يصادف في العاشر من كانون الأول ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 في قصر شايو بباريس، وذلك بموجب القرار 217 ووصف بأنه المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم وهو يحدد وللمرة الأولى حقوق الإنسان الأساسية، وقد صاغه ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم وترجمت تلك الوثيقة وماجاء فيها من حقوق إلى 500 لغة من لغات العالم.
يُعتبرُ الإعلانُ نصاً تأسيسياً في تاريخِ حقوق الإنسان والحقوق المدنية، ويتكونُ الإعلانُ من 30 مادة توضح بالتفصيل الحقوق الأساسية والحريات الأساسية للفرد، وتؤكد طابعها العالمي باعتبارها متأصلة وغير قابلة للتصرف وقابلة للتطبيق على جميع البشر، وقد تم اعتماده باعتباره معيارًا مشتركًا لجميع الشعوب والأمم، ويلزِم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الدولَ بالاعتراف بأن جميع البشر يولدون أحرارًا، ومتساوين في الكرامة والحقوق بغض النظر عن الجنسية ومكان الإقامة والجنس، والأصل القومي أو العرقي أو اللون أو الدين أو اللغة أو أي وضع آخر. يعتبر الإعلان وثيقة بارزة باعتبار أن لغته العالمية لا تشير إلى ثقافة أو نظام سياسي أو دين معين.
فقد ألهمت وثيقة حقوق الإنسان بشكل مباشر لتطوير القانون الدولي لحقوق الإنسان، وكانت الخطوة الأولى في صياغة الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والتي اكتملت في عام 1966 ودخلت حيز التنفيذ في عام 1976.
فعلى الرغم من أن الإعلان ليس ملزماً قانونياً، فقد تم تطوير محتويات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإدماجها في المعاهدات الدولية اللاحقة، والصكوك الإقليمية لحقوق الإنسان، والدساتير الوطنية والمدونات القانونية. فقد صادقت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة على واحدة على الأقل من المعاهدات التسع الملزمة التي تأثرت بالإعلان، وقد جادل بعض الباحثين القانونيين أنه نظرًا لاستدعاء الدول للإعلان باستمرار لأكثر من 50 عامًا، فقد أصبح ملزمًا كجزء من القانون الدولي العرفي، على الرغم من أن المحاكم في بعض الدول كانت أكثر تقييدًا بشأنه أثر قانوني. ومع ذلك، فقد أثر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على التطورات القانونية والسياسية والإجتماعية على المستويين العالمي والوطني، حيث تتضح أهميته جزئيًا من خلال ترجماته البالغ عددها 524 ترجمة، وهي أكثر من أي وثيقة جرى الاهتمام بها عبر التاريخ.
ما هي الحقوق التي نص عليها الاعلان العالمي لحقوق الانسان؟
لكل فرد حق في الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه. لا يجوز استرقاق أحد أو استعباده، ويحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما. لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة. لكل إنسان، في كل مكان، الحق بأن يعترف له بالشخصية القانونية.
كانت هذه مقدمة لا بد منها للتعرف على الطريقة التي نشأت بها الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان وكيف تطورت ووصلت إلينا بهذا الشكل وكيف أن غالبية الدول الأعضاء في مجلس الأمن قد تبنتها لا بل أدخلت الحقوق الواردة فيها في صلب و ضمن تشريعاتها ودساتيرها الوطنية.
ربما يكون هذا على الصعيد النظري ولكن هل طبقت الدول أو لنقل غالبية الدول ماجاء في لائحة حقوق الإنسان على شعوبها؟ عمليًّا هناك فجوة كبيرة بل وكبيرة جدًا بين النظرية وحقوق الإنسان على أرض الواقع والتي ألمحت إليها لائحة حقوق الإنسان وبين التطبيق العملي لها ولا سيما في دول العالم الثالث وخاصة في دول المنطقة العربية، فحقوق الإنسان في وادٍ وما يُفعل بشعوب المنطقة في واد أخر، فجميع ما جرى ذكره من حقوق الإنسان لا قيمة لها نهائيًا في واقع الأمر فما يحدث للإنسان في معتقده وفي حرية رأيه وجنسه وفي صور التنكيل الذي يتلقاها جعل حقوق الإنسان حبرًا على ورق، وليس هناك من ضمانات لإلزام الدول المعتدية على هذه الحقوق ومساءلتها.
في سورية على سبيل المثال وطيلة 12 عامًا من عمر الثورة السورية رأينا حقوق الإنسان وما فُعل بها من انتهاكات كبيرة جعلت مئات الآلاف من السوريين يُقتلون على مرأى ومسمع العالم من مجازر ومذابح وتعدٍ على حق الحياة لمجرد أنهم عبروا عن رأيهم ومارسوا حرياتهم في إبداء رأيهم في النظام الفاشي الذي يحكمهم ناهيك عن مئات أخرى من الآلاف في زنازين النظام المجرم والمغيبون قسريًا والذين لا يعلم بأحوالهم إلا الله، فأين هي حقوق الإنسان ممايجري في سورية وأين هم دعاته؟
ما حدث ويحدث في سورية يحدث الآن في العديد من دول المنطقة كإيران والعراق ولبنان واليمن وغيرها من الدول، فمعتقلات المنطقة العربية مليئة بمعتقلي الرأي الذين لم يرتكبوا ذنبًا سوى أنهم عبروا عن آرائهم في قضايا تهم وطنهم فكان مصيرهم إما القتل وإما التغييب والاختفاء القسري.
حقوق الإنسان يبدو أنها قد شرعت لأناس وأناس كما يقولون فهي تطبق على المجتمعات الغربية أما في المجتمعات العربية ودول العالم الثالث فلا تطبق، وحماة حقوق الإنسان يلتفون عن كل التجاوزات والمذابح والجرائم التي تحدث فدعاة حقوق الإنسان يتحركون حسب جنسية الإنسان وحسب دينه، فإن وقعت على غربي فالويل والثبور وعظائم الأمور وتكون جريمة لا تغتفر، أما إن كان غير هذا فجميع الانتهاكات تصبح مسألة فيها نظر.
المصدر: اشراق