استغل رئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي ذكرى حلول العام الأيزيدي الجديد ليقدم التهنئة للأيزيديين في العراق الذين يقطنون في بلدة سنجار بمحافظة نينوى، واعداً بإكمال العمل على إنصاف ضحاياهم، والعمل على تحرير ما تبقى من مختطفيهم.
ولم يتطرق الكاظمي كسائر رؤساء الحكومات العراقية السابقين إلى جزء مهم من المشكلة التي تعاني منها سنجار، والمتمثل بسيطرة “حزب العمال الكردستاني” على جبال وقرى محيطة بالبلدة منذ عام 2015، بينما تسيطر مليشيات تابعة للحزب تطلق على نفسها تسمية “وحدات حماية سنجار”، على المدينة.
بمناسبة العام الإيزيدي الجديد، أتقدم بأحرّ التهاني لأبناء شعبنا من الإيزيديين متمنيا لهم الخير والسلام، ونستذكر بألم الجرائم التي ارتكبها داعش بحقهم وبحق العراقيين. بهذه المناسبة أؤكد ضرورة اكمال العمل على تحرير المتبقي من المختطفين، وإنصاف الضحايا.
وعلى الرغم من المناشدات المتكررة لوضع حد للوضع المتدهور بسنجار، إلا أن حكومتي حيدر العبادي (2014 – 2018)، وعادل عبد المهدي (2018 – 2019، والتي لا تزال حكومة تصريف أعمال)، لم تتخذ أي إجراءات لإخراج مسلحي “حزب العمال الكردستاني”، واقتصرت المطالبات بذلك على مسؤولين وأحزاب في إقليم كردستان العراق، إذ دعا رئيس “الحزب الديمقراطي الكردستاني” مسعود البارزاني، في وقت سابق، إلى تسليم سنجار (المتنازع عليها بين بغداد وأربيل) إلى أهلها.
مسؤول محلي سابق في سنجار قال لـ”العربي الجديد”، إن الحياة معطلة في المدينة منذ تحريرها من سيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي قبل خمس سنوات، مؤكدا أن نسبة غير قليلة من النازحين قررت عدم العودة إلى سنجار بسبب الأحكام التعسفية للمليشيات الموالية لـ”حزب العمال الكردستاني”، التي مارست ضغوطا كبيرة على الإدارة المحلية السابقة التي اضطر أغلب عناصرها إلى المغادرة باتجاه إقليم كردستان العراق.
وبين أن المعلومات التي ترد من داخل سنجار تشير إلى أن المظاهر المسلحة لـ”وحدات حماية سنجار” لا تفارق المدينة، مشيرا إلى تقديم مناشدات متكررة للسلطات العراقية بهدف التدخل لتخليص سنجار من هيمنة “حزب العمال الكردستاني” والمليشيات الموالية له، إلا أن هذه المناشدات لم تجد استجابة، وبقي اهتمام الحكومات المتتالية منصبا على إطلاق الوعود بشأن رعاية النازحين، والبحث عن المخطوفين.
من جانبه، يرفض عضو البرلمان العراقي، ماجد شنكالي، استمرار وجود “حزب العمال الكردستاني” في سنجار، مضيفا في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “وجودهم غير منطقي ولا يمكن تبريره”.
وتابع أن “حزب العمال الكردستاني هو حزب تركي، فإذا كان يعمل للحصول على حقوق الشعب الكردي، فعليه أن يعمل للحصول عليها داخل الأراضي التركية، وأن وجوده في سنجار وغيرها من المناطق أعطى ذريعة للقوات التركية لتنفيذ كثير من الهجمات التي ذهب على أثرها ضحايا، سواء في سنجار أو مناطق أخرى في إقليم كردستان”.
وأوضح شنكالي “أنا كسياسي من أهالي سنجار أطالب الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بالعمل على إنهاء ملف حزب العمال الكردستاني في سنجار”، مبينا أن أهالي سنجار عانوا كثيرا خلال فترة النزوح التي تلت اقتحام تنظيم “داعش” الإرهابي للمدينة (عام 2014).
وبين أن ما تم تقديمه من السلطات العراقية للمتضررين من الكارثة التي وقعت بحق الأيزيديين يبقى دون مستوى الطموح، لافتا إلى وجود نحو 3 آلاف مخطوف ومخطوفة من الأيزيديين لم يتم العثور عليهم، فضلا عن القتلى والمفقودين.
وأضاف “يجب على الحكومة أن تعمل على إعادة المختطفين بجدية، لأنه لا حكومة العبادي ولا حكومة عبد المهدي بذلت أي جهد في إعادة المختطفين”، موضحا أن كل ما قدمته الحكومات يبقى دون مستوى الطموح.
وبالإضافة إلى الإرباك السياسي الذي تعيشه سنجار، تعاني أيضا من توتر أمني بسبب أحداث أمنية متكررة.
وقالت خلية الإعلام الأمني العراقية، الثلاثاء الماضي، إن عنصرين من “وحدات حماية سنجار” قتلا، وأصيب 3 آخرون بتفجير منزل مفخخ في منطقة القحطانية الواقعة قرب جبل سنجار.
وفي يناير/ كانون الثاني من العام الحالي، أعلن عن مقتل قيادي في “وحدات حماية سنجار” في قصف جوي استهدف منطقة سنوني التابعة لسنجار، وقال مسؤولون عراقيون إن طائرات تركية هي التي نفذت القصف.
ولم يقتصر التوتر الذي تسبب به وجود “حزب العمال الكردستاني ” على الأراضي العراقية على سنجار، بل امتد ليشمل مناطق أخرى شمالي البلاد، إذا أعلنت خلية الإعلام الأمني العراقية، الأربعاء الماضي، عن قصف تركي استهدف مخيماً يقيم فيه نازحون من أكراد تركيا، بالتزامن مع اختراق طائرة تركية مسيرة الأجواء العراقية وتحليقها فوق عدة بلدات شمالي البلاد، وأوضحت الخلية أنّ امرأتين قاطنتين في المخيم قتلتا في القصف.
يُشار إلى أنّ مخيم مخمور، الواقع شرقي الموصل، يضم عشرات الأسر الكردية التركية، وسبق لسلطات إقليم كردستان العراق أن اتهمت “حزب العمال الكردستاني”، المحظور من قبل أنقرة، بالسيطرة على مخيم مخمور الذي كانت تشرف عليه الأمم المتحدة، وأوضحت أنّ مقاتلي الحزب قاموا بتحويله إلى قاعدة عسكرية لإعداد المقاتلين، بحسب تصريحات سابقة لمدير بلدة مخمور، رزكار مصطفى، الذي أكد أن المخيم يجري فيه تجنيد من قبل مسلحي “حزب العمال الكردستاني”.
وبحسب الباحث في الشأن السياسي الكردي أحمد خوشناو، فإن وجود “حزب العمال الكردستاني” في سنجار ومناطق عراقية أخرى لم يعد شأنا كرديا بحتا، بسبب تضرر بعض المناطق من هذا الوجود، مؤكدا لـ”العربي الجديد”، أن الحكومة العراقية مطالبة بموقف ثابت من وجود الحزب في سنجار.
وأوضح أن صمت السلطات العراقية عن وجود “حزب العمال الكردستاني” المسلح على الأراضي العراقية غير مبرر، ولا سيما أن عناصر بالحزب متهمون باغتيال دبلوماسي تركي في أربيل العام الماضي، وتنفيذ عمليات مسلحة خارج الحدود، مبينا أن الحل يكمن بالتنسيق بين سلطات بغداد وأربيل لحسم هذا الملف الذي يأخذ أبعادا سياسة وأمنية واجتماعية.
المصدر: العربي الجديد