الكارثة البيئية في الأحواز: سياسات الاحتلال الإيراني جعلت الأحواز جحيماً

كريم حبيب الأحوازي

طالما كانت السياسات الإيرانية موضوعاً للنقاش؛ بسبب تأثيرها المباشر وغير المباشر على العديد من المجتمعات داخل خارطة إيران المزيفة وخارجها. تعد الأحواز المحتلة خير مثال على الآثار السلبية لهذه السياسات، حيث أدت إلى تدهور الحالة البيئية والاجتماعية بشكل كبير وبرزت السياسات الإيرانية كعامل رئيسي في تفاقم الأوضاع في الأحواز المحتلة منذ 1925، خصوصاً ما يتعلق بتجفيف الأنهار وأثره الكارثي على الموارد المائية والزراعة والتهجير القسري وارتفاع نسبة الحرارة في الأحواز المحتلة.

تدهور البيئة والتنوع البيولوجي نتيجة لهذه السياسات أصبح واضحاً للعيان، حيث تُظهر الدراسات والتقارير البيئية والشهادات المحلية آثار تجفيف الأنهار على حياة الأحوازيين وممارساتهم الاقتصادية، وخاصة الزراعة التي كانت في يوم من الأيام عصب الحياة للأحوازيين، ولقد تحولت هذا الأرض العربية المحتلة بفعل هذه السياسات الخبيثة من قبل الاحتلال الإيراني إلى أرض تعاني الجفاف والقحط، مما جعلها جحيماً.

في الأحواز المحتلة، تصب 8 أنهار، والتي كانت تجعل 65% من أراضي الأحواز صالحة للزراعة. ومع ذلك، بسبب تجفيف هذه الأنهار وإعادة توجيهها إلى وسط فلات إيران القاحلة، أصبحت الأراضي الأحوازية غير صالحة للزراعة، حيث إن تجفيف هذا الأنهار وإعادة توجيهها قد أثر سلباً على الأحواز والاحوازيين، وهذا من شأنه أن يعود بالفائدة على الاحتلال الإيراني.

أصبحت الأحواز المحتلة، تحت وطأة هذه السياسات الخبيثة من ارتفاع معدلات التصحر وفقدان الغطاء النباتي، بسبب رش الجير في كثير من مناطق الأحواز المحتلة؛ مما أدى إلى تدمير البيئة وانقراض العديد من أنواع الأحياء المائية والبرية والتأثيرات السلبية من ضمنها التلوث الهوائي والمائي والتربة، وتدهور الحالة الصحية بحيث أصبحت الأحواز غير قابلة للعيش والحياة للإنسان.

هذه السياسات لم تؤد فقط إلى تدمير البيئة، بل كان لها تأثير كبير أيضاً على الجانب الاجتماعي والاقتصادي، حيث أدت إلى تهجير السكان الأصليين (الأحوازيين) وفقدان عشرات الآلاف من فرص العمل المرتبطة بالزراعة والصيد وغيرها من الأنشطة المعتمدة على الموارد الطبيعية.

شهدت الأحواز في الأيام الأخيرة ارتفاعات قياسية في درجات الحرارة، ووصل الأمر إلى حد تسجيل الأحواز درجة حرارة تعدت 64 درجة مئوية، مما يعكس الوضع البيئي الخطير الذي تواجهه الأحواز، هذه الزيادة القصوى في درجات الحرارة لا تؤثر في صحة الإنسان والحياة البرية فحسب، بل تعزز أيضاً من حلقة التصحر وفقدان الغطاء النباتي. التأثير المترتب على هذا الارتفاع في درجات الحرارة يعقد أكثر فأكثر من قدرة الأرض على توفير الظروف الملائمة للزراعة، ويزيد الفجوة في تأمين الموارد المائية للأحوازيين والنظم البيئية المحلية.

الوضع المتطرف في الأحواز المحتلة بات يمثل حالة دراسية لتأثيرات تغير المناخ المحلية المتفاقمة بفعل السياسات وممارسات الاحتلال الإيراني، وهو يحتاج إلى استراتيجيات تكيّف وتخفيف عاجلة لمواجهة هذه التحديات البيئية الخطيرة. وإعادة تأهيل نظام الأنهار والموارد المائية، واستراتيجيات الزراعة المستدامة، وإعادة توطين النباتات والأشجار المحلية يمكن أن تسهم في إعادة التوازن البيئي وخلق بيئة معيشية أكثر استقراراً وصحة.

من بين السياسات المدمرة التي تبناها الاحتلال الإيراني في الأحواز المحتلة، تبرز بقوة مسألة استخراج النفط والغاز وتحريف مسير الأنهر. هذه الأنشطة، سويا مع سياسات التجفيف المتعمد للأنهار، أدت دوراً محورياً في تدهور البيئة الطبيعية للأحواز، مساهمةً في جعلها منطقة غير ملائمة للحياة.

تتجسد النوايا الإجرامية للاحتلال الإيراني من خلال سياساته الممنهجة بهدف تهجير الأحوازيين قسراً، حيث أصبحت الأحواز تشبه الجحيم الحقيقي بسبب ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة والتدمير المتعمد للموارد الطبيعية. هذا الواقع المأساوي لم ينشأ من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة لتفاقم الممارسات الظالمة والسياسات القائمة على الإهمال والإساءة المستمرة بحق الأحوازيين.

الإجبار على الهجرة ليس فقط انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية، بل هو أيضاً مؤشر على فشل سياسة الاحتلال الإيراني في توفير الحياة الكريمة للأحوازيين، زيادة على ذلك، هذه السياسات القسرية تثير الأسئلة حول الأهداف الطويلة الأجل للاحتلال ومدى استعداده لتدمير التنوع البيولوجي والإرث الثقافي والاجتماعي للمنطقة لتحقيق أهدافه.

في الأحواز، ترتبط قضية البيئة ارتباطاً وثيقاً بالحقوق الإنسان، حيث تكمن خلفية هذه السياسات الإجرامية نية مبيتة لإخضاع وتهجير الأحوازيين قسراً عبر جعل الأرض التي يعيشون عليها غير صالحة للحياة. وبالتالي، لا يمكن فصل الأزمة البيئية في الأحواز عن الإطار الأكبر لانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الاحتلال الإيراني.

باتت الأحواز، في ظل هذه الظروف، مثال صارخاً على الظلم الذي يمكن أن يُوقعه الاحتلال الإيراني على أمة بأكملها، حيث يعاني الأحوازيون من الظروف المعيشية الصعبة والمحفوفة بالخطر؛ بسبب السياسات التي تفضل التطهير العرقي والجغرافي والسكاني على سلامة ورفاه الأحوازيين. إن التغييرات البيئية الخطيرة وانعدام الأمن الغذائي والصحي يستدعيان تحركاً عاجلاً وملموساً لإعادة الحقوق إلى أهلها وضمان العيش الكريم للجميع.

يتطلب الوضع الحالي في الأحواز المحتلة تضافر الجهود على المستوى الدولي لفرض ضغوط على حكومة الاحتلال الإيراني لوقف تنفيذ سياساتها الإجرامية والعمل على إعادة تأهيل الأحواز بشكل يحترم البيئة وحقوق الإنسان. إن إنهاء معاناة الأحوازيين يبدأ بالاعتراف بالأضرار البيئية والاجتماعية التي تسببت فيها السياسات الإيرانية والعمل الجاد لإصلاحها.

على المجتمع الدولي أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الانتهاكات الممنهجة للبيئة وحقوق الإنسان عند تقييمه للسياسات الإيرانية في الأحواز. إن الضغط من أجل تغيير حقيقي يستلزم توحيد الجهود للدفاع عن حقوق الأحوازيين وإعادة تأهيل البيئة بما يضمن الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي للمنطقة للأجيال القادمة.

المصدر: جبهة الأحواز الديمقراطية / جاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى