قصفت قوات النظام السوري أرياف إدلب شمال غربي سوريا، بينما جددت وزارة الدفاع الروسيّة، مزاعمها بشأن تخطيط فصائل عسكرية لتنفيذ ما قالت إنّه «استفزازات كيميائية» في محافظة إدلب. وزعم مركز «المصالحة الروسي» التابع لوزارة الدفاع الروسية أن «هيئة تحرير الشام» تخزن «حاويات بها مواد سامة ويعتزمون شن هجمات بأسلحة كيميائية يتهمون بها القوات السـورية».
وادعى نائب رئيس المركز الأدميرال فاديم كوليت، «تلقي المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة معلومات تفيد بأن مسلحين من جماعة جبهة النصرة الإرهابية (هيئة تحرير الشام المحظورة في روسيا الاتحادية) قاموا بتخزين حاويات بها مواد سامة في ملجأ تحت الأرض بالقرب من مدينة سرمدا في محافظة إدلب».
وأضاف «حسب المعلومات المتوفرة، يعتزم الإرهابيون تنظيم استفزازات من أجل اتهام قوات الحكومة السورية باستخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين». وتأتي هذه المزاعم في إطار الادعاءات المراوغة التي تسوقها روسيا، منذ سنوات، لتغطية ضلوعها باستخدام السلاح الكيميائي الذي استخدمه الحلف السوري – الروسي أكثر من مرة ضد الشعب السوري.
ميدانياً، شهد محور آفس في ريف إدلب الشرقي، مواجهات متبادلة بالرشاشات الثقيلة، بين قوات النظام والميليشيات المساندة له من جهة، والفصائل المعارضة من جهة أخرى، كما قصفت قوات النظام صباح الجمعة، أماكن في البارة وسفوهن والفطيرة وفليفل في ريف إدلب الجنوبي. وفي البادية، نفذت 5 مقاتلات حربية روسية نحو 20 غارة جوية على مواقع في باديتي التبني والبوكمال في ريف دير الزور، ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتفاع الضربات الجوية الروسية إلى 112 طالت مواقع التنظيم في البادية السورية منذ 22 تشرين الثاني/نوفمبر. ويرتفع تعداد الغارات الإجمالية التي نفذتها الطائرات الحربية الروسية منذ مطلع تشرين الثاني الجاري إلى أكثر من 562، نفذتها على مواقع متفرقة يعتقد أنه يتوارى ضمنها عناصر تنظيم «الدولة».
اعتقالات في درعا
وإلى الجنوب السوري، اعتقلت قوات تابعة للمخابرات الجوية الجمعة، 5 أشخاص من البدو، بعد مداهمة خيام النازحين المتواجدة شرق بلدة الغارية الشرقية وحتى الكرك الشرقي في ريف درعا، ما أسفر عن وقوع اشتباكات مع مقاتلين معارضين للنظام السوري. وقال المسؤول الإعلامي لدى تجمع أحرار حوران، أبو محمود الحوراني إنّ قوات النظام ومجموعات محلية «اشتبكت مع مقاتلين معارضين خلال محاولتهم مداهمة خيام النازحين من عشائر البدو في منطقة خربة القنية بين الكرك الشرقي والغارية الشرقية». وخلال عملية الدهم، اعتقلت قوات النظام أكثر من 5 أشخاص من أبناء منطقة اللجاة، ونقلتهم إلى مدينة درعا، بعد سرقة المواشي من «أبقار وأغنام» ومقتنيات الأهالي، مشيرًا إلى أن قوات النظام أضرمت النار في الخيام، قبل عملية الانسحاب.
وتستهدف المخابرات الجوية منذ فرض سيطرتها على المنطقة الشرقية لدرعا، العشائر، حيث تشهد المنطقة حملات دهم واعتقال بشكل شبه يومي «مستهدفةً خيام العشائر النازحة من منطقة اللجاة وريف السويداء، والتي يعمل أصحابها في مجال الزراعة ورعي الأغنام في مناطق عدة من الريف الشرقي للمحافظة، ومن بين المواقع التي دهمتها قوات النظام، الخيام الواقعة على الطريق الواصل بين المسيفرة والغارية الشرقية، والخيام المتواجدة على طريق داعل – خربة غزالة، إضافة لعشرات المزارع شرقي بلدة ناحتة، قتلت خلالها شبّاناً واعتقلت آخرين».
في غضون ذلك، حذر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أمس، ضابطاً لدى قوات النظام السوري من التعامل مع «حزب الله» جنوب البلاد. وكتب أدرعي، في تغريدات عدة عبر تويتر إنه تم «كشف النقاب عن النقيب بشار الحسين، قائد سرية الاستطلاع في اللواء 90 التابع لقوات النظام، وهو من سكان حي عكرمة الواقع في مدينة حمص. ووصف المتحدث باسم جيش الاحتلال الحسين بأنه «يعد بمثابة خلية صلة الوصل بين قيادة الجنوب التابعة لحزب الله والفيلق الأول للجيش السوري» موضحاً أنه «على تعاون وثيق مع الحاج هاشم المسؤول عن قيادة الجنوب ونجله جواد هاشم المسؤول عن منطقة الفرقة السابعة في قيادة الجنوب».
السويداء: محاولة تهدئة
وأضاف أدرعي أن الحسين، وبحكم منصبه، يقوم «في إطار مهمته في سرية الاستطلاع بجمع ودراسة نقاط المراقبة وإقامة دوريات مختلفة على طول الجبهة الأمامية، تطول المنطقة العازلة التي تحظر اتفاقية فك الاشتباك الموقعة عام 1974 الوجود العسكري السوري فيها». وتابع: « كجزء من مهامه، يرافق المدعو بشار عناصر حزب الله كما يقوم بتنسيق ومعالجة وتصليح نقاط المراقبة التابعة لحزب الله وأحياناً لإيران، كما غالباً ما يستخدم حزب الله بيانات نقاط المراقبة التي يديرها الضابط السوري» لافتاً إلى أن المدعو بشار واللواء 90 الذي ينتمي إليه يتعاملان، مع «حزب الله» وإيران «مستغلين الوضع الصعب في جنوب سوريا والواقع السيئ الذي يعاني منه السكان المحليون» لافتاً إلى أن الجيش الإسرائيلي «يراقب عن كثب ما يحدث على الجانب الآخر من الحدود».
وفي السويداء، وضمن مساعي الأهالي الحثيثة في خفض التوتر والسيطرة على الفلتان الأمني، عقدت بعض الفصائل المحلية، وفعاليات اجتماعية، ودينية، اجتماعاً في منزل المرجع الديني سليمان عبد الباقي، لبحث التطورات الأخيرة على ساحة المحافظة. ووفقاً لصفحة «السويداء 24» فقد حضر الاجتماع «قسمٌ من شرفاء من الفصائل ومصابين وذوي شهداء ممن دافعوا عن الجبل وحموه طوال سنين الأزمة لتاريخ اليوم». وكان الهدف «التوضيح بشكل لا لبس فيه ما جرى في الماضي ويجري الآن وما نريده في المستقبل من الحكومة المركزية وما يمثلها في المحافظة».
وناقش المجتمعون، «التهميش الذي تتعرض له السويداء، خدمياً واقتصادياً وأمنياً» وتطرق الاجتماع لحادثة اقتحام المشفى الوطني، التي اعتبرها المجتمعون رسالة من السلطة للمجتمع، في أن أجهزتها قادرة على فرض القوة المسلحة، حتى لو كان داخل ممرات مشفى، «بدون أي اعتبار لحرمة المشفى وما يضمه، وهو أمر مرفوض جملة ًوتفصيلاً قانونياً واجتماعياً. فالأولى هو القبض على المجرمين الجنائيين، بالطرق القانونية، دون إرهاب وإطلاق النار في ممرات المشفى لاستعراض القوة».
كما أعلنوا رفض استبدال «العصابات الأمنية، بعصابات حكومية، ونيتهم التصدي بالقوة لأي ممارسات عنيفة وغير قانونية، كما شددوا على ضرورة إعادة تفعيل الضابطة العدلية، وحماية القضاء، وتأمين متطلباته، لكي يكون الحكم الشرعي، وكف يد الأجهزة الأمنية في الشؤون المدنية، والسماح للقضاء بالعمل دون تدخل، وهو أحد السبل لضبط الشارع، بالإضافة إلى إقالة مدراء المؤسسات الخدمية من مياه وكهرباء ومحروقات ومحاسبتهم قضائيا». وشهد الاجتماع طروحات جريئة وجادة، تم الاتفاق بعده، على عقد اجتماع موسع في دار عرى، بحضور الزعامات الدينية والتقليدية للجبل، غداً، شريطة حضور محافظ السويداء، للتباحث في شؤون المحافظة، في ظل التطورات الأخيرة، والتدهور المستمر للأوضاع المعيشية والأمنية، وللخروج بصيغة مشتركة يتم التفاهم عليها للمرحلة المقبلة.
المصدر:«القدس العربي»