شدّدت تحرير الشام من قيودها المفروضة على من يحاول إدخال المشتقات النفطية إلى مناطق سيطرتها في إدلب شمال غرب سوريا، من مناطق الجيش الوطني، مما أدى إلى طوابير سيارات أمام محطات المحروقات تمتد لمسافات طويلة، في حين لا تبدو أن أزمة المحروقات في طريقها للحل، بضغط من تركيا.
تعليمات جديدة
وقال مصدر مقرب من تحرير الشام ل”المدن”، إن إدارة الحواجز كثّفت من عناصرها على حاجزي الغزاوية ودير البلوط الفاصلين مع مناطق الجيش الوطني، من أجل منع إدخال حتى ليتر واحد من المشتقات النفطية إلى إدلب، موضحاً أن التعليمات الجديدة تمنع وبشكل قاطع مرور أي آلية من دون التحقق من مستوى الوقود في خزانها وخصوصاً البنزين، مع وجود صلاحية بثقب جميع الخزانات حال وجود كميات زائدة عن حاجة الآلية.
ويؤكد المصدر أن هذه التعليمات لا تستثني أحداً، حتى الذين يدخلون على دراجات نارية، لافتاً إلى أن تحرير الشام زادت من عناصر الشرطة النسائية المتواجدة على المعبرين من أجل تفتيش النساء بشكل دقيق، وخصوصاً من المخمرات اللاتي يحاولن إخفاء عدد من الليترات للاستفادة من فارق السعر من مادة البنزين المفقودة بشكل شبه في إدلب.
طوابير طويلة
وبثّ ناشطون مقطعاً مصوراً يُظهر إحراق عناصر تحرير الشام دراجة نارية بسبب محاولة مالكها إدخال عدد من الليترات عبر معبر دير البلوط، مؤكدين أن صاحبها تعرّض للضرب والإهانة من قبل العناصر الذين لم يحترموا وجود زوجته وطفله معه، وقاموا بإحراق دراجته أمام عينيه.
بالموازاة، أكدت مصادر محلية ل”المدن”، أن التشديد الكبير أدّى إلى تشكل طوابير طويلة على المعبرين مما يستدعي الوقوف لساعات قبل وصول الناس إلى منازلهم، معتبرين أن أداء عناصر تحرير الشام في إهانة وإذلال الناس بالشتائم يتفوق على ما كان يقوم به عناصر المخابرات والنظام السوري في السابق.
وقال رئيس المكتب الشرعي في “فيلق الشام” الشيخ عمر حذيفة في “تلغرام”: “ما شاء الله على تلك الحكومة التي تدّعي خدمة الوطن والمواطن وتلاحقهم على لتر البنزين والمازوت، فضلاً عن عمليات الابتزاز والامتهان والانتظار”. وتابع: “هل سمعتم بقهر الرجال! هذا هو قهر الرجال، لكن تذكروا ما قاله ابن خلدون: إذا كثرت الجباية أشرفت الدولة على النهاية”.
الهدف ليس مادياً
ولا يهدف زعيم تحرير الشام أبو محمد الجولاني من التضييق على تهريب المحروقات، للحصول على مقابل مادي بالدرجة الأولى، وإنما من أجل إثبات القوة والسيطرة، ولذلك فإن الجولاني يوجّه بحسب المحامي المنشق عن تحرير الشام عصام الخطيب، إلى عناصره والقيادات المسؤولة عن الحواجز بالتضييق على المدنيين بهدف إثبات ذلك.
ويقول الخطيب ل”المدن”، إن “سياسة إذلال المدنيين هي قديمة-جديدة وممنهجة من قبل الجولاني، يريد من خلالها الدفع بالناس جميعاً لإرسال أبنائهم كي يكونوا جنوداً تحت سلطته، مقابل الحصول على تسهيلات لإدخال المشتقات النفطية وغيرها من المواد كالتي يدخلها عناصره أمام أعينهم خلال دقائق، بينما هم ينتظرون لساعات في الطابور ليصلوا إلى منازلهم فقط”.
وبعد التطوع في تحرير الشام، يصبح العنصر تابعاً ومدافعاً شرساً عن الجولاني، ويعود ذلك بحسب الخطيب، إلى كمية الإغراءات التي حصل عليها غير التسهيلات، كالمرتب وحصص الإغاثة فضلاً عن دفع إيجار منزله وغيرها من المغريات التي تحول العناصر إلى جزء من مشروع الجولاني.
ضغط تركي
وتعاني مناطق سيطرة تحرير الشام من أزمة مشتقات نفطية وفقدان لمادة البنزين الذي يدخل معظمه من تركيا (المستورد) عبر معبر باب الهوى، فيما تحصل تحرير الشام على جزء من المادة عبر مناطق سيطرة قوات الديمقراطية (قسد) مروراً بمناطق سيطرة الجيش الوطني، لكنها تُكرر بدائياً هناك، مما يجعل منها غير صالحة إلا للدراجات النارية.
ويقول مصدر في الجيش الوطني ل”المدن”، إن أزمة المحروقات مستمرة بضغط من الجانب التركي في إدلب، ما دامت تحرير الشام مستمرة في المراوغة بشأن الانسحاب من مناطق الجيش الوطني في عفرين، لافتاً إلى أن جميع الانتهاكات التي يرتكبها عناصر الأمن العام التابعين لتحرير الشام في عفرين، تم وضعها على الطاولة في اجتماع قادة الفيالق الثلاثة مع وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة الجمعة.
ويضيف أنه جرى خلال الاجتماع وضع اللمسات الأخيرة على عملية تنظيم الجيش الوطني ضمن فيالق عسكرية ثلاثة، وبالتالي فإن النتائج ستظهر خلال شهر أو أقل، وضمنها إلزام الجولاني بمساعدة من الجيش التركي بالخروج بشكل نهائي من عفرين، لافتاً إلى أن وزارة الدفاع تسلّمت معبر الحمران من حركة “أحرار الشام- القاطع الشرقي” قبل يومين.
المصدر: المدن