الأولى:
كونوا واثقين أن السوريين الشرفاء، خاصة الثوار، يقفون مع بلدهم ويدعمون ولادة سوريا الجديدة بكل ما استطاعوا. يعملون جاهدين على طمأنة الناس، وتقليل مخاوفهم، وبث الأمل بالمنطق والحجة. نعلم جميعًا أن إرث 54 عامًا من حكم النظام البائد لا يمكن محوه في أيام قليلة.
لقد ورثنا أطلال دولة وأطنان أزمات متراكمة، ونحن الأكثر فهمًا لحجم التحدي. ومن باب النصيحة الصادقة، ولأن الدين عند الله النصيحة؛ نتوجه إليكم مباشرة ونقول لكم: الصبر مطلوب، لكن التقدم بخطى ثابتة ومبنية على ثقة الناس هو ما يصنع الفارق. تريثوا في اتخاذ القرارات السيادية التي تتطلب شرعية وطنية ودستورية، فحكومتكم ما تزال مؤقتة، والأعين تترقب أخطاءكم، والأعداء يكيدون لكم في كل اتجاه.
الثانية:
رغم التقدير لرسائل التطمين الموجهة لكل السوريين، يبقى خطابكم تجاه الحاضنة الثورية ضعيفًا ومقصرًا وغير منصف.
كيف يُطلب من الثوار، الذين قاتلوا وضحوا، تسليم سلاحهم بينما شبيحة النظام يحتلون بيوت أهلنا، بسلاحهم وعتادهم الذي لم ينزع بعد! ومحافظتان سوريتان (الرقة والحسكة) لا تزالان خارج سيطرة الدولة الجديدة؟
نزع السلاح ليس مطلبًا يُفرض بالقوة، بل خطوة تأتي حين يشعر الثوار بالطمأنينة والعدالة، في ظل حكومة وطنية ذات شرعية ثورية ودستورية. عندها، لن يُطلب منهم التخلي عن السلاح، بل سيتخلون عنه بأنفسهم، إيمانًا بمستقبل وطن يليق بتضحياتهم.
الثالثة:
الشفافية هي درعكم وحصنكم في هذا التحول من الثورة إلى الدولة. لتثبتوا أنكم رجال دولة، نحتاج إلى خطوات واضحة:
– تمثيل دبلوماسي قوي: عيّنوا وزير خارجية يحمل رسالة الدولة السورية الجديدة للعالم، ليقنع المجتمع الدولي بأن السوريين قادرون على بناء دولة منفتحة ومسؤولة، لا تشكل خطرًا على أحد.
– تعيين ناطق رسمي باسم الحكومة ضرورة ملحّة ليكون صوتها الموثوق، ينقل يوميًا المستجدات المحلية والإقليمية والدولية، ويعقد مؤتمرات صحفية منتظمة لمواجهة حرب الشائعات، وتعزيز الثقة، وتقريب الشعب من حكومتكم عبر الشفافية والوضوح.
وأخيرًا: لا تختصروا المشهد بالقائد العام لغرفة العمليات وحده. التركيز على شخص واحد يثير المخاوف، وينكأ الجراح النديّة، ويخلق فجوة بين الحكومة والشعب، ويذكر بمآسي سوريا “الفرد الواحد”، بل ويضعُ عبئًا إضافيًا على عاتقه. قيادة التغيير عمل جماعي، ولا أحد ينكر فضل قادة التغيير وأبطال التحرير، لكن الحذر في هذه اللحظات الحساسة ضرورة وأمانة.
كونوا على قدر المسؤولية، وساعدونا كي نستطيع مساعدتكم.