
امل الأمة وديعةٌ في أياديكم ..فتفكَّروا مقولة الامام علي وقد أُوتِيَتم الحكمة: “إِذَا هِبْتَ أَمْراً فَقَعْ فِيهِ، فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقِّيهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنْهُ” .. لا وَهَنٌ، ولا ضَعُفٌ، وَلا اسْتَكَانةٌ، “وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ” (آل عمران / 146)!
ابدأ بدعوتي – الأسبوع الماضي – لقمةٍ عربية اسلامية (تجمع دول جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي) استثنائية طارئة لبحث الرد على تصريحات ترامب خلال اجتماعه بميلكوفسكي (نتنياهو) في البيت الأبيض مؤخراً مُعلِّلاً النفس بقرارات مثل:
أولاً: رفض تصريحات الرئيس الأميركي بشكل تام وحاسم وقاطع، وإحالتها لمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية – نقطة على السطر! فهذه التصريحات تمثل انتهاكاً بيِّناً لما يُعرف بالقواعد الآمرة (Jus Cogens – القواعد الأساسية التي يستند إليها القانون الدولي)!
ثانياً: باختصار، كما على الارض الفلسطينية، كذلك في السماء: لا اسرائيل التوراتية، ولا اسرائيل الكبرى، ولا اسرائيل العظمى او العظيمة، ولا “يهودا والسامرة”، ولا 78% من فلسطين التاريخية .. والمقاومة هم شعب الله المختار .. اما على الصعيد التكتيكي، فلا بأس ب”اسرائيل الصغرى” شريطة تنفيذ القرارين 181 (أساس حل الدولتين) و194 (حق العودة) وهما شرط قبول عضوية “اسرائيل” في الأمم المتحدة أصلاً .. وهكذا يتم توسيع “ميثاق ابراهيم” بالتطبيع الذي تسعى اليه دول المحور الصهيواوروبيكي على أساس حل الدولتين فلا تتعدى مساحة دولة الكيان 54% من مجموع مساحة فلسطين البالغة 27027 كم2!
■ وهنا لا بد من استعادة ندائاتنا للرئيس الفلسطيني – أقتبس:
[منذ نيف وعقد من الزمان ونداءات “ديانا فاخوري” المتكررة والمعجلة لا تنفك تتواصل بمناشدة “الرئيس الفلسطيني” ليقوم باضعف الإيمان ويتخذ موقفا يطيح ب”صفقة القرن” ويجهضها .. خاطبَتْهُ (وخاطبْتُهُ بعدها) بكل اخلاص أن قم بذلك:
▪︎ تنازل عن التنازلات التي ما فتئت تُقَدّم استرضاءً ل”يهوة” الصهيواوروبيكي!
▪︎ أعلن قيام “الجمهورية العربية الفلسطينية” المستقلة على 56 % من فلسطين التاريخية بعاصمتها القدس الشريف (تنفيذاً للقرارين الأمميين 181 و194)!
▪︎ طلِّق أوسلو ثلاثاً: طلاق البينونة الكبرى!
▪︎ تمسّك بلاءات الخرطوم الثلاثة: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض!
▪︎ تمسّك باللاءات الهاشمية الثّلاث: “لا للتّنازل عن القدس المحتلة”، “لا للوطن البديل”، و”لا للتوطين”!
أعلنها “أبو مازن”، أعلنها – ولو من غزة .. اعلنها واتخذ مع المقاومين سبيلا .. اعلنها وافتح بجزمة الفدائي أُفقا!] .. إنتهى الاقتباس.
■ واعود الان لما كتبتًُه أواخر شهر كانون الثاني Jan الماضي حول الفراغ الاستراتيجي، وهل تملأه “سات” أم “سات” وخلصتُ ان هذه هي “فرصة “سات” (السعودية، ايران، تركيا – رغم “اطلسيتها”) لتسبق “سات” (سوريا المستجدة، اسرائيل، ترامب) .. بل، اكثر من ذلك، هذه فرصة لوضع الشدة على “س” “سات” الاولى باسترداد سوريا من المحور الاخر “كَي لا نرى في جُلَّقِ الأَغرابا”، ولتصبح “سّات” (السعودية، سوريا، ايران، تركيا) فتملأ الفراغ الاستراتيجي” .. لتكن فلسطين هي البوصلة ولتُدفن الفتنة السنية الشيعية، وما استقبال السيد خامئني لقيادة “حماس المنتصرة على أميركا”، وخطاب رئيس حركة حماس خليل الحية في طهران اليوم Feb 10 الا دليل صادق على دفن الفتنة السنية الشيعية التي افتعلتها أميركا واشعلتها قادسيةً جديدةً باستدعاء “فارسية” ايران و”مجوسيتها” و”شيعيتها” يوم خلعت ايران النجمة السداسية ورفعت محلها العلم الفلسطيني في طهران!
■ هل هو تعليلٌ للنفس بالآمال وتفكير رغائبي!؟
لا، ليسى شراءً للأمل على حساب الواقع .. فماذا فعلت وقائع اتفاقيات التطبيع وميثاق ابراهيم!؟ ما خالوه ماءً كان سرابا من دولة أوسلو على حدود 1967 الى “يهودا والسامرة” وضم الضفة وغزة واقتلاع الأهالي وتهجيرهم .. يا لها من “واقعية” تَقَع وتوقِع فلسطين يوم يَهجُرُ اهل الحق الحسام الى الكلام “شكايةً وعتابا” فدنيانا غابةٌ حشدت علينا أراقِماً وذئابا .. وليس لنا، والله، الا ان نلبس لَها ماءَ الحَديدِ مَطارِقاً، وَنجعَل الِالسنة مَخالِباً أَو نيابا، كما نصحنا إيليا ابو ماضي .. دُنيا تَأَلَّقَ أَمسُها في يَومِها، فَلنستَجمَعَ الأَنساب وَالأَحسابا (السعودية، سوريا، ايران، تركيا) .. من هنا، من آفاقِها سَرى سَناءُ الوَحيِ “يغشى العُصور وَيَغمِرُ الأَحقابا” .. وهذه دعوة مخلصة ل”سّات” لتكتب في سفر التاريخِ “مَجدٌاً يُضاهي مَجدَها الخَلّابا”! و”سّات” هذه بدأ مجدها و”ما شابا” فامل الأمة وديعةٌ في اياديهم .. وهكذا يتعزز التقارب والتعاون بين أركانها فالعَدُوِّ بِبابِهِم ولن تتخاذل أَسيافُهُم و”النَصرُ مِنهُم قابا”!
■ وها هي قناة “الإخبارية” تعيد مقطعًا لخطاب سابق للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز حين كان أميرًا للرياض يقول فيه: “إن القضية الفلسطينية هي قضية السعودية الأولى” .. وبكل عنفوان يتذكّر الشعب السعودي الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز اذ كان حازماً بقوله: “لو أجمع العرب جميعًا على أن يرضوا بوجود إسرائيل وبتقسيم فلسطين، فلن ندخل معهم في هذا الاتفاق”!
■ لا غرو، فالكل يذكر صلافة وعنجهية رئيسة وزراء إسرائيل بعد هزيمة عام 1967 اذ قالت: “إني أشم رائحة بلادي في الحجاز! وهي وطني الذي علي أن أستعيده” .. ومعها يتماهى الكاتب والسياسي الإسرائيلي Avi Lipkin في مؤلفه “Return To Mecca” .. عنوان الكتاب وغلافه يكفي حيث تدخل مكة المكرمة بمسجدها الحرام المبارك وكعبتها المشرفة كما المدينة المنورة ضمن مملكة يهوة!
وبعد، هل نَعْجَب لقيام دول ال “سّات” ومعها مصر والأردن ولبنان وكل دول جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي بالرد على تصريحات ترامب بشكل تام وحاسم وقاطع كما اقترحتُ في المقدمة (اولا اعلاه)، ولا بأس بتوسيع “ميثاق ابراهيم” بالتطبيع الذي تسعى اليه دول المحور الصهيواوروبيكي على أساس حل الدولتين تنفيذاً للقرارين الأمميين 181 و194 فيتم أعلان “الجمهورية العربية الفلسطينية” المستقلة على 56 % من فلسطين التاريخية بعاصمتها القدس الشريف (المقدمة – ثانياً اعلاه)!؟ لا نَعْجَب، بل نُعْجَب!
نعم،
امل الأمة وديعةٌ في أياديكم ..فتفكَّروا مقولة الامام علي وقد أُوتِيَتم الحكمة: “إِذَا هِبْتَ أَمْراً فَقَعْ فِيهِ، فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقِّيهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنْهُ” .. لا وَهَنٌ، ولا ضَعُفٌ، وَلا اسْتَكَانةٌ، “وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ” (آل عمران / 146)، فتذكّروا “وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ” (البقرة: 269)!
الدائم هو الله، ودائم هو الأردن العربي، ودائمة هي فلسطين ..
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
كاتب عربي أردني
المصدر: رأي اليوم