من الواضح ان هناك تفاهما دوليا، ربما تشارك فيه كل الدول المتضررة من سياسات طهران الاقليمية مثل تركيا والولايات المتحدة والخليج وروسيا، على استثمار هزيمة ايران في حرب غزة وفي لبنان لإخراج ميليشياتها من سورية. ويترافق هذا مع فشل الاسد في الاستقلال عن طهران والدخول في مفاوضات سورية تركيا ومفاوضات التسوية للأزمة السورية التي تحولت او تكاد الى محنة وموت بطيء للبلاد مما اضطر المتضررين بالقيام بعملية عسكرية تفرض على ايران الانسحاب وتجبر الاسد على التفاوض من اجل تسوية سياسية تراعي مصالح الدول الأخرى وتريح جزئيا الشعب السوري المنكوب.
لكن في اعتقادي شخصيا ان الأمور يمكن ان تخرج عن السيطرة بسبب المفاجأة الكبيرة وتغير حسابات المشرفين على العملية او الفصائل نفسها. وتتمثل هذه المفاجأة في ظهور شلل النظام وعجزه الكامل عن الحركة مما زاد من تطلعات الفصائل المسلحة ومعها الشعب السوري الذي ينتظر الفرصة للخلاص مهما كان الثمن. فقد بدأ النظام وكانّه مجرد جثة هامدة من دون اي رد فعل لا عسكري ولا حتى سياسي اي في موت سريري.
فالتقدم السريع للفصائل يمكن ان يطرح سريعا مشكلتين حساستين الاولى السيطرة الفعلية على المناطق والمدن المحررة، بل على الفصائل ذاتها. والثانية احتمال انتفاض بقية المدن والمناطق املا بالتحرر وتجدد روح الثورة المغدورة. مما يجعل من الصعب التحكم بالعملية العسكرية وبكامل الوضع بعد ذلك حتى من قبل مطلقيها.
من هنا اعتقد اننا على حدود هذه المخاطر. وليس هناك من اجل تجنب الوقوع فيها سوى خيار وحيد هو ان تظهر في دمشق من داخل النظام حركة تلاقي حركة الفصائل وتعلن الانقلاب على الاسد وتعلن استعدادها للعمل مع الفصائل لقيادة عملية الانتقال السياسي المؤجل في سورية منذ ١٤ عاما بسبب الاسد واطماع طهران، والبدء بالتعاون مع الدول المعنية وتحت مظلة دولية وبرعاية الدول المشاركة على تشكيل هيئة حاكمة انتقالية وتعديل الدستور وتشكيل حكومة انتقالية بانتظار انتخابات خلال فترة سنة او اكثر . هذا في اعتقادي المخرج الافضل للازمة التي فتحها التقدم المذهل للفصائل والتفاعل الكبير للجمهور السوري معها وما اصبح اعلانا مؤكدا عن موت نظام الاسد وحتمية العمل من اجل انتاج بديل ينهي تدخل الفصائل والقوى العسكرية ويحد من مخاطر الفوضى وفقدان السيطرة ويترك العمل للسياسيين والدبلوماسيين في انتظار تسلميه لممثلي الشعب بعد انتخابات سريعة قادمة.
المصدر: صفحة برهان غليون