للإجابة عن السؤال كيف يصبح المجرم والديكتاتور مدافعًا عن حقوق الانسان ؟ لابد من معرفة حقوق الانسان ، هذه الحقوق المكرسة بالمجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية بالاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, واتفاقية مناهضة التعذيب , واتفاقية روما المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية , واتفاقيات جنيف الاربعة وملحقاتها ، واتفاقية حقوق الطفل ، واتفاقية إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة والمسماة (سيداو ) وغيرها من الاتفاقيات والقرارات الدولية ذات الصلة .
الاتحاد الروسي بالرجوع إلى هذه الاتفاقيات ارتكب جرائم تندى لها جبين البشرية على المستوى الداخلي والخارجي والدولي.
جرائم الاتحاد الروسي على الصعيد الداخلي :
أقدمت السلطات الروسية على ملاحقة المعارضين الروس وتصفيتهم بطرق وأساليب متعددة منها عمليات التسميم بغاز الاعصاب أو الضرب والتعذيب واستخدام الرصاص وكافة الطرق الاخرى.
ولقد نفذت روسيا أكثر من مئة عملية قتل وتصفية جسدية ضد الناشطين الروس نذكر منها :
1- في شباط 2015 قام النظام الروسي باطلاق النار على المعارض الروسي فيمتسوف قرب الكرملين والذي قاد المظاهرات ضد التدخل الروسي في اوكرانيا
2- تصفية المحامي والناشط في مجال حقوق الانسان ماركيلوف والذي دافع عن الصحفيين الذين انتقدوا الرئيس الروسي بوتين ، وقد تم اطلاق النار عليه بالقرب من الكرملين وحين حاولت الصحفية بابوروفا انقاذه تم اطلاق النار عليها وتصفيتها علنا .
ولقد أقدمت السلطات الروسية على اعتقال المحامي ماغينسكي واستخدمت كل وسائل العنف ضده في مركز الحجز حتى فارق الحياة متأثرا بجراحه .
3- قامت السلطات الروسية بتصفية الصحفية ناتاليا استيميروفا التي كانت تحقق في عمليات الاختطاف والقتل والتصفية الجسدية من قبل النظام الروسي في الشيشان
4- أقدمت السلطات الروسية على قتل الصحفية انا بوليتكوفسكايا صاحبة كتاب دولة بوليسية والتي تتهم فيه الرئيس الروسي بوتين بتحويل البلاد إلى دولة بوليسية
هناك قائمة طويلة
من جرائم القتل والتعذيب في داخل روسيا وهذه مجرد امثله عن هذه الجرائم.
جرائم النظام الروسي على الصعيد الخارجي والدولي :
هناك جرائم فردية موزعة على عدد من دول العالم
وهناك جرائم القتل والابادة الجماعية وسوف نذكر جرائم النظام الروسي في سورية
لقد تدخلت روسيا في سورية منذ عام 2015 لصالح النظام السوري وكان تدخلها مخالفا للقانون الدولي لان الصراع في سورية كان بين إرادة الشعب السوري المطالب بالحرية والتغيير والديمقراطية وحقوق الانسان ، وبين نظام قاتل وديكتاتور ومستبد مارس كل انواع القصف بالصواريخ والبراميل المتفجرة والاسلحة الثقيلة بما فيها الاسلحة الكيميائية والجرثومية لابادة الشعب السوري بالاضافة لجرائم الاعتقال والاغتصاب والاخفاءالقسري والتهجير القسري وجاء التدخل الروسي للوقوف إلى جانب نظام قاتل بمواجهة الارادة الشعبية المطالبة بالتغيير
فإذا كانت جميع الدساتير في العالم والقانون الدولي تؤكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها واختيار شكل نظام الحكم فإن ممارسة النظام السوري لكل انواع التسلط والاعتقال دفعت الشعب السوري للثورة بغية إحداث تغيير بنيوي يستجيب لمتطلبات الناس واحلامهم بالتغيير لبناء دولة مدنية ديمقراطية والمساواة أمام القانون .
وبدلا من استجابة النظام السوري لهذه الارادة الجماهيرية استخدم جميع وسائل القمع والديكتاتورية بما فيها القوة العسكرية ووسائل الابادة الجماعية , وحين فشل في السيطرة على حركة الثورة طالب بالتدخل الايراني والمليشيات الشيعية التابعة له , ثم طالب بالتدخل الروسي بمواجهة شعبه .وللأسف فإن الاتحاد الروسي الذي يعتبر من الدول دائمة العضوية بمجلس الامن الدولي استجاب للنظام السوري وشارك معه باستخدام جميع أنواع الاسلحة المحرمة دوليا وأسلحة الدمار الشامل والابادة الجماعية وأصبح فاعلا ومتدخلا وشريكا في الجرائم المرتكبة ضد الشعب السوري .
كما وقف النظام الروسي ضد الارادة الدولية في مجلس الامن الدولي باستخدام حق النقض /الفيتو/ 15مرة منها ست مرات لمنع إصدار قرارات تتعلق باستخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية وهي الاسلحة المحرمة دوليا وفق الاتفاقيات الدولية الصادرة عن الامم المتحدة
كما منعت روسيا في 22ايار 2014 صدور قرار من مجلس الامن الدولي يقضي بإحالة النظام السوري للمحكمة الجنائية الدولية.
وفي 12نيسان 2017 منعت روسيا صدور قرار عن مجلس الامن الدولي بشأن استخدام النظام السوري أسلحة كيميائية في خان شيخون. بالاضافة لاستخدام النظام الروسي حق النقض حتى في القضايا الانسانية المتعلقة بإيصال المساعدات وآخرها القرار الصادر في حزيران 2020 الذي كان يقضي بإيصال المساعدات للشعب السوري عبر الحدود السورية لمدة عام.
ولم يخجل القادة الروس من تصريحاتهم التي تؤكد استخدامهم أسلحة حديثة ومتطورة ويتم تجربتها للمرة الاولى في سورية حيث أشار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى اختبار أكثر من 350 نوعا من المعدات والأسلحة العسكرية في المعارك في سوريا.
وأكد الرئيس الروسي في خطابه أمام الدوما بأن روسيا جربت أسلحة حديثة و متطورة في سورية كما استخدم في سوريا – حسب «هيومن رايتس واتش» – قنابل عنقودية روسية الصنع للمرة الأولى، حيث استعملت موسكو عدة أنواع من القنابل والصواريخ المتطورة للغاية، منها قنابل موجهة بالليزر (كاب-500) القادرة على اختراق جدار سميك من الإسمنت، إضافة إلى صواريخ من نوع (3 إم-54 كاليبر) قادرة على قطع مسافة 2600 كم.
هذه الجرائم تشكل جرائم حرب وإبادة جماعية ارتكبت من النظام السوري والروسي والايراني والمليشيات التابعة لهم والتي أدت لسقوط أكثر من مليون ضحية من المدنيين بسبب عمليات القصف الهمجي للمدن والقرى والمستشفيات والمدارس ودور العبادة من الكنائس والمساجد وحتى المنظمات الدولية العاملة في مجال الاغاثة هذه الجرائم أدت إلى عجز وتعطيل وجرح مليوني سوري وتهجير 13مليون سوري حتى الان بالاضافة لعمليات التصفية الجسدية في السجون والمعتقلات، لان منع النظام الروسي من إحالة الملف السوري للمحكمة الجنائية الدولية ساهم في حماية القتلة والمجرمين وفي محاولة منه بغية افلاتهم من العقاب . علما أن هذه الجرائم المرتكبة من النظامين السوري والروسي والايراني والمليشيات الشيعية التابعة لهم بالاضافة لداعش والنصرة معاقب عليها بالمادة الخامسة من قانون المحكمة الجنائية الدولية . وهي لاتسقط بالتقادم وفق أحكام المادة 29 من قانون المحكمة الجنائية الدولية أما على صعيد جرائم روسيا الخارجية في ملاحقة الناشطين الروس فنذكر منها مايلي:
1- استخدام روسيا لغاز الاعصاب في تسميم ضابط المخابرات الروسي المتقاعد سيرغي سكربيل في الرابع من آذار 2018 وتمت التصفية في بريطانيا لذلك قررت الحكومة البريطانية طرد 23 دبلوماسيا روسيا
2-قام النظام الروسي بتصفية رجل الأعمال الروسي بيريزوفسكي في منزله في بريطانيا حيث وجدت جثته داخل حمام مغلق وانشوطة حول رقبته
3- قيام النظام الروسي بمحاولة تصفية المعارض الروسي ليكسي نافالتي المقيم في المانيا . ولقد اتهمت السلطات الالمانية النظام الروسي وحملته المسؤولية بسبب استخدامهم الغاز السام لقتله وهناك حالات كثيرة على مثل هذه الجرائم ولقد أدان الاتحاد الأوربي الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان التي يمارسها النظام الروسي في داخل روسيا وخارجها وأدان القيود التي يضعها النظام الروسي على حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات ولابد من الاشارة لجرائم النظام الروسي في جزيرة القرم ومحاولتها التغيير الديمغرافي للتركيبة السكانية كما لابد من الاشارة لعمليات التجسس في المياه الاقليمية للدول الاسكندنافية في بحر البلطيق واختراق الطائرات الروسية المجال الجوي للسويد والنرويج والدنمارك والدول اخرى فإذا كان الاتحاد الروسي بقيادة رئيسه فلاديمير بوتين ووزير دفاعه وأركانه وجيشه قد ارتكب كل هذه الجرائم كيف يصبح هذا النظام القاتل والسفاح والديكتاوري والمستبد عضوا في مجلس حقوق الانسان؟!