نتائج الحوار في موضوع “المركزية واللامركزية في سورية القادمة”

مشروع حوارات السوريين/ المرحلة الثالثة

الموضوع الخامس: المركزية واللامركزية في سورية القادمة

تمهيد:

“المركزية واللامركزية في سورية القادمة” هو الموضوع الخامس من مواضيع المرحلة الثالثة من برنامج حوارات السوريين، الذي أطلقه مركز حرمون للدراسات المعاصرة منتصف العام 2021. وبدأت مرحلته الثالثة في أيلول/ سبتمبر من العام 2023، ويُدار البرنامج بالتعاون مع مجموعة من الشخصيات الفكرية والثقافية.

تمهيدًا للحوار حول هذا الموضوع الوطني المهمّ والإشكالي، وإغناء له، توجّهنا باستبيان تفصيلي إلى المدعوين، ضمنّاه معظم التفاصيل المهمة المتصلة بموضوع المركزية واللامركزية، وقد استجاب للاستبيان 16 شخصًا، واستفدنا من محتواه في إدارة جلستي الحوار، وعددناه جزءًا من هذا الحوار وهذا التقرير، إضافة إلى جلستي الحوار اللتين عقدتا في 9 و 16 أيار 2024، بمشاركة 14 متحاورًا من مختلف التيارات والتوجهات الرئيسة في سورية، ومن مختلف الانتماءات والاختصاصات.

مقدمة:

عكست جلسات الحوار التي جرت حول المركزية واللامركزية حقائق عدة، حول منهجيات الحوارات الدائرة الآن بين السوريين بشكل عام، وبين النخب السورية بشكل خاص، وحول طريقة تعاطيهم مع مجمل القضايا الخلافية فيما بينهم، وليس حول المركزية واللامركزية فقط. وأهمّ هذه الحقائق، وقد أشار إليها عدد من المتحاورين، هي مشكلة الالتباس في فهم مضمون المصطلحات والمفاهيم ودلالاتها، ما جعل من الصعب اعتماد الآراء الواردة في جلستَي الحوار على أنها تمثل بدقة وجهة نظر قائلها، لأننا نحتاج إلى الاتفاق على دلالات كل مصطلح أو مفهوم.

وكان واضحًا أن بعض الآراء المطروحة تَعدّ الحوار تفاوضًا، وهذا ما تمظهر في بعض الاشتراطات التي سيقت أثناء الحوار، والتي يفترض أن يكون مكانها طاولة حوار تضمّ الأطراف المتصارعة، وليس طاولة حوار تحاول مقاربة الواقع ووضع تصورات عامة لمساحات التقاطع والاختلاف، أي التشخيص ومقاربة الحلول فقط.

من الأمور التي يجدر بنا التوقّف عندها أن الأولويات لدى قسم مهم من المتداخلين ارتبطت بخلفياتهم الخاصة، سواء أكانت تلك الخلفيات سياسية أو أيديولوجية أو قومية أو مناطقية، بعبارة أخرى: لم تأت أولوياتهم بدلالة حاجات الواقع السوري الراهن وسبل معالجتها، إنما أتت بدلالة الخلفية التي يحملها قائلها.

أشارت مداخلات عدة إلى أن هناك مصطلحات، مثل المركزية أو اللامركزية أو اللامركزية الإدارية الموسعة، أو اللامركزية السياسية أو الفيدرالية وغير ذلك من المصطلحات المتعلقة بالموضوع، لا تعني مواصفات وشروط ومحددات ناجزة وواضحة، واستشهدت هذه المداخلات بالتفاوت الكبير في طريقة تطبيق كلّ مصطلح من هذه المصطلحات بين الدول التي تطبّقه في العالم، وهذا ما دفع البعض للقول إن على السوريين وضع كل هذه المصطلحات جانبًا، والعمل على اجتراح صيغة سورية صرفة تنبع من حاجات ومصالح وواقع السوريين، وليكن نموذجًا سوريًا خالصًا، ولا يهمّ ما يطلق عليه من تسميات.

بعض المداخلات أشارت إلى أنه قد يكون من المبكر الحوار في مثل هذه القضايا، لأن معظمها سيتحدد في ضوء طريقة الانتقال السياسي، وأن الدستور والقانون هما الإطاران الأساسيان لرسم ملامح وأبعاد شكل الدولة، وأن الدستور يتطلب أساسًا وجود قوى سياسية تعكس بنية المجتمع وتمثله، ولن يكون هناك جدوى لأي حوار حول هذه القضايا قبل تبلور الحوامل السياسية، في حين برّر رأي آخر عدم جدوى الحوار حول هذه النقاط في المرحلة الراهنة، بكون طرفي الصراع (النظام والمعارضة) يتصارعان بأدوات تقوّض أسس الدولة وتحطمها، وبالتالي فإن نهاية الصراع ونتائجه سوف تكون العامل الأهم في وضع الإجابات عن هذه الأسئلة.

أشارت مداخلات أخرى إلى تأثير العامل الخارجي، وقدرته على فرض رؤاه على صيغة سورية المستقبلية، ولذا فإن كثيرًا من القضايا المطروحة للحوار سوف تكون الإجابات عنها مرهونة بصيغة الحل السياسي وتقاسم النفوذ داخل سورية.

كان من الممكن ملاحظة حضور الرغبات أو الأمنيات الخاصة لدى بعض المتحاورين، من دون مراعاة مدى واقعيتها وإمكانية تحقيقها في الظرف السوري، ما دفع بعض المتحاورين إلى التساؤل عن قدرة اقتصاد منهار في بلد مدمر على النهوض بجهاز إداري متضخم جدًا كما يريده البعض (برلمانات متعددة لمناطق متعددة، ومحاكم متعددة الاختصاص مستقلة وأجهزة أمنية خاصة و.. و..)

نشير أخيرًا إلى أن الإجابات عن الأسئلة التي أرسلت للمتحاورين قبل جلسات الحوار ساعدت في فهم الآراء التي قيلت في الجلسات، ربما لأن الإجابات المكتوبة كانت أكثر دقة وتركيزًا، ولهذا سنتطرق إلى معظمها بشيء من التفصيل.

في الحوار:

كان هناك اتفاق عام من قبل المتحاورين على ضرورة اعتماد اللامركزية كشكل للدولة، لكن تحت هذا الاتفاق برزت خلافات متعددة حول صيغة اللامركزية وحدودها ومدى الصلاحيات التي يتمتع بها المركز في علاقته بالأطراف، وبرز أيضًا الفهم المختلف للمركزية واللامركزية، وطُرحت تسميات جديدة مثل اللامركزية المتدرجة، أي تطبيق اللامركزية على مراحل تتناسب مع ظروف كل مرحلة، وطرحت اللامركزية الرشيدة، وكذلك اللامركزية السورية المستنبطة من الواقع السوري وبدلالته، ويكتب تفاصيلها متخصصون، وطرحت اللامركزية الجغرافية التي تصاغ حسب الخصوصية الجغرافية لكل إقليم أو منطقة. (الرسم البياني 2)

بين التمسك بالمركزية كونها الحلّ الأمثل للمرحلة الأولى بعد الانتقال السياسي، وبين المطالبة بلامركزية واسعة جدًا تصل إلى حد امتلاك الأطراف لجيش خاص بها مع حق التمثيل الدبلوماسي، توزعت الرؤى، وكانت الكتلة الأهم متركزة في المنتصف بين الطرفين.

حاز مفهوما اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية على اهتمام أكبر في الحوار، وبينما رأى البعض أن اللامركزية الإدارية كافية وتناسب الوضع السوري، ولا سيّما بالنظر إلى مجريات الحدث بعد آذار 2011، رأى آخرون أنها لن تكون سوى إعادة لهيمنة المركز وتهميش الأطراف، وأنها بمنزلة إعادة إنتاج نظام استبدادي جديد، أما في ما يتعلق باللامركزية السياسية، فقد اختلف المتحاورون حولها بشدة، فمنهم من رأى أنها ستفضي إذا طُبّقت في الوضع الراهن إلى التقسيم، أو أنها بأحسن حالاتها ستفضي إلى دولة فاشلة ستنهار سريعًا، في حين ذهب آخرون إلى أنها ضرورة حتمية لواقع متخم بتعقيدات دمار وانهيار شامل، وأنها قد تكون الضمانة الوحيدة لبقاء سورية موحدة.

ثمة نقاط مهمة عديدة، تتصل بموضوع المركزية واللامركزية، تجاوزتها الجلسات لكونها نقاطًا غير إشكالية إلى حد بعيد، كموضوع القوى الأمنية والتمثيل الخارجي والسلطات القضائية وسوق العمل وقوانينه والإعلام، فبخصوص القوى الأمنية، ذهبت معظم الآراء إلى أنه لا بد من وجود قوى أمنية خاصة بكل منطقة، لكن بإشراف وتنسيق من المركز (الرسم البياني 4)، لكن كان هناك بعض التباين حول صلاحيات هذه القوى (الجدول 4 مكرر)، مع توافق كامل على أن هذا الأمر قابل للحل عبر صيغ قانونية ودستورية محددة. أما بخصوص التمثيل الخارجي، فقد كان هناك توافق على أن يكون حصرًا بيد السلطة المركزية، وفي ما يخص القضاء أجمعت الآراء على أنه لا بد من وجود محاكم محلية في كل منطقة (الرسم البياني 9)، تنظر في بعض القضايا الخاصة بالمنطقة، على أن تبقى باقي المحاكم تابعة للسلطة المركزية.

كان الخلاف أكثر حدة حول اسم الدولة، ففي الدفاع عن مبررات إلغاء صفة “العربية” من اسم الدولة، ذهب البعض إلى اعتبار أن ذكر “صفة العربية” هو انعكاس لعنصرية مارسها القوميون العرب بحق القوميات الأخرى، واستعلاء أيديولوجي ينسف فكرة المواطنة، واعتبر أحد الآراء أن عبارة “باسم الشعب العربي في سوريا”، التي تقال في المحاكم ومراسم القسم وغير ذلك، هي عنصرية واضحة تقسم المواطنين السوريين إلى درجات. لكن معظم الآراء ذهبت إلى أن اسم “الجمهورية السورية” هو الأنسب للدولة السورية، وحتى الرأي الذي ساند إبقاء التسمية كما هي “الجمهورية العربية السورية” بدا مرنًا حيال استبدالها، إذا كان الاستبدال سيحافظ على وحدة سورية، أو سيكون سببًا في شعور غير العرب أن التسمية تجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية، لكنه برر رغبته بوجود صفة العربية كونها تحمل دلالة ثقافية فقط، كون جميع السوريين ينتمون إلى الفضاء الثقافي العربي، ولا تنطوي على أي تمييز للعرب عن غيرهم، وكون حذفها سيخلق حساسية كبيرة لدى قسم كبير من السوريين العرب (الرسم البياني 1).

كذلك لم يكن الخلاف حول اللغة الرسمية للدولة عميقًا، فاللغة الرسمية للدولة هي اللغة التي تتعامل بها مع الخارج، واللغة التي يفهمها ويتعامل بها جميع السوريين (الرسم البياني 3)، لكن يمكن استخدام اللغات الأخرى في مجالات التعليم والإعلام والدوائر المحلية.

قضية التعليم حازت اهتمامًا لافتًا من قبل المتحاورين، وبرزت فيها خلفياتهم، لكن كان هناك غياب واضح للرأي الاختصاصي، ويمكن تلخيص الأفكار التي طرحت على النحو التالي:

  • ضرورة الإبقاء على مناهج تعليم موحدة ومركزية حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي.
  • إبقاء المناهج مركزية في كلّ مراحل التعليم، ويبقى للسلطات المحلية طريقة إدارة العملية التعليمية والتربوية وتنفيذ البنية التحتية لعملية التعليم.
  • حق السلطات المحلية في قيادة عملية التعليم بالكامل لكن بشروط ومحددات عامة يُتّفق عليها دستوريًا وقانونيًا.
  • حصر الاختلاف في التعليم وطرقه وأساليبه في مرحلة التعليم الجامعي فقط.

النقاط التي كان التباين حولها واضحًا تركزت حول مدى الصلاحيات تشريعية الممنوحة للأطراف (الرسم البياني 5)، وفي تفاصيل المناهج التعليمية، وفي تقاسم الموارد، وفي صلاحيات المركز، وفي تركيبة البرلمان (غرفة أو غرفتين)، وفي انتخاب أو تعيين المحافظين..

بخصوص المحافظين، رأى البعض أن المحافظ يجب أن يعيّن من قبل المركز، على اعتبار أنه يؤدي دورًا وظيفيًا وليس سياسيًا، ودعم رأي آخر فكرة التعيين انطلاقًا من أن الانتخاب سوف يكرّس سيطرة الأغلبية على موقع المحافظ، ما قد يؤدي إلى تحيزه، وابتعاده عن مهامه الحقيقية، وكان هناك رأي آخر يرى ضرورة انتخاب الحاكم والمجلس المحلي من قبل المجتمع المحلي.

في ما يخص قوانين التجارة الخارجية ومرجعيتها، في حال اعتماد اللامركزية كشكل للدولة، تباينت الآراء، وإن كان الرأي الغالب هو خضوعها لقوانين مركزية موحدة (الرسم البياني 6).

في ما يتعلق بتقاسم الموارد، كان هناك رأي عام واحد وهو أن الثروات العامة هي ملك عام لا يحقّ للمنطقة التي توجد بها أن تستأثر بها، وإدارتها تخضع للسلطة المركزية، ولكن تحت هذا المبدأ العام انقسمت الآراء إلى:

  • يحق للأطراف الحصول على نسبة من هذه الثروات كحصّة يُتّفق عليها.
  • يحق للأطراف تحصيل نسبة من ناتج هذه الثروات، مقابل الأعباء التي تتحملها المنطقة بسبب عمليات الاستخراج وما قد تسببه من ضرر للمنطقة، ويتم الاتفاق عليها أو تقررها السلطة المركزية.
  • ليس للمنطقة أي حق في الثروات العامة الموجودة فيها، هي ملك للشعب السوري كله، والضرر الناتج عن الاستخراج أو التصنيع وغيره تتكفل السلطة المركزية بالتعويض عنه، مع ملاحظة أن وجود الثروات العامة في المنطقة سينعكس عليها إيجابًا على أبنائها من خلال البنية التحتية وزيادة فرص التشغيل وغير ذلك.

خلاصة الاستبيان:

الرسوم البيانية أدناه تعطي فكرة واضحة ومختصرة عن إجابات المشاركين في الاستبيان، وعددهم 16 مشاركًا، لكن يجدر بنا بداية التنبيه إلى بعض المعطيات كي تُقرأ البيانات في ضوئها:

  1. عدد الأسئلة 21، بعضها نظري لا يمكن تجسيد الإجابات عنه إلى رسوم بيانية.
  2. عدد المشاركين في الاستبيان 16 مشاركًا، لكن معظمهم أهمل بعض الأسئلة.
  3. الانتماءات القومية للمشاركين كانت على الشكل التالي: 8 عرب، 3 كرد، 3 آثوريين، 2 تركمان.
  • اسم الدولة المناسب (الجمهورية السورية أو الجمهورية العربية السورية)

يلاحظ هنا أن معظم المشاركين من العرب يفضّل عدم الإشارة إلى عروبة الدولة في الاسم.

  • الشكل الأمثل للدولة السورية (مركزية، لامركزية إدارية، لامركزية سياسية).

يلاحظ هنا أن بعض الإجابات خرجت عن أشكال الدولة الثلاث المذكورة في السؤال، وأضافت أشكالًا جديدة، كما أن بعض المشاركين قدّموا أكثر من إجابة. ومن اختاروا اللامركزية الادارية والسياسية فضّلوا استعمال مصطلح “الفيدرالية”.

  • هل تؤيد لغة رسمية واحدة لسورية هي العربية، مع حق استخدام اللغات الأخرى في التعليم والثقافة والإعلام، أم تؤيد وجود عدة لغات رسمية؟
  • هل يكون للإدارات المحلية قوى أمنية بصلاحيات محددة بالإضافة إلى القوى المركزية؟

تتمة السؤال السابق: حول صلاحيات القوى الأمنية المحلية وعلاقتها بالمركز:

  • هل سيكون للسلطات المحلية صلاحيات تشريعية؟ وما حدود هذه الصلاحيات؟
  • هل تبقى أنظمة التجارة الخارجية مركزية فقط، أم يحق للسلطات المحلية اختيار أنظمة خاصة؟

في السؤال عن المحاكم والقضاء وسلطات القضاء المحلي وعلاقته بالسلطة القضائية المركزية، كانت الإجابات على النحو التالي:

  • هل يكون من صلاحيات السلطات المحلية:
  • اعتماد سياسات ضريبية ومالية خاصة بها.
  • اعتماد سياسات اقتصادية وتنموية خاصة بها.
  • تقاسم موارد المنشآت والمرافق الاقتصادية والثروات الباطنية الواقعة ضمن أرضها، مع السلطة المركزية:

بخصوص موضوع إبرام اتفاقيات ذات طابع اقتصادي مع جهات خارجية، كان هناك شبه إجماع على أن الاتفاقات الاقتصادية مع جهات خارجية تبقى حصرًا بيد السلطة المركزية، لكن يحق للسلطات المحلية أن تبرم عقودًا بعد موافقة السلطة المركزية، وبما لا يخالف الدستور والقانون، وقد ذهب رأي وحيد إلى حق السلطات المحلية بإبرام عقود مع جهات خارجية، على ألّا تكون دولة، وأن تكون هذه الجهات غير ممنوعة من قبل السلطة المركزية.

  • حول الحاجة إلى نظام برلماني بغرفتين باعتبار أنه يشكل ضمانة لحقوق المناطق والأقاليم:

الخلاصة:

  1. نتائج الحوار:

ذهب القسم الأكبر من المتحاورين إلى أنّ الحلّ الأفضل للحالة السورية هو الاعتماد على نظام اللامركزية الإدارية الموسعة، على أن تُضبط بنصوص دستورية واضحة تمنع السلطة المركزية من أن تنتقص من صلاحيات الأطراف، هذا من شأنه أن يمكّن السوريين من امتلاك القدرة والصلاحيات والموارد كي يديروا شؤون مناطقهم، كما يرون وكما تتطلب مصالحهم وحاجاتهم.

أيضًا ذهب معظم المتحاورين للقول بضرورة اعتماد مبدأ البرلمان من غرفتين، باعتباره ضمانة مهمة لمصالح المناطق والأقاليم، وينسجم مع اللامركزية الموسعة المنشودة.

اتضح من الحوار أن معظم النقاط التي أثيرت قابلة للتسوية وإيجاد مقاربات ترضي جميع الآراء المختلفة حولها، سواء عبر مواد دستورية واضحة، أو عبر قواعد فوق دستورية، أو مواد قانونية، وتشمل هذه النقاط: القوى الأمنية المحلية، والسلطات القضائية، وقوانين العمل، والإعلام، وانتخاب المجالس المحلية، والتمثيل الخارجي، وإدارة الموارد.. لكن مع كل الآراء التي تدعم صلاحيات واسعة للمناطق، كان هناك رأي عام بضرورة إيجاد دولة مركزية قوية قادرة على حماية الدستور ومنع الأطراف من تجاوزه.

أجمع المتحاورون على أهمية وضرورة وجود صيغة دستورية وقانونية دقيقة واضحة لا تقبل أكثر من تفسير عن علاقة المركز بالمناطق والأقاليم، وأشار البعض إلى أن هذه القواعد يجب أن ترقى على مستوى مبادئ فوق دستورية.

بعد إقرار صيغة لامركزية إدارية موسعة، تُعتمد فيها الديمقراطية والحرية في انتخاب ممثلي الشعب، وتكون القوانين المتعلقة بالاقتصاد وحريته محترمة ومصانة؛ سيتخلص السوريون من خوفهم العميق من إعادة إنتاج دكتاتورية جديدة تعيد التحكّم فيهم، وهذا يتطلب تكريس مبدأ فصل السلطات ومبدأ استقلال القضاء بنصوص دستورية، وبآليات عمل على الأرض.

يمكن تلخيص النقاط التي ما تزال مثار خلاف أو تباين في وجهات النظر وتحتاج إلى مزيد من الحوار، بالآتي:

  • التعليم (بصورة أدق لغة التعليم، وبعض المواد المقررة في المنهاج الدراسي، وفي سنوات التعليم العام الذي تضعه السلطة المركزية).
  • صلاحيات السلطات المحلية الأمنية ومدى ارتباطها بالسلطة المركزية.
  • تحديد فهم اللامركزية السياسية وحدودها.
  • الصلاحيات التشريعية والتنفيذية والقضائية التي تعطى للمناطق.
  • منهجية الحوار:
  • لا تزال قضية إقحام الأيديولوجيا بالدولة مشكلةً قائمة لدى معظم السوريين، فالدولة بمفهومها الحقوقي الحديث يجب أن تكون دولة مواطنة متساوية لكل أبنائها، وأن ترفض الانتماء الأيديولوجي الذي يجعلها تميز بين المواطنين، ولا بدّ من حيادية الدولة تجاه الأيديولوجيا، حتى تصبح فكرة المواطنة هي الأساس في العقد الاجتماعي.
  • يبرز حضور الأيديولوجيا في الرفض الشديد لمفاهيم أساسية في الدولة الحديثة وتحميلها ما لا تحمله، فنجد مثلًا هذا الربط التعسفي بين فكرتي اللامركزية والانفصال، وبين العلمانية والإلحاد، وبين العروبة والقومية العربية والبعث، أو الإسلام، وعليه فإن هناك ضرورة لإعادة تعيين أكثر دقة لهذه المفاهيم.
  • يمكن ملاحظة قراءة المفاهيم والمصطلحات بدلالة تجربة حكم البعث، وخصوصًا فترة حكم عائلة الأسد، وليس بدلالة معناها المجرد، هذا غالبًا ما يقود إلى رفض عاطفي غير منطقي لها.
  • كان واضحًا تأثير غياب الدراسات والأبحاث العلمية المستندة على الحقائق والأرقام ومعطيات الواقع السوري عن آراء معظم المتحاورين.

فريق إدارة برنامج الحوار – المرحلة الثالثة

(حسب التسلسل الأبجدي، مع حفظ الألقاب)

مستقلون متطوعون: بدر الدين عرودكي – حمزة رستناوي – ريمون معلولي – سعاد خبية – علاء الدين زيات – عيسى إبراهيم.

من مركز حرمون: بسام يوسف – نادر جبلي

المشاركون

(حسب التسلسل الأبجدي، ومع حفظ الألقاب)

  تصفح الموضوع   تحميل الموضوع

 

المصدر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة

زر الذهاب إلى الأعلى