على وقع توترات عسكرية وأزمات اقتصادية تضرب العالم، ومع تزايد حدّة السجال الأمريكي الصيني حول ملفات متعددة بينها تايوان، تفقد الزعيم الصيني، شي جين بينغ، أمس الثلاثاء، 8 من تشرين الثاني، مركز قيادة العمليات المشتركة للجنة العسكرية المركزية، لتطبيق توجيهات المؤتمر 20 للحزب الشيوعي بتعزيز قدرات الجيش وجاهزيته للقتال، حسب ما تناقلته وسائل الإعلام الصينية.
وقال شي، “إنه يتعين على الجيش بأكمله تكريس كل طاقته، (..) وتعزيز قدرته على القتال والانتصار”.
وفي وقت لاحق، اجتمع شي بممثلي مركز القيادة العسكرية، وأصدر تعليمات للقوات المسلحة لاتخاذ إجراءات ملموسة لمواصلة تحديث الدفاع الوطني والجيش.
وأشار الزعيم الصيني في اجتماعه مع القيادات العسكرية الصينية، إلى أنه في الوقت الحاضر تتسارع وتيرة التغيرات “الكبيرة” في العالم، والتي لم يشهدها منذ قرن.
وشدد الرئيس الصيني على أن الأمن الوطني للصين يواجه مزيدًا من عدم الاستقرار، وأن مهامه العسكرية لا تزال “شاقة”.
الهيمنة الخارجية وانتهاكات داخلية
واجه حكم الزعيم الصيني إدانة دولية لانتهاكات حقوق الإنسان والحملات القمعية ضد الأقليات الدينية والعرقية في منطقة شينجيانغ، ومنطقة التبت، ومنغوليا الداخلية.
لكن شي أكد أن حزبه “سيظل ملتزمًا بالمبدأ القائل، إن الأديان في الصين يجب أن تكون صينية في التوجه”، حسب ما ذكرته صحيفة “الجارديان” البريطانية، في 16 من تشرين الأول.
احتفظ شي بعدم تخلي بلاده عن الاستخدام المحتمل للقوة ضد تايوان، التي تدّعي أنها تابعة لها، وتهدد بضمها بالقوة، وقال، “سنواصل السعي من أجل إعادة التوحيد السلمي، لكننا لن نعد أبدًا بالتخلي عن استخدام القوة”، وفقًا لما نشرته وكالة الأنباء (AP) الشهر الماضي.
وعقب زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، آب الماضي، كثّفت بكين جهودها لترهيب التايوانيين، من خلال مناورات عسكرية بالقرب من الجزيرة، وتَعتبر زيارات الأمريكيين إلى تايوان تشجيعًا للجزيرة، لجعل استقلالها أمرًا رسميًا.
وترى بكين أن تايوان ليس لها الحق في إقامة علاقات خارجية، ولا توجد علاقات رسمية بين الجانبين، لكنهما مرتبطان بمليارات الدولارات من التجارة والاستثمار.
تصاعد في القوة
على مدى العقود القليلة الماضية، نمت الصين لتصبح مركز التصنيع في العالم، وأكبر مصدر للسلع، ما حوّلها من سوق ناشئة إلى قوة اقتصادية عظمى.
اتسمت فترة رئاسة الزعيم الصيني شي بالطموحات الكبيرة، إذ تتمثل رؤيته في جعل الصين القوة العالمية الرائدة بحلول عام 2049، وذلك في الذكرى المئوية للحكم الشيوعي.
وبينما كانت تشهد كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تحديًا لتفوقهما الاقتصادي، ظهرت الصين، وبين عامي 2002 و2022 شهدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تراجعًا في حصتهما من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بنفس الفترة التي ارتفعت فيها حصة الصين.
وتعد الصين الدولة الثانية عالميًا بعد الولايات المتحدة بالإنفاق في مجال التطور الفضائي، ووضعت خلال العام الماضي، أول وحدة من محطتها الفضائية تيانقونغ أو “قصر السماء”، وتعتزم إضافة المزيد من الوحدات، مثل مختبر العلوم “مينغشيان”، بحلول نهاية العام.
وعلى الصعيد العسكري تستمر الصين بتطوير الجهاز العسكري بحرًا وبرًا وجوًا، فمنذ 2001، تحتل الصين المرتبة الثانية في الإنفاق العسكري، حسب قاعدة بيانات SIPRI للإنفاق العسكري.
ويثير التقدم الذي يحرزه الصينيون في مجالات تقنيات الصواريخ والأسلحة النووية والذكاء الإصطناعي قلقًا جديًا لدى العديد من المراقبين الغربيين، الذين يعتقدون أن انقلابًا جذريًا يجري في ميزان القوة العسكرية على النطاق العالمي.
مخاوف أجنبية
قال وزير الدفاع الأسترالي، ريتشارد مارليس، اليوم الأربعاء، أنه طلب من الجيش الأسترالي مراجعة الضمانات العسكرية، بشأن مخاوف من أن بكين تقوم بتجنيد طيارين لتدريب جيش التحرير الشعبي الصيني، حسب ما نقلت أسوشيتد برس (AP) الإخبارية.
وأمر مارليس، في تشرين الأول الماضي، بالتحقيق في التقارير التي تفيد بأن الصين قد اتصلت بأفراد عسكريين أستراليين سابقين ليصبحوا مُدربين.
وقال مارليس، “في المعلومات التي قدمتها لي وزارة الدفاع الآن، هناك مخاوف كافية في ذهني لدرجة أنني طلبت من وزارة الدفاع المشاركة في فحص مُفصّل حول السياسات والإجراءات التي تنطبق على أفراد الدفاع السابقين، وخصوصًا من لديهم أسرار أمتنا”.
وأصدرت وزارة الدفاع البريطانية الشهر الماضي تحذيرًا استخباراتيًا، تحذر فيه الطيارين العسكريين السابقين والحاليين من برامج البحث عن الكفاءات الصينية التي تهدف إلى تجنيدهم في الجيش التحرير الشعبي الصيني، حسب ما نقلت (AP).
وقال وزير القوات المسلحة البريطاني، جيمس هيبي، إن السلطات البريطانية، ستعتبر هذه الأنشطة التدريبية جريمةً قانونيةً يعاقب عليها الطيارين الملتحقين.
ونشرت (BBC) على موقعها على الإنترنت الشهر الماضي، أن تقارير رسمية لوزارة الدفاع البريطانية، قالت فيها “إن طيارين سابقين في الجيش البريطاني يتعرضون لمحاولات إغواء بمبالغ كبيرة لنقل خبرتهم إلى الجيش الصيني”.
ورجحت التقارير أن حوالي 30 طيارًا حربيًا سافروا إلى الصين لتدريب أفراد في الجيش الصيني، إذ أكد مسؤولون غربيون أن هناك محاولات مستمرة من قبل الصين للبحث عن طيارين أكفياء، لكن بكين بدأت تكثيف البحث في الفترة الأخيرة.
وتشترك أستراليا والمملكة المتحدة البريطانية بمخاوفهم مع كندا، إذ تقتنص الصين الخبرات العسكرية الأجنبية، وتوظفهم لديها كمدربين عسكريين ذوي خبرات وكفاءات، لتحصد أكبر قدر ممكن من المهارات العسكرية لاسيما الأجنبية منها.
وتصنف الصين، حسب مؤشر القوة العالمية، في المرتبة الثالثة من بين 142 دولة، لهذا العام، بعد الولايات المتحدة وروسيا، وتواصل الصين زيادة قدرات الحرب البحرية والجوية والبرية، وتمتلك ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
المصدر: عنب بلدي