نشر موقع قناة “الحرة” الأميركي مقالا لأحمد عقل بعنوان: كيف تمكنت “الطائرات الاسرائيلية” من قصف أهداف على بعد 2000 كيلومتر أي بقصفها ميناء الحديدة اليمني، وتحدث المقال عن مسار هذه الطائرات وعما تلقته من دعم معلوماتي، وتزود بالوقود في الجو في ذهابها وإيابها.
والحق أنه من الناحية الفنية لا عجب فيما قامت به قوات العدو الصهيوني، فالطائرات وهي من طراز إف 35 ، هي الأحدث في العالم، وكانت تتحرك تحت غطاء ومتابعة وحماية من القوات الأمريكية المنتشرة على امتداد خط مسارها البحري والبري.
التساؤل الحق كان يجب أن يكون بشأن الطائرات بدون طيار التي أطلقها ووجهها اليمنيون/ الحوثيون، وأبقوها تحت سيطرتهم، لتجتاز كل الرادارات والسدود والمصدات الأمنية للكيان الصهيوني. وللقوات الأمريكية، وقوات التحالف المنتشرة في كل مسارها من اليمن إلى تل أبيب، هذا ما يستحق أن يذكر، وأن يتم التوقف عنده. وهذا ما يكشف عن القيمة الحقيقية لتوفر إرادة ضرب العدو الصهيوني، بأقل التكاليف، وبأيسر الطرق.
إن قيمة وخطورة وصول الطائرات / القذائف من اليمن الى فلسطين المحتلة هو الأهم، وهو ما قدم نموذجا لقدرة أي طرف عربي أو مسلم يريد أن يقف بحق الى جانب الشعب الفلسطيني، وأن يوجه ضربات مؤلمة لهذا العدو، وأن يشعره بأن أمنه زائف، وبأن التكنولوجيا ليست حكرا على العالم الغربي، وإنما هي متاحة لمن يريد، شريطة أن يريد حقا.
قد يغري بعضنا أن يناقش صدق ما يقوم به الحوثيون تجاه فلسطين، وأنه يأتي لتنفيذ أهداف إيرانية، أو يأتي في إطار رؤية وأغراض إيرانية، وهذه حقيقة لا جدال فيها، ولسنا هنا في في مجال مناقشتها، فهي شأنها شأن من يشير إلى أن دعم ايران للقاومة الفلسطينية وإيران هي التي تدمر العديد من المجتمعات العربية، وتتحمل المسؤولية المباشرة عن الدم السوري، وعما آل إليه الوضع في العراق وغيرها.
إلا أننا هنا نحن نتحدث عن تأثير ذلك على الجانب الاسرائيلي، وعلى حركة الصراع مع العدو الصهيوني، وليس عن غرض ودافع من يقوم بذلك، نتحدث عن القدرة على الفعل، وليس عن دافع الفعل، ونتحدث عن أثر هذا الفعل على العدو، وأيضا أثره على روح المقاومة، ولا نتحدث عن إخلاص من يقوم بهذا الفعل.
ضرب عمق الكيان، فيه بعض معاني عملية “طوفان الأقصى” باعتبارها عملية استهدفت داخل أو عمق هذا الكيان، وأنها أثبتت كما أثبت “الطوفان” أن كل إجراءات أمن الكيان. وكل ما وفره الغرب الصهيوني لهذا الكيان عاجز عن تحقيق الأمن المرجو، كذلك أثبتت هذه وتلك أن أي أية قوة صادقة في توجهها تستطيع أن تصيب هذا الكيان إصابة صميمية، سواء ملكت هذه القوة اتصالا جغرافيا مع الكيان، أو كانت بعيدة عنه، المهم توفر الإرادة، وحينها يصبح الوصول إلى الهدف ميسور.
يمكن للنظام العربي الصادق في التزامه تجاه فلسطين ومقدساتها، وشعبها، أن يساهم في الدفاع عنها، سواء كان يبعد عنها بعد المغرب وموريتانيا، أو بعد اليمن وسلطنة عمان.
فالكل يستطيع أن يساهم، والكل يستطيع إن هو أراد أن يقف إلى جانب غزة وشعبها ومقاومتها في محنتهم الراهنة.
هذه هي الاضافة الحقيقية التي كشفت عنها عملية ضرب تل أبيب، وهذه ما تستأهل، بل وتستوجب التفكر، والفهم، والاستجابة.