إلى إجراء “طلاق ما بين الدولار والذهب في عام 1971”.
وأجرى نيكسون حينها ترتيبا يحدد قيمة الدولار اعتماد على مزيج من “المؤشرات والقوى والعوامل السياسية والاقتصادية”، ورغم ذلك بقي الدولار مسيطرا ويعتبر العملة الأولى للاحتياطيات الأجنبية في الدول.
“هيمنة تاريخية”
الأكاديمي الاقتصادي العراقي، عبدالرحمن نجم المشهداني، قال إن هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي “استمدها تاريخيا منذ الحرب العالمية الثانية بعدما ضعف الجنيه الإستيرليني، وظهر الدولار والولايات المتحدة كقوة اقتصادية، حيث كانت العديد من الدول الأوروبية بحاجة لإعادة الإعمار بعد الحرب”.
ويوضح المشهداني وهو أستاذ في العلاقات الاقتصادية الدولية في حديث لموقع “الحرة” أن “الولايات المتحدة استطاعت في مؤتمر بريتون وودز أن ترسخ الدولار كعملة عالمية يمكن ربط العملات الوطنية بها، إذ كان الدولار في حينها مقوما أو معادلا لمقدار معين من الذهب”.
ويسرد أن الدولار قبل السبعينيات من القرن الماضي أستطاع فرض نفسه كعملة “عالمية” إذ كانت تجرى به نحو 70 إلى 80 من التبادلات التجارية، وفي مطلع السبعينيات ظهرت “فقاعة الربط بالذهب” إذ كانت الدولارات الموجودة أضعاف ما تمتلكه الولايات المتحدة من احتياطي الذهب، ليتم بعدها فك الارتباط بالذهب، واعتبار “الدولار عملة قيادية.. والذهب سلعة” بحسب تصريحات الرئيس الأميركي الأسبق، ريتشارد نيكسون حينها.
وتشير الخزانة الأميركية إلى أن دور الدولار كعملة احتياطية أساسية دعمته عدة عوامل: حجم الاقتصاد المحلي، أهمية هذا الاقتصاد في التجارة الدولي، حجم الأسواق المالية وانفتاحها، وقابلية تحويل العملة وربطها بالعملات الأخرى.
سببان لهيمنة الدولار
الخبير الاقتصادي اللبناني، سامي نادر، حدد سببين لتحكم الدولار بالنظام المالي العالمي “الأول، أن الدولار الأميركي هو العملة المعتمدة في الأسواق الأساسية خاصة في قطاع الطاقة، والثاني أن الدولار عادة ما يبقى قويا بشكل نسبي، خاصة عندما تكون بقية العملات الأجنبية ضعيفة أمامه”.
وأضاف نادر وهو أستاذ في الاقتصاد والعلاقات الدولية في حديث لموقع “الحرة” أن “الدولار استطاع البقاء كعملة مهيمنة في النظام العالمي رغم وجود مفارقة فيه، بوجود متلازمة في الاقتصاد الأميركي، بالعجز في ميزان المدفوعات، وعجز في الموازنة الأميركية، إذ أن هذه العوامل تشكل عوامل ضغط هائلة على الاقتصاد في أي بلد غير الولايات المتحدة”.
وأوضح الخبير الاقتصادي نادر أنه حتى الآن لم تظهر عملة قادرة على استبدال الدولار في عالميا وعلى سبيل المثال “الين الياباني وحتى اليورو الأوروبي غير قادرة على مضاهاة الدولار الأميركي، وذلك لأسباب عديدة، منها ما هو متعلق بالحرب الأوكرانية ومنها ما يرتبط بغياب النمو أو الكساد المستدام في أوروبا”.
وتابع نادر أنه حتى العملة الصينية اليوان لم تستطيع توفير البديل عن الدولار، إذ أن العديد من “الصفقات والتبادلات التجارية لا تزال تجرى بالدولار”.
الدولار الأميركي
قديما خلال الفترة ما بين القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر كانت الهيمنة للدولار الإسباني الفضي الذي استخدم في العديد من الدول وفي التعاملات التجارية الدولية بحسب تقرير لمجلة ناشونال إنترست، وفي عام 1792 أقر الكونغرس الأميركي قانون سك العملة، ليبدأ إصدار الدولار الأميركي والذي كان مرتبطا بالفضة حينها.
وفي القرن التاسع عشر بدأ التحول من ربط الدولار بالفضة ليصبح مكافئا لمقدار معين من الذهب، وبعدها بدأ يخفت الاهتمام بالدولار الإسباني في التعاملات لم يحل محله الجنيه الإسترليني حينها، ولكن ما أصبح رائجا هو الدولار الأميركي.
ويعود أصل كلمة “دولار” إلى أنها النسخة الإنكليزية من كلمة “تالر” الألمانية، وهي نسخة مختصر من الجذر الألمانية “تال” ويعني الوادي، و”تالر” ترجمتها الحرفية هي “شخص أو شيء من الوادي” وفق الموقع الإلكتروني لـ”المتحف التشيكي في هيوستن”.
ونشأ هذا الأسم في بلدة “ياخيموف” في منطقة “بوهيميا” في مطلع القرن السادس عشر، والتي تعرف حاليا باسم التشيك، حيث بدأ فيها “سك وإصدار” عملات من الفضة، والتي انتشرت في أوروبا حينها باسم “شليكن تالر”، وبحلول منتصف هذا القرن أصبحت تستخدم هذه العملات باسمها الألماني المختصر وهو “تالر”، والتي ترجمت للأنكليزية على أنها “دالر”، بحسب قاموس “ميريام ويبستر”.
الدولار ومزايا الهيمنة على النظام المالي العالمي
أثار الدور الذي يلعبه الدولار الأميركي في الاقتصاد العالمي حفيظة بعض الدول، في الستينيات أشار وزير المالية الفرنسي، فاليري جيسكار ديستان إلى أن الدولار “يتمتع بامتياز باهظ”.
الولايات المتحدة لديها امتيازات عديدة بسبب الدولار، والتي من أبرزها سندات الخزانة الأميركية التي تعتبر من “الديون الأكثر جاذبية” للعديد من البلدان التي تريد تحقيق العوائد عن طريق “شراء الديون الأميركية”، إذ تمتلك الصين مليارات الدولار من هذه الديون.
ويشير تقرير “أن بي أر” أن من مزايا الدولار التي يوفرها لواشنطن إمكانية الاقتراض به، فهذا يعني أنه إذا خفضت الولايات المتحدة قيمة الدولار، فهذا يعني خفض قيمة ديونها، وهو ما لن تقوم به أميركا، ولكنه يبقى قابلا للتطبيق نظريا.
ومن مزايا هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي ما يتيحه من استخدامه بقوة في “معاقبة” الخصوم، مثل إيران وروسيا، ولهذا سعت موسكو منذ بداية حربها على أوكرانيا إلى بيع نفطها بالروبل الروسي بعيدا عن الدولار.
الدولار والهيمنة على احتياطيات العملات الأجنبية
تبقي الدول على احتياطيات من العملات الأجنبية والتي يحتفظ بها البنك المركزي، والتي تمثل النقد الأجنبي لهذا البلد، والتي عادة ما تحتفظ بها الدول لعدة أسباب: مواجهة الصدمات الاقتصادية، دفع قيمة الواردات، دفع الديون، وضمان استقرار قيمة العملة، بحسب تحليل نشره “مجلس العلاقات الخارجية”.
ومن خلال هذه الاحتياطيات، يستطيع البنك المركزي شراء وبيع العملات في السوق المحلية من أجل التأثير على استقرار قيمة العملة، والحفاظ على ثقة المستثمرين، ولكن العديد من الدول يريد الاحتفاظ بهذه المبالغ للتأكد من قدرتها على الوصول لها في أوقات حرجة.
ويعتبر صندوق النقد الدولي هو الهيئة المسؤولة عن مراقبة النظام النقدي، وهو يحدد احتياطي العملات الأجنبية بتلك التي تكون بـ: الدولار الأميركي، الدولار الأسترالي، الجنيه الإسترليني، الدولار الكندي، الرنمينبي الصيني، اليورو، الين الياباني، الفرنك السويسري، فيما يشكل الدولار الأميركي 60 في المئة من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية.
كما يشير التحليل إلى أن الدولار الأميركي لا يزال العملة المفضلة للتجارة الدولية، خاصة للسلع الرئيسية مثل النفط.
“البترودولار”
ويؤكد الأكاديمي المشهداني أن ما أعطى دفعة قوية للدولار أيضا في تلك السنوات، اتفاق السعودية مع الولايات المتحدة على تسعير وبيع النفط بالدولار الأميركي ليظهر ما يعرف بمصطلح “البترودولار” في السبعينيات من القرن الماضي.
ويشرح أن العديد من الدول تربط عملاتها الوطنية بالدولار، ليصبح لدينا ما يسمى بـ”الدول الدولارية”، حيث أن غالبية الدول العربية المنتجة للنفط تربط عملاتها بالدولار، مشيرا إلى الارتباط بالدولار له أسباب “اقتصادية وجيوسياسية”.
الخبير الاقتصادي، ألكسندر غلوي يوضح أن أسعار النفط قد تهدد استمرار هيمنة الدولار، مشيرا إلى أن تدفق الدولارات يعتمد على أمرين: أسعار النفط واستعداد المصدرين للنفط على تحصيل فواتيرهم بالدولار.
ويشرح في مقال نشرها موقع “فير أوبزيرفير” أن “أسعار النفط المنخفضة تساوي دولارات أقل، ما يعني أن النفط الرخيص يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة”.
وأضاف أن الحفاظ على أسعار مرتفعة للنفط يعتبر سياسة هامة للولايات المتحدة، ملمحا إلى أن “هذا الأمر كان سببا في مغامرات عسكرية لواشنطن في الشرق الأوسط”، من أجل الحفاظ على ربط بيع النفط بالدولار، ناهيك عن عدم دعم الولايات المتحدة لتوجهات الاعتماد بشكل كبير على مصادر الطاقة البديلة.
المحلل الاقتصادي المصري، وائل نحاس، أوضح أن هيمنة الدولار “بعيدا عن جذوره التاريخية، ترتبط في عصرنا الحالي بالهيمنة على نظام المقاصة للتحويلات المالية سويفت، والذي يسيطر الدولار على 80 إلى 90 في المئة من تبادلاته المالية”.
وقال في حديث لموقع “الحرة” إن “عملات العديد من الدول خاصة النفطية منها تربط نفسها بالدولار لعدة أسباب، أهمها أن جميع تبادلاتها تتم بهذه العملة، وهو ما جعل من سلعة النفط والدولار على ارتباط تام منذ السبعينيات”.
وتابع أن ما يعرف بـ”البترودولار أصبح يمثل حالة ارتباط الدولار والنفط، إذا تؤثر احتياطيات ووفرة هذه السلعة على قوة الدولار، وبعدما كان الدولار مقوما بالذهب، أصبح ولو بشكل جزئي مقوما باحتياطيات النفط حول العالم”.
وخلال الفترة الماضية رغم ما يحدث من توترات سياسية حول العالم طالت أسواق النفط، لم تقترح أي من حكومات الدول الخليجية أنها قد تتخلى عن ربط عملاتها الوطنية مع الدولار الأميركي، ولكن ظهرت تقارير تتحدث عن أن السعودية قد “تفكر في قبول مدفوعات البترول للصين باليوان”، وهو ما قد يسبب اختبار لنظام “البترودولار”، وفق تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.
حجر الزاوية في النظام المصرفي الدولي
جيم غلاسمان، رئيس الاقتصاديين في “جي بي مورغان تشيس” يوضح في مقالة أن “الدولار أصبح حجر الزاوية في النظام المصرفي الدولي”.
ويرى أن قوة الدولار في الماضي “كان يقودها قوة الاقتصاد الأميركي مع جعلها العملة الاحتياطية العالمية.. ولكن تراكم الدولارات في الخارج الآن تأتي نتيجة لاختلالات تجارية، وليس بسبب الثقة في الدولار”، على حد تعبيره.
ويشير إلى أن الدولار القوي رغم إيجابياته للولايات المتحدة، إلا أنه يجعل المستهلكين في الدول النامية غير قادرين على تحمل تكلفة المنتجات عالية الجودة المستوردة من الولايات المتحدة، ما يجعل الفائض التجاري يميل لصالحهم غالبا.
وقالت الخبيرة الاقتصادية ومحللة استراتيجيات المحافظ في شركة “نيويورك لايف إنفستمنتس”، لورين غودوين لوكالة رويترز إن “قوة الدولار تمثل مشكلة للأصول المنطوية على مخاطر”.
وأضافت نظرا للدور المحوري الذي يلعبه الدولار في النظام المالي العالمي فإن تقلباته تكون لها تداعيات واسعة النطاق.
وأشار بنك التسويات الدولية في تقرير في نوفمبر من 2022 إلى أن قوة الدولار عادة ما تخلق أجواء من التشديد في الأسواق المالية العالمية مع تقليل الشهية للمخاطرة وإضعاف التجارة العالمية. كما أنها تزيد صعوبة خدمة الدين على البلدان التي اقترضت بالعملة الأميركية، وهي مشكلة كثيرا ما تعاني منها اقتصادات الأسواق الناشئة بشدة.
لماذا ترتبط العملات الوطنية بالدولار؟
“ربط العملة” هو جزء من السياسة النقدية بتحديد البنك المركزي في دولة سعر صرف ثابت لعملتها أمام عملة أجنبية أو سلة عملات أجنبية لها أوزان مختلفة، بحسب موقع “إنفستوبيديا”.
و”سعر الصرف” هو قيمة العملة مقارنة بالعملات الأجنبية الأخرى، وبعض الدول تتبع سياسة التثبيت والربط بعملة أخرى مثل الأردن، أو بتعويم سعر الصرف وتركه عرضة للتقلب تبعا لعوامل “العرض والطلب” مثل مصر.
ويشير الموقع إلى وجود 65 دولة حول العالم تربط عملاتها بالدولار الأميركي، بينها دول عربية تضم: البحرين، السعودية، الإمارات، الأردن، قطر، عُمان. وكانت الكويت تربط عملتها بالدولار حتى العام 2002 عندما عدلت سياستها النقدية للربط بسلة عملة وفق الموقع الإلكتروني لـ”بنك الكويت المركزي”.
وكانت لبنان تربط عملتها بالدولار، ولكن بعد أزمة اقتصادية ضربت البلاد في 2020، قال حاكم المصرف المركزي، رياض سلامة لوكالة رويترز في 2021 إن “عهد الربط بالدولار انتهى”، مشيرا إلى أن “تعويم العملة” يعتمد على “مفاوضات مع صندوق النقد الدولي”.
وتقوم الدول عادة بربط عملاتها باقتصادات أقوى بما يتيح “للشركات المحلية من الوصول إلى أسواق أوسع بمخاطر أقل”، وفي التاريخ الحديث كان الدولار إلى جانب اليورو والذهب من أبرز الخيارات أمام الدول للربط بالعملات الوطنية.
ومن أبرز إيجابيات ربط العملات الوطنية بالدولار إمكانية توسيع تجارتها، وتعزيز دخلها الوطني بمستويات مستقرة خاصة عندما تكون التقلبات في سعر الصرف والتعريفات الجمركية.
وفي الوقت ذاته لعملية ربط العملة الوطنية بعملة أجنبية مخاطر، إذ يجب على المؤسسات التي تدير السياسية النقدية إدارة التدفقات وتجنب “الارتفاعات المفاجئة في العرض والطلب على العملة”، وهو ما قد يتطلب أحيانا الاحتفاظ باحتياطيات كبيرة من العملات الأجنبية.
وإذا تم ربط العملة الوطنية بسعر صرف منخفض للغاية، ستقل القوة الشرائية للمستهلكين في شراء السلع الأجنبية، مما يقلل استهلاكهم يؤثر على مستوى معيشتهم، وإذا تم الربط بسعر مرتفع قد يشتري المواطنون الكثير من البضائع ويرفعوا الطلب، وقد يخلق ضغوطا على احتياطيات العملات الأجنبية، وإذا قلت قد “ينهار ربط العملة” وفقا لـ”إنفستوبيديا”.
وبسبب ارتباط عملات وطنية بالدولار ستجد هذه الدول نفسها مطالبة برفع معدلات الفائدة بسبب ارتباط عملتها بالدولار، حتى وإن كان الاقتصاد متدهورا أو مؤشراته الأخرى لا تحتاج لذلك، وهو ما حصل مع العديد من الدول التي تبعت الفيدرالي الأميركي في زياداته المتلاحقة لأسعار الفائدة من أجل مواجهة التضخم، الأمر الذي قد يوجد ضغوطا اقتصادية على القطاعات المختلفة بزيادة تكاليف الاقتراض ما يعني إبطاء النمو الاقتصادي مع مخاطر الدخول في “ركود”، وهو ما تحاول الولايات المتحدة نفسها تجنبه.
وإذا انهار ربط العملة، قد تصبح الواردات على الدولة أكثر تكلفة، ويرتفع التضخم، وتواجه البلاد صعوبة في سداد الديون، وقد يخسر المستثمرون أموالهم في الأصول التي لم تعد تساوي قيمتها بالعملية المحلية، مثلما حصل مع البيزو الأرجنتيني في 2002.
ويشير تقرير آخر لـ”إنفستوبيديا” إلى أن الدول لديها أسباب مختلفة لربط عملتها بالدولار، مثلا تربط معظم دول جزر الكاريبي عملتها بالدولار لأن مصدر دخلها الأساسي يعتمد على السياحة المدفوعة بالدولار، ولهذا الارتباط يجعل اقتصاداتها أكثر استقرار وأقل تقلبا.
وفي بعض الدول مثل الدول النفطية في الشرق الأوسط تربط عملتها بالدولار من أجل الاستقرار، ولعلاقاتها المباشرة مع الولايات المتحدة كشريك تجاري، وفي بعض الدول الآسيوية بما في ذلك الصين، تربط عملاتها الوطنية بسلة عملات تشمل الدولار، وبما يخدم اقتصادها الذي يعتمد على التصدير.
“فخ الدولار”
الخبير الاقتصادي الأميركي، إسوار براساد قال إن من عوامل قوة الدولار واستمرار همينته أن الجميع يرغب باستمرار وجود “دولار قوي”، خاصة وأن حوالي دين الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة يبلغ 53 تريليون دولار، وجزء كبير منها يملكها مستثمرون أجانب، بما فيها دول منافسة مثل الصين، وفي حال انخفاض قيمة الدولار رغم المكاسب التي ستحققها واشنطن إلا أن هذا يعني بالضرورة تراجع قيمة أصول هذه الديون التي يمتلكها المستثمرون الأجانب، وهو ما يطلق عليه البعض اسم “فخ الدولار”.
ويرجح براساد في مقال نشره موقع صندوق النقد الدولي أن “يستمر الدولار كعملة احتياطية مهمة حتى لو تراجعت مكانته كعملة للدفع”.
ويوضح بارساد أن تفوق الدولار يمنح الولايات المتحدة نفوذا كبيرا، إذ أن غالبية المعاملات حول تجري بالدولار، وهو ما يدعم النظام المصرفي الأميركي، ناهيك عن قدرة السياسات المالية والنقدية الأميركية على التأثير على بقية العالم من خلال “قيمة الدولار”.
انهيار الليرة اللبنانية
حافظت الليرة اللبنانية على استقرارها بعدما ثبت سعر صرفها على 1507 ليرات خلال السنوات السابقة، وهو ما كان يبرره بوجود “احتياطات مهمة بالدولار الأميركي” لدى المصرف المركزي، سرعان ما نضبت منذ بدء الأزمة وشح السيولة.
مع بدء أزمة شح السيولة وفرض المصارف قيودا مشددة على سحب الودائع خصوصا بالدولار في خريف 2019، فقدت العملة المحلية أكثر من 98 في المئة من قيمتها أمام الدولار.
ويشرح الخبير الاقتصادي اللبناني، نادر أن “انهيار أي عملة يحدث عندما يُفقد الثقة بها، وهي انعكاس للناتج المحلي الإجمالي في أي دولة، وعندما ينحسر الناتج المحلي ويتقلص الاحتياطي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي بسبب الفساد والهدر وغياب النمو تنهار العملة”.
وبدأت ملامح الانهيار الاقتصادي بالظهور في لبنان بالتزامن مع انطلاق تظاهرات شعبية غير مسبوقة في أكتوبر 2019 ضد الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وبتغليب منطق الصفقات في إدارة البلاد.
وتُحمل جهات سياسية ومحللون ومواطنون في لبنان حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة الذي كان يعد عراب استقرار الليرة، مسؤولية انهيار العملة الوطنية، وينتقدون بشكل حاد السياسات النقدية التي اعتمدها طيلة السنوات الماضية، باعتبار أنها راكمت الديون، إلا أنه دافع مرارا عن نفسه بتأكيده أن المصرف المركزي “مول الدولة ولكنه لم يصرف الأموال”، وفق تقرير لوكالة فرانس برس.
الدينار العراقي والدولار
الأكاديمي العراقي المشهداني يعزو أسباب انهيار بعض العملات الوطنية المرتبطة بالدولار إلى “فشل السياسات الاقتصادية التنموية، وانتشار الفساد فيها خاصة في بعض الدول التي تمتلك عوائد نفطية، حيث يتم نهب هذه الإيرادات، أو حتى في الدول غير النفطية التي تقوم الطبقة السياسية فيها بنهب موارد الدولة وتترك الشعب ليتعامل مع أزمات اقتصادية متلاحقة، إذ تصل الدولة لمرحلة عدم القدرة على السداد ويضع البنك المركزي يديه على أموال المودعين بحجة الحفاظ على احتياطي العملات الأجنبية مثلما ما حصل مع دولة عربية”.
وقال إن “العملات تفقد قيمتها الشرائية وينهار سعر صرفها غالبا عندما تبدأ تمويل موازناتها بعجز تموله عن طريق الاقتراض الداخلي والخارجي، وعندما تحين مواعيد السداد لا يوجد لديها ما يكفي من أجل سداد أقساط الدين، إذ تبدأ في بيع الأصول التي تمتلكها، وبعد ذلك تتوسع في الإصدار النقدي الجديد، ليتضخم عرض النقد أكبر من قدرة الاقتصاد على الاحتمال بسبب عدم اعتماده على عوامل زيادة الناتج المحلي الإجمالي أو زيادة عدد السكان”.
ويوضح المشهداني ذلك بمثال ما يحدث مع الدينار العراقي “إذ أن معدل النمو الاقتصادي بحدود 9 في المئة ومعدل نمو السكان 3 في المئة، لهذا يجب أن تكون أي زيادة في عرض النقد لا تتجاوز 12 في المئة سنويا، ولكن ما يجري حاليا ضخ حوالي 6 إلى 7 في المئة زيادة شهريا في السوق العراقية، وهو يشابه أيضا ما يحصل في سوريا وإيران وتركيا”.
ويستدرك أن “العراق لم يصل لمرحلة انهيار العملة، إذ أنه يمتلك احتياطيات كبيرة من الدولار يغطي النقد المصدر”،وأعرب عن مخاوفه “أن استمرار الإصدار النقدي للدينار العراقي من دون ضوابط قد يؤدي إلى الانهيار”، وعازيا انخفاض سعر صرف الدينار إلى “أخطاء في السياسات النقدية فيما يرتبط بالتحويلات المالية”.
ومنذ أشهر، يتأرجح الدينار العراقي بشكل حاد إذ خسر في بعض الأيام 15 في المئة من قيمته مقابل الدولار، ما أشعل مظاهرات متفرقة من قبل العراقيين القلقين من فقدان قوتهم الشرائية.
ولمواجهة هذه الدوامة، اقترح البنك المركزي العراقي في مطلع فبراير رفع قيمة العملة الوطنية بنحو 10 في المئة ورفع سعر الصرف من نحو 1470 دينارا إلى 1300 دينار للدولار الواحد.
ويعزو محللون ومسؤولون انخفاض قيمة الدينار إلى امتثال النظام المصرفي العراقي للوائح تحويل الأموال الدولية، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
ويتعين على البنوك العراقية الآن إدارة هذه التحويلات من خلال منصة سويفت الإلكترونية، وهي مرادفة لمراقبة أكثر صرامة للمعاملات، ولا سيما من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي يرفض أي تحويل يعتبر مشبوها.
واعترفت السلطات العراقية بأن النظام القديم سمح بالعديد من التجاوزات، إذ حصل بعض المستخدمين على دولارات من البنك المركزي عبر القنوات الرسمية، للقيام بعمليات غسل أموال في الخارج أو هروب رؤوس الأموال.
وبسبب حرمانهم من القنوات الرسمية، عاد هؤلاء المستخدمون إلى السوق الموازية، مما تسبب في زيادة الطلب.
ماذا يعني شح الموارد الدولارية للدول؟
وحول انهيار العملات الوطنية حتى التي يكون بعضها على ارتباط بالدول، قال الخبير الاقتصادي النحاس إن علينا تحديد أسباب التراجع في كل دولة بشكل منفصل “إذ أنها هناك دول يصبح لديها خلل في شح الموارد الدولارية، ما يدفعها إلى تخفيض قيمة عمليتها لتسديد التزاماتها المحلية، وهناك دول تقوم بتخفيض عملتها بشكل متعمد من أجل تشجيع صادراتها وجعل ميزانها التجاري لصالحها، وهناك دول تنهار أسعار صرفها وقيمتها الشرائية”.
ويبين أن ثبات سعر الصرف لا يعني ثبات القيمة الشرائية للعملة الوطنية، مثل ما يحدث في “الأردن، إذ تسبب ارتفاع تكاليف المعيشة بخفض القدرة الشرائية للدينار رغم ثبات سعر صرفه أمام الدولار”.
ويوضح أن ما حصل في لبنان من انهيار لليرة له أسباب اقتصادية وسياسية، و”رغم امتلاكهم لقطاع مصرفي قوي، إلا أن هناك خلل هيكلي في الاقتصاد له ارتباطات سياسية، تسببت فيما يحصل الآن”.
أظهرت بيانات رسمية مطلع مارس أن معدل التضخم السنوي في المدن المصرية قفز بأكثر من المتوقع إلى 31.9 في المئة في فبراير ووصل لأعلى مستوى في خمس سنوات ونصف، فيما سجل التضخم الأساسي زيادة قياسية بلغت 40.26 في المئة.
يأتي تصاعد التضخم في أعقاب سلسلة من قرارات خفض قيمة العملة التي بدأت في مارس 2022 وسط شح مستمر في العملة الأجنبية منذ فترة طويلة والتأخيرات المستمرة في الإفراج عن الواردات من الموانئ، بحسب وكالة رويترز.
“انهيار سعر الصرف والتصحيح الاقتصادي”
المحلل الاقتصادي الأردني، عامر الشوبكي يوضح أن “الارتباط بالدولار أصبح ركيزة للعديد من الدول،وذلك لثلاثة أسباب: فهو الأكثر تداولا في اتمام الصفقات المختلفة، وتعتمد عليه العديد من الدول في مخزون الاحتياطي الأجنبي في بنوكها المركزية، ناهيك عن أنه من أكثر العملات استقرارا وثباتا والتي تدعمها البيانات الأميركية التي يعلن عنها بشفافية بشكل دوري”.
ويقول في رد على استفسارات موقع “الحرة” إن حوالي 60 في المئة من احتياطيات البنوك المركزية حول العالم تكون من الدولار بحسب البيانات الدولية.
ويبين أن تغير سعر الصرف أو انهياره في بعض الأحيان ما هو إلا “تصحيح اقتصادي ليعكس القيمة الحقيقية للعملة الوطنية والتي يكون بعضها محددا بأسعار ثابتة أمام الدولار، ولكن عوامل مؤثرة ستدفع في بتعديل هذه الأسعار والتي قد تكون مرتبطة بأزمات اقتصادية أو سياسية”.
تحديات أمام استمرار هيمنة الدولار
وتشير دراسة أعدها مركز الأبحاث التابع للكونغرس الأميركي إلى وجود 3 تحديات لاستمرار هيمنة الدولار والتي من أبرزها تصاعد الدور الصيني في الاقتصاد العالمي والتي تحاول تعزيز استخدام عملتها بشكل أوسع عما هي عليه.
وتضيف أن التحدي الثاني هو “العقوبات المالية الأميركية” والتي تستفيد الولايات المتحدة منها على الصعيد السياسي، ولكن الخزانة الأميركية حذرت في أوقات مختلفة من أن الاستخدام المكثف للعقوبات المالية قد يهدد الدور المركزي للدولار والنظام المالي الأميركي، إذ أنه يدفع بعض الدول للبحث عن أنظمة أخرى لتقليل اعتمادهم على الدولار.
مايكل هارتنت محلل اقتصادي في “بنك أوف أميركا” قال في تحليل في مارس من 2022 إن “استخدام الدولار كسلاح في حقبة جديدة من العقوبات ستؤدي إلى انخفاض الدولار الأميركي”
أما التحدي الثالث، فهو ظهور العملات الرقمية والتي أوجدت أسواقا خاصة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تدرس إنشاء سلة عملات رقمية أميركية تدعم الحفاظ على مكانة الدولار في المدفوعات الدولية.
الكاتب الاقتصادي الأميركي، راندال فورسيت قال في مقالة نشرها موقع “بارونز” إن “الدولار الأميركي” إذا لم يواجه المشاكل التي يواجهها قد يكون “في مسار مشابه للمسار الذي اتبعه الجنيه البريطاني منذ قرن مضى ليصبح لعنة”.
وأضاف أن التهديد الأكبر هو “التخلف عن السداد إذا لم يرفع الكونغرس سقف الدين، إذا ما ترافقت مع عدم وضع الديون على مسار مستدام طويل الأجل”.
واستعرض المقال التبعات الاقتصادية التي لحقت بالصناعات الأميركية، ودفعها لنقل الإنتاج خارج الولايات المتحدة، ولكن بعد مشاكل سلاسل التوريد خلال جائحة كورونا دفعت بإعادة توطين الصناعات الأميركية في داخل الولايات المتحدة.
ما هي توقعات استمرار الدولار كعملة مهيمنة؟
خلال جائحة كورونا ظهرت مخاوف من تراجع الدولار كعملة مهيمنة، إذ يخشى خبراء من الإنفاق التحفيزي للحكومة الأميركية، وارتفاع سقف الديون، ولكن هذا لا يمنع من استمراره كعملة “أكثر جاذبية” خاصة في ظل عدم وجود بدائل موثوقة.
ويتوقع أن الدولار لن يتم تجاوزه كعملة احتياطية عالمية في أي وقت قريب، ولكن هناك عوامل قد تؤثر على هذا الأمر، منها التوسع في العقوبات الأميركية، وتضاؤل القيادة العالمية للولايات المتحدة، بحسب تقرير سابق لمجلة الإيكونومست.
وفي عام 2020 أكدت دراسة لصندوق النقد الدولي أنه “لا توجد أي مؤشرات على حدوث تغييرات كبيرة في تكوين عملات الاحتياطي لدى البنوك المركزية.. هناك أجواء كثيفة من عدم اليقين تكتنف الاتجاهات العامة الاقتصادية والمالية حول العالم”.
وأضافت أن البنوك المركزية قد تعيد النظر في تكوين الاحتياطيات وفي كيفية حيازتها في المستقبل، خاصة في ظل ظهور المنصات التقنية المتقدمة التي تستخدمها “العملات الرقمية”، ولكنه يتوقع أن يحافظ “الدولار على هيمنته كعملة للاحتياطيات” الأجنبية.
“الدولار عند مفترق طرق”
كبير خبراء مجموعة “أل بي أل” المالية، كوينسي كروسبي قال إن “الدولار الأميركي يجد نفسه مرة أخرى عند مفترق طرق مهم”.
وأضاف في حديث لشبكة “سي أن أن” مطلع مارس الماضي أنه “في حين أن الاحتياطي الفيدرالي لا يزال يعتمد على البيانات، فإن مسار الدولار أيضا لا يزال يركز على التضخم والاستجابة للسياسات النقدية للاحتياطي الفيدرالي”.
ويشير تحليل لمركز “بايبارتيسن بوليسي” إلى أن مستقبل الدولار على المدى القصير سيرتبط بعدة عوامل أهمها كيفية تعامل الكونغرس مع موضوع رفع سقف الدين للولايات المتحدة.
وزاد أنه إذا لم يوافق المشرعون على رفق سقف الدين قد تبدأ الولايات المتحدة في التخلف عن سداد التزاماتها المالية خلال الصيف المقبل، وهذا الأمر قد يؤدي إلى تخفيض كارثي في التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، ما قد يدفع المستثمرون إلى بيع أصولهم الأميركية والتحول لعملات أكثر أمانا.
وقالت وزير الخزانة جانيت يليين لشبكة “سي أن أن” في يناير الماضي إنه إذا تخلفت الولايات المتحدة عن دفع التزاماتها “سيقوض هذا الأمر دور الدولار كعملة احتياطية تستخدم في المعاملات التجارية حول العالم، والكثير من الأميركيين سيفقدون وظائفهم وسترتفع تكاليف الاقتراض”.
العالم من دون الدولار!
ويؤكد تحليل نشره موقع “كارينغي” أن الدولار هو العملة الأكثر استخداما في التجارة الدولية، ويصعب على الدول الأخرى حتى الصين أو روسيا تكرار أو استنساخ تجربة الدولار، خاصة وأنه يرتبط بشكل مباشر مع اقتصاد الولايات المتحدة التي تمتلك أعمق الأسواق المالية وأكثرها مرونة.
ويذكر أن توقف الدولار عن كونه عملة مهيمنة يتطلب إجراءات محددة من صانعي السياسة الأميركيين من تقليل قدرة الأجانب على استخدام السوق المالية الأميركية كـ”ممتص لاختلالات المدخرات العالمية”.
وأضاف أنه رغم الفائدة للولايات المتحدة من هذه الهيمنة إلا أنها تاتي مع مسؤولية وأعباء على الاقتصاد الأميركي للحفاظ على الدولار القوي.
وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن قوة الدولار تجعل الصادرات أقل قدرة على المنافسة بينما تؤثر على أرباح الشركات متعددة الجنسيات إذ ترفع تكلفة تحويل أرباحها بالعملات الأجنبية إلى الدولار، بحسب وكالة رويترز.
ويؤكد التحليل أن العالم الآن باستخدام الدولار وكأنه يستخدم “لغة مشتركة”، وفي حال التخلي عنها قد يكون جيدا للاقتصاد العالم ولكنه سيخلق عيوبا هيكلية في التجارة، ويدفع بتغييرات عميقة في الاقتصاد العالمي والتي تكون مزعجة سياسيا للعديد من البلدان.
المصدر: الحرة. نت