يحفل الأسبوع الطالع بزحمة أحداث وملفات وزيارات خارجية. تنطوي كلها على المزيد من الأهمية. سيراقب لبنان والكثير من أفرقائه نتائج الانتخابات العراقية، ومجرياتها، وكيفية تشكيل السلطة من بعدها.
العراق مثالاً
النقاش هنا يدور حول من سيفوز بالأكثرية النيابية، هل هم حلفاء إيران أم خصومها، وما هي حصة ثوار تشرين؟ وهل سيكون البرلمان العراقي فعلاً منقسماً بين أكثرية وأقلية بشكل واضح ومفروز، أم أن التحالفات المتغيرة والمتبدلة ستكون سائدة؟ الخلاصة في النهاية هي العودة إلى مسار التسويات المرحلية، التي تجري بشكل متقاطع بين حسابات إيرانية وأميركية. وما يعني اللبنانيين هنا، هو معرفة مسار الاستحقاق الانتخابي، ومحاولة استقراء مبكرة لما ستكون عليه الانتخابات اللبنانية، على الرغم من اختلاف الظروف والوقائع. ففي العراق تنافس انتخابي سنّي شيعي، وشيعي شيعي، بخلاف الواقع اللبناني الذي ستتركز فيه المعركة الانتخابية داخل البيئة المسيحية، وسط سعي واضح من قبل حزب الله للفوز بالأكثرية النيابية مجدداً.
هوكشتاين ونولاند
للأسبوع أهمية أيضاً على خط محاولة استشراف آخر تطورات الوضع الإقليمي، وذلك من خلال زيارتين سيجريهما مسؤولان أميركيان إلى لبنان، الزيارة الأولى للموفد المكلف برعاية ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، آموس هوكشتاين. فيما الزيارة الثانية هي لمساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند. وحسب مصادر متابعة، فإن للزيارتين هدفاً استطلاعياً، فيما سيحاول لبنان استشراف الرؤية الأميركية للمرحلة المقبلة، في ضوء الكثير من التطورات التي تشهدها المنطقة. وما سيركز المسؤولون اللبنانيون على محاولة فهمه هو حقيقة الموقف الأميركي من التطبيع مع النظام السوري، وإمكانية منح إستثناءات وإعفاءات من قانون قيصر، خصوصاً بعد اتفاق على استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية.
الغاز الإسرائيلي إلى لبنان؟
وفي هذا السياق برز التقرير الذي نشرته القناة 12 الإسرائيلية، والذي تعمّدت فيه الإشارة إلى أن الغاز والكهرباء من إنتاج إسرائيل. وهو ما تضعه مصادر سياسية في خانة محاولة التخريب على مسار الاتفاق وقطع الطريق على حصول لبنان على الغاز المصري والكهرباء الأردنية. فبمجرد التسويق لهذا الأمر سيستنفر حزب الله في إعلانه الرفض المطلق للسير بمثل هذا الاتفاق. وسيذهب الحزب في تصعيده أكثر إلى حد القول للبنانيين إن إيران، وهي دولة صديقة، أبدت استعدادها لتزويد لبنان بالطاقة ولبناء معامل لإنتاج الكهرباء، وبالتالي لا حاجة أبداً لجعل إسرائيل تستثمر وتستفيد سياسياً من بوابة الأزمة اللبنانية. وهناك من يدرج التقرير الإسرائيلي في خانة الإصرار على إبقاء لبنان غارقاً في الظلام، وغير قادر على البحث عن أي مخرج من أزمته. فيما تتحدث بعض المعلومات عن أن هوكشتاين كان صاحب الدور الأبرز في إنشاء اتفاق الكهرباء بين إسرائيل والأردن. ولذلك تربط بين هذا الدور الذي كان يلعبه والدور الجديد في ملف ترسيم الحدود.
مصادر أخرى تنفي أن يكون منبع الغاز المصري من إسرائيل، فمصر اكتشفت في السنوات الماضية حقولاً كبيرة من الغاز في مياهها الإقليمية، ومن بينها حقل ظهر المصري الذي تم اكتشافه في العام 2015. وهو يعد من أكبر حقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط، ويتجاوز حقل ليفياثان الإسرائيلي، الذي قالت القناة الإسرائيلية إن توريد الغاز إلى مصر والأردن ولبنان وسوريا سيكون منه. بينما مصادر أخرى تعتبر أن الغاية الإسرائيلية من هذه التسريبات تتعلق بضرب أي مسار له علاقة بتطبيع العلاقات مع دمشق، في ظل عدم الحصول على موافقة أميركية واضحة لمنح إعفاءات من مندرجات قانون قيصر.
ستكون الأحداث واللقاءات التي ستعقد هذا الأسبوع، مؤشراً يبني عليه لبنان مواقفه للمرحلة المقبلة، ومحاولة لمعرفة مسار الأمور وتطوراتها واتجاهاتها، لتبني الحكومة تصورها، وهي التي تصطدم بعقبات كثيرة بسبب الخلافات بين مكوناتها، والتي يراهن كل طرف منها على اتجاه دولي وإقليمي يتعارض مع رهان الآخر.
المصدر: المدن