لم يؤدِّ أي حدث في القرن الحادي والعشرين إلى هيكلة الولايات المتحدة ودورها في العالم بمقدار ما فعلته حوادث 11 سبتمبر (أيلول). في الواقع، اخترقت تلك الهجمات حالة التهاون التي سادت في العقد الذي أعقب “الحرب الباردة”، وحطمت الوهم بأن التاريخ سينتهي بانتصار العولمة التي تقودها أميركا. في المقابل، أدى الحجم الذي بلغته استجابة الولايات المتحدة [حيال تلك الحوادث] إلى إعادة صياغة الحكومة الأميركية والشؤون الخارجية والسياسة والمجتمع بطرق تستمر في توليد الهزات الارتدادية. لذا، لا يمكن للأميركيين أن يفهموا ما أصبحت عليه بلادهم والدروب التي ينبغي أن تسلكها، إلا من خلال التحقيق في التجاوزات المرتكبة في تلك الاستجابة.
من الصعب المبالغة، وفي الحقيقة من السهل التقليل من تأثير 11 سبتمبر بكل المقاييس، إذ شكلت “الحرب على الإرهاب” أكبر مشروع في فترة الهيمنة الأميركية التي بدأت مع انتهاء “الحرب الباردة”، وقد وصلت الآن إلى مرحلة الغسق فيها. على مدار 20 عاماً، شكلت مكافحة الإرهاب الأولوية الرئيسة لسياسة الأمن القومي في الولايات المتحدة، بالتالي أعيد تصميم آلية الحكومة لخوض حرب لا نهاية لها في الداخل والخارج. وأصبحت الوظائف الأساسية، من إدارة الهجرة إلى بناء المرافق الحكومية إلى الشرطة المحلية مؤمنة بشكل كبير، وكذلك جوانب الحياة اليومية كالسفر، والخدمات المصرفية، وبطاقات الهوية. وبطريقة موازية، استخدمت الولايات المتحدة القوة العسكرية في أفغانستان والعراق وليبيا وباكستان والفيليبين والصومال واليمن وعدد من الدول الأخرى. وهكذا، أصبح الإرهاب قضية بارزة في كل علاقات واشنطن الثنائية والمتعددة الأطراف تقريباً.
واستطراداً، أعادت الحرب على الإرهاب تشكيل الهوية القومية الأميركية. فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، كانت الولايات المتحدة دولة تفتقر إلى ذلك الإحساس بوحدة الهدف الذي عززته “الحرب الباردة”. وانتهى وضوح الصراع الأيديولوجي بين الديمقراطية الرأسمالية والأوتوقراطية الشيوعية، بين العالم الحر والمجتمعات المنغلقة. بعد 11/9، حشد الرئيس جورج دبليو بوش التطلعات إلى هوية أميركية موحدة ووجهها نحو صراع يمتد أجيالاً. وكذلك أعلن أن الحرب على الإرهاب ستكون على قدم المساواة مع النضالات التاريخية ضد الفاشية والشيوعية.
في ذلك السياق، جاء تأطير بوش مكافحة الإرهاب كحرب تعريفية حاسمة، وعالمية المدى وتمتد أجيالاً عدة، ليجسد شكلاً فاعلاً من القيادة بعد مأساة وطنية غير مسبوقة (ضربات 11/9)، لكنها أدت إلى تجاوزات وعواقب غير مقصودة. وسرعان ما أساءت الحكومة الأميركية استخدام سلطتها في المراقبة والاحتجاز والاستجواب. وصارت الحروب في أفغانستان والعراق أكثر بكثير من مجرد القضاء على “القاعدة”. وهكذا، ارتبطت الديمقراطية الأميركية مع تغيير النظام العسكري بطرق قوضت صحتها في الداخل وشرعيتها في الخارج. أما الانتصارات التي وعد بها بوش وإدارته، والتي تنبأت بها وسائل الإعلام المحافظة بلا كلل، فإنها لم تتحقق قط، ما أدى إلى إضعاف ثقة الأميركيين في الحكومة وتسبب بالبحث عن كبش فداء داخلي. في الواقع، تحولت القومية الشوفينية في حقبة ما بعد 11/9 مباشرةً إلى مزيج من الخوف وكراهية الأجانب، قادا في النهاية إلى ظهور الرئيس دونالد ترمب، الذي أشاد بإنهاء الحروب في الخارج وأعاد استخدام خطاب الحرب على الإرهاب لمهاجمة مجموعة غير محددة من الأعداء في الوطن.
والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة لديها الآن رئيس ملتزم التزاماً حقيقياً بإنهاء “الحروب الأبدية” في البلاد. ويتضح تصميم الرئيس جو بايدن على ذلك من خلال قراره سحب القوات الأميركية من أفغانستان، وبشكل أكثر وضوحاً من خلال الأجندة العالمية التي وضعتها إدارته. في أول خطاب لبايدن أمام الكونغرس الأميركي، في أبريل (نيسان) 2021، وكذلك في كلمة ألقاها في قمة “مجموعة الدول السبع الكبرى” خلال يونيو (حزيران) 2021، استبدل الإرهاب بتحديات القضاء على الوباء، ومكافحة تغيير المناخ، وإعادة إحياء الديمقراطية، وإعداد الولايات المتحدة وحلفائها من أجل منافسة دائمة مع الصين الحازمة. إذاً، بعد 20 عاماً، يتخذ بايدن خطوات في نقل البلاد إلى فترة جديدة من التاريخ، تمثلها حقبة ما بعد 11 سبتمبر.
وعلى الرغم من ذلك، لا تزال البنية التحتية الواسعة للحرب على الإرهاب قائمة، وتستمر صلاحياتها في التأثير على تنظيم الحكومة الأميركية، ونشر الجيش الأميركي، وعمليات أجهزة الاستخبارات الأميركية، ودعم واشنطن الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط، ولكن على غرار الحال في إدارة أوباما، تقيد تلك الحقائق قدرة الولايات المتحدة على التحرك بشكل حاسم كي تتجاوز حقبة ما بعد 11 سبتمبر، وتقود إنعاشاً عالمياً للديمقراطية، وتدعم نظاماً عالمياً مستنداً على القواعد. بالتالي، سيتطلب محور الجهد الحقيقي خطوات أكثر دراماتيكية على غرار إعادة تشكيل أو تفكيك جوانب مشروع الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر، وتغيير العقلية الأمنية التي شجعت الاستبداد في الداخل والخارج. في الواقع، لا تستطيع حكومة الولايات المتحدة إنهاء الحروب الأبدية إذا كانت مصممة على خوضها. كما لا يمكنها أن تنشط الديمقراطية إذا انتهى الحال بتلك الديمقراطية دائماً في الجهة الخاسرة من مقايضات الأمن القومي.
وفي الوقت نفسه، بات ما تمثله الولايات المتحدة وما يعنيه أن تكون أميركياً، أشد إثارة للجدال اليوم مما كانه حينما هبت الأمة بشكل غريزي بعد 11 سبتمبر، إذ ازدادت حدة الجدال حول الهوية الأميركية لدرجة أن البلاد أصبحت أكثر عرضة لأنواع التطرف العنيف التي بُني موقف الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر على أساس منعها. لقد مر وقت كان فيه الهجوم المميت على مبنى الكابيتول الأميركي بمثابة دعوة من أجل الاستيقاظ للعمل، أما حاضراً، فقد جرى تفسيره إلى حد كبير من خلال منظور السياسة العشائرية التي تتميز بالإنكار والانحراف اليميني. والجدير بالذكر أن نفس الحزب الجمهوري الذي قاد إنشاء دولة أمنية بمليارات الدولارات بعد 11 سبتمبر، لا يريد حتى إجراء تحقيق بما حدث في 6 يناير (كانون الثاني) 2021.
في ذلك السياق، تتمثل إحدى طرق إعادة تحديد هدف الولايات المتحدة في العالم، وإعادة تشكيل الهوية الأميركية في الداخل، في التركيز على المنافسة مع الحزب الشيوعي الصيني. في الحقيقة، يعد ذلك التنافس أحد الشواغل الرئيسة التي تثير اتفاقاً واسعاً بين الحزبين في السياسة الأميركية. وهناك أسباب وجيهة للقلق بشأن الحزب الشيوعي الصيني، ذلك إنه، خلافاً لتنظيم “القاعدة”، يملك وجهة نظر بديلة عن الحكم والمجتمع والقدرة على إعادة تشكيل العالم بمعظمه كي يتناسب أغراضه الخاصة. ومن المفارقات أن صعود الصين في النفوذ العالمي قد تسارع بعد 11/9، بينما استنزفت الولايات المتحدة غالباً في التركيز على الإرهاب والشرق الأوسط. من حيث التأثير الجيوسياسي، كان الحزب الشيوعي الصيني هو المستفيد الأكبر من الحرب على الإرهاب. وعلى الرغم من ذلك، هناك أيضاً أسباب وجيهة للقلق حول الطريقة التي ستنتهي بها المواجهة بين الولايات المتحدة والصين. في ذلك الإطار، يشكل تحديد هدف الولايات المتحدة في العالم والهوية الأميركية من خلال بنية جديدة لمقولة “نحن مقابل هم”، (يشكل ذلك) مخاطرةً بتكرار بعض أسوأ أخطاء الحرب على الإرهاب.
عابرة المحيطات
اعتاد الرئيس باراك أوباما أن يطلق على حكومة الولايات المتحدة تسمية “السفينة العابرة للمحيطات”، وهي هيكل ضخم ثقيل من الصعب جعله يستدير بعد تصويبه نحو اتجاه معين. بعد 11 سبتمبر، وجهت إدارة بوش السفينة في اتجاه جديد وولدت مقداراً هائلاً من الزخم، بالتالي أعاد جهاز الأمن القومي التركيز على محاربة الإرهاب، فأنشئت بيروقراطيات جديدة واسعة، وأعيد رسم المخططات التنظيمية، ومنحت صلاحيات جديدة، وصيغت الميزانيات من جديد، وقلبت الأولويات. وبعد أن هزمت القوات الأميركية حركة “طالبان” في أفغانستان سنة 2001، ساد انتصار هذياني في واشنطن، إذ لم يبد النفوذ العالمي للولايات المتحدة أشد قوة مما ظهر عليه في تلك اللحظة، وقد أثبتت صحة سياسات التشدد المعتمدة في مواجهة الإرهاب في صناديق الاقتراع خلال انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في 2002، حينما أحرز الحزب الجمهوري فوزاً ساحقاً في ذلك المجلس. منذ ذلك الحين، تعمل الولايات المتحدة على تنظيف الحطام الذي خلفته “السفينة العابرة للمحيطات”.
حاضراً، صارت البلدان التي عانت أشد المعارك في الحرب على الإرهاب، غارقة في درجات متفاوتة من الصراع. وعلى ذلك النحو، تعود أفغانستان إلى حالة الحرب الأهلية وهيمنة حركة “طالبان”، التي سبقت 11 سبتمبر. في منحى مقابل، نجا العراق من تمرد طويل أدى إلى ظهور تنظيم “القاعدة في العراق” الذي تحول لاحقاً إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” (المعروف أيضاً باسم داعش)، ولا تزال البلاد ممزقة بسبب التنافس بين الطوائف والنفوذ الإيراني. كذلك تفتقر ليبيا والصومال واليمن إلى السلطات الحاكمة وتستضيف حروباً وحشية بالوكالة. بالتأكيد، يوجد أساس فعلي للعمل العسكري الأميركي بعد 11 سبتمبر، إذ تتطلب بعض التهديدات رداً عسكرياً. وعلى الرغم من ذلك، تظهر الظروف في تلك البلدان حدود التدخل العسكري وتثير أسئلة غير مريحة حول ما إذا كانت شعوبها، على العموم، ستكون أفضل حالاً من دون ذلك التدخل.
تجدر الإشارة إلى أن تكاليف حروب ما بعد 11 سبتمبر كانت هائلة، إذ لقي أكثر من 7000 جندي أميركي مصرعهم في أفغانستان والعراق، وأصيب أكثر من 50 ألفاً أثناء القتال، كذلك أقدم أكثر من 30 ألفاً من قدامى المحاربين الأميركيين في نزاعات ما بعد 11 سبتمبر على قتل أنفسهم. ووفق تقديرات “مشروع تكاليف الحرب” في “جامعة براون”، فقد مئات الآلاف من الأفغان والعراقيين أرواحهم، وتشرد 37 مليون شخص، بسبب نزاعات ما بعد 11 سبتمبر التي شاركت فيها القوات الأميركية. وفي الوقت نفسه، يقترب ثمن تلك الحروب، وتكاليف ورعاية أولئك الذين حاربوا فيها، من 7 تريليونات دولار.
واستكمالاً، استهلكت مكافحة الإرهاب أيضاً مقداراً يصعب تحديده من نطاق عمل الحكومة الأميركية (ابتداءً من وقت الرئيس وكبار المسؤولين واهتمامهم، وصولاً إلى التوظيف وتحديد الأولويات داخل الوكالات). لنأخذ في الحسبان أيضاً ما كانت الولايات المتحدة تستطيع فعله بتلك الموارد وذلك النطاق من العمل، على مدار العقدين الماضيين، إبان معاناة الدولة في مواكبة تغيير المناخ والأوبئة وازدياد عدم المساواة والاضطراب التكنولوجي وتقلص نفوذ الولايات المتحدة، خصوصاً في الأماكن التي يغريها فيها النفوذ الاقتصادي المتزايد للحزب الشيوعي الصيني، والوعود بتحسين البنية التحتية.
بالطبع، إن الطرف الذي حرض على الحرب على الإرهاب هو تنظيم “القاعدة”. بعد 11 سبتمبر، واجهت الولايات المتحدة ودول أخرى خطر وقوع مزيد من الهجمات الإرهابية الكارثية، فتوجب عليها الرد. وبحسب الجيش الأميركي وأجهزة الاستخبارات الأميركية، لقد قضي على تنظيم “القاعدة”، وسحق زعيمها أسامة بن لادن. وبالمثل، دحرت “داعش” من خلال حملة تضمنت وجوداً أميركياً محدوداً على الأرض. في الحقيقة، لقد دفعتني تجربتي الشخصية مع الأميركيين الذين ينفذون سياسات الولايات المتحدة الرامية إلى مكافحة الإرهاب، إلى الشعور بإعجاب كبير تجاههم، إذ إنهم خدموا بلدهم بشجاعة من خلال إدارات ذات أولويات متغيرة، ما ساعد على منع الهجمات وإنقاذ الأرواح. وبالتأكيد، أملت الضرورة مناحي عدة في آلية جهاز مكافحة الإرهاب.
وعلى الرغم من ذلك، لا تمحو تلك الحقيقة التجاوزات الهائلة وحسابات المخاطر المشوهة التي حددت استجابة واشنطن حيال حوادث 11 سبتمبر. والجدير بالذكر أن أنواع الهجمات التي أنفقت البلاد تريليونات الدولارات من أجل منعها، ما كانت لتتسبب إلا بجزء بسيط من الوفيات التي كان بالإمكان تجنبها من خلال استجابة أكثر كفاءة حيال وباء كورونا، أو من خلال الحد الأدنى من تدابير سلامة السلاح التي حظرها الكونغرس، أو من طريق الاستعداد الأفضل لظواهر الطقس المميتة التي اشتدت بسبب تغيير المناخ، وقد أهملت تلك الأمور أو تعثرت جزئياً بسبب تركيز واشنطن على الإرهاب. يشير حجم التكاليف وتكاليف الفرصة البديلة في حروب ما بعد 11 سبتمبر، إلى أن البلاد بحاجة إلى تصحيح هيكلي، وليس مجرد تغيير في المسار.
سهلة البدء… صعبة الإنهاء
من الرئيس ونزولاً، أدى جميع كبار المسؤولين في إدارة بايدن تقريباً دوراً في جهود إدارة أوباما الرامية إلى إخراج الولايات المتحدة من حروب ما بعد 11 سبتمبر، وتلك مهمة معقدة ومشحونة سياسياً أدت في النهاية إلى خفض عدد القوات الأميركية في أفغانستان والعراق من نحو 180 ألفاً في 2009 إلى نحو 15 ألفاً بحلول 2017. وخلال فترة ولاية أوباما الثانية، بدت أجندة واشنطن العالمية شبيهة بتلك التي وصفها بايدن في خطابه أمام مجموعة “الدول السبع الكبرى”، بمعنى أنها أجندة تهدف إلى تنظيم العالم من أجل مكافحة تغيير المناخ، وتعزيز أنظمة الصحة العالمية، والتركيز على آسيا بينما تحاول احتواء روسيا الانتقامية.
بعد التفكير في الأمر، من الواضح أن إدارة أوباما، التي عادة ما يعيب عليها منتقدوها ضبط النفس المفرط فيها، تاهت في الواقع وذهبت في الاتجاه المعاكس من خلال حفاظها على جوانب مشروع ما بعد 11 سبتمبر. في المقابل، أدت زيادة عدد القوات في أفغانستان سنة 2009 إلى إطالة أمد الحرب، على الرغم من تراجع مردوداتها. وحقق الاستخدام الموسع للطائرات القاتلة من دون طيار نجاحات تكتيكية، لكنه شرع القدرة على قتل الناس في عدد من البلدان. كذلك قوضت الموافقة على الحلفاء المستبدين خطاب الولايات المتحدة حول الديمقراطية. وبعد أن تولى ترمب الرئاسة، نشرت إدارته عشرات الآلاف من القوات الأميركية في الشرق الأوسط لمواجهة إيران، وخففت القيود التي تهدف إلى الحد من الخسائر في صفوف المدنيين، ونبذت المخاوف بشأن حقوق الإنسان، واحتضنت بالكامل حلفاء وشركاء استبداديين، وقللت من أولوية تغيير المناخ والصحة العالمية.
إذاً، يتمثل الدرس الواضح في أن إعادة توجيه “السفينة العابرة للمحيطات” ببساطة لن تكون كافية، بل يتوجب على بايدن والكونغرس إعادة تصميمها. فلنأخذ التغيير المناخي مثلاً. في عهد أوباما، استندت الجهود المبذولة لتحقيق “اتفاق باريس” الهادف إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، إلى خبرات مناخية ضئيلة ومتناثرة في الوكالات الحكومية، وجزء بسيط من الموارد التي خصصها الكونغرس لمكافحة الإرهاب. كما اعتمد البيت الأبيض في تلك الفترة إجراءات استثنائية لربط تلك الخبرة المناخية بآلية السياسة الخارجية التي تعتمدها الولايات المتحدة، بمعنى إدارة العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف بهدف تحقيق أي شيء يكون أساسياً في السياسة الدولية. بمجرد أن تولت إدارة ترمب الرئاسة، أوقفت النزعة المستجدة في إعطاء الأولوية للمناخ. كذلك، حدث الشيء نفسه مع مكتب البيت الأبيض المخصص للاستعداد في مواجهة الأوبئة الذي أنشأه أوباما بعد تفشي فيروس إيبولا في 2014، إذ أغلق ترمب ذلك المكتب، وقلص حجمه إلى مديرية تركز على أسلحة الدمار. وحرفياً، لقد ابتلعت البنية التحتية للحرب على الإرهاب، آلية التأهب لمواجهة الأوبئة.
اليوم، يتمتع فريق بايدن بميزة امتلاك أدلة عقدين من الزمن تدل على أن التركيز على الإرهاب قد شوه الأولويات الوطنية، مع تزايد المخاوف العامة بشأن الأوبئة، والاحترار المناخي، والتحديات من الصين وروسيا. وبهدف ترتيب أولوية تلك القضايا فعلياً، يجب على بايدن وحلفائه الديمقراطيين في الكونغرس العمل على تفكيك أجزاء من مشروع ما بعد 11 سبتمبر. كذلك ينبغي إلغاء التشريع أقره الكونغرس في 2001 بشأن السماح باستخدام القوة العسكرية، وقد استعمل من أجل منح أسس قانونية لمجموعة واسعة من التدخلات العسكرية منذ 11 سبتمبر، مع العمل على استبداله بشيء أكثر تحديداً وتقييداً، قبل نهاية ولاية بايدن. وعلى نحو مماثل، يجب أن تكف غارات طائرات الـ”درون” عن كونها روتينية، وألا تستخدم إلا في الظروف التي تكون فيها حكومة الولايات المتحدة مستعدة للكشف عن أفعالها وتبريرها علناً. كذلك ينبغي أن يكون وضع القوة العالمية للجيش الأميركي معبراً عن الأولوية المتضائلة في الشرق الأوسط. واستطراداً، يتوجب على البنتاغون تقليل الوجود الضخم للقوات الأميركية في منطقة الخليج العربي، بعد أن تصاعد في سنوات حكم ترمب.
إضافة إلى ذلك، ينبغي على إدارة بايدن زيادة الاستثمارات الفيدرالية في الطاقة النظيفة والتأهب للأوبئة والأمن الصحي العالمي، من أجل جعل التركيز على قضايا مثل تغيير المناخ والصحة العالمية أمراً دائماً، مع ضرورة أن يترافق ذلك الإنفاق مع إصلاحات مهمة. ومثلاً، يتعين على وكالات حكومية كوزارة الخارجية و”الوكالة الأميركية للتنمية الدولية” أن تكثف خبرتها في المناخ، وفي المقابل، يجب على أجهزة الاستخبارات والجيش تخصيص مزيد من الموارد بغية فهم المخاطر الوجودية الحقيقية التي تهدد الشعب الأميركي والاستجابة لها.
واستطراداً، سيلاقي فريق بايدن مقاومة في وجه تلك الخطوات، تماماً على غرار ما وجدت إدارة أوباما نفسها غالباً تسبح عكس التيار السائد في السياسة الأميركية. في الحقيقة، أحبط أعضاء الكونغرس من الحزبين كليهما الجهود المبذولة لإغلاق سجن الولايات المتحدة المكلف والذي يتعذر تبريره أخلاقياً، في خليج غوانتانامو بكوبا. وجمعت صرامة الرد الجمهوري السلبية على هجوم خلال 2012 على المنشآت الأميركية في بنغازي الليبية، بين نزعة متزايدة لنظريات المؤامرة اليمينية المتطرفة، وبين محاولات الجمهوريين نزع الشرعية عن أي مبادرة في السياسة الخارجية يدعمها الحزب الديمقراطي. في منحى مقابل، أثبت الاتفاق النووي الإيراني، المصمم بهدف منع إيران من امتلاك سلاح نووي وشن حرب أخرى، أنه أكثر إثارة للجدال (وحظي بدعم أقل من الكونغرس) مقارنة مع التصريح الممنوح لشن حرب مفتوحة في العراق.
وعلى الرغم من ذلك، أتى بايدن في مرحلة ما بعد ترمب وما بعد الوباء. من الواضح أن اعتناق الحزب الجمهوري لـ”الترمبية” Trumpism عرض حياة الأميركيين للخطر، ودمر أيضاً مطالبةً موجودة داخل ذلك الحزب بسياسة خارجية تعزز القيم الأميركية. في الواقع، يعتبر بايدن وفريقه مؤهلين بشكل فريد كي يثبتوا للجمهور بأنهم أكثر جدارة بالثقة وأشد كفاءة، وأنهم قادرين أيضاً على تأمين البلاد وتعزيز ديمقراطيتها.
واستكمالاً، فمن أجل تحقيق ذلك، يتوجب على الولايات المتحدة التخلي عن العقلية التي تقوض القيم الديمقراطية. في الواقع، يكشف مثل هذا التقويض عن خلل في السياسة الخارجية الأميركية بعد 11 سبتمبر التي وفرت مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية والاقتصادية لنظام وحشي يسمح لمجندي “داعش” بالتجول في سجونه المكتظة، مشجعين على التطرف الذي يبرر وحشية النظام والمساعدة الأميركية. لطالما دخلت الحرب على الإرهاب في حالة حرب مع نفسها. ليس من قبيل المصادفة أن حكومات شركاء الولايات المتحدة الرئيسية في الحرب على الإرهاب (ليس في مصر فحسب، بل إسرائيل وتركيا أيضاً، من بين دول أخرى) قد أصبحت أكثر قمعاً منذ 11 سبتمبر، ما أسهم في تصاعد موجة الاستبداد العالمية التي تريد الولايات المتحدة دحرها.
والجدير بالذكر أن تنشيط الديمقراطية العالمية لا يتوافق مع حرب عالمية دائمة على الإرهاب. لذا، يجب أن يتغير ميزان المفاضلات. كذلك يتوجب أن تكون المساعدة العسكرية الأميركية مشروطة باحترام حقوق الإنسان. فضلاً عن ذلك، على واشنطن أن تتخلص من النفاق الذي ألقى بثقله على السياسة الخارجية الأميركية أثناء فترة طويلة.
الحرب في الوطن
لم تسرع الحرب على الإرهاب النزعات الاستبدادية في الخارج فحسب، بل فعلت ذلك في الوطن أيضاً، إذ دمجت الشوفينية في حقبة ما بعد 11/9 الأمن القومي مع سياسات الهوية، ما أدى إلى تشويه الأفكار حول ما يعنيه أن تكون أميركياً، وطمس الفرق بين النقاد والأعداء.
بعد 11 سبتمبر، أثار جهاز سياسي وإعلامي يميني يدعم نظرية “نحن مقابل هم”، الغضب ضد أميركيين لم يكونوا ملتزمين بشكل كافٍ بالحرب على الإرهاب، وكذلك روج فكرة خطر “الآخر” المسلم المعتدي. ولكن، مع انحسار هجمات 11/9 في الذاكرة، وتوضح عدم تحقيق انتصارات كبرى في أفغانستان أو العراق، تغيرت طبيعة ذلك “الآخر”، إذ انتقل الخوف من الإرهاب ونظريات المؤامرة حول “الشريعة الزاحفة”، إلى إثارة الخوف من المهاجرين على الحدود الجنوبية، والغضب من الرياضيين الذين ركعوا على ركبة واحدة أثناء النشيد الوطني للاحتجاج على عنف الشرطة، ونظريات المؤامرة حول كل شيء من بنغازي إلى تزوير أصوات الناخبين. في غالب الأحيان، استهدفت تلك الديناميكية الأقليات.
ومن المفارقات أن إعادة توجيه التيارات المعادية للأجانب في سياسات الدولة بعد 11 سبتمبر، انتهى بها المطاف إلى تأجيج الإرهاب بدلاً من محاربته، إذ تعمد قوميون مناصرون لنظرية تفوق العرق الأبيض، دهس أحد المشاركين في تظاهرة مضادة [لتلك النظرية] في بلدة “شارلوتسفيل”، وقتل 11 شخصاً في كنيس “شجرة الحياة” في مدينة “بيتسبرغ”. كذلك أسهمت في سيناريوهات سلطوية لم يكن ممكناً تصورها. حينما يجري العمل بلا هوادة على تصوير مواطنين بأنهم أعداء للدولة، فقد يتحول التمرد الأميركي العنيف إلى حقيقة.
وكذلك، فحينما تحتضن قوة عظمى نهجاً من القومية يتسم بالعدوانية، فإنها تنتشر في جميع أنحاء العالم. في ذلك السياق، عملت السلطات الاستبدادية على توجيه تجاوزات سياسات الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر نحو مكان آخر، فباتت تسعى إلى استهداف المعارضين السياسيين، وإيقاف عمل المجتمع المدني، والسيطرة على وسائل الإعلام، وتوسيع سلطة الدولة بحجة مكافحة الإرهاب. بالطبع، ليس ذلك من فعل واشنطن. وعلى الرغم من ذلك، مثلما ينبغي على الأميركيين أن يردوا حينما ينغمس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أسلوب “ماذا عن” (بمعنى المقارنة مع أفعال أميركية معينة) بغية تبرير انتهاكاته، عليهم ألا يتجاهلوا بطريقة لا مبالية نفوذ بلادهم والقومية العدوانية فيها، باعتبار أنها تقوض جهود واشنطن في الرد على بوتين، والدفاع عن القيم الديمقراطية، وتعزيز النظام الدولي المستند إلى القواعد.
وفي مثل آخر، تبنى الرئيس الصيني شي جينبينغ الحرب الأميركية على الإرهاب، مثلما فعل بوتين، بوصفها نموذجاً عن القمع ومبرراً للانتهاكات. في 2014، قتل إرهابيو الإيغور عشرات الأرواح في إقليم “شينجيانغ” المتمتع بالحكم الذاتي في غرب الصين. وأشارت وسائل الإعلام الحكومية إلى الهجمات على أنها “حوادث 11 سبتمبر الصينية”. وحث الرئيس شي مسؤولي “الحزب الشيوعي الصيني” على اتباع السيناريو الأميركي بعد 11 سبتمبر، ما أدى إلى حملة قمع أدت في النهاية إلى إلقاء مليون إيغوري في معسكرات الاعتقال. وفي اجتماع عقد سنة 2019، ورد أن ترمب أخبر الرئيس شي بأن احتجاز الإيغور في المعسكرات “يمثل بالضبط الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله”.
على الرغم من أن رد الولايات المتحدة على حوادث 11 سبتمبر لا يشبه بأي شكل من الأشكال حجم القمع الذي نفذه “الحزب الشيوعي الصيني”، فإن تعليق ترمب يبعد عن كونه الإثبات الوحيد الذي يستطيع الحزب الشيوعي الصيني أن يجده في حقبة ما بعد 11 سبتمبر. في السنوات التي أعقبت 11 سبتمبر، جرى احتجاز عديد من أفراد الإيغور في سجن الولايات المتحدة في خليج غوانتانامو. ولم يكن أي منهم مذنباً بارتكاب أعمال إرهابية أو يشكل خطراً جسيماً على الولايات المتحدة. عندما حاول أوباما إغلاق السجن في بداية رئاسته، وضعت خطة لإطلاق سراح عدد قليل من معتقلي الإيغور في الولايات المتحدة لإظهار أن الحكومة الأميركية على استعداد لأن تؤدي دورها، ذلك أنها كانت تطلب من الدول الأخرى أن تستعيد بعضاً من مواطني تلك الدول ممن احتجزوا في غوانتانامو بمجرد الانتهاء من إجراءات الإفراج عنهم، مع الإشارة إلى عدم إمكانية إعادة الإيغور بأمان إلى الصين. في المقابل، واجه اقتراح أوباما معارضة مفرطة أدت إلى فرض قيود حالت دون إغلاق السجن. وقد قاد ذلك الهجوم السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام من ولاية كارولينا الجنوبية والسيناتور جو ليبرمان، وهو مرشح مستقل من ولاية كونيتيكت. وقد أصدرا بياناً مشتركاً زعم أن الإيغور “لديهم آراء دينية متطرفة تجعل من الصعب عليهم الاندماج في شعبنا”، وبدا ذلك البيان شبيهاً تاماً لبروبغاندا “الحزب الشيوعي الصيني” في ما يتعلق بأفعاله في شينجيانغ.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن الأميركيين يفخرون عن حق بتقاليد بلادهم في تولي القيادة العالمية وتطلعها إلى أن تكون “مدينة فوق تلة” تشكل قدوة للعالم، لكن لماذا يعتقدون أن الآخرين لن يحذوا حذوهم إلا حينما يعبر الأميركيون عن القيم والصفات الإيجابية؟ حينما يغزو الأميركيون بلداً آخر من دون سبب وجيه، ويدعمون الاستبداد حين يناسبهم ذلك، ويلصقون وصمة عار بالأقليات في بلادهم، (حينها) لا ينبغي أن يتفاجأوا عندما تقلد الدول الأخرى تلك الأفعال السيئة أو تستخدمها في تبرير تجاوزاتها الاستبدادية.
إذاً، على الأميركيين مواجهة تلك الحقيقة غير المريحة ليس لأن واشنطن يجب أن تنسحب من العالم، بل لأنها لا تستطيع التنازل عن الميدان لقادة مثل بوتين وشي. في الحقيقة، يجب على الولايات المتحدة أن ترقى إلى مستوى القصة الأفضل التي ترويها لنفسها كقائدة للعالم الحر. في النهاية، يشكل ذلك الدرس الأكثر أهمية الذي ينبغي أن يتعلمه الأميركيون من فترة ما بعد 11 سبتمبر. وفي ذلك الإطار، فإن استعادة أميركا مركزها القيادي تتطلب إعادة بناء نموذج الديمقراطية الأميركية كأساس في سياسة الأمن الخارجي والقومي التي تنتهجها الولايات المتحدة.
التركيز أكثر على “نحن” لا “هم”
يجب تطبيق كل تلك الدروس على المنافسة المحتدمة مع الصين. في ذلك السياق، يبرر بايدن النفقات الضخمة على البنية التحتية من خلال الإشارة إلى ضرورة إثبات أن الديمقراطيات يمكنها أن تتفوق على رأسمالية الحزب الشيوعي الصيني التي تسيطر عليها الدولة. ويستثمر الكونغرس موارد كبيرة في العلوم والتكنولوجيا بغية مواكبة الابتكار الصيني. كذلك يقترح البيت الأبيض في عهد بايدن سياسات صناعية من شأنها أن تحابي صناعات أميركية معينة وتحسن أنظمة مراقبة الصادرات بهدف تفكيك التشابك في سلاسل التوريد المهمة التي تربط الولايات المتحدة والصين. في المقابل، تجري هيكلة الإنفاق الدفاعي الأميركي بشكل متزايد استناداً إلى حالات طوارئ مستقبلية قد يكون “جيش التحرير الشعبي” الصيني، طرفاً فيها. وبطريقة موازية، أعطت وزارة الخارجية الأولوية لتقوية التحالفات الأميركية في آسيا، وعززت الاتصالات مع تايوان. وأصبحت واشنطن تنتقد بشكل متزايد انتهاكات حقوق الإنسان الصينية في أماكن كهونغ كونغ وشينجيانغ. وفي ما يتعلق بالتجارة والتكنولوجيا وحقوق الإنسان، تعمل الولايات المتحدة مع الشركاء وعبر المنظمات الدولية المتعددة الأطراف، كـ”مجموعة الدول السبع الكبرى” وحلف شمال الأطلسي، بهدف تشكيل أقوى جبهة موحدة ممكنة ضد الصين. والجدير بالذكر أن تلك الجهود ستنشئ حوافزها وضغوطها السياسية الخاصة، إضافة إلى أنها ستخلق زخماً في توسيع الموارد ومدى نطاق العمل داخل حكومة الولايات المتحدة. بالفعل، لقد بدأنا نشعر بتعديل في مسار خط “السفينة العابرة للمحيطات”.
وعلى الرغم من أن كلاً من تلك المبادرات لها مبرراتها الخاصة، سيكون من الخطأ التركيز ببساطة على “هم” الجديدة، مع العلم بأنها قد تشكل دافعاً يسهل موجة أخرى من الاستبداد القومي، من النوع الذي سمم السياسة الأميركية على مدار السنوات العشرين الماضية. بينما سيكون من الأفضل التركيز أكثر على “نحن”، أي الديمقراطية المرنة بما يكفي لتحمل منافسة طويلة الأمد مع نموذج سياسي منافس، وتكوين إجماع بين الديمقراطيات عالمياً، وتقديم مثال أفضل للعالم.
وإضافة إلى تنفيذ مشاريع كبيرة مكلفة كالبنية التحتية، يجب تقوية الديمقراطية الأميركية وتنشيطها. كذلك ينبغي أن تكون حماية الحق في التصويت وتعزيز المؤسسات الديمقراطية في الداخل، حجر الأساس في المثال الديمقراطي الذي تشكله الولايات المتحدة. فمن شأن معالجة عدم المساواة والظلم العنصري في الولايات المتحدة، إثبات أن الديمقراطيات يمكن أن تقدم للجميع. ومن شأن استئصال الفساد الذي يتدفق عبر النظام المالي الأميركي أن يساعد في تنظيف السياسة الأميركية ومنع الموارد التي تتدفق إلى الحكام المستبدين في البلدان الأخرى. كذلك فإن وقف تدفق المعلومات المضللة وخطاب الكراهية على منصات وسائل التواصل الاجتماعي الأميركية من شأنه أن يحد من التطرف ويقوض الاستبداد في جميع أنحاء العالم. على مدار 30 عاماً، أعطت الحكومة الأميركية الأولوية في التعامل مع “الحزب الشيوعي الصيني” للمصالح الاقتصادية وليس حقوق الإنسان، وكذلك فعل عدد من الشركات والمؤسسات الثقافية والأفراد الأميركيين. يجب أن يتغير ذلك، ليس بسبب معارضة واشنطن الجيوسياسية لبكين، بل بسبب دعم الولايات المتحدة للقيم الديمقراطية في الداخل وحول العالم.
في الواقع، يعتبر العالم مكاناً صعباً وخطيراً في بعض الأحيان. لذا، يجب على الولايات المتحدة أن تفرض نفسها للدفاع عن مصالحها. ولكن، ينبغي تعريف حقبة ما بعد 11 سبتمبر ليس من خلال المواجهة مع العدو التالي الذي ينتظر دوره، بل من خلال تنشيط الديمقراطية كوسيلة ناجحة في التنظيم البشري. وبهدف استبدال الحرب على الإرهاب بمشروع أفضل للأجيال، يجب أن يكون الأميركيون مدفوعين بالأفكار التي يدعمونها، وليس بتلك التي يعارضونها.
* بن رودس هو مؤلف كتاب “بعد السقوط، أن تكون أميركياً في العالم الذي صنعناه”، ومذيع مساعد في “بودكاست إنقاذ العالم” Pod Save the World. شغل منصب نائب مستشار الأمن القومي الأميركي في إدارة أوباما بين عامي 2009 و2017.
مترجم من فورين أفيرز، سبتمبر (أيلول)/ أكتوبر (تشرين الأول)2021
المصدر: اندبندنت عربية