- الهجرات الكردية إلى سورية.
١٩٢٣ – ١٩٣٩م
بعد استقرار الوضع لأتاتورك في تركيا، وحصول الانتداب الفرنسي على سورية، والإنجليزي على العراق. وتثبيت مناطق الحدود بين هذه الدول الثلاثة بموجب معاهدة لوزان وما تلاها من معاهدات ثنائية أخرى. ووقوع أغلب مناطق التواجد الكردي داخل تركيا الحديثة. ورفضهم الضمني لسياسة التتريك التي فرضت عليهم. فقد بدأت حالات تمرد وعصيان بدء من عام ١٩٢٢م واستمرت حتى عام ١٩٢٥م، تعامل معها الأتراك في اعلى درجات القسوة والعنف ودمرت بعض القرى وادت لهجرة الكثير من الأكراد إلى سورية. كما حصلت ثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925 احتجاجا على قرار إلغاء الخلافة العثمانية وإلغاء تطبيق الأحكام الشرعية الاسلامية. وكان نتيجتها الحكم على الآلاف بالنفي والسجن والإعدام. وادت الى حركة هروب جماعي الى سورية والعراق والاستقرار في جبالهم. وصل عدد المهجرين الكرد في عشر سنوات الى خمس وعشرون الف. وزاد العدد كثيرا بعد ثورة “آغري” التي حصلت بين ١٩٣٠و١٩٣٩م. وكان نتيجتها حملة توطين للأكراد في سورية رفعت عددهم من ٦٠٠٠انسان الى ١١١٣٠٠انسان في هذه العشر سنوات. كذلك الحال حيث دخل سورية أعداد كبيرة من الأكراد بين عامي ١٩٤٥ و١٩٦١م بعد استقلال سورية وفي فترة الإصلاح الزراعي. حيث حصلوا على هويات مواطنين سوريين. كما استفادوا من توزيع اراضي الإصلاح الزراعي.
كما كانت الدولة التركية حريصة دوما على أمن حدودها مع سورية. ومنذ الإنتداب الفرنسي عملت على إبعاد الأكراد عن الحدود السورية التركية، وعدم تأثيرهم في أي أعمال عنف كردي ضد الدولة التركية. وساهم الفرنسيين في استيعاب الأكراد في سورية ضمن سياستها في تبني الأقليات واضعاف العنصر العربي السني. وكانت قد أعلنت دولة للدروز واخرى للعلويين. وفكروا في دعم الأكراد لخلق كيان خاص لهم.
- انتعاش الحركة الكردية في المجال العربي.
تابع الكاتب واقع الأكراد في القاهرة أيام العثمانيين ومحاولاتهم لاستكمال نضالهم القومي من هناك ، كما عمل الأكراد على خلق تمثيل ذاتي بعد سقوط الدولة العثمانية، وذلك في مواجهة الدولة التركية. التي اعتبرها الأكراد والأرمن معادية لطموحاتهم القومية. واعلنوا تشكيل حزب كردي ارمني يعمل داخل وخارج الدولة التركية وضدها بالعنف المسلح. كان اسم الحزب “خويبون” ومعناه بالكردية (كن أنت نفسك)، أمّن الأرمن الإمداد بالمال والسلاح. وتم تجنيد الأكراد داخل تركيا وقاموا بأعمال عنف ودعموا انتفاضة “آغري” التي ذكرت سابقا.
بدأ ذلك منذ عام ١٩٣٠م بدعم انكليزي فرنسي. وتوقف دعم هذه الحركة بعد حصول اتفاق ومعاهدات بين روسيا وتركيا. وسقط تحالف خويبون بين الأرمن والأكراد.
كان هناك دور مؤثر من خويبون في خلق الشعور القومي الكردي. وكانت لا تتحدث عن مطالب قومية كردية في سورية والعراق. و تركزت مطالبها القومية ونضالها على تركيا فقط. كما اعتبرت ثورة سعيد بيران ذات البعد الديني بأنها ثورة قومية كردية وصنعت من سعيد بيران رمزا قوميا ومرتكزا نفسيا للأكراد في طموحهم القومي.
انتهى دور خويبون في الخمسينات حيث انتهى الدعم الغربي الفرنسي لهم. حيث قوي الحضور الروسي وانتشار الفكر اليساري بين الأكراد. البرزانية والطالبانية.
- الأكراد في المجال العربي في عصر الاستقلال.
بعد استقلال سورية من الانتداب الفرنسي وظهور عبد الناصر كقائد تحرري وقومي عربي. ووقوفه في وجه التمدد الغربي في المنطقة وصراعه مع حلف بغداد الذي ضم العراق وتركيا والتحق به بعد ذلك امريكا وغيرها. كان عبد الناصر قد اعتبر حركة مصطفى البارزاني الذي كان في روسيا محقة ومطالبه مشروعة، فقد تواصل معهم وتحدث عن حقوق لهم يجب أن يحصلوا عليها. كما جاء البارزاني الى مصر بعد حصول الثورة العراقية ١٩٥٨م والتقى مع عبد الناصر الذي كان متفهما لمطالب الأكراد لكن ضمن الوحدة الوطنية لدولة العراق. كان ذلك قبل عودة البارزاني الى العراق.
كما تحدث الكاتب عن دعم السوفييت للأكراد السوريين والعرب عموما من خلال تواجدهم في الأحزاب الشيوعية. حيث كان خالد بكداش الكردي زعيما للحزب الشيوعي السوري لعقود طويلة.
كنا ذكر الكاتب احتضان حافظ الأسد للأكراد العراقيين الطالباني والبرزاني ودعمهم بالمال والسلاح بالتعاون مع القذافي وإيران، ضد صدام حسين. كان هاجس الأسد الأساسي صراعه مع صدام واسقاطه. لقد تم تشكيل حزب الإتحاد الوطني الكردستاني في سورية، بقيادة جلال طالباني وتم استقبال البيشمركة البرزانيين الأكراد ودعمهم في مواجهة صدام حسين.
كان لتشكيل الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق دور النموذج المعاش لطموح بعض الأكراد السوريين بعد الثورة السورية. ليعملوا لصناعة الإدارة الذاتية الكردية وطرح دستور كردستان سورية…
- الأيديولوجية الكردية المعاصرة.
يسلط الكاتب هنا الضوء على الخلفيات العقائدية التي يتحرك الأكراد من خلالها. مستشهدا بالمفكر عبد الله العروي حول مفهوم الإيديولوجيا ، ومنتهيا إلى أن الأيديولوجيا هنا تعني تحويل الاكراد قضيتهم من معطى تاريخي اجتماعي سياسي، قابل للفهم والتناول، إلى مجموعة ثوابت ايديولوجية ايمانية مطلقة ينتصرون لها، ومن خلالها يصنعون نموذجهم الذهني عن أنفسهم كما يتمنون. والحديث عندهم منصب على أكراد سورية والعراق، ونموذجها الأيديولوجي هو البارزانية وحزب العمال الكردستاني.
إن مرتكزات هذه الإيديولوجية الكردية هي:
١- الأكراد امتداد لأمتهم ذات العرق الآري الهندي.
٢- الأكراد وارتباطهم بالأرض التاريخية لهم.
٣- تأكيد على انتماء الأكراد بالعرق الآري.
٤- الأكراد مستهدفون من الغير. تأصيل المظلومية عندهم
٥- العداء التاريخي للأكراد من الغير.
٦- التأكيد على احتلال كردستان وضرورة تحريرها.
- الجماعات الكردية المتخيلة و أدلجة التاريخ.
هنا يؤكد الكاتب على خلق ماض مصطنع للأكراد وأنهم من أصل آري يجمعهم مع الاوروبيين. هذا ما نظّر له عبد الله أوجلان. وقد عاد الكاتب لكثير من المراجع التي نفت ذلك. واكدت على الفرضيات التي ذكرت الأصل الآسيوي المتنوع لهم.
كما عملوا على اعادة سرد بعض الأساطير الفارسية والسومرية واعتبارها أساطير كردية. مثل ملحمة جلجامش. و”كاوا الحداد” وكذلك عيد النيروز. وتبين انها عائدة إلى أمم أخرى. وان كاوا الحداد وعيد النيروز هم للفرس وأثبت ذلك بالعودة للمراجع التاريخية.
- التكريد في بناء الأيديولوجية الكردية المعاصرة.
عالج الكاتب معنى التكريد بأنه العمل لتحويل الكثير من الأشخاص والأعمال وغيرها على انها من اصل كردي أو اعمال كردية. واتى بأمثلة عيانية:
١- القول بأن الرئيس السوري الأول محمد علي العابد كان كرديا. والحقيقة أنه عربي الأصل.
٢- وأن يوسف العظمة كان كردي الأصل، بينما الحقيقة أنه تركي الأصل.
وكذلك قالوا عن إبراهيم هنانو ومحمد كرد علي وقاسم أمين ومعروف الرصافي وأديب الشيشكلي وغيرهم كثير ممن كانت أصولهم كردية فعلاً لكنهم عرب بالهوية والثقافة والانتماء.
أما على المستوى التاريخي فقد قالوا أن صلاح الدين الايوبي كردي الأصل. متجاوزين الظرف التاريخي في تلك المرحلة الذي لا يقيم للانتماء القومي وزناً حينها.
كما عملوا على تكريد بعض المواقع الجغرافية السورية في القامشلي وعين العرب وغيرها.
١- الجزيرة الفراتية السورية سمّاها جماعة البرزاني كردستان سورية. بينما سمّاها جماعة حزب العمال الكردستاني “الاوجلانية” روجآفا.
٢- رأس العين سمّوها “سري كانيه”.
٣- قبور البيض القحطانية سمّوها: “تربه سبي”
٤- جبل عبد العزيز سمّوه “جبل كزوان”.
٥- الرقة اسموها “روكا”.
٦- تل أبيض سمّوه “كري سبي”.
ووصل التكريد حتى حلب الشهباء وأسموها: “شاه با”، كذلك عفرين “افريون” ، وكذلك عين العرب وأسموها “كوباني” علما بأنها ليست تسمية كردية؟ !. كذلك منبج اسموها “نابوك”. وجرابلس اسموها “كركميش”… الخ
أكد الكاتب على أن التكريد هو عبارة عن اداة لخلق التحشيد القومي المجتمعي للولاء عند الأحزاب الكردية تماماً كما يفعل الآن حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي PYD و خلق ولاءات تاريخية ومجتمعية معاشة، وفق ديماغوجية مدروسة ويتم تداولها باستمرار لتتحول الى حقائق مفترضة في وجدان الأكراد.
- مواطن القصور في الايديولوجية الكردية.
في هذا الفصل يتابع الكاتب تفنيد العقيدة الكردية. بأنها لا تقدم المسوغات والمبررات العقلانية والفلسفية لما تطلبه. وأنها تطرح نفسها وفق نزعة قومية اقصائية معادية للعرب. وهم يتعايشون في بلدات مشتركين او متجاورين. وهذا قد يؤدي الى صراع قومي “كردي – عربي”.
- تفنيد مقولة الأرض التاريخية للأكراد في سورية.
كما تحدث عن ادعاء الارض التاريخية للأكراد في سورية. وفنده سواء من خلال مصادر القرون الوسطى التي تتحدث عن جذورهم التاريخية في إيران، أو في عصور ما بعد القرون الوسطى التي تتحدث عن تمركزهم في تركيا الحالية، بدليل أن جميع مطالبات الرعيل الأول للقوميين الأكراد، كانت تتحدث عن وطن كردي في تركيا وتناضل من أجله.
- مصطلح التعريب واستثماره في الأيديولوجية الكردية.
عاد الكاتب لأصل كلمة التعريب وانها تعني اشتقاق لغوي للمستجدات الحياتية واللغوية والعلمية في اللغة العربية. وان ذلك حاصل في سورية منذ بداية القرن خاصة بعد سقوط الدولة العثمانية وولادة الدولة السورية العربية. وان ذلك زاد وتيرته وقوته في مرحلة المد القومي لعبد الناصر في ستينات القرن الماضي ضمن مشروع النهضة العربية. كذلك البعث الذي رفع الشعار القومي العربي ولو ادعاء.
كما تحدث عن موقف الأكراد السوريين من التعريب. على غرار اكراد العراق، وانه مؤامرة مقصود بها القضاء على الهوية القومية الكردية في سورية. فند الكاتب هذا الادعاء بأن التعريب حصل منذ بداية تشكيل الدولة السورية في عام ١٩٣٠ حتى ١٩٣٣م. كما ركز الأكراد حول مطلب التعريب الذي قام قال به ضابط الاستخبارات السوري طلب هلال في الستينات من القرن الماضي. لكن التعريب كان قبل ذلك وابعد مما طرحه الأكراد فقد طال التعريب كل القرى في الجزيرة السورية. بما فيها القرى العربية التي كانت بالمئات وكذلك المختلطة بين العربية والكردية ايضا. ولم يكن الأكراد مستهدفين بذاتهم. كما طال التعريب ريف حلب والباب والراعي وتادف واختارين وريف اللاذقية وحمص وحوران ..الخ. وكان الهدف في لك تغيير الاسماء التركية. بهدف قطع الروابط مع الإرث العثماني.
- المأساة التاريخية في الخطاب الكردي.
اعتمد الأكراد على ادعاء المظلومية التاريخية. منذ القديم ومن العثمانيين. وبعد إعلان الدولة التركية وتوقفوا عند ثورة سعيد بيران واعتبروها ثورة قومية كردية. رغم معرفتنا سابقا بنزعتها الدينية وكانت ضد إسقاط الخلافة الاسلامية.
كما طرح الأكراد موضوع الحزام العربي الذي أدعوه نتيجة نقل العرب الذين غمرت قراهم في سد الفرات الى مناطق اخرى بعضها يتواجد فيها الأكراد. وأنه كان يقصد التأثير على ديمغرافية تواجدهم ونزع اراضيهم منهم. وهذه مغالطة وتزييف لما حصل. المغمورون لم يكونوا تجاوزوا الثلاثة بالمئة من عدد سكان مناطقهم الجديدة. فبالتالي لا يغير انتقالهم بأي توازن سكاني. وان الاراضي التي اعطيت للمغمورين كانت عائدة الى إقطاعيين عرب وأكراد و الرفض جاء من الطرفين. وسبب الرفض أنهم أحق بهذه الاراضي من المغمورين. كما اتهموا المغمورين بالمستوطنين وهذا تجييش وادعاء المظلومية. والواقع ان الإصلاح الزراعي قد أخذ من أملاك الإقطاع وهم من العرب والأكراد والسريان. وأعيد توزيعها على الكل. وان المغمورين وضعوا في أراضي مزارع الدولة التي لم تعد ملكيتها للأكراد أو غيرهم. كما لم ينفذ ما طرحه الضابط طلب هلال. ولم يحصل أي اصطدام عربي كردي في المنطقة.