أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أمس الثلاثاء، فرض عقوبات على عدة مصارف روسية، وفروعها وعدد من أبناء النخبة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذين يشغلون مناصب قيادية في عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة.
وكشفت الوزارة أنها فرضت عقوبات على 42 شركة روسية تابعة لمصرفي “فنيش ايكنوم بنك” و”بروم سفياز بنك” (بنك الاتصالات الصناعي) في روسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا وهونغ كونغ، وكذلك نادي “تسسكا” لكرة القدم وخمس سفن.
اقتصرت لائحة العقوبات الأميركية على ثلاثة من أبناء الشخصيات القريبة من بوتين
وحسب بيان الوزارة، لن يكون المصرفان قادرين على ممارسة الأعمال التجارية في الولايات المتحدة، وسيُفصَلان عن النظام المالي الأميركي، وتُجمَّد أصولهما فيها. وقلل مصرف “بروم سفياز بنك” من تأثير العقوبات في أنشطته، مؤكداً، في بيان، أنه يعمل بشكل طبيعي.
ضغط أميركي على النُّخَب الروسية ومصالحها
وفي تطور لافت، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات شخصية على أبناء الحلقة الأقرب إلى بوتين، وأدرجتهم في القائمة بصفتهم الشخصية والمهنية، في توجه على ما يبدو لزيادة الضغط على هذه النُّخَب ومصالحها، بعد تولي الأبناء من الجيل الثاني مناصب حساسة.
والملاحظ أن القائمة لم تتضمن جميع أبناء المسؤولين، واقتصرت على ثلاثة منهم، ما يفتح المجال مستقبلاً لفرض عقوبات على صف واسع من “الجيل الثاني” للكرملين، وهو المصطلح المستخدم لوصف الطبقة السياسية والاقتصادية والمالية الجديدة التي نمت في العقد الأخير، وتتألف أساساً من أبناء أصدقاء بوتين الذين صعدوا معه في العقدين الأخيرين.
اقتصاد دولي
5 مصارف روسية تحت سيف الحظر
وقالت وزارة الخزانة، في تبريرها للعقوبات الشخصية على أبناء المسؤولين الثلاثة، إن “النُّخَب المقربة من بوتين تواصل الاستفادة من قربها من الرئيس الروسي لنهب الدولة الروسية، وإثراء أنفسهم، ورفع أفراد عائلاتهم إلى بعض أعلى مناصب السلطة في البلاد على حساب الشعب الروسي”.
الأوليغارشية استخدمت أفراد الأسرة لإخفاء الثروات
واعتبرت أن “الأوليغارشية، الخاضعة للعقوبات، استخدمت أفراد الأسرة لنقل الأصول وإخفاء ثرواتهم الهائلة”. وأكدت أن الدفعة الجديدة في العقوبات “تستهدف الروس الأقوياء في الدائرة المقربة من بوتين، الذين يُعتقد أنهم يشاركون في نظام الكليبتوقراطية (حكم اللصوص) للنظام الروسي وأفراد عائلاتهم.
تولى فلاديمير كيرينكو المسؤولية عن عملية التحول الرقمي، التي رصدت لها الحكومة تريليونات الدولارات
وأوضحت الوزارة أن العقوبات تشمل تجميد الممتلكات والأصول الموجودة في الولايات المتحدة، أو في حوزة أو سيطرة أي أشخاص أميركيين. وأكدت أنه يجب إبلاغ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، ومنع الشركات الأميركية من التعامل معهم من دون ترخيص خاص، ومنع حصولهم على قروض أو أي خدمات مالية.
وأبناء المسؤولين المدرجون في العقوبات الجديدة هم فلاديمير كيرينكو، وبيوتر فرادكوف، دينيس بورتنيكوف.
فلاديمير كيرينكو
ولد فلاديمير كيرينكو في عام 1983، وتخرج من مدرسة الاقتصاد العليا في موسكو في عام 2005. وحصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال التنفيذية من كلية موسكو للإدارة.
وهو ابن سيرغي كيرينكو، رئيس الوزراء الروسي لمدة ستة أشهر سبقت أكبر انهيار مالي في تاريخ البلاد في أغسطس/ آب 1998، والرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية الروسية “روس آتوم”، وحالياً النائب الأول لإدارة الكرملين، والمسؤول عن الإشراف على السياسة الداخلية. وهو مدرج على قائمة العقوبات الأميركية منذ ربيع 2021.
بدأ فلاديمير حياته المهنية في 2005 عضواً في مجلس إدارة مصرف “غرانتيا” الذي أسسه والده في 1993. وفي 2006 ترأس مجلس إدارة محطة ” فولغا” التلفزيونية، وكان مالكاً لأكثر من نصف أسهمها، وفي الوقت ذاته، شغل منصب المدير المالي في مؤسسة “كابيتال” المالية للتمويل. وفي 2011 أصبح كيرينكو الابن المالك الوحيد لشركة الإقراض ورئيس مجلس إدارتها.
وفي 2013 أسس مع أحد أصدقائه صندوقاً استثمارياً برأس مال أولي قدره 47.8 مليون دولار، دفعه كيرينكو كاملاً، الذي استثمر في شركات روسية وإسرائيلية ناشئة في مجال التقنيات العالية.
وفي نهاية 2016 عُيِّن فلاديمير كيرينكو في منصب النائب الأول لرئيس هيئة الاتصالات الروسية “روس تيليكوم”، مسؤولاً عن التطوير وإدارة التسويق المؤسسي، وتنسيق الأنشطة التجارية للفروع الإقليمية الكلية ووظائف الأعمال، فضلاً عن قيادة الاتجاهات الجديدة لتطوير أعمال الهيئة.
وتولى المسؤولية عن عملية التحول الرقمي، التي رصدت لها الحكومة تريليونات الدولارات في السنوات الأخيرة. وفي ظل إدارته للعملية، أُطلِقَت منصات رقمية جديدة، وأُنشئت مراكز البيانات والسحب، وطُوِّر نظم أمن المعلومات في الهيئة الحكومية.
ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2021، عين كيرينكو الابن رئيساً تنفيذياً لمجموعة “VK” التكنولوجية. وتملك المجموعة شبكات التواصل الاجتماعية الرئيسية في روسيا، وهي “فكونتاكتي” و”ادنوكلاسنيكي”، وخدمات البريد الإلكتروني ومحركات البحث، وبرامج مراسلات، وغيرها.
وحصلت المجموعة بداية العام الحالي على عقد حكومي بقيمة 450 مليار روبل (الدولار يساوي نحو 80 روبل) لتطوير برنامج “التطبيق الذكي”، الذي من المقرر أن تستخدمه المؤسسات الحكومية في مراسلاتها الخاصة بدلاً من التطبيقات الأجنبية.
بيوتر فرادكوف
إضافة إلى صلة القربى بوالده ميخائيل فرادكوف، رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية بين 2007 و2016، ورئيس الوزراء بين 2004 و2007، عزت وزارة الخزانة الأميركية العقوبات المفروضة على بيوتر فرادكوف إلى دوره في قطاع الصناعات الدفاعية والخدمات المالية.
يشغل بيوتر حالياً رئيس مجلس إدارة مصرف “بروم سفياز بنك”، وهو من مواليد 1978. ويعمل أخوه الأصغر بافل (مواليد 1981) نائب مدير أعمال بوتين. تخرج بيوتر من معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية باختصاص الاقتصاد العالمي، وانتقل إلى لندن، وحاز شهادة علمية من كلية كينغستون للأعمال.
وعمل ما بين عامي 2000 و2004 في منصب نائب ممثل مصرف “فنيش ايكنوم بنك” الحكومي في الولايات المتحدة. وتدرج في المناصب في المصرف إلى منصب نائب رئيس مجلس الإدارة. وفي 2015 عُيِّن رئيساً لمركز التصدير الروسي المعنيّ بتنظيم صادرات البلاد الخارجية والترويج للصناعات الروسية في الخارج.
فرضت عقوبات على بيوتر فرادكوف لدوره في قطاع الصناعات الدفاعية والخدمات المالية
وفي بداية 2018 ترأس بيوتر مصرف “بروم سفياز بنك” الحكومي، الذي يتمثل تخصصه الرئيسي بإجراء عمليات بناء على أوامر وزارة الدفاع والعقود الحكومية الضخمة.
وإضافة إلى منصبه في المصرف، يترأس بيوتر فرادكوف مجلس الخبراء لتطوير الأدوات المالية والتدابير غير المالية، لدعم مؤسسات المجمع الصناعي العسكري في إطار لجنة مجلس الدوما (البرلمان) الروسي في قضايا الدعم القانوني لتطوير مجمع الصناعات العسكرية الروسي.
واندمج مصرف “روس كوسموس بنك”، المعنيّ بتمويل أعمال هيئة الفضاء الروسية “روس كوسموس”، في ربيع 2021 في “بروم سفياز بنك”. وأعلن المصرف، في بيان في أغسطس 2020، أن حجم قروض البنك لتطوير قطاع التصنيع العسكري بلغت 900 مليار روبل (الدولار حينها بحدود 65 روبل).
دينيس بورتنيكوف
والشخصية الثالثة التي تعرضت للعقوبات الأميركية هي دينيس بورتنيكوف (مواليد 1974)، وهو نائب رئيس مجلس إدارة مصرف”VTB” الروسي، ونجل رئيس جهاز الأمن الفيدرالي ألكسندر بورتنيكوف.
بعد إنهاء الدراسة الجامعية في جامعة سانت بطرسبورغ للاقتصاد والتمويل، عمل دينيس بورتنيكوف في بعض المصارف الصغيرة، قبل أن يُعيَّن في 2011 رئيساً لمركز مصرف “في تي بي” الإقليمي في شمال غرب روسيا. ولاحقاً في العام ذاته دخل إلى مجلس إدارة المصرف الحكومي، وبات نائباً لرئيس مجلس الإدارة.
ومعلوم أن “في تي بي” ثاني أكبر مصرف روسي، بعد “سبير بنك”. يشار إلى أن بورتنيكوف الأب مدرج منذ عام 2014 على قائمة العقوبات الأميركية.
وذكرت وزارة الخزانة الأميركية أن بورتنيكوف الابن أضيف إلى اللائحة، نظراً لصلة القربى ببورتنيكوف الأب، الذي أكدت أنه ما زال مدرجاً على قائمة العقوبات، لدوره سابقاً وحالياً، في أحداث أوكرانيا، بصفته عضواً دائماً في مجلس الأمن الروسي ورئيساً لهيئة الأمن الفيدرالي.
المصدر: العربي الجديد