أجرت القوات الأميركية الموجودة في قاعدة التنف جنوبي سوريا تدريبات عسكرية مع الفصيل المعارض جيش “مغاوير الثورة” باستخدام منظومة “هايمرز” الصاروخية الأميركية، في ظل الحديث عن توتر روسي-أميركي، واتجاه لدى واشنطن لتغيير سياستها مع موسكو في الشرق الأوسط وخصوصاً سوريا.
وقال جيش مغاوير الثورة في منشور على “فايسبوك” الأربعاء، إن الهدف من التدريبات هو “إظهار مهارات الجنود وقدرتهم على الدفاع عن سكان المنطقة ضد أي هجوم”. لكن الفصيل لم يحدد موعد دقيق للتدريبات واكتفى بالقول إنها “جرت مؤخراً”.
وكان موقعٌ للمغاوير في التنف الواقعة في منطقة ال55 على المثلث الحدودي بين سوريا-العراق-الأردن، قد تعرّض للقصف من قبل طائرات حربية روسية منتصف حزيران/يونيو. وقالت موسكو إن سبب الاستهداف كان هجوماً قام به الفصيل ضد قوات النظام السوري في المنطقة.
وفي هذا السياق، قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية نقلاً عن مسؤول عسكري أميركي إن “المسؤولين العسكريين الروس أخطروا الأميركيين قبل 35 دقيقة فقط من الغارة”، مضيفة أن الحادث جزء من محاولة أوسع من قبل أعداء الولايات المتحدة لتأكيد الهيمنة في المنطقة مع المراهنة على أن الولايات المتحدة لن تقوم برد قوي.
ويبثّ الفصيل المعارض المدعوم من قبل واشنطن تدريبات ومناورات بشكل دوري على معرفاته الإعلامية، لكن ظهور منظومة “هايمرز” ذات الدقة العالية بهذا التوقيت، ربما يحتوي على إشارات من قبل الولايات المتحدة إلى روسيا.
وحذرت الكاتبة الأميركية بووني كريستيان، العضو بمركز الأبحاث “أولويات الدفاع”، في مقال بمجلة “نيوزويك” من اندلاع حرب “غير ضرورية” بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا. وقالت إن حوادث احتكاك عديدة وقعت بين القوات الروسية والأميركية في سوريا، تهدد بإشعال تلك الحرب، رغم وجود “خط اتصال” بين الطرفين يضمن وقوع الكارثة.
وتحدثت بووني عن الغارة الروسية على قاعدة التنف والتي أتت في وقت قريب من احتكاك جوي حصل بينما كانت القوات الأميركية تهاجم “صانع قنابل” تابع لتنظيم “داعش”، إذ نشرت روسيا مقاتلتين من طراز “سوخوي-34″، ولم تنسحب إلا بعد أن انطلقت طائرات أميركية من نوع “إف-16” لتحذيرها.
وذكرت الكاتبة أن قيادات عسكرية أميركية تحدثت بقلق عن هذه التطورات، ونقلت عن مسؤول القيادة المركزية الجنرال ديريك كوريلا قوله: “نسعى لتجنب سوء التقدير أو أي إجراءات قد تؤدي إلى صراع غير ضروري.. هذا هدفنا، لكن سلوك روسيا الأخير كان مستفزاً وتصعيدياً”.
ورأت الكاتبة أن اندلاع الحرب في أوكرانيا، وموقف الولايات المتحدة وحلفائها الداعم بقوة للأوكرانيين، زاد من حدة توتر الأوضاع في سوريا، وشددت على أن الطريق الأضمن لتفادي حرب مباشرة بين الجانبين هو إنهاء الوجود العسكري الأميركي في سوريا.
من جهته، اعتبر المحلل العسكري العميد أحمد رحال أن فصيل مغاوير الثورة ليس من ضمن الأدوات التي قد تلجأ واشنطن والتحالف الدولي لاستخدامها على ضوء الخلاف الدائر مع روسيا على الهيمنة والسيطرة.
وقال ل “المدن”، إنها ليست المرة الأولى التي يجري فيها تدريب الفصيل المعارض على منظومة “هايمرز”، معتبراً أن التدريبات الحالية لا تحمل أي رسائل تهديد لأي طرف.
وتابع أنه “بلا أدنى شك هناك خلاف روسي-أميركي في سوريا، لكن الاصطدام بينهما مستبعد”، معتبراً أن هناك خطوطاً حمراء موجودة في سوريا أبرزها الصدام بين هاتين القوتين.
وكان القائد العام لمغاوير الثورة العميد مهند الطلاع قد التقى بنائب القائد العام لعملية “العزم الصلب” العميد كارل هاريس في قاعدة التنف نهاية حزيران/يونيو.
وأوضح الفصيل أنه خلال الزيارة تمت مناقشة آخر التطورات في المنطقة، وبحث آليات العمل المشترك من أجل تحقيق هزيمة نهائية وكاملة ل”داعش” في سوريا، مضيفاً أنه يتطلع إلى استمرار التعاون الوثيق مع قوات التحالف من أجل تحقيق هذا الأمر.
المصدر: المدن