على طريق درب الحرية والإستقلال الحقيقي افتقدنا قامة وطنية وعروبية صلبة، كان لها دوراً مهماً في المعارضة السياسية، ليُغيب عدة سنوات في معتقلات الأسد، وليخرج أكثر صلابة وأشد عزيمة مما سبق. الأخ والصديق حبيب عيسى أبو عصمت، والذي كان لي الشرف أن أتابع معه لسنوات عديدة محاولة صياغة إطار ثوري يكون نواة لعمل سياسي، يسعى من خلاله لإعادة المشروع النهضوي العربي.
لقد كان شخصاً مليئاً بالأمل، بأنه هنالك إمكانيات يجب العثور عليها في شباب هذا الوطن، وعلينا البحث عنهم وإستنهاض إمكاناتهم وتوظيفها ليستطيعوا صناعة مستقبلهم بشكل أمثل، ومهمتنا ستكون فقط في عملية جمعهم وإدارة الحوار الهادف فيما بينهم، فهم أمل الأمة ويمتلكون كل الإمكانات اللازمة لأستنهاضها ولكنهم مغيبون. لذلك لم يمل من المحاولة في طرق كافة الأساليب، ولم يبخل بالوقت والجهد في السعي الجاد لبلوغ هدفه.
ومع إنطلاق الربيع العربي جدد سعيه لبلورة مشروعه للتحرر والنهوض والحرية والتقدم والسيادة في الوطن العربي، مما سيؤدي بقناعته إلى رفع اليد الغاصبة عن الوطن العربي، سواء كانت يداً غاصبة من الخارج، أو يداً غاصبة بالوكالة من الطغاة في الداخل. إنطلاقاً من كون أنظمة الاستبداد في الوطن العربي وقوى الهيمنة الخارجية وجهان لعملة واحدة، وأن الدور التخريبي للنسيج المجتمعي في الوطن العربي الذي قامت به أنظمة الطغيان والاستبداد فاق بكثير الدور التخريبي للاستعمار الخارجي. ولم يكن ذلك توصيفاً لمؤامرة أحيكت بل نتيجة تحليل للواقع الموضوعي، معتمداً على تفكيك العناصر المؤثرة وإدراك مصادرها ومصالحها، محاولاً وضع الحلول للمشكلات المتراكمة وتوفير الأدوات المناسبة للخروج من المأزق.
وقد حاول جاهداً وضع رؤيته من خلال تسطيره لخواطر ضمنها عنوان على بساط الثلاثاء، ومن ثم نداء إلى أنصار الطليعة العربية، وغيره من المحاولات التي سعى جاهداً لتقديم رؤيته عن الآليات الممكن استثمارها لتشبيك طاقات الشباب العربي في إستثمار فرصة النهوض المرافقة للربيع العربي لإعادة الأمل بالمشروع النهضوي العربي.
رحمك اللــه أخينا أبا عصمت، ونأمل من اللــه أن يمدنا بالعزيمة لنتمكن من استثمار جهودك فيما تبقى لنا من العمر، آملين أن نستطيع تسليم الراية إلى الجيل القادم من شباب الأمة قبل أفول العمر. عزائنا الوحيد أنك زرعت فينا أملاً نأمل من اللــه أن يعطينا القوة لنحوله إلى واقع.