طهران- منذ وصول الرئيس إبراهيم رئيسي إلى سدة الحكم في إيران، تواجه حكومته تحديات عديدة على المستويين الداخلي والخارجي، إلا أن تزايد الضغوط الخارجية -إلى جانب تراجع قيمة العملة المحلية وارتفاع معدل التضخم- أثار انتقادات لاذعة لسياسة البلاد الخارجية لتفويتها فرصة إنقاذ الاتفاق النووي.
وفي السياق، أبرزت صحيفة “آرمان امروز” الإصلاحية -في نسختها الصادرة اليوم السبت- تصريحات حشمت الله فلاحت بيشه الرئيس الأسبق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان التي يرى فيها أن بلاده بحاجة إلى إعادة النظر في سياستها الخارجية المبنية على مبدأ الجزم في تحليل التطورات الدولية.
ويشير النائب السابق -المحسوب على التيار الإصلاحي- إلى أن التطورات الدولية باغتت بعض المسؤولين عن سياسة البلاد الخارجية، وعزا ذلك إلى اعتماد الدبلوماسية الإيرانية معتقدات بعض الأوساط وتحليلاتها والبناء عليها في السياسة الخارجية.
شتاء أوروبا القارس
ولعل التحليل القائم على مقولة “شتاء قارس ينتظر أوروبا” كان السبب الرئيس وراء تفويت فرصة إنقاذ الاتفاق النووي على طهران -وفق فلاحت بيشه الذي مثّل مدينة كرمانشاه في البرلمان طوال 12 عاما- مبيّنا أن “الوفد الإيراني المفاوض كان يُعوّل على الزمهرير الذي سيطلق أبواب الأوروبيين، لتلبية مطالبه في مفاوضات فيينا النووية”.
ويستدل فلاحت بيشه -الذي يعمل أستاذا للعلوم السياسية في جامعة العلامة الطباطبائي في طهران- بتصريحات أحد مستشاري الوفد الإيراني المفاوض، إذ سبق وقال إن “العديد من الدول الأوروبية جاءت إلى طهران وطلبت تصدير الغاز الإيراني عبر تركيا إلى أوروبا. وبناء على ذلك فإن عيون الدول الأوروبية شاخصة إلى الاتفاق النووي وتأمل إنقاذه خشية من حلول الشتاء الذي قد يشل الحركة فيها”.
وأشار إلى أن خبراء الطاقة في إيران سبق وأكدوا استحالة تصدير الغاز إلى أوروبا نظرا إلى حجم الإنتاج المحدود، وعدم توفر البنى التحتية لإيصاله إليها.
تحليل خاطئ
ويذكّر السياسي الإصلاحي بالتوجه الإعلامي في صحيفة “كيهان” المقربة من مكتب مرشد الثورة، ومطالبتها الوفد الإيراني المفاوض في سبتمبر/أيلول الماضي بالتريث لفترة شهرين انطلاقا من أن طهران لم تعد في عجلة من أمرها، وأن أزمة الطاقة ستدفع بالطرف المقابل إلى تلبية مطالب الجانب الإيراني في المفاوضات النووية.
وكان وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان قد بحث مع مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، ملف طهران النووي والعودة إلى المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي، على هامش مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في منطقة البحر الميت بالأردن الأسبوع الماضي، إلا أن واشنطن قالت إن الملف ليس محط تركيز إدارة الرئيس جو بايدن الآن.
وينتقد فلاحت بيشه الجزم في تحليل التطورات الدولية، مما يؤدي إلى مباغتة المعنيين عن سياسة البلاد الخارجية في مواجهة حقائق الساحة الدولية، ولا سيما بشأن العلاقات الإستراتيجية مع القوى الشرقية، وربط أزمة الطاقة بالاتفاق النووي.
إعادة النظر
ولدى إشارته إلى “لعب موسكو دورا مهما في سوق الطاقة” رغم العقوبات التي فرضت عليها منذ حربها على أوكرانيا، يوضح فلاحت بيشه أن بلاده طُردت من سوق الطاقة، وأنها تخسر مئات المليارات بسبب التخفيضات التي تقدمها لبيع النفط، منتقدا التصريحات الرسمية التي تعتبر “نهب الثروة النفطية إنجازا” على حد قوله.
ويؤكد النائب السابق أن العقوبات الأميركية كبّدت الاقتصاد الإيراني آلاف المليارات، داعيا إلى إعادة النظر في السياسة الخارجية لإبعاد شبح المخاطر المحدقة بالبلاد لأن “السياسة التي تعتمد الجزم في التحليل والأساليب التقليدية قد أمست منسوخة على مستوى العالم”.
ويوصي الرئيس الأسبق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان طهران بالعمل على خفض مستوى التوتر على الصعيد الخارجي، وتعزيز القدرات الدفاعية داخليا لتفادي تكرار التجربة الليبية في الجمهورية الإسلامية.
المصدر: الجزيرة. نت