ذهبت معظم الحركات المدنية والتيارات السياسية العلمانية في العراق إلى خطاب موحد، اتفق إلى حدٍّ ما مع توجهات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي يواصل شحن تياره وأنصاره للاحتجاج في المنطقة الخضراء، وسط العاصمة بغداد، ضد العملية السياسية، وللمطالبة بإجراء انتخابات جديدة بعد العمل على تعديل بعض فقرات الدستور.
وذكر 12 حزباً وحراكاً عراقياً مدنياً، في بيان موحد، بعد اجتماع في مقر “الحزب الشيوعي العراقي” استمر حتى ساعة متأخرة من مساء أمس الثلاثاء، وتوصل إلى تحالف مبدئي يضم هذه الأطراف بعنوان “قوى التغيير”، أنه “مضت 10 أشهر على إجراء انتخابات تشرين 2021، ولم تتمكن الكتل السياسية المتنفذة، من معالجة الأزمة السياسية المستفحلة منذ سنوات، بل والإصرار على نهج المحاصصة الطائفية والإثنية، وصراع المصالح الضيقة”.
ولفت البيان إلى أن ذلك أدى إلى “عجز مجلس النواب عن تأديته مهامه الدستورية، واستمرار حالة الانسداد السياسي التي انعكست آثارها السلبية على عموم أبناء شعبنا، وباتت تهدد السلم المجتمعي”.
وأكدت الأحزاب “موقفها الثابت من عملية التغيير الشامل، بالطرق السلمية، الذي يفضي إلى بناء الدولة المدنية الديمقراطية، القائمة على أساس المواطنة والعدالة الاجتماعية”.
ودعت قوى “التغيير”، إلى “حل مجلس النواب الحالي. وعلى رئيس الجمهورية والنواب المستقلين والقوى الوطنية الضغط من أجل تحقيق ذلك، وتشكيل حكومة تحظى بقبول سياسي وشعبي، وتكون مهمتها الشروع في اتخاذ خطوات عملية على طريق التغيير وتشمل، محاسبة قتلة المتظاهرين والكشف عن مصير الناشطين المغيبين، وتحريك ملفات الفساد الكبرى وتقديم الفاسدين للعدالة، واتخاذ إجراءات ملموسة لحصر السلاح بيد الدولة”.
وشدد البيان على أن “تأخذ الحكومة على عاتقها العمل من أجل ضمان تحقيق مستلزمات إجراء الانتخابات العادلة والنزيهة، بأشراف أممي، ومنها: تطبيق قانون الأحزاب، بما يمنع الفاسدين والأحزاب التي لديها أذرع مسلحة من المشاركة في العملية الانتخابية، وضمان استقلالية المفوضية العليا للانتخابات”.
ودعت “قوى التغيير” أيضاً، بعثة الأمم المتحدة في العراق، إلى “دعم تطلعات العراقيين، في تحقيق نظام حكم سياسي ديمقراطي حقيقي، ورعاية حوارات قواه السياسية الوطنية”، فضلاً عن تنفيذ “إجراءات ملموسة، في مقدمتها مراجعة تفسيرات المحكمة الاتحادية، بشأن (الكتلة الأكبر) ونصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وخرق التوقيتات الدستورية”.
ووقع على البيان كل من (الحزب الشيوعي العراقي، وحزب البيت الوطني، والتيار الاجتماعي الديمقراطي، وحزب الأمة العراقية، وحركة نازل آخذ حقي، والحركة الفيلية، وحراك البيت العراقي، حزب الوعد، حزب أبناء النهرين، والمجلس التشاوري، وحركة تشرين الديمقراطية”.
لحوار وطني شامل
في غضون ذلك، أعلن عدد من النواب المستقلين في البرلمان العراقي، موقفهم من التطورات السياسية الراهنة. وجاء في بيان مشترك ضمَّ 14 نائباً، أن “معالجة الأزمة تتطلب حواراً وطنياً شاملاً تختلف عن الحوارات السابقة تشترك فيه كل القوى السياسية والمجتمعية دون استثناء وتهميش، من أجل الوصول إلى حل شامل يقدم المصلحة العامة للشعب، ودعم المبادرات الخاصة بهذا الشأن، على أن تتضمن اختلافاً واضحاً في السلوكيات والمنهجيات السابقة وأن تنطلق من المؤسسات الدستورية”.
وأكد النواب “سعيهم لتعديل بعض فقرات الدستور، التي كانت عائقاً أمام التطور السياسي، وأن يكون التعديل ملبياً لمطالب الشعب في رفض المحاصصة ومحاسبة المفسدين”.
ويواصل أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لليوم الخامس على التوالي، اعتصامهم داخل المنطقة الخضراء في قلب العاصمة العراقية بغداد ومبنى البرلمان، في خطوة قطعت الطريق أمام تحالف “الإطار التنسيقي” الذي يضم قوى حليفة لإيران لتشكيل الحكومة، فيما تتسع دائرة الدعم الشعبي والعشائري للاعتصامات.
استعراض حزبي
في السياق، قال رئيس حراك “البيت العراقي” محيي الأنصاري، إن “الصراع الدائر في المشهد السياسي العراقي لا يتعدى كونه استعراضاً حزبياً بين طرفين يتنازعان السلطة منذ 20 عاماً، ومن غير المنطقي أن “قوى التغيير” نفسها في مساحة لا ناقة لها فيها ولا جمل”.
وبيّن الأنصاري لـ”العربي الجديد”، أن “طرفي الصراع (التيار الصدري والإطار التنسيقي) يحاولان إلقاء اللوم على بعضهما البعض بشأن تراكم الفشل، لكننا ندعم التغيير وصعود البديل السياسي، بعد فشل كل الأحزاب المتنفذة منذ الاحتلال الأميركي ولغاية الآن”.
من جهته، أشار عضو التيار الصدري عصام حسين، إلى أن “الدعم الشعبي والسياسي من قبل الكيانات الوطنية، وتحديداً الأحزاب والحراكات الناشئة والمستقلة للصدريين في احتجاجاتهم ومطالبهم، متوقعة، لأن التعديلات الدستورية باتت ضرورة لإنقاذ العراق”.
وأكد حسين لـ”العربي الجديد”، أن “الحراك الصدري حالياً سيستمر ولن يتوقف حتى تحقيق المطالب، وأبرزها تعديل الدستور ومنع التأثيرات السياسية في القضاء العراقي”.
من جهته، بيَّن المحلل السياسي غالب الدعمي، أن “مواقف جميع القوى الوطنية حتى التي لم تظهر للإعلام، واضحة، لأن ما يقوم به الصدر من حراك يمثل شريحة عراقية أرادت بكل الطرق التعبير عن مواقفها، وأن الصدر اختصر الطريق وفرض مطالبه الشعبية”.
واعتبر الدعمي في اتصال مع “العربي الجديد”، أن “المواقف الوطنية التي صدرت عن قوى التغيير والنواب المستقلين كانت ستظهر، حتى لو تأخرت، وهو مساندة جيدة بالنسبة إلى الصدر في الاستمرار بخطوط سلمية، منها الاحتجاجات، لإبعاد الأحزاب الفاسدة عن التحكم بالعمل السياسي”.
المصدر: العربي الجديد