قصفت الطائرات الروسية فجر الاثنين، أطراف منطقة دارة عزة شمال غربي حلب، وطاولت الغارات أطراف قرية بازبهر وموقع برج حيدر، وحلقت الطائرات الحربية والاستطلاع على ارتفاعات متوسطة وعالية في سماء المناطق التي تنتشر فيها قواعد الجيش التركي بريف إدلب.
قصف استفزازي
وقال مصدر عسكري معارض ل”المدن”، إن “القصف الجوي الروسي بدا استفزازياً، فالمواقع التي طاولها القصف في منطقة دارة عزة تقع على مسافة قريبة من نقاط وقواعد للجيش التركي، وتركزت الغارات على المنطقة الفاصلة بين مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في عفرين شمال حلب، ومناطق سيطرة هيئة تحرير الشام في دارة عزة وإدلب”.
وأضاف المصدر أن “جبهات القتال شهدت تحركات غير مسبوقة لقوات النظام التي قصفت بالمدفعية قرى كفر تعال وكفر نوران غرب حلب، وامتد القصف البري الذي كان أكثر كثافة إلى جبهات منطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب والتي شهدت اشتباكات متقطعة بين الفصائل في غرفة عمليات الفتح المبين وقوات النمر، وردت الفصائل بقصف مواقع النظام بالهاون وبالصواريخ محلية الصنع، والذي تركز على محاور ريف منطقتي معرة النعمان وسراقب في الجبهات الشرقية”.
ظهور “تاو” مع تحرير الشام
وتمكنت هيئة تحرير الشام من تدمير مركبة عسكرية لقوات النظام تحمل رشاشاً ثقيلاً في محور مدينة كفرنبل جنوب إدلب بصاروخ مضاد للدروع من طراز “تاو” الأميركي، وهذه المرة الأولى منذ بداية العام 2022 التي تستخدم فيها تحرير الشام هذا النوع من الصواريخ، وهو ما يثير تساؤلات حول امتلاكها “تاو” الذي صادرت كميات كبيرة منه خلال قتالها للفصائل المعارضة في الفترة ما بين العام 2015 و2019.
وقالت مصادر عسكرية ل”المدن”، إن تحرير الشام “قد حصلت على كميات مقبولة من الصواريخ المضادة للدروع وليس فقط التاو الأميركي، لتمكنها من التصدي لقوات النظام في حال قررت روسيا التصعيد وإطلاق عملية برية، أو على الأقل تستفيد منها في تحقيق معدلات استنزاف أكبر لقوات النظام والتحول من تكتيك الاستهداف بالقناصة إلى تكتيكات ضرب المجموعات المتحركة”.
وشهدت منطقة العمليات الجنوبية في جبل الزاوية وصول رتل عسكري تركي يضم معدات عسكرية ومعدات تحصين، ودفعت الفصائل بتعزيزات عسكرية نحو جبهات كبانة والمرتفعات الجبلية في ريف اللاذقية الشمالي والتي تعرضت مؤخراً لقصف جوي روسي غير مسبوق.
تبادل رسائل
وتوقع المحلل العسكري النقيب عبد السلام عبد الرزاق في حديث ل”المدن”، أن “يتواصل التصعيد الروسي والتحركات الاستفزازية اتجاه الوجود العسكري التركي في إدلب وعموم مناطق شمال غربي سوريا”، مضيفاً أن “التصعيد المفترض يندرج في إطار الرسائل التي يتم توجيهها لتركيا، فالأخيرة لديها أيضاَ الكثير من أوراق الضغط، لذا استبعد تصاعد التوتر وصولاً إلى حملة برية أو حملة قصف مركزة، وسيبقى مستوى التصعيد عند هذا الحد على الأقل خلال الأسبوعين القادمين”.
من جهته، قال القيادي في الفصائل المعارضة العقيد مصطفى بكور ل”المدن”، إن “الفصائل لم ترصد مؤخراً أي تحركات غير روتينية لقوات النظام والمليشيات الروسية في جبهات إدلب” واستبعد أن تؤثر الغارات التي تنفذها طائرات روسيا بين الحين والآخر على التفاهمات الروسية التركية بخصوص الحفاظ على خفض التصعيد في إدلب.
انسحاب من سراقب؟
وبالتزامن مع التصعيد الروسي على مناطق شمال غربي سوريا تداولت أوساط النازحين من منطقة سراقب شرقي إدلب معلومات تتحدث عن تفاهم مفترض بين روسيا وتركيا يقضي بانسحاب قوات النظام من المنطقة لحساب المعارضة، وتسهيل عودة النازحين إلى المنطقة، وبعض الشائعات المتداولة تحدثت عن إمكانية عقد صفقة بين الجانبين يتم بموجبها انسحاب النظام من حلب أيضاَ ودخول المعارضة إليها بدعم تركي. وبحسب المعلومات المتداولة فإن الصفقة المفترضة هي تطبيق عملي للمنطقة الآمنة التي تريد تركيا تجهيزها لعودة ملايين اللاجئين في أراضيها.
لكن عبد الرزاق استبعد الشائعات المتداولة، وقال: “القوة لعسكرية هي التي ترسم الحدود والمفاوضات وليس العكس، أي لا يمكن استعادة منطقة خسرتها بالمعارك أن تعود بالمفاوضات، لذا استبعد انسحاب النظام من أي منطقة، فالأخير لديه سعي متواصل لإحراز تقدم جديد والسيطرة على مناطق إضافية ولا يمكن أن يقبل بالخسارة”.
المصدر: المدن