يعيش أهالي السويداء في الجنوب السوري أزمة مياه خانقة مع بداية فصل الصيف، وتترك الأزمة أثرها في تفاصيل حياتهم اليومية لتزيد من الأعباء المعيشية، وذلك بالتزامن مع تكرار ذرائع المؤسسات الحكومية التي لا تفضي إلى حل الأزمة.
تعاني السورية أم ورد الهادي مع أطفالها الثلاثة من انقطاع المياه، وتقول لـ”العربي الجديد”: “كانت المياه تأتينا مرة واحدة في الأسبوع، ولم نكن نشعر بالوفر، لكنها كانت تكفينا إلى حد ما، لكن اليوم لم تعد المياه تأتي بانتظام، وأصبحت تتأخر عدة أيام عن موعدها. ومنذ نحو 20 يوماً لم تصلنا، والوضع بات لا يطاق، حتى إنني أصبحت أدقق على غسل أيدي الأطفال، وغالباً ما أعتمد على قطعة قماش مبللة لمسح أيديهم، وأجمع الملابس إلى اليوم الذي تصلنا فيه المياه للغسل، أو نشتري صهريج ماء، ولدي خوف دائم من أن ينفد ماء الخزان من دون أن أنتبه، ويومياً أكشف على الخزان لأرى إلى أين وصل المنسوب داخله”.
وأضافت السيدة السورية: “المياه أصبحت عبئاً مادياً كبيراً، فصهريج الماء الصغير بسعة 24 برميلاً ثمنه على الأقل 20 ألف ليرة سورية (8 دولارات تقريباً)، وهو بالكاد يكفينا لأسبوع مع التقشف، أي إننا نحتاج شهرياً 3 صهاريج على الأقل، وراتب زوجي نحو 150 ألف ليرة فقط (120 دولاراً تقريباً)، ولولا عمله الإضافي، وعملي أيضاً، لكنا عاجزين عن تأمين طعام أطفالنا”.
ويقول التاجر أبو سمير خير الدين، لـ”العربي الجديد”: “أشتري صهريج ماء كبيراً بـ50 ألف ليرة كل 10 أيام، وشهرياً أحتاج إلى أكثر من صهريج، ورغم أن وضعي المادي مقبول، لكن 100 ألف أو 150 ألف ليرة في الشهر مبلغ كبير على أي سوري، خاصة أن الموظف في الدولة راتبه 60 ألف ليرة، في حين أن الحد الأدنى للمعيشة لا يقل عن 500 ألف ليرة، ولا أعلم كيف يؤمن الناس الفارق، لأنّ من المستحيل أن يكفي الراتب الفرد، فكيف تعيش العائلة بـ60 ألف ليرة؟”.
وأضاف خير الدين أن “مشكلة المياه ليست جديدة في السويداء، فكل سنة نعاني من الأزمة، ونسمع ذات الذرائع والحجج، ومنها انخفاض مستوى المياه في السدود، أو خروج الآبار عن الخدمة من جراء عدم وجود كهرباء، أو تعطل غطاسات المياه، ولا حلول، رغم أن الشكاوى وصلت إلى مختلف المستويات الإدارية”.
بدوره، قال أبو جمال، الذي طلب إخفاء كنيته لأسبب أمنية، لـ”العربي الجديد”: “مشكلة المياه الرئيسية في السويداء هي الفساد، فهناك متنفذون يجنون فوائد مادية كبيرة من جراء الإصلاح المتكرر للغطاسات، وتشغيل صهاريج مؤسسة المياه لبيع الماء، كذلك هناك مشكلات تقنية. فمثلاً، تُستخدَم غطاسات إيرانية على مراحل، لأن الآبار ارتوازية وذات أعماق كبيرة، وهذه العملية غير مجدية، وتوضَع محولات غير متناسبة مع قوة التيار الكهربائي، الأمر الذي يسبب عدم عمل الغطاسات، أو تعطلها، ويستغرق الإصلاح شهراً على الأقل”.
ويرى أبو جمال أن “مشكلة المياه في السويداء بحاجة إلى إدارة الموارد بنحو صحيح، ومحاربة الفساد، إضافة إلى ورشة إصلاح غطاسات في المحافظة، وإيجاد حل تقني لمسألة الكهرباء عبر مد خطوط مباشرة إلى الآبار خارج نظام التقنين”.
المصدر: العربي الجديد