تتداول الأوساط السلفية المناهضة لهيئة تحرير الشام في إدلب معلومات حول تنفيذ الهيئة حملة اعدامات طاولت أعداداً كبيرة من المعتقلين في سجونها مؤخراً، بعضهم متهم بالانتماء لتنظيم “داعش” وآخرون يتبعون لتنظيمات سلفية مناهضة. ومن بين الذين تم إعدامهم، سلفيون مهاجرون من جنسيات عربية وأجنبية اعتقلتهم تحرير الشام خلال السنوات الأربع الماضية بتهم مختلفة.
الحملة الأضخم
وقالت مصادر سلفية متطابقة ل”المدن”، إن “حملة الاعدامات بدأت قبل مدة، وهي الأضخم خلال السنوات القليلة الماضية، فخلال أسابيع تم إعدام أكثر من 200 معتقل، بينهم نساء، بتهم متنوعة”. وأضافت أن “الإعدامات طاولت عناصر في خلايا تتبع لتنظيم داعش، وعناصر يتبعون لتنظيمات سلفية قاتلتها تحرير الشام خلال الأعوام الأربعة الماضية، بينهم عناصر من السعودية والمغرب ومصر، والعدد الأكبر منهم عناصر سوريون من محافظة إدلب ومن باقي المحافظات السورية”.
وأوضحت المصادر أن “بعض من تم إعدامه متهم بجرائم قتل وقطع طرق، أو العمالة للنظام والأجهزة الأمنية التابعة له، وهؤلاء ألقي القبض عليهم خلال الحملات الأمنية التي استهدفت خلايا النظام والتي نفذها الجهاز الأمني التابع لتحرير الشام أكثر من مرة خلال العامين الماضيين”، مشيرة إلى أن “المعتقلين موزعين على سجون منتشرة في ريف إدلب، وتمت عمليات الإعدام في مناطق الأحراش البعيدة عن المناطق الآهلة بالسكان”.
معتقلون مصيرهم مجهول
وبحسب المصادر، “يشتكي أهالي المعتقلين من إخفاء تحرير الشام لمصير أبنائهم في سجونها، حتى أولئك الذين يتم إعدامهم من دون أي محاكمات علنية، وبعض المعتقلين في سجونها مضى على اعتقاله أكثر من خمس سنوات، ولا تعرف عائلاتهم أي معلومات عنهم”.
وأشارت المصادر إلى أن “المعتقل عبيدة أحمد دللو، يمثل شريحة واسعة من المعتقلين مجهولي المصير في سجون تحرير الشام”. ودللو من مواليد قرية احسم في ريف ادلب، وتم اعتقاله من قبل تحرير الشام منذ بداية العام 2015، عندما كان عمره 18، وقد مضى على اعتقاله 7 سنوات، وعائلته لا تعرف عنه أي شيء، ولم يحصلوا على أي معلومة من تحرير الشام التي يراجعون مكاتبها الأمنية في كل فروعها بالمنطقة.
يبالغ السلفيون المناهضون لتحرير الشام بأعداد المعتقلين الذين أعدمتهم “تحرير الشام” في سجونها في الفترة ما بين العامين 2015 و2022، إذ يؤكد فريق منهم أن الأعداد بالآلاف. ويتداول السلفيون معلومات عن مئات المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب، أو بسبب الأمراض التي أصيبوا بها داخل السجون. وقال المنشق عن “تحرير الشام” السلفي المصري طلحة المسير على تلغرام، إن “سفّاح إدلب أبو محمد الجولاني أعدم في المحاكم المجرمة الطاغية التي يسميها أمنية من يفوق عددهم مجموع ما أعدمه جمال عبد الناصر والسادات ومبارك خلال سبعين سنة في المحاكم المجرمة المتعلقة بالقضايا العسكرية والأمنية والسياسية”.
مقابر جماعية
وأضاف المسير “لا نبالغ بالأرقام، سيأتي يوم يبحث فيه الناس عن أولادهم في المقابر الجماعية التي أقامها سفاح إدلب ويجمعون أسماء الضحايا الذين لم يعاملوا بعدل الإسلام ولا بما بقي عند الجاهليين من نظم إدارية، ليسطر التاريخ بالوثائق سيرة مجرم خائن سفاح لئيم”.
وتضطر تحرير الشام في كثير من الأحيان لإطلاق سراح المعتقلين الذين يتمتعون بقاعدة شعبية وأنصار كثر، ومثال ذلك حادثة اعتقال عضو المكتب الإعلامي في حزب “التحرير” ناصر عبد الحي بداية أيلول/سبتمبر، حيث لم يمضِ سوى أيام قليلة على اعتقاله حتى أطلقت الهيئة سراحه بسبب ضغط أنصار الحزب الذين واصلوا احتجاجاتهم ضدها في الأتارب ومخيمات دير حسان شمالي إدلب.
وحال ناصر عبد الحي حال كثيرين من الشخصيات السلفية التي تم اعتقالها، وهم من قيادات الصف الأول والثاني في التنظيمات التي فككتها الهيئة خلال الأعوام الماضية، واضطرت إلى إطلاق سراحهم بسبب الضغط المستمر من قبل أتباعهم، وبسبب شهرتهم، كما أن شريحة واسعة من المعتقلين في قضايا العمالة للنظام ولقسد، أو لأحد الفصائل المعارضة المناهضة لتحرير الشام، أو معتقلين بجرائم جنائية ومالية، هناك فرصة لإطلاق سراحهم بعد دفع عائلاتهم لفديات مالية تتراوح بين 5 و25 ألف دولار أميركي، أو يطلق سراحهم بوساطات وجهاء محليين وشخصيات عشائرية.
ويرى فريق من السلفيين أن الانتهاكات التي ترتكبها تحرير الشام وحملات الإعدام التي تنفذها بحق المعتقلين، ترجع في قسم كبير منها إلى العشوائية في إدارة الملف الأمني، فبرغم ترويجها المستمر لجهازها الأمني في نواحي التنظيم والانتشار، والكفاءة المزعومة، إلا أن الجهاز ما يزال منقسماً ويديره عدد من الأمراء المقربين من زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني، وكل أمير من هؤلاء لديه رؤيته الخاصة في ما يخص المعتقلين وفي التعامل مع الملف الأمني في القطاع الذي يديره.
المصدر: المدن