قُتل 4 أشخاص على الأقل بينهم متطوع في “الدفاع المدني” وأصيب أكثر من 25 شخصاً بقصف صاروخي استهدف محطات تكرير النفط (البدائية) في ترحين قرب جرابلس، وفي قصف آخر استهدف معبر الحمران الواصل بين مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية (قسد) ومناطق المعارضة السورية قرب الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي.
وتسبّب القصف بدمار هائل في محطات التكرير في ترحين، وأحرقت النيران كميات كبيرة من النفط الخام المخزنة في “الصهاريج” الأمر الذي صعّب من مهمة إخماد الحرائق على فرق “الخوذ البيضاء”. وتسببت النيران بمقتل متطوع منهم، كما تضررت أعداد كبيرة من الشاحنات التي تستخدم عادة في نقل المشتقات النفطية إلى داخل مناطق المعارضة.
وكان حجم الضرر أكبر في معبر الحمران الذي تسيطر عليه من جانب المعارضة (الجبهة الشامية/الفيلق الثالث) التابع ل”الجيش الوطني”، وذلك من ناحية الأعداد الكبيرة من الشاحنات المحترقة، ومن ناحية الخسائر البشرية. وكانت غالبية القتلى والجرحى المدنيين من سائقي الشاحنات المتوقفة في المعبر والتي تنقل النفط الخام القادم من مناطق سيطرة قسد شمال شرقي سوريا.
ورجّحت أوساط في المعارضة بأن تكون الصواريخ قد أطلقت من البوارج الروسية الراسية في البحر المتوسط على شواطئ محافظة اللاذقية غربي سوريا، وأنها صواريخ بالستية “بحر-أرض” واسعة التدمير، في حين قال فريق آخر إن مصدر القصف هو مواقع النظام والقوات الروسية في ريف حلب.
ودعم المتحدث الرسمي باسم “الجيش الوطني” الرائد يوسف حمود الفرضيتين في تصريحه قائلاً إنه “بحسب المعلومات المتوفرة لدى الجيش الوطني فقد استُهدف معبر الحمران بصاروخين أحدهما أطلق من الساحل السوري، والثاني أطلق من معامل الدفاع في ريف حلب الجنوبي الشرقي”.
وأضاف حمود ل”المدن”، أنه “تم قصف منطقة محطات التكرير في ترحين بصاروخين أحدهما أطلقته قوات النظام من مطار كويرس شرقي حلب والثاني أطلق من رادار شعالة جنوبي مدينة الباب”.
وهذه المرة الأولى التي يطاول فيها القصف واحداً من المعابر الواصلة بين قسد والمعارضة في ريف حلب، لكنه ليس الأول من نوعه على محطات تكرير النفط المنتشرة بكثرة في قرى المزعلة والكوسا وترحين في المنطقة الواقعة بين الباب وجرابلس بريف حلب. ففي 27 شباط/فبراير، تعرضت محطات التكرير في المزعلة قرب جرابلس لقصف صاروخي دمر بعضاَ من منشآت التكرير.
وفي 10 شباط/فبراير قتل 4 أشخاص على الأقل بقصف صاروخي استهدف منطقة محطات التكرير في ترحين قرب الباب، وفي بداية كانون الثاني/يناير 2021، استهدفت ترحين أيضاَ بالصواريخ ما أدى إلى احتراق عدد من محطات التكرير والشاحنات المتوفقة.
وجرت العادة أن توجه المعارضة أصابع الاتهام لقوات النظام وحلفائها من المليشيات الروسية والإيرانية، بأنها هي المسؤولة عن القصف على المنطقة التي تُعتبر بوابة استقبال وتكرير النفط القادم من مناطق قسد والذي تستفيد منه المعارضة بشكل كبير. وبرغم تكرار عمليات القصف إلا أن النظام السوري والقوات الروسية لم يتبنوا أي عملية.
لكن عضو مركز المصالحة الروسي الشيخ عمر رحمون علّق على القصف الأخير قائلاً في تغريدة: “سيتم حرق النفط السوري المسروق وسارقيه بالنفط ذاته، مرتزقة أميركا في قسد، ومرتزقة تركيا في الجيش الوطني، لتكن هذه الحقيقة في أذهانكم وأنتم تشمتون بالطوابير التي تقف على محطات الوقود، لن تمر سرقتكم للنفط السوري وشماتتكم بالشعب السوري، والقادم أعظم”.
تعليق الشيخ رحمون يؤكد أن القوات الروسية هي المسؤولة عن القصف، أو على الأقل هي من أمرت بذلك، والصواريخ المستخدمة في الغالب هي صواريخ راجمات روسية، وصواريخ أخرى من نوع “توشكا” روسية الصنع، تتمركز بعض قواعدها التي تتبع للواء 157، في إدارة المدفعية والصواريخ لدى قوات النظام في منطقة حندرات شمالي حلب، وفي كتيبة المدفعية على أطراف حي الزهراء شمال غربي حلب، وكلا الموقعين تتمركز فيهما قوات روسية خاصة.
وقال نائب القائد العسكري لفرقة المعتصم التابعة ل”الجيش الوطني” فاروق أبو بكر ل”المدن”: “لدينا معلومات تؤكد أن القوات الروسية وجهت إنذاراً لقسد مؤخراً، بأنها ستقصف المعابر والمنشآت النفطية في حال واصلت قسد تصديرها للنفط نحو مناطق المعارضة”. وأضاف أن “روسيا تريد توجيه كامل توريدات نفط قسد نحو مناطق سيطرة النظام”.
من جهته، قال وزير الاقتصاد والمالية في “الحكومة المؤقتة” الدكتور عبد الحكيم المصري ل”المدن”، إن روسيا “تريد تحقيق أهداف عديدة من خلال استهداف منشآت التكرير التابعة للمعارضة، بينها إحراج تركيا، والضغط على المنطقة المحررة شمال غربي سوريا اقتصادياً ومنع دخول النفط الرخيص، وإجبار المعارضة على الاعتماد على النفط المستورد عن طريق تركيا وهذا سعره مرتفع مقارنة بأسعار النفط الوارد من مناطق قسد”. وأضاف أن “هذا الأمر سيسبب أزمة اقتصادية ومعاشية تشبه الى حد ما تلك التي تعيشها مناطق النظام”. وأوضح أن “وقف بيع النفط للمناطق المحررة وبيعها فقط للنظام يهدف إلى التخفيف من أزمة الوقود لدى النظام”.
المصدر: المدن