في خطوة “انتقامية” تدرس السلطات الصينية الرد على شركات أوروبية لتصنيع معدات البنية التحتية لشبكات الاتصالات مثل إريكسون ونوكيا.
وكشفت مصادر لصحيفة وال ستريت جورنال أن بكين تريد الانتقام لحظر شبكات هواوي للاتصالات في الولايات المتحدة وبريطانيا، وهي تتخوف من أن تصبح هناك مواجهة بين دول العالم لتقليل الاعتماد على شبكات هواوي.
وتجد الصين نفسها حاليا مضطرة للتعامل مع هذا الشأن الهام، وسط حالة من التوتر في العلاقات مع واشنطن ولندن، إذ أصبح هناك تراكمات من الخلافات خاصة بعد الحرب التجارية التي قادتها أميركا، وملفات مسؤولية الصين بنشر فيروس كورونا، وانتهاكات حقوق الإنسان، والتي تسببت بفرض عقوبات على كيانات صينية مؤخرا.
وملف هواوي ودوره في تكنولوجيا الجيل الخامس أحد الملفات الشائكة، والتي تشمل مستقبل هونغ كونغ، مرورا بملفات سياسية تتعلق ببحر الصين الجنوبي ومسألة مسلمي الأويغور.
تقرير الصحيفة الذي أعده مراسلوها ليزا لين، وستو وو، لينغلينغ وي، يشير إلى أن بكين لن تستخدم سيناريو الإجراءات العقابية بحق نوكيا وإريكسون، إلا إذا تعرض الموردون الصينيون للحظر في المنافسة على تركيب شبكات الجيل الخامس في أوروبا.
وزارة التجارة الصينية قالت، الخميس الماضي، إن السلطات ستتخذ “إجراءات حماية الحقوق المشروعة للشركات الصينية”.
وكانت الصين قد أعلنت في مايو الماضي إنها ستضع قائمة سوداء للشركات والكيانات الأجنبية التي تعمل في البلاد “لأغراض غير تجارية”، في إجراء عقابي بعدما وضعت واشنطن هواوي في رأس القائمة السوداء ودعت إلى عدم التعامل معها.
لا حظر رسميا ولكن!!
حتى الآن لم يتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا يتعلق بحظر شبكات هواوي في الدول الأعضاء، لكن ألمانيا إلى أنها ستبت في السماح لهواوي ببناء شبكات الجيل الخامس في البلاد في سبتمبر المقبل، فيما منحت بريطانيا مشغلي شبكات الاتصالات حتى عام 2027 للتخلص من جميع أجهزة ومعدات ومستلزمات هواوي في شبكاتهم.
وفي فرنسا أكد رئيس وكالة الأمن الإلكتروني الوطنية الفرنسية، غيوم بوبار، أن مجموعة هواوي الصينية لم تحظر تماما من سوق شبكة الجيل الخامس للإنترنت في بلاده، لكن مشغليها في فرنسا لن يحصلوا إلا على تراخيص محدودة.
وقال البيان، إن الوضع ينقلب ضد هواوي، حيث بدأت دول العالم في إدراك خطر أنشطة المراقبة التي يقوم بها الحزب الشيوعي الصيني.
وعلى الصعيد العالمي، لا تزال الحكومة الكندية تبحث فيما إذا كانت ستسمح لهواوي بالمشاركة في بناء شبكات الجيل الخامس في البلاد أم لا، لكنها لم تتوصل حتى إلى قرار.
مجموعة الاتصالات الكندية العملاقة “بيل كندا” أعلنت في يوليو الماضي أها قررت الاستعانة بمجموعة “إريكسون” السويدية لتمديد شبكة الجيل الخامس لأنظمة الاتصالات، في حين أعلنت منافستها الصغرى شركة “تيلوس” أنها ستعتمد في هذه المهمة على مجموعة “نوكيا” الفنلندية.
معادلة خاسرة للصين
جيم ماكغريغور، رئيس شركة “أبكو” للاستشارات قال إن تلميح وزارة التجارة الصينية، لن تكون عواقبه على الشركات المقصودة فقط، إذ أنها ستدفع بكبريات شركات التقنية الأجنبية الموجودة هناك لإعادة تقييم سلاسل التصنيع والإنتاج والتوريد الخاصة بهم، مع احتمالية كبيرة لنقلها من البلاد.
نوكيا وإريكسون شركات أوروبية متخصصة بالبنية التحتية لشبكات الاتصالات، ولكنها تمتلك مصانع وآلاف الموظفين في الصين يقدر عددهم الإجمالي بـ 30 ألف عامل، يلبون احتياجات منطقة الصين الكبرى، بما يشمل هونغ كونغ وتايوان.
مصادر مطلعة قالت لوال ستريت جورنال إن نوكيا طلبت إجراء مراجعة لسلاسل التوريد ووضعت خطط طوارئ في حال تغيرت أهواء الإنتاج عالميا.
أعلنت الحكومة البريطانية الثلاثاء إنها ستمنع أي عمليات لتركيب معدات هواوي لشبكات الجيل الخامس في ضربة كبرى للشركة.
وأشاروا إلى إريكسون أيضا تجري المراجعة ذاتها، بحيث سيتم تحويل مصانع الإنتاج ونقلها إلى أماكن في آسيا وأوروبا وأميركا حيث لا يوجد سلطة للصين هناك.
إريسكون استطاعت خلال العام الحالي الاستحواذ على عقود 3 شركات اتصالات صينية لتركيب البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس في الصين.
بكين تلوح بالسلاح الاقتصادي
وتهدد الصين بريطانيا بـ”عواقب” إذا فرضت لندن عقوبات على بكين على خلفية تعزيز هيمنتها على هونغ كونغ المستعمرة البريطانية سابقا.
ونقلت وكالة فرانس برس عن صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية من أنه “لن يكون أمام بكين خيار سوى ضرب شركات بريطانية مثل أتش إس بي سي وجاغوار لاند روفر”.
ولا يتردد النظام الصيني، كما يفعل مع دول أخرى في التلويح بسلاح العقوبات الاقتصادية لتسوية الخلاف الدبلوماسي.
هواوي في السوق العالمية
شركة هواوي هي أكبر مصدر لمعدات شبكات الاتصالات، وثاني صانع للهواتف الذكية في العالم.
واستحوذت على 43 في المئة من سوق الهواتف الذكية في الصين في الربع الأول من عام 2020، وفق بيانات “آي دي سي”.
وكان لفيروس كورونا تأثير على عائدات هواوي حيث حققت نموا بنسبة 1.4 في المئة في الربع الاول، مقابل 39 في المئة في نفس الفترة عام 2019.
المصدر: الحرة نت