النظام يتساقط تباعا، والحراك الثوري في جنوب سوريا في درعا والسويداء والقنيطرة ينتهض متقدما الى دمشق مسيطرا على المدن والبلدات التي يمر بها والتي تنضم تباعا إلى ركب الثورة، ليلاقي قوى الثورة المسلحة القادمة من حلب وحماة عبر حمص، حيث ما زالت المواجهات بين الثوار وبقايا قوات النظام متواصلة.
ومع هذه المعارك تتجه قوات الثورة أيضا إلى منبج التي يتحصن فيها مسلحو تنظيم pyd الانفصالي الكردي، وهو ذراع حزب العمال الكردستاني التركي pkk، وهو في الوقت نفسه حليف متخادم مع نظام الأسد منذ نشأته.
ولطبيعة تفكيرنا وتوجهنا كنا ومنذ البداية نتمنى أن ينصاع النظام لإرادة السوريين ويجنب البلاد ما أصابها من نهجه الأمني التدميري على مدار ثلاثة عشر عاما مضت، لكنه أبى إلا أن يتابع دربه في الإرهاب والتدمير على أوسع نطاق، وساعده على ذلك وحرضه عليه حليفيه الايراني الطائفي مع ميليشياته متعددة المصادر التي تقاطرت لنصرة النظام الأسدي بدوافعها الطائفية ، والروسي المستبد الذي دفع بسلاح الطيران الغاشم وبمستشاريه العسكريين، ومرتزقته.
ورغم كل الانتصارات التي حققها الثوار وباتوا يطرقون عبرها أبواب دمشق ما زلنا نتمنى أن يعلن النظام استسلامه وخضوعه لمقتضيات الحل السياسي، ويسلم السلطة لمجلس انتقالي يمثل الإرادة الحرة للسوريين. ورغم أن لا شيء في سلوك هذا النظام يوحي بأدنى استجابة لمثل هذا التطلع، لكننا نؤكد عليه، ونعتبر أن السعي إليه واجب إذا كان من شأنه أن يوفر سقوط النظام ويوفر ولو دم مواطن سوري واحد، لكن كما كان الحال منذ بداية الحراك الثوري في مارس ٢٠١١ فإن نهج هذا النظام نهج الدم والخراب، والإرهاب والفساد.
من درعا والسويداء والقنيطرة باتجاه دمشق، ومن حمص والنبك باتجاه دمشق، الضغط على النظام مستمر، وتساقط قواته وقطعاته مستمرة، وتحييد وانشقاق مسؤوليه مستمر، ورغم كل ذلك ما زال متاحا أمام أولئك الذين يملكون قدرا من قوة النظام أن يتحركوا في دمشق ومحيطها وأن يفرضوا على النظام إعلان الهزيمة، وأن يتحولوا من أذرعة إرهاب وقتل في يد هذا النظام، إلى قوة مهمة وفاعلة في طي صفحة هذا النظام، وفي وقف مسلسل المعارك. والمحافظة على العاصمة وعلى أنفسهم من رياح الثورة التي ستقتلع كل أركان هذا النظام.
كل الأنظار تتطلع إلى دمشق، والسباق قائم على قدم وساق، للوصول إلى العاصمة، وحينما ينتهي هذا النظام وتصل رياح الثورة إلى دمشق، وتنفتح بوابات السجون وفي مقدمتها سجن صيدنايا الذي تحاصره قوات الثورة، وقد تتم السيطرة عليه بين دقيقة وأخرى، ويعرف السوريون مصائر عشرات الألوف من المختفين والمغيبين قسريا. ويعرف العالم ما كان يفعله هذا النظام في هذه السجون، سيتبين الجميع مسؤولية النظام الدولي والنظام الإقليمي والعربي الذي منع اسقاط نظام الأسد وأمده بالعون وبالقدرة على البقاء كل هذه الفترة، وسيدرك الجميع الثمن الذي دفعه السوريون في إعاقة انتصارهم على هذا النظام على مدى ١١ عاما مضى، فقد كان متاحا وممكنا أن يسقط هذا النظام ولمًا تبلغ الثورة عامها الثاني، لكن كل هؤلاء الذين نشير إليهم حالوا دون ذلك بما قدموه للنظام من دعم وغطاء، ومن جهود في تفتيت المعارضة، وفي إجهاض تحركها، وفي إفساد بعضها، ومن تعطيل موجات الانشقاق العسكري عن النظام الأسدي في سنوات الثورة الأولى.
وكما أن النظام في طريق الهزيمة النهائية، كذلك الانفصالية الكردية في طريق الهزيمة، وكما تمنينا حلا ينهي النظام وينهي المعارك، نتمنى حلا مع هذه الانفصالية ينهي هذا المشروع وهذا السلوك الارهابي، ويجنب الثورة وقواها خوض معارك مع هذا التنظيم، وهي معارك حتمية إن لم يوجد طريق آخر لإنهاء هذا الورم السرطاني في جسم سوريا الوطني.
لقد خطف هذا التنظيم المكون الكردي من الجسم الوطني بادعائه التحدث باسمه، وهو يريد أن يختطف جزءا من الأرض السورية بدعوى أنها ليست جزءا من الوطن السوري، وليست جزءا من بلاد الشام، ثم إنه يريد أن يزعزع الأمن الإقليمي باعتباره جزءا من تنظيم pkk.”حزب العمال الكردستاني التركي”.
وطريق تنظيم pyd وتوابعه من قسد ومسد أسهل وأيسر إن وجد في هذا التنظيم من يفكر بعقل، ويدرك حقائق الأمور، والمطلوب من هؤلاء الإعلان عن الانتماء لقوى الثورة السورية ول”ادارة العمليات العسكرية”، وأن يضع نفسه تحت إمرة الادارة العسكرية الثورية، ويفتح سجونه ليخرج منها المعتقلين والمغيبين قسريا، وأن يفتح المنطقة التي يسيطر ويدعو المهجرين والنازحين من أهالي المناطق التي أخرجهم منها الى العودة.
وعليه كذلك تأكيد أن كل ما قام به من اجراءات وخطوات وما أقامه من هياكل ومؤسسات إنما هو مؤقت وكان ابن وقته، وقد انتهى زمنه، والإعلان عن الالتزام بمفهوم المواطنة الكاملة، حيث حرية الانتقال والتملك والعمل لكل السوريين على كل الأرض السورية دون أي تمييز ودون أي استثناء.
وقبل كل هذا وبعده الاعلان الصادق عن قطع كل صلة له بتنظيم pkk، واخراج كل القيادات والمقاتلين القادمين من فروع التنظيم الأم من العراق وتركيا وإيران، وارسالهم إلى الأماكن التي أتوا منها.
ودون هذا فإن قوات الثورة ستستمر في التقدم إلى منبج، ومن ثم الى الرقة وعين العرب وإلى ما بعد هذه المناطق حتى تعيد السيطرة الوطنية على كل أرض احتلتها قوات هذا التنظيم.
النظام الى سقوط، والثورة الى انتصار، وكل التحركات السياسية والدبلوماسية الدولية والإقليمية والعربية ستكون محكومة بهذه المعادلة، والساعات تحمل معها البشائر بإذن الله.
٧ / ١٢ / ٢٠٢٤